الجاذبية والمغنطيس. بذل الإنسان منذ العصور
الأولى جهدًا كبيرًا لكي يقف على ظاهرة الجاذبية الطبيعية، فقد كانت أمرًا
يلاحظه ولكن لا يملك له تفسيرًا. وقد كانت لأرسطو طاليس (384 ـ 322 ق.م)
أفكار ونظريات في الجاذبية سيطرت على التفكير العلمي السائد آنذاك، وكانت هذ
الأفكار والنظريات من بين جملة الأسباب التي دفعت بعض العلماء المسلمين إلى
دراسة هذا الموضوع ضمن موضوعات أخرى أكبر.
لعل أول من اهتم بعلم الجاذبية من المسلمين هو ابن الحائك (334هـ، 946م)،
وهو يقرر في أحد مصنفاته بأن ¸… النار إلى فوق والهواء متموج يمنة ويسرة على
وجه الأرض، والماء يتحرك ويسير سفلاً، والأرض واقفة راكدة لذا كانت أكثر من
الثلاثة قبولاً، وكان تأثير الأجرام العلوية والعناصر السماوية فيها أكثر،
وكانت على ما فاتها من الأجسام أغلب وأشد جذبًا من الهواء والماء من كل
جهاتها. فهي بمنزلة حجر المغنطيس الذي تجذب قواه الحديد إلى كل جانب·.
هناك علماء آخرون أشاروا إلى ظاهرة الجاذبية؛ فثابت ابن قرّة ـ مثلاً ـ
اكتشف أن الأجسام ذات الوزن النوعي الأثقل من وزن الهواء النوعي تنجذب من فوق
إلى تحت؛ فالمدرة (الطين اليابس) تعود إلى أسفل لأن بينها وبين كلية الأرض
مشابهة من حيث البرودة والكثافة والشيء ينجذب إلى ما هو أعظم منه. وشرح ذلك
محمد بن عمر الرازي في أواخر القرن السادس الهجري بأننا "إذا رمينا المدرة
إلى فوق، فإنها ترجع إلى أسفل، ومن ذلك نعلم أن فيها قوة تقتضي الهبوط إلى
أسفل؛ لذا إذا رميناها إلى فوق أعادتها تلك القوة إلى أسفل". كما نجد أن ابن
سينا قد ربط بين قوة اندفاع الجسم والسبب الذي أثار حركته.
تناول البيروني قوى الجاذبية في كتابه القانون المسعودي، فعنده "أن
السماء تجذب الأرض من كل الأنحاء على السواء، إلا أن جذبها لكتلة الأرض أشد
من جذبها للأجزاء الأخرى خاصة إذا لم تكن هذه الأجزاء متصلة بالأرض أو كانت
بعيدة عنها، فحينئذ لا تتمكن السماء من جذبها إليها لأنها تكون خاضعة لمجال
جذب الأرض لها"؛ وبذلك يشير إلى نوعين من الجاذبية هما: جاذبية السماء للأرض،
وجاذبية الأرض لما فوقها وحولها؛ فالشيء ينجذب إلى النطاق الذي يقع في مجاله
وإن كان هو ونطاقه منجذبيْن بدورهما إلى جرم السماء. والبشر بحكم وجودهم على
سطح الأرض فهم منجذبون إليها، وهي بدورها منجذبة إلى السماء، ويبلغ ذلك الجذب
أقصاه في باطن الأرض من حيث تنطلق الجاذبية الأرضية و¸الناس على الأرض منتصبو
القامات على استقامة أقطار الكرة، وعليها أيضًا تزول الأثقال إلى السفل…·،
ويعترض على القائلين بعدم دوران الأرض لأنها إذا دارت طارت من فوق سطحها
الحجارة والأشجار، ويقول في هذا الصدد ¸إن هذا لا يقع لأنه لابد لنا من أن
ندخل في الحساب أن الأرض تجذب كل ما عليها نحو مركزها·.
أدلى الخازن بدلوه في ظاهرة الجاذبية وخواص الجذب، تمامًا كما فعل في بحثه
عن ظاهرة الضغط الجوي التي تحدث فيها قبل إيفانجليستا توريشلي بخمسة قرون.
فقد أكد في كتابه ميزان الحكمة على العلاقة بين سرعة الجسم والمسافة
التي يقطعها والزمن الذي يستغرقه. وقال إن الثقل هو القوة التي بها يتحرك
الجسم الثقيل إلى مركز الأرض، وأن الجسم الثقيل هو الذي يتحرك بقوة ذاتية
أبدًا إلى مركز الأرض فقط. وأنه إذا تحرك جسم ثقيل في أجسام رطبة فإن حركته
فيها تكون وفق رطوباتها؛ فتكون حركته في الجسم الأرطب أسرع. وإذا تحرك في
الجسم الرطب جسمان متساويان في الحجم متشابهان في الشكل مختلفان في الكثافة،
فإن حركة الجسم الأكثر كثافة فيه تكون أسرع. كما أن الأجسام الثقال قد تتساوى
أثقالها، وإن كانت مختلفة في القوة والشكل؛ فالأجسام المتساوية الثقل هي التي
إذا تحركت في جسم واحد من الأجسام الرطبة من نقطة واحدة، كانت حركتها متساوية؛
أي أنها تقطع في أزمنة متساوية مسافات متساوية. والأجسام المختلفة الثقل هي
التي إذا تحركت على هذه الصفة كانت حركاتها مختلفة.
قام الشريف الإدريسي (ت560هـ، 1165م) بالتصنيف والعمل في مختلف فروع
المعرفة، وقد تناول ظاهرة الجاذبية في كتابه نزهة المشتاق في اختراق
الآفاق. ففي معرض حديثه عن كروية الأرض يقول ¸إن الأرض مدورة كتدوير
الكرة، والماء لاصق بها وراكد عليها ركودًا طبيعيّاً لا يفارقها، والأرض
والماء مستقران في جوف الفلك كالمح (الصفار) في جوف البيضة. ووضعهما وضع
متوسط، والنسيم محيط بهما من جميع جهاتهما، وهو جاذب لهما إلى جهة الفلك، أو
دافع لهما. والله أعلم بحقيقة ذلك، والأرض مستقرة في جوف الفلك وذلك لشدة
سرعة حركة الفلك، وجميع المخلوقات على ظهرها، والنسيم جاذب لما في أبدانهم من
الخفة، والأرض جاذبة لما في أبدانهم من الثقل، بمنزلة حجر المغنطيس الذي يجذب
الحديد إليه·.
هناك علماء آخرون غير ابن الحائك والبيروني والخازن تناولوا ظاهرة
الجاذبية. من هؤلاء ابن خرداذبة ومحمد بن عمر الرازي، والبوزجاني، وهبة الله
بن ملكا البغدادي المعروف باسم أوحد الزمان، الذي يقول في كتابه
المعتبر في الحكمة أن الجسم يسقط حرًا تحت تأثير قوة جذب الأرض متخذًا في
ذلك أقصر الطرق في سعيه للوصول إلى موضعه الطبيعي، وهو الخط المستقيم، ¸فلو
تحركت الأجسام في الخلاء لتساوت حركة الثقيل والخفيف والكبير والصغير
والمخروط المتحرك على رأسه الحاد، والمخروط المتحرك على قاعدته الواسعة في
السرعة والبطء، لأنها تختلف في الملاء بهذه الأشياء بسهولة خرقها لما تخرقه
من المقاوم المخزون كالماء والهواء وغيره·.
كانت هذه الأبحاث المتناثرة للعلماء المسلمين، اللبنة الأولى لعلم
الجاذبية التي بنى عليها كل من كوبر نيكوس (878-950هـ، 1473- 1543م) ويوهان
كبلر (979-1040هـ، 1571 -1630م) نظرياتهما واستقيا من العلماء العرب
والمسلمين علومهما كما اعترفا هما بذلك. كما استفاد من هذه اللبنات أيضًا كل
من جاليليو (972 ـ 1052هـ، 1564 ـ 1642م) وإسحق نيوتن (1052 ـ 1140هـ، 1642 ـ
1727م) لوضع القوانين القائمة على أسس رياضية لتحديد قوة الجاذبية.
أما المغنطيس فقد كان الإغريق أول من اكتشف فيه خاصية الجذب، وكان ذلك قبل
ما يزيد على 2000 سنة. فقد كانوا يجلبون نوعًا من الحجر من منطقة تسمى
مغنسيا له قدرة على الجذب، وكان أهلها يسمون المغنطيِّين؛ ومن ثم
أطلقت كلمة مغنطيس على هذا الحجر. وعرف العرب والمسلمون المغنطيس
والمغنطيسية. وقد استفادوا من خاصتين أساسيتين هما الجذب وإشارته إلى الاتجاه
واستخدموا ذلك في أسفارهم البحرية. ويقول البيروني إن حجر المغنطيس كالكهرمان
له خاصية الجذب، لكنه أكثر منه فائدة لأنه يستطيع أن ينتزع شفرة من الجرح، أو
طرف المشرط من أحد العروق، أو خاتمًا معدنيًا ابتلعه الإنسان واستقر في بطنه.
ويقال إن العرب استخدموا في هياكل سفنهم التي تعبر الخليج العربي ألياف النخل
التي يتم إدخالها في ثقوب بالألواح الخشبية، بينما استخدموا المسامير
الحديدية للسفن التي كانت تبحر في البحر الأبيض المتوسط. ويعود السبب في ذلك
إلى وجود صخور مغنطيسية خفية يمكن أن تُعرِّض السفن التي يستخدم فيها الحديد
إلى الخطر.
استخدم المسلمون الإبرة المغنطيسية (البوصلة)، وقد اختلف العلماء في نسبة
اختراع بيت الإبرة كما سمّاها العرب. فمن العلماء من ينسب ذلك إلى
الصينيين، إلا أن المؤرخ الصيني تشو يو يؤكد أن الصينيين قد عرفوا البوصلة عن
طريق ملاحين أجانب قد يكونون من الهنود أو من المسلمين الذين كانوا يبحرون
بين سومطرة وكانتون. ويقول آخرون إن البحارة المسلمين، على الأرجح، كانوا أول
من استخدم خاصية الاتجاه في المغنطيس في صنع بيت الإبرة في رحلاتهم البحرية
وذلك حوالي القرن الرابع الهجري. كما استخدموها في ضبط اتجاه القبلة وإقامة
المحاريب في المساجد. أما ادعاء البعض بأن اختراع البوصلة تم على يد الإيطالي
فلافيوجويا، فليس هناك من دليل يعضده؛ إذ إن أقدم الإشارات إلى البوصلة
واستخدامها في المصادر الأوروبية ترد في كتاب فنسان دي بوفيه المنظار
الطبيعي وكان مصدره الوحيد في هذا الكتاب هو جيرار الكريموني الذي ترجم
ذخيرة كبيرة من المصنفات العربية مما يؤكد أن المصدر كان عربياً. وتدل بعض
المخطوطات والمؤلفات القديمة أن بعض العلماء العرب أجروا بعض التجارب الأولية
في المغنطيسية.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
العلماء العرب ألَّفوا في الميكانيكا (علم الحيل) وزودوا
كتبهم بالرسوم الإيضاحية. وهذا نموذج من كتاب الجامع لابن الرزاز
الجزري.
الأولى جهدًا كبيرًا لكي يقف على ظاهرة الجاذبية الطبيعية، فقد كانت أمرًا
يلاحظه ولكن لا يملك له تفسيرًا. وقد كانت لأرسطو طاليس (384 ـ 322 ق.م)
أفكار ونظريات في الجاذبية سيطرت على التفكير العلمي السائد آنذاك، وكانت هذ
الأفكار والنظريات من بين جملة الأسباب التي دفعت بعض العلماء المسلمين إلى
دراسة هذا الموضوع ضمن موضوعات أخرى أكبر.
لعل أول من اهتم بعلم الجاذبية من المسلمين هو ابن الحائك (334هـ، 946م)،
وهو يقرر في أحد مصنفاته بأن ¸… النار إلى فوق والهواء متموج يمنة ويسرة على
وجه الأرض، والماء يتحرك ويسير سفلاً، والأرض واقفة راكدة لذا كانت أكثر من
الثلاثة قبولاً، وكان تأثير الأجرام العلوية والعناصر السماوية فيها أكثر،
وكانت على ما فاتها من الأجسام أغلب وأشد جذبًا من الهواء والماء من كل
جهاتها. فهي بمنزلة حجر المغنطيس الذي تجذب قواه الحديد إلى كل جانب·.
هناك علماء آخرون أشاروا إلى ظاهرة الجاذبية؛ فثابت ابن قرّة ـ مثلاً ـ
اكتشف أن الأجسام ذات الوزن النوعي الأثقل من وزن الهواء النوعي تنجذب من فوق
إلى تحت؛ فالمدرة (الطين اليابس) تعود إلى أسفل لأن بينها وبين كلية الأرض
مشابهة من حيث البرودة والكثافة والشيء ينجذب إلى ما هو أعظم منه. وشرح ذلك
محمد بن عمر الرازي في أواخر القرن السادس الهجري بأننا "إذا رمينا المدرة
إلى فوق، فإنها ترجع إلى أسفل، ومن ذلك نعلم أن فيها قوة تقتضي الهبوط إلى
أسفل؛ لذا إذا رميناها إلى فوق أعادتها تلك القوة إلى أسفل". كما نجد أن ابن
سينا قد ربط بين قوة اندفاع الجسم والسبب الذي أثار حركته.
تناول البيروني قوى الجاذبية في كتابه القانون المسعودي، فعنده "أن
السماء تجذب الأرض من كل الأنحاء على السواء، إلا أن جذبها لكتلة الأرض أشد
من جذبها للأجزاء الأخرى خاصة إذا لم تكن هذه الأجزاء متصلة بالأرض أو كانت
بعيدة عنها، فحينئذ لا تتمكن السماء من جذبها إليها لأنها تكون خاضعة لمجال
جذب الأرض لها"؛ وبذلك يشير إلى نوعين من الجاذبية هما: جاذبية السماء للأرض،
وجاذبية الأرض لما فوقها وحولها؛ فالشيء ينجذب إلى النطاق الذي يقع في مجاله
وإن كان هو ونطاقه منجذبيْن بدورهما إلى جرم السماء. والبشر بحكم وجودهم على
سطح الأرض فهم منجذبون إليها، وهي بدورها منجذبة إلى السماء، ويبلغ ذلك الجذب
أقصاه في باطن الأرض من حيث تنطلق الجاذبية الأرضية و¸الناس على الأرض منتصبو
القامات على استقامة أقطار الكرة، وعليها أيضًا تزول الأثقال إلى السفل…·،
ويعترض على القائلين بعدم دوران الأرض لأنها إذا دارت طارت من فوق سطحها
الحجارة والأشجار، ويقول في هذا الصدد ¸إن هذا لا يقع لأنه لابد لنا من أن
ندخل في الحساب أن الأرض تجذب كل ما عليها نحو مركزها·.
أدلى الخازن بدلوه في ظاهرة الجاذبية وخواص الجذب، تمامًا كما فعل في بحثه
عن ظاهرة الضغط الجوي التي تحدث فيها قبل إيفانجليستا توريشلي بخمسة قرون.
فقد أكد في كتابه ميزان الحكمة على العلاقة بين سرعة الجسم والمسافة
التي يقطعها والزمن الذي يستغرقه. وقال إن الثقل هو القوة التي بها يتحرك
الجسم الثقيل إلى مركز الأرض، وأن الجسم الثقيل هو الذي يتحرك بقوة ذاتية
أبدًا إلى مركز الأرض فقط. وأنه إذا تحرك جسم ثقيل في أجسام رطبة فإن حركته
فيها تكون وفق رطوباتها؛ فتكون حركته في الجسم الأرطب أسرع. وإذا تحرك في
الجسم الرطب جسمان متساويان في الحجم متشابهان في الشكل مختلفان في الكثافة،
فإن حركة الجسم الأكثر كثافة فيه تكون أسرع. كما أن الأجسام الثقال قد تتساوى
أثقالها، وإن كانت مختلفة في القوة والشكل؛ فالأجسام المتساوية الثقل هي التي
إذا تحركت في جسم واحد من الأجسام الرطبة من نقطة واحدة، كانت حركتها متساوية؛
أي أنها تقطع في أزمنة متساوية مسافات متساوية. والأجسام المختلفة الثقل هي
التي إذا تحركت على هذه الصفة كانت حركاتها مختلفة.
قام الشريف الإدريسي (ت560هـ، 1165م) بالتصنيف والعمل في مختلف فروع
المعرفة، وقد تناول ظاهرة الجاذبية في كتابه نزهة المشتاق في اختراق
الآفاق. ففي معرض حديثه عن كروية الأرض يقول ¸إن الأرض مدورة كتدوير
الكرة، والماء لاصق بها وراكد عليها ركودًا طبيعيّاً لا يفارقها، والأرض
والماء مستقران في جوف الفلك كالمح (الصفار) في جوف البيضة. ووضعهما وضع
متوسط، والنسيم محيط بهما من جميع جهاتهما، وهو جاذب لهما إلى جهة الفلك، أو
دافع لهما. والله أعلم بحقيقة ذلك، والأرض مستقرة في جوف الفلك وذلك لشدة
سرعة حركة الفلك، وجميع المخلوقات على ظهرها، والنسيم جاذب لما في أبدانهم من
الخفة، والأرض جاذبة لما في أبدانهم من الثقل، بمنزلة حجر المغنطيس الذي يجذب
الحديد إليه·.
هناك علماء آخرون غير ابن الحائك والبيروني والخازن تناولوا ظاهرة
الجاذبية. من هؤلاء ابن خرداذبة ومحمد بن عمر الرازي، والبوزجاني، وهبة الله
بن ملكا البغدادي المعروف باسم أوحد الزمان، الذي يقول في كتابه
المعتبر في الحكمة أن الجسم يسقط حرًا تحت تأثير قوة جذب الأرض متخذًا في
ذلك أقصر الطرق في سعيه للوصول إلى موضعه الطبيعي، وهو الخط المستقيم، ¸فلو
تحركت الأجسام في الخلاء لتساوت حركة الثقيل والخفيف والكبير والصغير
والمخروط المتحرك على رأسه الحاد، والمخروط المتحرك على قاعدته الواسعة في
السرعة والبطء، لأنها تختلف في الملاء بهذه الأشياء بسهولة خرقها لما تخرقه
من المقاوم المخزون كالماء والهواء وغيره·.
كانت هذه الأبحاث المتناثرة للعلماء المسلمين، اللبنة الأولى لعلم
الجاذبية التي بنى عليها كل من كوبر نيكوس (878-950هـ، 1473- 1543م) ويوهان
كبلر (979-1040هـ، 1571 -1630م) نظرياتهما واستقيا من العلماء العرب
والمسلمين علومهما كما اعترفا هما بذلك. كما استفاد من هذه اللبنات أيضًا كل
من جاليليو (972 ـ 1052هـ، 1564 ـ 1642م) وإسحق نيوتن (1052 ـ 1140هـ، 1642 ـ
1727م) لوضع القوانين القائمة على أسس رياضية لتحديد قوة الجاذبية.
أما المغنطيس فقد كان الإغريق أول من اكتشف فيه خاصية الجذب، وكان ذلك قبل
ما يزيد على 2000 سنة. فقد كانوا يجلبون نوعًا من الحجر من منطقة تسمى
مغنسيا له قدرة على الجذب، وكان أهلها يسمون المغنطيِّين؛ ومن ثم
أطلقت كلمة مغنطيس على هذا الحجر. وعرف العرب والمسلمون المغنطيس
والمغنطيسية. وقد استفادوا من خاصتين أساسيتين هما الجذب وإشارته إلى الاتجاه
واستخدموا ذلك في أسفارهم البحرية. ويقول البيروني إن حجر المغنطيس كالكهرمان
له خاصية الجذب، لكنه أكثر منه فائدة لأنه يستطيع أن ينتزع شفرة من الجرح، أو
طرف المشرط من أحد العروق، أو خاتمًا معدنيًا ابتلعه الإنسان واستقر في بطنه.
ويقال إن العرب استخدموا في هياكل سفنهم التي تعبر الخليج العربي ألياف النخل
التي يتم إدخالها في ثقوب بالألواح الخشبية، بينما استخدموا المسامير
الحديدية للسفن التي كانت تبحر في البحر الأبيض المتوسط. ويعود السبب في ذلك
إلى وجود صخور مغنطيسية خفية يمكن أن تُعرِّض السفن التي يستخدم فيها الحديد
إلى الخطر.
استخدم المسلمون الإبرة المغنطيسية (البوصلة)، وقد اختلف العلماء في نسبة
اختراع بيت الإبرة كما سمّاها العرب. فمن العلماء من ينسب ذلك إلى
الصينيين، إلا أن المؤرخ الصيني تشو يو يؤكد أن الصينيين قد عرفوا البوصلة عن
طريق ملاحين أجانب قد يكونون من الهنود أو من المسلمين الذين كانوا يبحرون
بين سومطرة وكانتون. ويقول آخرون إن البحارة المسلمين، على الأرجح، كانوا أول
من استخدم خاصية الاتجاه في المغنطيس في صنع بيت الإبرة في رحلاتهم البحرية
وذلك حوالي القرن الرابع الهجري. كما استخدموها في ضبط اتجاه القبلة وإقامة
المحاريب في المساجد. أما ادعاء البعض بأن اختراع البوصلة تم على يد الإيطالي
فلافيوجويا، فليس هناك من دليل يعضده؛ إذ إن أقدم الإشارات إلى البوصلة
واستخدامها في المصادر الأوروبية ترد في كتاب فنسان دي بوفيه المنظار
الطبيعي وكان مصدره الوحيد في هذا الكتاب هو جيرار الكريموني الذي ترجم
ذخيرة كبيرة من المصنفات العربية مما يؤكد أن المصدر كان عربياً. وتدل بعض
المخطوطات والمؤلفات القديمة أن بعض العلماء العرب أجروا بعض التجارب الأولية
في المغنطيسية.
جدول يبين قيم الثقل النوعي لبعض الأحجار الكريمة | ||||||||||||||||||||||||||||||||||||
|
العلماء العرب ألَّفوا في الميكانيكا (علم الحيل) وزودوا
كتبهم بالرسوم الإيضاحية. وهذا نموذج من كتاب الجامع لابن الرزاز
الجزري.