وفي ظاهرة الجاذبية كان البيروني، مع ابن الحائك، من الرواد الذين قالوا
بأن للأرض خاصية جذب الأجسام نحو مركزها، وقد تناول ذلك في آراء بثها في كتب
مختلفة ولكن أشهر آرائه في ذلك ضمنها كتابه القانون المسعودي. انظر:
الجاذبية والمغنطيس في هذه المقالة.
من المسائل الفيزيائية التي تناولها البيروني في كتاباته ظاهرة تأثير
الحرارة في المعادن، وضغط السوائل وتوازنها وتفسير بعض الظواهر المتعلقة
بسريان الموائع، وظاهرة المد والجزر وسريان الضوء. فقد لاحظ أن المعادن
تتمدَّد عند تسخينها، وتنكمش إذا تعرضت للبرودة. وأولى ملاحظاته
في هذا الشأن كانت في تأثير تباين درجة الحرارة في دقة أجهزة الرصد، حيث تطرأ
عليها تغيرات في الطول والقصر في قيظ النهار وصقيع آخر الليل. وتعرض في كتابه
الآثار الباقية عن القرون الخالية لميكانيكا الموائع؛ فشرح الظواهر
التي تقوم على ضغط السوائل واتزانها وتوازنها، وأوضح صعود مياه النافورات
والعيون إلى أعلى مستندًا إلى خاصية سلوك السوائل في الأواني المستطرقة. كما
شرح تجمع مياه الآبار بالرشح من الجوانب حيث يكون مصدرها من المياه القريبة
منها، وتكون سطوح ما يجتمع منها موازية لتلك المياه، وبيَّن كيف تفور العيون
وكيف يمكن أن تصعد مياهها إلى القلاع ورؤوس المنارات. وتحدث عن ظاهرة المد
والجزر في البحار والأنهار وعزاهما إلى التغير الدوري لوجه القمر. أما فيما
يختص بسريان الضوء فقد فطن إلى أن سرعة الضوء تفوق سرعة الصوت، واتفق مع ابن
الهيثم وابن سينا في قولهما بأن الرؤية تحدث بخروج الشعاع الضوئي من الجسم
المرئي إلى العين وليس العكس. كما يقرر أن القمر جسم معتم لا يضيء بذاته
وإنما يضيء بانعكاس أشعة الشمس عليه. وكان البيروني يشرح كل ذلك بوضوح تام،
ودقة متناهية في تعبيرات سهلة لا تعقيد فيها ولا التواء.
إسهام الخازن. يعد الخازن أبرز الذين وضعوا مؤلفًا في الموازين وعلم
الميكانيكا والهيدروستاتيكا، ويعد كتابه ميزان الحكمة موسوعة تشمل هذين
العلمين بما في ذلك الأثقال والأوزان النوعية لكثير من المعادن. واخترع
الخازن آلة لمعرفة الوزن النوعي للسوائل ووصل في تجاربه إلى درجة عظيمة من
الدقة، واستخدم ميزان الهواء للحصول على الثقل النوعي للسوائل بكل نجاح وتوصل
في ذلك أيضًا إلى نتائج باهرة إذا ما قورنت بالتقديرات الحديثة.
كتب الخازن أبحاثًا أصيلة في المرايا وأنواعها وحرارتها، والصور الظاهرة
فيها، وفي انحراف الأشياء وتجسيمها ظاهريًا، وأجرى تجارب لإيجاد العلاقة بين
وزن الهواء وكثافته. وأوضح أن المادة يختلف وزنها في الهواء الكثيف عنه في
الهواء الخفيف لاختلاف الضغط، كما بيَّن أن قاعدة أرخميدس لا تسري فقط على
السوائل، بل تسري أيضًا على الغازات. وفي كتابه ميزان الحكمة، الذي
عثر عليه في منتصف القرن التاسع عشر، استيفاء لبحوث مبتكرة في الفيزياء عامة
والهيدروستاتيكا والميكانيكا خاصة. وقد سبق الخازن في هذا الكتاب، غيره في
الإشارة إلى مادة الهواء ووزنه، وقال إن للهواء وزنًا وقوة رافعة كالسوائل
تمامًا؛ فالهواء كالماء يحدث ضغطًا من أسفل إلى أعلى على أي جسم مغمور فيه.
وعلى ذلك فإن وزن أي جسم مغمور في الهواء ينقص عن وزنه الحقيقي، وأن مقدار ما
ينقص من الوزن يتوقف على كثافة الهواء. ولاشك في أن هذه الدراسات هي التي
مهّدت لدراسات توريشلي وباسكال وبويل وغيرهم ومهّدت بذلك لاختراع البارومتر.
وتناول في الكتاب نفسه ظاهرة الجاذبية. وقال: إن الأجسام تتجه في سقوطها إلى
الأرض، وأن ذلك ناتج عن قوة تجذب هذه الأجسام في اتجاه مركز الأرض، كما تكلم
عن الأنابيب الشعرية. وفي الميزان الجامع يبحث في المقدمات الهندسية
والطبيعية لبناء الميزان، ومراكز الأثقال كما وصفها ابن الهيثم وأبو سهل
الكوهي، ومقدار غوص السفن. كما يبحث في أسباب اختلاف الوزن، ومعرفة النسب بين
الفلزات والجواهر في الحجم، وموازين الماء وفحصها، واستخدام الصنجات الخاصة
بالموازين، ووزن الدراهم والدنانير دون صنجات، وميزان الساعات وميزان تسوية
الأرض. وقد ترجمت كتابات الخازن إلى اللاتينية ثم الإيطالية في وقت مبكر
واستعانت بها أوروبا في العصور الوسطى وبدايات العصر الحديث.
إسهامات ابن ملكا. اشتهر أبو البركات هبة الله بن ملكا البغدادي المعروف
بأوحد الزمان (ت560هـ،1165م) بأعماله الطبيّة إلى جانب مساهمته في مجال علم
الحركة (الديناميكا). ومن المعروف أن الفضل في جمع قوانين الحركة الثلاثة
وصياغتها صياغة علمية يرجع إلى إسحق نيوتن، إلا أن القانون الثالث الذي ينص
على ¸أن لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه· قد تناوله
ابن ملكا في كتابه المعتبر في الحكمة؛ إذ يصّرح بأن ¸الحلقة المتجاذبة
بين المصارعيْن لكل واحد من المتجاذبيْن في جذبها قوة مقاومة لقوة الآخر،
وليس إذا غلب أحدهما فجذبها نحوه تكون قد خلت من قوة الجذب الآخر، بل تلك
القوة موجودة مقهورة، ولولاها لما احتاج الآخر إلى كل ذلك الجذب·. ولقد أشار
ابن سينا إلى القانون الأول للحركة، عندما ذكر أن للجسم من طبعه ما يحافظ به
على استمراره في حالة السكون أو في حالة الحركة. وأن تغيير الوضع لايحدث إلا
بتدخل جسم خارجي فيحس هذا الجسم الخارجي بمقاومة لتدخله تحاول إبقاء الحالة
التي كان عليها الجسم عند هذا التدخل.
وهناك علماء آخرون ظهروا في الحقبة قيد البحث يضيق المجال هنا عن ذكر
إسهاماتهم. للاطلاع على أسماء هؤلاء العلماء، انظر جدول أشهر الفيزيائيين
العرب وأهم مؤلفاتهم في هذه المقالة.
أسئلة :
بأن للأرض خاصية جذب الأجسام نحو مركزها، وقد تناول ذلك في آراء بثها في كتب
مختلفة ولكن أشهر آرائه في ذلك ضمنها كتابه القانون المسعودي. انظر:
الجاذبية والمغنطيس في هذه المقالة.
من المسائل الفيزيائية التي تناولها البيروني في كتاباته ظاهرة تأثير
الحرارة في المعادن، وضغط السوائل وتوازنها وتفسير بعض الظواهر المتعلقة
بسريان الموائع، وظاهرة المد والجزر وسريان الضوء. فقد لاحظ أن المعادن
تتمدَّد عند تسخينها، وتنكمش إذا تعرضت للبرودة. وأولى ملاحظاته
في هذا الشأن كانت في تأثير تباين درجة الحرارة في دقة أجهزة الرصد، حيث تطرأ
عليها تغيرات في الطول والقصر في قيظ النهار وصقيع آخر الليل. وتعرض في كتابه
الآثار الباقية عن القرون الخالية لميكانيكا الموائع؛ فشرح الظواهر
التي تقوم على ضغط السوائل واتزانها وتوازنها، وأوضح صعود مياه النافورات
والعيون إلى أعلى مستندًا إلى خاصية سلوك السوائل في الأواني المستطرقة. كما
شرح تجمع مياه الآبار بالرشح من الجوانب حيث يكون مصدرها من المياه القريبة
منها، وتكون سطوح ما يجتمع منها موازية لتلك المياه، وبيَّن كيف تفور العيون
وكيف يمكن أن تصعد مياهها إلى القلاع ورؤوس المنارات. وتحدث عن ظاهرة المد
والجزر في البحار والأنهار وعزاهما إلى التغير الدوري لوجه القمر. أما فيما
يختص بسريان الضوء فقد فطن إلى أن سرعة الضوء تفوق سرعة الصوت، واتفق مع ابن
الهيثم وابن سينا في قولهما بأن الرؤية تحدث بخروج الشعاع الضوئي من الجسم
المرئي إلى العين وليس العكس. كما يقرر أن القمر جسم معتم لا يضيء بذاته
وإنما يضيء بانعكاس أشعة الشمس عليه. وكان البيروني يشرح كل ذلك بوضوح تام،
ودقة متناهية في تعبيرات سهلة لا تعقيد فيها ولا التواء.
إسهام الخازن. يعد الخازن أبرز الذين وضعوا مؤلفًا في الموازين وعلم
الميكانيكا والهيدروستاتيكا، ويعد كتابه ميزان الحكمة موسوعة تشمل هذين
العلمين بما في ذلك الأثقال والأوزان النوعية لكثير من المعادن. واخترع
الخازن آلة لمعرفة الوزن النوعي للسوائل ووصل في تجاربه إلى درجة عظيمة من
الدقة، واستخدم ميزان الهواء للحصول على الثقل النوعي للسوائل بكل نجاح وتوصل
في ذلك أيضًا إلى نتائج باهرة إذا ما قورنت بالتقديرات الحديثة.
كتب الخازن أبحاثًا أصيلة في المرايا وأنواعها وحرارتها، والصور الظاهرة
فيها، وفي انحراف الأشياء وتجسيمها ظاهريًا، وأجرى تجارب لإيجاد العلاقة بين
وزن الهواء وكثافته. وأوضح أن المادة يختلف وزنها في الهواء الكثيف عنه في
الهواء الخفيف لاختلاف الضغط، كما بيَّن أن قاعدة أرخميدس لا تسري فقط على
السوائل، بل تسري أيضًا على الغازات. وفي كتابه ميزان الحكمة، الذي
عثر عليه في منتصف القرن التاسع عشر، استيفاء لبحوث مبتكرة في الفيزياء عامة
والهيدروستاتيكا والميكانيكا خاصة. وقد سبق الخازن في هذا الكتاب، غيره في
الإشارة إلى مادة الهواء ووزنه، وقال إن للهواء وزنًا وقوة رافعة كالسوائل
تمامًا؛ فالهواء كالماء يحدث ضغطًا من أسفل إلى أعلى على أي جسم مغمور فيه.
وعلى ذلك فإن وزن أي جسم مغمور في الهواء ينقص عن وزنه الحقيقي، وأن مقدار ما
ينقص من الوزن يتوقف على كثافة الهواء. ولاشك في أن هذه الدراسات هي التي
مهّدت لدراسات توريشلي وباسكال وبويل وغيرهم ومهّدت بذلك لاختراع البارومتر.
وتناول في الكتاب نفسه ظاهرة الجاذبية. وقال: إن الأجسام تتجه في سقوطها إلى
الأرض، وأن ذلك ناتج عن قوة تجذب هذه الأجسام في اتجاه مركز الأرض، كما تكلم
عن الأنابيب الشعرية. وفي الميزان الجامع يبحث في المقدمات الهندسية
والطبيعية لبناء الميزان، ومراكز الأثقال كما وصفها ابن الهيثم وأبو سهل
الكوهي، ومقدار غوص السفن. كما يبحث في أسباب اختلاف الوزن، ومعرفة النسب بين
الفلزات والجواهر في الحجم، وموازين الماء وفحصها، واستخدام الصنجات الخاصة
بالموازين، ووزن الدراهم والدنانير دون صنجات، وميزان الساعات وميزان تسوية
الأرض. وقد ترجمت كتابات الخازن إلى اللاتينية ثم الإيطالية في وقت مبكر
واستعانت بها أوروبا في العصور الوسطى وبدايات العصر الحديث.
إسهامات ابن ملكا. اشتهر أبو البركات هبة الله بن ملكا البغدادي المعروف
بأوحد الزمان (ت560هـ،1165م) بأعماله الطبيّة إلى جانب مساهمته في مجال علم
الحركة (الديناميكا). ومن المعروف أن الفضل في جمع قوانين الحركة الثلاثة
وصياغتها صياغة علمية يرجع إلى إسحق نيوتن، إلا أن القانون الثالث الذي ينص
على ¸أن لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه· قد تناوله
ابن ملكا في كتابه المعتبر في الحكمة؛ إذ يصّرح بأن ¸الحلقة المتجاذبة
بين المصارعيْن لكل واحد من المتجاذبيْن في جذبها قوة مقاومة لقوة الآخر،
وليس إذا غلب أحدهما فجذبها نحوه تكون قد خلت من قوة الجذب الآخر، بل تلك
القوة موجودة مقهورة، ولولاها لما احتاج الآخر إلى كل ذلك الجذب·. ولقد أشار
ابن سينا إلى القانون الأول للحركة، عندما ذكر أن للجسم من طبعه ما يحافظ به
على استمراره في حالة السكون أو في حالة الحركة. وأن تغيير الوضع لايحدث إلا
بتدخل جسم خارجي فيحس هذا الجسم الخارجي بمقاومة لتدخله تحاول إبقاء الحالة
التي كان عليها الجسم عند هذا التدخل.
وهناك علماء آخرون ظهروا في الحقبة قيد البحث يضيق المجال هنا عن ذكر
إسهاماتهم. للاطلاع على أسماء هؤلاء العلماء، انظر جدول أشهر الفيزيائيين
العرب وأهم مؤلفاتهم في هذه المقالة.
أشهر الفيزيائيين العرب وأهم مؤلفاتهم | |||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
أسئلة :