أجنـبى ولا مصـرى ياباشـا! بقلم محمد بغدادى ٤/ ١٠/ ٢٠٠٩ |
فى بلاد الناس المحترمين يعامل أصحاب البلد كمواطنين من الدرجة الأولى، وفى البلاد الأكثر احتراما يصبح أهل البلد وضيوفها أمام القانون سواء، وفى بلادنا نقرأ عن حقوق المواطنة فى الدستور ومقالات الصحف ونسمعها فى مظاهرات كفاية على سلالم نقابة الصحفيين، والمثل يقول: «من خرج من داره اتقل مقداره»، والمصرى هو الكائن الوحيد الذى بيتقل مقداره خارج داره وداخل داره، ففى واقعة هى الأعجب فى كيفية التعامل مع المصريين، كنت أقود سيارتى ومعى أسرتى فى آخر أيام العيد بمدينة شرم الشيخ وكانت أمامى سيارة (ملاكى الشرقية) يقودها شاب مصرى، بجواره سيدة وفى الخلف تجلس فتاة صغيرة، وكانت هذه السيارة تسير أمامى مباشرة على يمين الطريق، وفجأة جاءت سيارة (سياحية) مسرعة من أقصى اليسار وانحرفت بحدة شديدة جهة اليمين بدون سابق إنذار وواصل قائدها تهوره أو عدم درايته بالطرق، ودخل فى الشارع الذى على اليمين، حاول قائد السيارة التى أمامى أن يتفاداه بكل ما لديه من مهارات فى القيادة ولكن صاحب السيارة السياحية كان مصرا فاصطدمت مؤخرة سيارته بمقدمة سيارة الشاب الذى كان أمامى، وأنا توقفت بمعجزة إلهية، المهم الشارع كله وقف ونزلنا كلنا كانت السيارة التى أمامى قد دمرت مقدمتها بالكامل والبنت التى كانت تجلس فى المقعد الخلفى أصيبت إصابات مختلفة وتصرخ من شدة الألم، وتبين لنا أن سائق السيارة السياحية سائح عربى، وسيارته صالحة لمواصلة السير فقرر أن يتركنا ويواصل سيره، فما كان من صاحب السيارة المصدومة إلا أن أخذ مفاتيح السيارة المتسببة فى الحادث إلى أن تأتى الشرطة، اتصل ابنى بالشرطة ودار هذا الحوار بالنص وحرفيا: ابنى: ألو فى حادثة أمام خليج نعمة وفيه مصابين عايزين إسعاف بسرعة. الشرطة: المصاب أجنبى ولا مصرى يا باشا؟ ابنى: يعنى حا تفرق معاك.. بقولك فيه مصاب محتاج إسعاف تقول لى أجنبى ولا مصرى!! الشرطة: أيوه يا باشا لا زم نعرف الأول أجنبى ولا مصرى!! وانقطع الخط.. وبعد قليل جاءت سيارة النجدة، وبها أمين شرطة واثنان من الجنود فشرحنا لهما ظروف الحادث باعتبارنا شهود العيان، فما كان من الأمين سوى الاتصال برئيسه وقال له حرفيا: الأمين: أيوه يا باشا فى مصابة مصرية وواحد مش مصرى وواحد مصرى.. حاضر يا فندم. وقال للجنود الذين برفقته: مشوا الأجنبى وهاتوا لى رخص المصرى زى ما قال الباشا!! ذهب الجنود لكى يمشوا الأجنبى.. فقال لهم المفاتيح مع المصرى، فعادوا للأمين وأخبروه، فأبلغ رئيسه بالوضع وردد تعليمات الضابط، فقال الأمين: خذوا المفاتيح من المصرى رجعوها للأجنبى ومشوه وهاتولى رخص المصرى!! كل هذا والأمين لم ينزل من السيارة ولم يعاين الحادث ولم يحدد من المخطئ ولم يسأل عن المصابة ولم يطلب لها الإسعاف، فما كان من المصرى سوى أن فقد أعصابه وأمسك فى خناق الأمين والعساكر فبعد أن دمرت سيارته وأصيبت قريبته وتحول إلى متهم،كان عليه أن يسلم رخصه باعتباره المخطئ وينصرف الأجنبى دون أدنى مساءلة، هذا بالطبع لا يحدث فى أى مكان فى الدنيا ولا حتى على كوكب القرود، فما أحكيه لكم بدا لى وكأنه خيال علمى، وتحول الموقف إلى كوميديا سوداء، فقد رفض المصرى تسليم المفاتيح للأجنبى والشرطة اعتبرته معتديا على رجال الأمن أثناء تأدية وظيفتهم (مع أننى حاولت أن أفهم وظيفتهم فى هذا الموقف بالتحديد ولكنى فشلت) ووقف الأجنبى يضحك على هذا الفيلم الكوميدى وعلى موقف الشرطة وموقف المواطن فهذا لم يره فى حياته بالمرة ما لم يكن قد زار مصر من قبل!! وبالتأكيد هذه المعاملة المهينة للمواطن المصرى داخل وطنه عندما يشاهدها المواطن العربى تصبح هى السبب فى إهانة المصريين فى كل بلاد العالم، فلو هانت علىَّ نفسى لكانت على الناس أهون، ونحن مشتركون فى ذلك حكومة وشعبا ففى نفس السياق تداولت برامج التليفزيون خبرا مفزعا يقول : «إنه تم ضبط ٤٠ ألف حالة زواج فتيات قصر من مسنين عرب خلال عام ٢٠٠٨ فقط ومعظم هذه الزيجات وقعت فى مدينة البدرشين والعياط والحوامدية» أليست هذه إهانة جارحة فى حق الشعب المصرى، والمضحك أن الحكومة بعد كل هذا كانت تحتفل ببدء العمل بنظام التوقيع الإلكترونى لموظفى الدولة معلنة بذلك أن دخول مصر إلى العصر الرقمى، أهو أنت اللى رقمى وستين رقمى كمان، لأن سعد زغلول قال من زمان (مفيش فايدة) ولم يصدقه أحد!! ولا تنس دائما أن تحمل جواز سفرك الأجنبى، لأن البيه الضابط سيسألك حتما: انت أجنبى ولا مصرى؟ |