منتدى علوم المنصورة
رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من  ( 61 ) الي  (70 ) - صفحة 2 Ezlb9t10


منتدى علوم المنصورة
رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من  ( 61 ) الي  (70 ) - صفحة 2 Ezlb9t10

منتدى علوم المنصورة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى علوم المنصورةدخول

اهلا بك يا زائر لديك 16777214 مساهمة


رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من ( 61 ) الي (70 )

power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد
+2
hanod
tootibella
6 مشترك

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من  ( 61 ) الي  (70 ) - صفحة 2 Emptyرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من ( 61 ) الي (70 )

more_horiz
تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :





بعد سيل الضربات القوية التي وجهتها إلى صدر وليد ،
بانفعال و ثورة.. بغضب و غيظ و قهر.. شعرت بألم في يدي ّ كان هو ما جعلني أوقف ذلك
السيل...

رفعت رأسي إليه، فرأيته ينظر إلي بجمود .. لم تهزه
ضرباتي و لم توجعه!
من أي نوع من الحجر أنت مخلوق؟؟ من أي نوع من المعادن
صدرك مصنوع؟؟ ألا تحس بي؟؟

عيناي كانتا مغرورقتين بالعبرات الحارقة.. تمنيت لو
يمسحها.. تمنيت لو يضمني إلى صدره..

تمنيت.. لو أصحو من النوم ، فأكتشف أن أروى هي مجرد
حلم.. وهم .. لا وجود له.. و كم كانت أمان ٍ مستحيلة التحقق...

كان وليد ينظر إلي بعمق، كانت نظراته تنم عن الحزن.. و
الاستسلام... فهو لم يقاومني و لا يبعدني.. بل تركني في ثورة غضبي أفرغ على صدره
دون إدراك.. كل ما كتمته من غيظ مذ علمت بنبأ ارتباطه...

ابتعدت عنه، التفت إلى سامر، ثم إلى أروى، ثم إلى وليد مجددا...
ثم ركضت داخلة غرفتي و صافعة الباب بقوة...

لم أسمح لسامر بالدخول عندما أراد ذلك بعد قليل، و بقيت
أبكي لساعات...

في اليوم التالي، عندما خرجت من غرفتي قاصدة المطبخ،
لمحت غرفة دانة سابقا ، الدخيلة حاليا مفتوحة الباب...

اقتربت منها بحذر .. و ألقيت نظرة شاملة عليها كانت
خالية من أي أحد ..

أسرعت نحو غرفة وليد.. فوجدتها الأخرى مفتوحة و لا وجود
لأي شيء يشير إلى أن وليد لم يرحل...

ركضت بسرعة نحو الصالة، رأيت سامر يجلس هناك شاردا ..
حين رآني ، ابتسم و وقف و ألقى علي تحية الصباح ..

قلت بسرعة
:

" أين وليد ؟؟ "

ألقى علي سامر نظرة متألمة ثم قال :

" رحل
"

صعقت ... هتفت :

" رحل ؟؟ متى ؟؟ "

قال :

" قبل قليل.. "

مستحيل ! لا ... غير ممكن ...

صرخت
:

" لماذا تركته يرحل ؟؟ "

نظر إلي سامر بحيرة ..صرخت مجددا :

" لماذا تركته يرحل ؟؟ "

قال سامر مستاء ً :

" و هل كنت تتوقعين مني أن أربطه إلى المقعد حتى لا
يذهب ؟ أخذ خطيبته و أغراضهما و ولا خارجين دون سلام "

صرخت
:

" كان يجب أن تمنعه ! الحق به.. دعه يعود .. أعده
إلي حالا "

سامر هتف بعصبية :

" لا تثيري جنوني يا رغد.. ماذا تريدين به ؟ لقد
تزوّج من أخرى و قضي الأمر
"

صرخت بقوة
:

" لا
"

" رغد
! "

" لن أصدّق.. إنكم تكذبون ... كلكم تكذبون.. وليد
لم يرتبط بأحد.. وليد لم يدخل السجن.. وليد لم يقتل أحدا.. وليد لن يتخلّى
عني...لن يبتعد عني.. أعده إلي.. أعده إلي..أعده إلي.. "

و انهرت باكية..حسرة على وليد قلبي

و على هذه الحال بقيت أياما... اشتد علي المرض و السقم..
و تدهورت حالتي النفسية كثيرا..كما ساءت حالة سامر و أصبح عصبيا جدا..و صرنا
نتشاجر كل يوم..و الحال بيننا لا تطاق..

ما زاد الأمر سوءا هو أننا كلما اتصلنا بوالدي ّ وجدنا
الهاتف مغلقا، و عندما اتصلنا بالفندق الذي كانا ينزلان به أُبلغنا بأنهما قد
غادراه...

انقطعت أخبارهما عنا عدة أيام و حلّ التوتر الفظيع علينا
و امتزجت المشاكل و المخاوف و المشاجرات مع بعضها البعض، و تحوّلت حياتنا أنا و
سامر إلى جحيم... و جحيمنا صار يتفاقم و يتضاعف يوما بعد يوم، إلى أن طغى الطوفان
المدمّر و حلّت الصاعقة الكبرى...أخيرا...





~ ~ ~ ~ ~




التحقت بمعهد إداري في مبنى قريب من المزرعة، و بتوفيق
من الله أولا ، ثم بمساعدة من العم إلياس و السيدة ليندا، أصبحت طالبا رسميا في
المعهد.

الحياة بدت مختلفة، و كل شيء سار على خير ما يرام، حظيت
أخيرا بشيء من الراحة و السعادة..
خطيبتي..كانت إنسان رائع جدا.. في الأخلاق و الطيبة و
المشاعر و الجمال و كل شيء... نعمة من رب السماء ..

حاولت جاهدا أن أصرف مشاعري نحوها... و أودع فيها ما
يكنه قلبي من الحب و الحنان ، إلا أن رغد.. لم تسمح لي بذلك...

فقد كانت محتلة القلب من أول وريد إلى آخر شريان...و
بُعدها و صحتها المتدهورة ما زاداني إلا تعلقا بها و لهفة إليها... و كلما تسللت
يداي إلى الهاتف، و أدارتا رقم الشقة، ذكرني عقلي بكلماتها الأخيرة القاتلة... فوضعت السماعة
و ابتعدت ...

لم أتصل للسؤال عن أي فرد من أسرتي، و أقنعت نفسي بأنني
لم أعد أنتمي إليهم.. و أن عائلتي الحقيقية هي عائلة نديم رحمه الله...

لذلك ، حين وردتني مكالمة من سامر بعد أيام حاولت
اصرافها، إلا أن أروى ألحّت علي بالإجابة .. و هي تقول :

" لو كان لدي أخ أو أخت لكنت فعلت أي شيء من أجلهما
مهما تعاركا معي أو حتى قتلاني
! "

تناولت السماعة من يدها و أنا أشعر بالخجل من هروبي
هذا... قربتها من أذني و فمي و تحدّثت
:

" نعم يا سامر؟؟ "

" كيف حالك؟ "

" بخير.."

و ساد صمت استمر عدة ثواني ...

قلت :

" أهناك شيء ؟؟ "

فأنا لا أتوقع أن يتصل ليسأل عني فقط ، خصوصا بعد شجارنا
الأخير...

قال سامر
:

" يجب أن تحضر إلى هنا يا وليد "

ذهلت من عبارته، قلت متوترا و قد انتابني القلق المفاجئ :

" خير؟ هل حصل شيء ؟؟ "

" نعم، و لابد من حضورك "

هوى قلبي على الأرض..من القلق ، قلت و أنا بالكاد أحرك
شفتي ّ :

" رغد بخير ؟؟ أ أصابها مكروه ؟؟ "

سامر صمت ، ما جعلني أوشك على الموت... قلت :

" ما بها رغد أخبرني ؟؟ "

قال :

"على ما هي عليه، أريدك حضورك فورا "

التقطت بعض أنفاسي و قلت :

" لم سامر؟ أخبرني ماذا حصل ؟؟ "

" لن أخبرك على الهاتف ، تعال بأسرع وقت يا وليد..
الأمر غاية في الأهمية "


لم استطع بعد تلك المكالمة السكون برهة واحدة ، تحركت
بعصبية كالمجنون .. و من فوري ذهبت لأبحث عن سيارة أجرة، إذ أنني لم أكن أملك
واحدة كما تعلمون...

أرادت أروى مرافقتي إلا أنني عارضت ذلك، و خلال ساعة،
كنت أشق طريقي نحو شقة سامر.. و قلبي شديد الانقباض.. لابد أن مكروها قد حل ّ
بصغيرتي و إن كان كذلك، فلن أسامح نفسي على البقاء بعيدا بينما هي مريضة...

قطعت المسافة في زمن قياسي، و حين وصلت أخيرا إلى الشقة،
قرعت الباب بشكل متواصل إلى أن فتحه أخي أخيرا...

من النظرة الأولى إلى وجهه أدركت أن الموضوع أخطر مما
تصوّرت.. كانت عيناه حمراوان و جفونه وارمة ، و وجهه شديد الكآبة... و السواد أيضا...
منظره أوقع قلبي تحت قدمي ّ في الحال...

و قبل أي كلمة أخرى هتفت مفزوعا :

" أين رغد ؟؟ "

و ركضت إلى الداخل مسرعا و أنا أنادي :

" رغد ... رغد ... "

و حين بلغت غرفتها طرقت الباب بقوة... و أنا أهتف بفزع...

" رغد... أأنت هنا ؟ "

فتح الباب و ظهرت رغد .. و ما أن وقعت أعيننا على بعضها
البعض حتى كدت أخر صريعا..

" رغد
! "

" وليد
... "

" أنت ِ بخير صغيرتي ؟؟ أنت بخير ؟؟ "


انفجرت رغد باكية بقوة ، التفت إلى الوراء فإذا بسامر
يقف خلفي ، هتفت :

" ماذا حصل ؟ "

رغد ازداد بكاؤها ..

قلت منفعلا
:

" أخبراني ماذا حدث ؟؟ "

و نظرت إلى سامر في انتظار ما سيقول ...
سامر حرّك شفتاه و قال أخيرا :

" أصيب والدانا في الغارة على الحدود"

صعقت ، شهقت
:

" ماذا ؟؟ "

طأطأ سامر رأسه للأسفل ، فقلت بسرعة :

" سامر ؟؟ "

لم يرفع عينيه في البداية، إلا أنه حين رفعهما كانتا
غارقتين في الدموع، و قال أخيرا
:

" قتلوهما.."







شهر كامل قد مضى، و أنا مقيم مع أخي و رغد في هذه
الشقة... نسبح في بحر الدموع و الألم...

لا يقوى أحدنا حتى على النهوض من المقعد الذي يجلس
عليه... أسوأ اللحظات.. كانت تلك اللحظات التي رأيت فيه رغد تلطم وجهها و تصرخ و تنوح
و تصيح...

" لماذا كتب علي أن أيتّم مرتين؟؟ من بقي لي
بعدهما؟؟ أريد أن ألحق بهما.. أمي .. أبي .. أنا مدللتكما العزيزة.. كيف تفعلان هذا بي ؟؟
كيف تتركاني يتيمة من جديد؟ و أنا في أمس الحاجة إليكما.. ليتني متّ منذ
صغري..ليتني احترقت مع المنزل و لم أعش هذا اليوم... وا حسرتاه"

كانت تجول في الشقة و تصرخ و تنادي كالمجنونة.. و تصفع
رأسها بأي شيء تصادفه في طريقها..

و كنت أمشي خلفها، محاولا تهدئتها و مواساتها ، بينما
أنا الأكثر حاجة للمواساة..

أبعد حرماني منهما لثمان سنين.. ثمان سنين كان من الممكن
أن أقضيها تحت رعايتهما و حبهما.. اللذين مهما كبرت سأبقى بحاجة إليهما، أفقدهما
بهذا الشكل؟؟

حينما أتذكر يوم وداعهما...

آه يا أمي.. و يا أبي..

لو كنت أعرف أنه اللقاء الأخير.. ما كنت تركتكما تخرجان...

أتذكر وصايا أمي... (اعتني بشقيقتيك جيدا لحين عودتنا)..
أماه.. هاأنا قد اعتنيت بهما و إن قصّرت.. فأين عودتك ؟؟

لو كنت أعلم أنه آخر العهد لي بكما... ما فارقتكما لحظة
واحدة حتى أموت دونكما أو معكما..

لكنه قضاء الله.. و مشيئة الله..

يا رب.. فكما جاءاك ملبيين طائفين حول بيتك المشرّف، يا
رب فأكرمهما بنعيم الجنة التي وعدت بها عبادك المؤمنين...

و لا حول و لا قوّة إلا بالله...




شهر كامل قد انقضى و لم تتحسن أحوالنا النفسية شيئا يذكر..
و هل يمكن أن يندمل جرح كهذا؟؟
لقد كانا في حافلة مع مجموعة من الحجيج عائدين إلى
البلد، بعدما نفذ صبر الجميع و دفعهم الحنين لأهلهم للإقدام على السفر برا...و
كانت مجازفة أودت بحياتهم جميعا
...
نحن.. و يا من كنا غارقين في بحر الحزن و المآسي.. و يا
من تشردنا..و تشتتنا..و تفرّقنا و انتكست أحوالنا و تنافرت قلوبنا..و كنا ننتظر
عودة والدينا لعل ّ الله يصلح الحال.. يأتينا نبأ مصرعهما المفاجئ المفجع.. و ينسف
ما بقي لنا من قوة أيما نسف...

السلطات اتصلت بأخي سامر و أبلغته الخبر المفجع، ليذهب
لاستلام الجثتين من إحدى المستشفيات، التي نقل إليها جميع راكبي الحافلة، و الذين
قتلوا جميعا دون استثناء..

كنت أريد الذهب..فقط لألقي نظرة..فقط لأقبّل أي شيء
منهما.. رأسيهما.. جبنيهما.. أيديهما..إقدامهما..أو حتى ملابسهما..أي شيء منهما و
لهما.. لكني بقيت رغما عني ملازما رغد في المستشفى.. متوقعا أن أفقدها هي
الأخرى.. بين لحظة و أخرى..

كانت أفظع أيام حياتي..

كانت نائمة معظم الوقت، و كلنا أفاقت سألتني :

" أين أبي؟؟ أين أمي ؟؟ ألا أزال حية ؟؟ متى
سأموت؟؟"

و لا أجد شيئا أواسيها به غير آهات تنطلق من صدري ، و
شلالات تتدفق من عيني.. ونيران تحرق جسدي و ترديني فتاتا.. رمادا..غبارا..

عندما عاد أخي.. كنت أنظر إلى عينيه بتمعن..أحدق بهما
بجنون..علّ صورة والدي ّ قد انطبعت عليهما.. علّني أرى طيف ما رأتاه..

أخذت أضمه، و أشمه و أقبّله.. فقد كان معهما.. و ربما
علق به شيء منهما..أي شيء... أي شيء...

و حين سألني عن رغد.. قلت باكيا :

" ستموت! إنني أراها تموت بين يدي.. ماذا أستطيع أن
أفعل؟ ليتني متّ قبل هذا "

و حين تحدث معها ، سألته بلهفة :

" أين هما؟؟ هل عادا معك؟؟ هل عادا للمنزل؟ أعدني
إليهما..فأنا أريد أن يشهدا عرسي..ليس مثل دانة !"


أي عرس يا رغد..أي فرح..أي لقاء تتحدثين عنه ؟؟

لقد انتهى كل شيء.. و الحبيبان اللذان كانا يدللانك و
يحيطاننا جميعا بالحب و الرعاية.. ذهبا في رعاية من لا يحمد على مكروه قضى به سواه...

اللهم لا اعتراض على قضائك...

و إنا لله .. و إنا إليه راجعون....








اليوم، و كما قررت أخيرا، سأذهب إلى المزرعة.. فلا بد لي
من مواصلة العمل، و الدراسة في ذلك المعهد.. و العودة إلى أهلي بعدما حصل.. أصبحت
ضربا من المحال..

فمن يريد العودة إلى جحيم الذكريات... ؟؟

سامر..كان قد أهداني سيارة قبل أيام، جاءت منقذة لي في
وقت الحاجة الحقيقية.. شكرته كثيرا.. و أذكر أنه يومها ابتسم ابتسامة واهية و قال :

" و لم كل هذا الشكر ! إنها مجرّد سيارة.. بلا روح
و لا مشاعر !"

استغربت من ردّه، إلا أنه غير الحديث مباشرة...

زرت المزرعة مرتين اثنتين فقط مذ قدمت إلى هنا.. فقد كان
بقائي قرب رغد هو مركز اهتمامي و بؤرته... أما أحوال العائلة هناك كانت مستقرة..

أجمع أشيائي في حقيبة أضعها على السرير، باب الغرفة
مفتوح، يطل منه أخي سامر... و يتحدّث
...

" أحقا سترحل وليد؟؟ "

استدير إليه و أقول :

" كما ترى "

مشيرا إلى الحقيبة.. و أضيف :

" سأعود إلى عملي، و دراستي"

يظل واقفا عند الباب ، ثم يخطو خطوتين إلى الداخل و يقول
بصوت خافت :

" أنا أيضا سأعود إلى عملي... انتهت إجازاتي
الممددّة "

التفت إليه و أنا أدرك ما يعني، بل هو أكثر ما يشغل
تفكيري على الإطلاق، لكنني أقول
:

" و إذا ؟؟ "

يقول
:

" رغد...
"

نعم ، لا زلنا و منذ زمن..نقف عند هذه النقطة.. رغد...

قال :

" لا يمكن تركها وحيدة..، خذها معك "

و فاجأني هذا الطلب، فهو آخر ما كنت أتوقع أن يطلبه أخي
مني...

لقد كنت أنا من سيطرح الفكرة، و خشيت أن أعقد الأمور
أكثر في وقت نحن فيه في غنى تام عن أي تشويش يزيدنا ألما فوق ألم...

قلت :

" معي أنا ؟؟ "

" نعم يا وليد.. فهناك حيث تقيم، لديك عائلة يمكن
لرغد أن تظل تحت رعايتهم أثناء غيابك.. لكن هنا في هذه الشقة..."

لم يتم كلامه..

لقد كان هذا الموضوع هو شغلي الشاغل منذ قررت العودة
للمزرعة، ألا أنني لم أكن أعرف الطريق لفتحه أمام سامر، خطيب رغد...

قلت :

" ما كنتَ فاعلا لو أنكما تزوجتما إذن؟ "

قال :

" ربما ..أتركها في بيتنا مع والدي ّ "

و الكلمة قرصت قلبينا... و عصرت شعورنا...

تابع
:

" ألا أنه .. لا والدين لنا الآن .. و لا بيت.."

" يكفي أرجوك.."

قلت ذلك محاولا إبعاد غيمة الهم عني، فقد اكتفيت من كل
ذلك.. اكتفيت من الهموم التي حملتها على صدري مذ ارتكبت جريمتي و حتى هذا اليوم...

بددت أشباح الذكرى المؤلمة بعيدا عن رأسي.. و قلت :

" أتظنها ترحب بذلك ؟؟ "

ابتسم ابتسامة مائلة للسخرية و قال :

" جرّب سؤالها بنفسك..."

و رمقني بنظرة حادة، ثم غادر الغرفة...

بعدما انتهيت من جمع أشيائي، ذهبت ُ إلى غرفة رغد...

طوال الأيام الماضية لم تكن تغادرها .. حتى القليل من
الطعام الذي كانت تعيش عليه، تتناوله على سريرها.. حالتها كانت سيئة جدا ولازمت
المستشفى وقتا طويلا، و كنا نتناوب أنا و سامر على رعايتها...إلا أنها تحسّنت في
الآونة الأخيرة.. و أحضرناها إلى هنا.. و الحمد لله

فلو أصابها شيء..هي الأخرى، فسوف أموت فورا لا
محالة...لن يقوى قلبي على تحمّل صدمة أخرى.. و خصوصا للحبيبة رغد..لا قدّر الله ..

طرقت الباب و ذكرت اسمي، ثوان، ثم أذنت لي بالدخول...

دخلت، فرأيتها جالسة على السرير، كالعادة، إلا أنها ترسم
شيئا ما في كراستها...

اقتربت لألقي نظرة على ما ترسم، كانت صورتين وهميتين
لوالدي ّ رحمهما الله.. مرسومتين بالقلم الرصاصي، و بمعالم غامضة مبهمة...

" كيف أنت صغيرتي؟ "

لم ترفع عينيها عن الرسمة، قالت :

" كما أنا "

و هو جواب يقتلني...إن كنتم لا تعلمون...

قلت :

" أنت بخير، الحمد لله .."

قالت
:

" نعم ، بخير.. يتيمة مرتين، وحيدة و بلا أهل.. و
لا من يتولى رعايتي .. عالة على ابن عمّي ... "

مزقتني كلماتها هذه، قلت :

" عالة على خطيبك !؟ "

قالت مصححة
:

" ابن عمّي.. فأنا لن أتزوّجه.. ما لم يحضر والداي
و يباركا زواجنا.."

كادت الدمعة تقفز من عيني... اقتربت منها أكثر.. و قلت
محاولا المواساة :

" حتى لو لم تتزوجيه، يبقى ابن عمّك و مسؤولا عنك..
فلا تأتي بذكر كلمة عالة هذه مرة أخرى
"

الآن، قامت بالخربشة على الصورتين بخطوط عشوائية حادة، ثم
.. نزعت الورقة من الكراسة، ثم مزّقتها..


أخيرا نظرت إلي :

" لم لا ترسلاني إلى دار لرعاية الأيتام ؟ "

" رغد بالله عليك.. لم تقولين ذلك ؟؟ "

" نعم فهو المكان الأنسب لي، سامر يريد العودة
للعمل و أنا أعيقه "

قلت بألم
:

" و أنا ؟ "

رمقتني بنظرة مبهمة ، ثم قالت :

" و أنت ستعود إلى عملك، و فتاتك..، و دانة تزوجت و
استقرت مع زوجها في الخارج..، بلا بيت و لا والدين .. و لا أهل.. إما أن ترسلاني
لبيت خالتي، أو لدار الأيتام
"

اغتظت، و قلت بعصبية :

" كفّي عن ذلك يا رغد، بالله عليك... أتظنين أنني
سأتخلى عنك بهذه السهولة !
"

رغد حدقت بي، متشككة مرتابة...

قلت :

" أبدا يا رغد ! لا تظني .. أنه بوفاة والدي رحمه
الله.. لم يعد لك ولي مسؤول.. إنك من الآن فصاعدا، لا .. بل من يوم وفاته
فصاعدا... بل و من يوم وفاة والديك الحقيقيين فصاعدا.. تحت مسؤوليتي أنا.."

لا تزال تحملق بي بريبة..

قلت :

" و من هذه اللحظة، اعتبريني أمك و أباك و أخاك و
كل شيء.. "

شيء من التصديق ظهر على وجهها.. أرادت التحدث إلا أنها
منعت نفسها .. قلت مؤكدا :

" نعم صغيرتي، و لتكوني واثقة مائة بالمائة.. من
أنك ستبقين ملازمة لي كعيني هاتين.. و لسوف أفقأهما قبل أن أبعدك عني مترا واحدا ! "


الآن رغد راحت تنظر إلى المسافة التي تفصل بيننا، بضع
خطوات تتجاوز المتر.. ثم تنظر إلي...

نظرت أنا إلى حيث نظرت، ثم خطوت خطوتين للأمام، و قلت :

" متر ! أليس كذلك ؟؟ "

هنا .. انطلقت ضحكة غير متوقعة من حنجرة رغد.. ضحكة صغيرة
كصغر حجمها و حجم حنجرتها.. و قصيرة كقصر المسافة التي بيننا هذه اللحظة... و
مبهجة كبهجة العيد !

لم أستطع منع نفسي من الابتسام.. و هل هناك أجمل من
ابتسامة أو ضحكة عفوية تشق طريقها بين الدموع و الهموم؟؟

لما رأيت منها هذا التجاوب، فرحت كثيرا.. فضحكة رغد ليست
بالأمر السهل..إنها أعجوبة حصلت في زمن المرض و المآسي...

قلت :

" بما أن سامر سيبدأ العمل و سينشغل ثمان ساعات من
النهار خارج الشقة، و أنا لابد لي من العودة لعملي، فأنا سآخذك معي.. فهل تقبلين
؟؟ "

قالت
:

" و سامر؟ يبقى وحيدا ؟ "

قلت :

" سنأتي أسبوعيا لزيارته أو يأتينا هو.. ربما تتغير
ظروفنا فيما بعد.. و نستقر جميعا في مكان واحد.. ما رأيك ؟ "

نظرت إلى الأرض، ثم قالت :

" حسنا
"

أثلج صدري، ارتخت عضلاتي و ارتاح قلبي من توتره.. قلت :

" إذن اجمعي أشياءك الآن، سنذهب عصرا "

وقفت رغد مباشرة، و بدأت بجمع قصاصات الورقة التي مزقتها
قبل قليل..

أخذت تنظر إليها، و شردت...

قلت مداعبا
:

" اطمئني يا رغد.. سترين..أي نوع من الآباء و
الأمهات سأكون ! "

ابتسمت رغد، و ألقت القصاصات في سلة المهملات...



descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من  ( 61 ) الي  (70 ) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من ( 61 ) الي (70 )

more_horiz
ولا يهمك احنا متبعين الروايه باى شكل وباى جزء
بس المهم تنتهى على سعادة

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من  ( 61 ) الي  (70 ) - صفحة 2 Emptyرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الجزء 67

more_horiz



لأن الظروف لم تسمح لنا قبل الآن بشراء خاتمي الخطوبة، و
أقصد بذلك ظروف وليد ، فإنني فتحت الموضوع معه مؤخرا، بعدما مضت فترة على وفاة
والديه، رحمهما الله.

قررنا أن نذهب لشراء الخاتمين و الشبْكة غدا.. لن نقيم
أي احتفال، إنما عشاء خاص بي معه...

وليد، هو رجل رائع بكل المقاييس.. ربما كان التعويض الذي
أرسله الله لي عوضا عما فقدت.

في مظهره، وسم، جذاب ! طويل القامة، عريض المنكبين،
ممتلىء الجسم و الوجه!
في أخلاقه، كريم.. لطيف..نبيل.. متفان، مقدام !
في عمله، مخلص، صادق.. أمين.. مجتهد، نشيط جدا!

في أول مرة التقينا، كان ذلك قبل عدة أشهر، حين دخل رجل
غريب إلى المنزل و هو يستنجد!

عندما أتذكر ذلك اليوم ، و رغم المرارة التي كانت فيه،
أضحك !

لقد خرجت من المنزل راكضة .. بملابسي المجردة !

حينما عرض علي الزواج ، فرحت كثيرا.. أمي و خالي كانا
يمدحانه أمامي باستمرار، و أنا كنت ألحظ إعجابهما بخلقه و طبعه، و أعجبت به مثلهما ...

علاقتي بوليد كانت بالكاد قد بدأت تتطور، ألا أن تطوّرها
أخذ منحى آخر حين حضرت رغد للعيش معنا...

و هذه الرغد فتاة غريبة الأطوار !

أول الأمر كانت غارقة في الحزن، ثم بدأت تتفتح للحياة، و
الآن بفرض وجودها في ساحة وليد
!

إنه يهتم بها كثيرا جدا، و يعاملها و كأنها ملكة ! تصدر
الأوامر و هو ينفّذ .. حتى أنه يفكر جديا في شراء طقم غرفة النوم الباهظ الذي
أشارت إليه اليوم .. !

و يريد تحويل إحدى غرف المنزل إلى غرفة خاصة بها، بعدما
طلبت هي مؤخرا أن تنام في غرفة مستقلة
!

أنها فتاة مدللة جدا، و وجودها أبعد وليد عني ، و جعله
يصرف جل الاهتمام لها هي .. و يهملني
...

اليوم ذهبنا إلى الأسواق تنفيذا لرغبتها، حيث اختارت طقم
غرفة النوم ذاك، و اشترت العديد من الأشياء .. بمبالغ كبيرة !

أنا أخشى أن أتحدّث معها أو مع وليد حول هذه النقطة، حتى
لا أسبب مشكلة و يتهمني أحد بشيء، لكن...

نحن في وضع مالي متواضع ! و هي، كانت من عائلة ثرية
معتادة على نيل ما تريد بسهولة...و لا أعلم، متى سيمكنها أن تدرك تماما أن والديها
قد توفيا... و أنها لم تعد تتربى في عزّهما و دلالهما!

و رغم ما أنفقته رغد هذا اليوم، فأنا لم أتنازل عن رغبتي
في شراء خاتمي الخطوبة و طقم الشبكة، فهي من حقّي، و قد وعدني وليد بالذهاب لأسواق
المجوهرات و شرائها...





~ ~ ~ ~ ~ ~




العلاقة بين رغد و أروى تزداد اضطرابا مرة بعد أخرى، و هذا
يقلقني كثيرا...

رغد، في أحيان ليست بالقليلة تتصرف بغرابة، لا أعرف وصفا
دقيقا أذكره لكم، لكن.. إنها .. تتدلل كثيرا !

و لأنها معتادة على الدلال، و تنفيذ جميع رغباتها دون
استثناء، و لأنني الشخص الوحيد المتبقي أمامها من العائلة، فإنها .. باختصار تتدلل
علي !

نعم حينما كانت صغيرة كنت أعشق تدليلها و أقبل على ذلك
بشغف، ألا أن الأمر تغيّر الآن..إنها لم تعد طفلة كما أنني... إنني...
ماذا أقول ؟؟
لست أباها، أو أخاها، أو زوجها أو حتى ابنها لأستطيع
مجاراتها ببساطة في كل تصرفاتها... أنا حائر.. حائر جدا!

البارحة، و بعدما عدنا من السوق، و قد اشترت هي العديد
من الأشياء، فوجئت بها قادمة نحوي، و قد تغيّر لون عينيها إلى الأزرق ! و إذا بها
تسألني :

" كيف أبدو ؟ "

كنت أجلس و أروى في الصالة، نتحدّث عن الخاتمين اللذين
تصر أروى على شرائهما، و أظن هذا من حقّها فهي تود وضع خاتم للخطوبة مثل أي فتاة !
اعتقد أن الفتيات يهتممن بأمور تبدو في نظر الرجال، أو
لنقل في نظري أنا كواحد من معشر الرجال ... لا تغضبن ! سخيفة أحيانا !

نظرت ُ إلى أروى ثم إلى رغد مندهشا.. و كانت لا تزال
تنتظر رأيي في لون عينيها الجديد ! شعرت بالحرج الشديد .. فقلت :

" هل صبغتيهما بالفرشاة ؟! "

قاصدا أن تبدو دعابة خفيفة تلطّف الجو، ألا أن رغد نظرت
إلى أروى و قالت :

" و هل أنت ِ صبغتِ عينيك بالفرشاة ؟ "

قالت أروى
:

" لا ، صبغهما الله لي هكذا ، لذا فهما تناسباني
تماما "

الجملة أزعجت رغد ، فقالت بغيظ :

" تعنين أن لون عيني الآن لا يناسبني ؟ "

صمتت أروى، و نظرت إلي، تقصد تحويل السؤال إلي .. ، و
لذا نظرت رغد نحوي و أنا أرى الغضب يتطاير من عينيها هاتين.. و لم أجد جوابا
مناسبا ألا أنني لم أشأ إحراجها فقلت
:

" و إن ناسباك ، فالأصل هو الأنسب دائما "

و إجابتي الغبية هذه لم تزد الطين إلا بللا !

قالت غاضبة
:

" نعم الأصل هو الأنسب دائما، هذا ما يجب أن تدركه
أنت ! "

و لم أفهم ما ترمي إليه ! ثم أضافت :

" لو كان سامر هنا، لصفّر إعجابا "

ثم استدارت و غادرت الصالة...

تضايقت أنا من هذا الموقف.. و التزمت الصمت مدّة ، ألا
أن أروى قطعت الحديث قائلة :

" ألم أقل لك !؟ إنها تغار مني "

التفت إليها و قلت :

" لا ، ليس الأمر كذلك ! لكنك لا تعرفين كم كانت
مدللة تفعل ما تشاء في بيت أبي... كان رحمه الله يدللها كثيرا "

قالت أروى
:

" و ها أنت ورثته ! "

التفت إلى أروى، فأشاحت بوجهها عني.. و كأنها غاضبة مني ..

قلت :

" ما بك أروى ؟ ماذا يزعجك ؟ "

التفتت إلي و أجابت :

" ألست تدللها أنت أيضا ؟ "

قلت :

" أ لأنني سمحت لها بشراء كل ما أرادت ؟ تعلمين أن
أغراضنا احترقت في بيتنا و هي بحاجة لأشياء عدّة ! "

" أشياء عدّة كالملابس الباهظة التي اشترتها و
الحلي أيضا ؟؟ بربّك ما هي فاعلة بها و هي باقية في هذا البيت بالحجاب و العباءة ! "

سكتت قليلا و قالت :

" لم لا ترسلها إلى خطيبها لبعض الوقت ؟ أظنها في
حنين إليه "

وقفت منزعجا و رميت أروى بنظرة ثاقبة ، جعلتها تعتذر

" لم أقصد شيئا يا وليد إنما ..."

قلت مقاطعا
:

" يجب أن تعرفي يا أروى.. أن رغد هي جزء من
مسؤولياتي أنا، الجزء الأكبر.. و متى ما شعرت بالضيق من وجودها فأعلميني، و في الحال سآخذها و
نرحل "

ظهر الذهول على ملامح أروى ، فوقفت و قالت :

" وليد
! "

قلت :

" نعم ، نرحل سوية.. لأنه لا يوجد سبب في هذا
العالم يجعلني أتخلى عن ابنة عمي ساعة واحدة، مهما كان "

و كان هذا بمثابة التحذير ...

قالت أروى
:

" و .. حين نتزوّج ؟ "

صمت فترة ، ثم قلت :

" لن يكون زواجنا قبل زواجها هي ، بحال من الأحوال "

" و .. متى ستتزوج هي و أخوك ؟ "

قلت بسرعة و بغضب :

" ليس الآن، لا أعرف ، ربما بعد عام أو عشرة .. أو
حتى مئة ، لكن ما أعرفه هو أنني لن أتزّوج قبلها مطلقا "

و تركت أورى، و انصرفت قاصدا رغد...
نعم رغد، فهي من يشغل تفكيري هذه الساعة، و كل ساعة..


كنت أعرف أنني سأراها باكية.. و هكذا رأيتها بالفعل.. و
قد نزعت العدستين الزرقاوين، و تحول بياض عينيها إلى احمرار شديد...

" صغيرتي.. يكفي ! "

طالعتني بنظرة غاضبة ، و قالت :

" كنتما تسخران مني ، أليس كذلك ؟ "

" لا أبدا ! لا يا رغد ! "

قالت بانفعال
:

" لو كان سامر هنا ، لقال قولا لطيفا و لو من باب المجاملة.. "

و ذكر اسم سامر يجعلني أتكهرب !

قلت بدون تفكير :

" أنت ِ رائعة إن بهما أو بدونهما يا رغد "

و ابتلعت لساني بسرعة !

رغد تأملت عيني، و ربّما سرّها ما قلت.. فمسحت الدمعتين
الجاريتين على خديها ، و قالت :

" حقا ؟ هل بدوت رائعة ؟ "

اضطربت، حرت في أمري.. بم أجيب ..؟؟

يا رغد أنت تثيرين جنوني.. ماذا تتوقعين مني ؟ أنا.. و
للأسف، و بكل أسف.. لست زوجك حتى يحل لي أعجب بك و أبدي إعجابي لك.. كيف لي أن
أصرّح أمامك : أنت رائعة، و أنت لست ِ ملكي..؟ أنى لي أن أتأملك و أنت لست ِ
زوجتي أنا ؟؟
يا رغد.. أنت لستِ امرأتي و أنا لا أستطيع تخطي الحدود
التي يجب أن تبقى بيننا..
و إن لم أر روعتك، و لم أتأملها و لم أعلّق عليها،
فلتعلمي بأنك في قلبي أروع مخلوقة أوجدها الله في حياتي.. مهما كان مظهرك ..

لا تزال تنظر إلي منتظرة الإجابة.. كطفلة صغيرة بحاجة
إلى كلمة طيبة من أحد.. قلت :

" بالطبع ! أنت دائما رائعة منذ صغرك ! "

رغد ابتسمت، أظن بفرح.. ثم قامت و اتجهت إلى أحد الأكياس
التي تحوي ما اشترته من السوق، و أخرجت بعض الأشياء لتريني إياها !

أرتني أحد الفساتين، و هي تقول :

" هذا سيدهشك ! انظر .. ما رأيك ؟؟ "

الفستان كان أنيقا، و في الواقع أنا لست خبيرا بمثل هذه
الأمور ، لكني أظن أنه من النوع الذي يعجب النساء !

قالت
:

" سيغدو أجمل حين أرتديه ! "

و قربته من جسمها و ذهبت لتشاهد ذلك أمام المرآة..

كانت تبدو سعيدة ..

قالت تخاطب المرآة :

" متأكدة سيبهر دانة حين تراه ! و ستشعر بالغيظ ! "

ثم اكفهر وجهها فجأة .. و شردت برهة ، و استدارت إلي ..
و رمت بالفستان على السرير..

قلت :

" ما الأمر ؟ "

قالت
:

" أريد أن أرتديه "

قلت :

" إذن افعلي ! "

قالت و بريق من الدموع لمع في عينيها :

" أرتديه لأبقى حبيسة في هذه الغرفة ؟ "

و صمتت قليلا ثم قالت :

" لو كان والداي حيين.. لكنا الآن هناك، في بيتنا..
أريهما أشيائي هذه، و أسمع تعليقاتهما..
"

" رغد
.. "

" و لكنت ارتديت ما أشاء.. و تزيّنت كيفما أريد ..
بكل حرية.. "

" رغد صغيرتي ... "

" و لكنت اشتريت ما يحلو لي دون حساب.. و لطلبت من
والدي تجديد طقم غرفة نومي .. لم يكن ليتضايق من طلباتي.. فقد كان يحبني كثيرا.. و
يدللني كثيرا.. و يحرص على مشاعري كثيرا.. أكثر من أي أب آخر في الدنيا .. "

و ارتمت فوق الفستان المرمي على السرير، و أخذت تبكي
بحرقة...

تمزّق قلبي أنا .. خلية خلية..لهذا الموقف الأليم
المرير.. و رغما عنّي تمخّضت مقلتي عن دمعة كبيرة...

اقتربت منها محاولا المواساة :

" أرجوك يا رغد.. كفى عزيزتي .. "

رغد استمرت في البكاء ، و لم تنظر إلي ، لكنها قالت وسط
الآهات :

" لن يشعر أحد بما أشعر به.. حبيسة و مقيّدة في هذا
المكان..
ليتهما يعودان للحياة.. و يعيداني معهما إلى البيت.. و
أنا سأتخلى عن كل شيء فقط لأعيش معهما
! "

مسحت دمعتي ، و قلت بصوت ألطف و أحن :

" بالله عليك يا رغد.. يكفي فقد تفطّر قلبي "

رغد استدارت نحوي، و أخذت تنظر إلي مطولا..

ثم قالت
:

" هل تحس بما أحسّه يا وليد ؟؟ أتعرف معنى أن تفقد
والديك، و مرتين، و بيتك و عائلتك، و مدينتك و جامعتك، و تبقى مشردا عالة متطفلا
على غرباء ؟ في مكان لا يوفر لك أبسط حقوقك ؟ أن ترتدي ما تشاء ! "

" رغد ! ماذا بيدي ؟ أخبريني ؟ ماذا أستطيع أن أفعل
؟ و حتى لو خرجنا من هذا المنزل و سكنا منزلا آخر... لا حل للمشلكة ! "

" بلى
! "

قالت رغد ذلك بسرعة ، فقلت أنا مسرعا :

" ما هو ؟ "

رغد الآن.. عقدت لسانها و هي تنظر إلي نظرات عميقة،
كأنها تفكّر فيما تود قوله ثم قالت للقهر :

" أرسلني إلى بيت خالتي "

ذهلت لسماع هذه الجملة ، و ترنحت قليلا ، ثم سألت :

" إلى بيت خالتك ؟؟ كيف ؟ و زوج خالتك ؟ و حسام ؟؟ "

قالت
:

" أتزوّجه "

هنا .. توقّف قلبي عن النبض، و توقفت عيناي عن الرؤية، و
أذناي عن السمع، و كل حواسي عن العمل ، بل و الساعة عن الدوران...

لم أسترد شيئا من حواسي المفقدوة إلا بعد فترة، و أنا في
المزرعة ..
و كان أول شيء استعدته هو الشم، إذ غزت رائحة السيجارة
أنفي و أيقظت إحساسه عنوة ...

قلبتني جملتها هذه رأسا على عقب... و بعد أن كنت شديد
الحزن و التعاطف معها، أصبحت أرغب في خنقها..

حسام ؟ نعم حسام.. إنه الحبيب السري الذي يعيش في قلب
رغد منذ الطفولة.. ليس في قلبها فقط، بل و في صندوق أمانيها الذي لم أنسه يوما...

أهذا ما تريدين يا رغد ؟؟




لم تمض تلك الليلة بسلام.. ظل قلبي ينزف ..من الطعنة
العميقة التي سددتها رغد إلى صدري...

لذا فإنني عاملتها بشيء من الجفاء في اليوم التالي، و
حين هممنا أنا و أروى بالذهاب إلى السوق لشراء الخاتمين و العقد، و سألتني إذا كنا
نسمح بذهابها ، أجبت :

" أروى تريد أن نشتريهما بمفردينا "

" و تتركاني وحدي ؟؟ "

" لا ، بل مع الخالة ليندا "

و لم أسمح لها بإطالة الحديث، بل انصرفت مباشرة...





~ ~ ~ ~ ~




و ليته أحضرها عوضا عن كل هذا !

فبدلا من تأمل المجوهرات، يتأمل الساعة بين الفينة و
الأخرى.. و اتصل مرتين لسؤال أمي عنها
!

بصراحة، وليد يبالغ في اهتمامه بها و أنا منزعجة من هذا
الأمر.. و أتمنى لو يأتي خطيبها و يعتني بها لبعض الوقت، حتى نتنفّس !

تجوّلنا كثيرا، بحثا عن طقم يناسبنا.. و وليد لم يكن
مركزا معي جيدا، بل كان يقول عن أي كل عقد أسأله عن رأيه به :

" جميل، دعينا نشتريه ! "

اخترنا في النهاية طقما جميلا مناسبا، بالإضافة إلى
خاتمي الخطوبة .. و أراد وليد أن نعود للمزرعة لكنني ألححت علي بالذهاب إلى مطعم و
تناول العشاء هناك..
إنها فرصة ذهبية بالنسبة لي، لا وجود لرغد معنا!

" فيم تفكّر ؟ "

سألته و أنا أراه شاردا، قال :

" أأ .. في المزرعة ، تعرفين أننا تركنا عمل اليوم
غير منجز .. حالما أعود فسأنجزه
"

قلت :

" أوه وليد ! أتفكّر بالعمل حتى و أنت معي هنا ؟ دع
عنك المزرعة و شؤونها و لنتحدّث في أمور تخصّنا "

لم تظهر عليه أمارة مشجعة ، تضايقت من شروده عني ، قلت :

" وليد ! أنا معك ! هل تراني ؟ "

الآن ابتسم و قال :

" طبعا أروى ! أنا آسف..، فيم تودّين الحديث ؟ "

قلت ببعض الخجل :

" في أمور بيتننا و خطط مستقبلنا ! "

قال وليد
:

" أخبرتك بأننا لن نتزوّج قبل رغد "

رميت بالملعقة التي كانت بين أصابعي ، أتناول بها طبق
المهلبية الباردة .. و قلت بانفعال
:

" رغد ثانية ! أوه .. رغد ، رغد ، رغد ! وليد !
هللا توقفت عن ذكرها أمامي كل ساعة ؟؟
"

قال وليد و هو مرتبك :

" أروى ! ما حلّ بك ؟؟ "

قلت :

" ما حلّ بك أنت ؟؟ ألا تشعر بأنك تهملني من أجلها
؟ إنني خطيبتك ! "

قال :

" أنا آسف يا أروى، لكنك .. لا تعلمين ما تعنيه رغد
بالنسبة لي .. "

قلت :

" ماذا تعني ؟؟ "

وليد غيّر الجملة و قلب السؤال ، إلى ما يعنيه هو
بالنسبة لها ، إذ قال :

" إنها فتاة يتيمة، و بلا بيت و لا عائلة و لا ولي
غيري، إن أهملتك أنت، فباستطاعتك اللجوء إلى أمك أو خالك، أما إن قصّرت مع ابنة
عمي اليتيمة الوحيدة ، فإلى من ستلجأ ؟؟ "

أنا قلت مباشرة :

" إلى خطيبها "

و لا أدري لم انزعج وليد فجأة و قال :

" لنغيّر الحديث، ماذا كنت تودين قوله بشأن المزرعة
؟؟ "

قلت :

" أي مزرعة ؟؟ "

" المزرعة ! ألم تتحدثي عن المزرعة و مستقبلنا فيها
؟ "

اشتططت غضبا و قلت :

" بل عن عش الزوجية و خططنا المستقبلية فيه "

احمرّ وجه وليد ، و تمتم بجمل الاعتذار...

لكن ، أي اعتذار يا وليد؟ إنني أشعر بأنك لا تشعر بوجودي
... و كأنني لست خطيبتك.. و كأننا لن نتزوّج ذات يوم !

عندما عدنا إلى المزرعة ، و لم أكن أنا سعيدة بالقدر
الذي تمنيت، دخلت إلى المنزل مباشرة ، أما وليد فذهب لينجز أعمال اليوم التي اضطر
لتركها من أجل مرافقتي...

في الصالة، وجدت رغد جالسة تقرأ أحد الكتب..

" تأخرتما "

" نعم، فقد ذهبنا إلى المطعم.. و تنزهنا لبعض الوقت "

و ظهر الاستياء على وجهها، و قالت :

" و هل اشتريتما الخاتمين ؟ "

" أجل
"

" هل أستطيع رؤيتهما ؟ "

قلت بحنق
:

" نعم طبعا ، لكن غدا ، بعدما نلبسهما أنا و وليد
لبعضنا البعض "

قالت
:

" و أين وليد ؟ "

" في المزرعة ، سيعمل لبعض الوقت "

و استأذنت و ذهبت إلى غرفتي...



descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من  ( 61 ) الي  (70 ) - صفحة 2 Emptyرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الجزء 68

more_horiz





تركتني في غيظي ، اشتعل نارا كجهنم.. أكاد أحرق أوراق
المجلة التي بين يدي
و لكن لا
لن أفوّت هذا بسهولة ! و لسوف أفسد عليهما سهرة الغد و
أحرمهما من الهناء بخاتميهما !

نزعت الخاتم الذي ظل بنصري الأيمن محبوسا به لأربع
سنين...
لم أكن قد نزعته قبل الليلة، كما لم أكن قد أبلغت وليد
عن انفصالي الشرعي عن سامر.. رغم أن فترة قد مضت على ذلك..

لم أكن أريده أن يشعرني بأنه مهتم بي فقط و فقط لأنه
ليس لدي من يهتم بي غيره.. كنت أود أن أشعر.. بأنه يهتم بي و يحبني و يريد بقائي
معه حتى لو كان والداي على قيد الحياة ، ليس فقط حتى مع وجود خطيب لي..


عندما سألني :

" ماذا بيدي ؟ ما حل المشكلة
"

كدت أقول :

" تزوّجني ! "

و كم كنت سأبدو بلهاء غبية و أنا أعرض على ابن عمّي ،
و المرتبط، و الذي نعيش في بيت خطيبته أن يتزوّجني !

أردت أن ألفت نظره إلى وجود حل اسمه الزواج ، فقلت
:

" أتزوج حسام "

و انتظرت ردة فعله، انتظرت أن أرى مقدار اهتمامه بي ..
و رغبته في بقائي معه..كم تمنيت لو يهتف :

" مستحيل ! "

إلا أنه التزم الصمت، ثم غادر...

أحيانا.. أشعر بأنه يهتم بي و يحبني كثيرا.. لكن.. مثل
حبه لدانة.. و أنا أريده أن يحبّني مثلما أحبه أنا.. و أن يعجب بي أنا.. و ألا
ينظر إلى عيني امرأة غيري أنا !
و إن كان يريد رؤية عيون زرقاء، أو خضراء، أو حتى
صفراء.. فأنا سأغير لون عيني و شعري و وجهي و كل شيء لإرضاء ذوقه
!

لقد قال إنني رائعة منذ الطفولة ! كم أشعر بالسعادة
كلما تذكرت هذه الجملة ! إنها كنزي
الثمين الذي أفتحه و أنعش مشاعري به كلما أصابني اليأس ..

وليد و أروى يخططان لقضاء سهرة خاصة بهما ليلة الغد،
للبس الخاتمين.. و أنا .. أخطط لأن أمرض غدا، و أقلق وليد بشأني، و أصرف تفكيره
عن السهرة الخاصة، و أحرم أروى مما تصبو نفسها إليه !

سترين يا أروى !







~ ~ ~ ~ ~ ~ ~ ~





لأنني لا أحب تأجيل عمل اليوم إلى الغد، و لأنني سأضطر
لاختصار ساعات العمل غدا أيضا، من أجل السهرة التي تريدها أروى احتفالا بوضع
الخاتمين ، فإنني قررت أن أقضي ساعات في العمل بالمزرعة الآن...

كنت متعبا، فقد قمت بعدة أشياء منذ الصباح، و كان يوما
حافلا بالمهام التي كان علي إنجازها.. عدا عن هذا ، فهناك فتاة صغيرة تلعب في
دماغي منذ الأمس، و تسبب لي صداعا رهيبا !

انتصف الليل، و أنا لا أزال في المزرعة أبذل مجهودا
بدنيا لا يتناسب و الظلام و التوقيت، ألا أنني لم أشأ المغادرة قبل إتمامه...

كنت سأنقل بعض الأشياء إلى السيارة الحوض، إلا أنني
حين وجدتها على مبعدة ، تقاعست عن تحريكها، فآخر شيء أفكر به هو قيادة سيارة
الآن، اذا قمت بحمل بعض تلك الأشياء بجهد إلى الحوض، و تركت البقية لأنقلها في
اليوم التالي، فقد أرهقت كثيرا جدا...

كنت أتصبب عرقا، و أشعر بإعياء شديد، و بحاجة ماسة و
فورية للاستحمام ، و النوم مباشرة...

عدت إلى المنزل منهك القوى شديد التعب، متوقعا أن يكون
الجميع نيام في مثل هذا الوقت ، لذا دهشت حين رأيت رغد جالسة في الصالة تقرأ
كتابا !

" ألم تنامي بعد ؟ "

رفعت رغد عينيها عن الكتاب ، و قالت
:

" ليس بعد "

و كانت نظراتها حادة توحي برغبة منها في الشجار
!

و هو شيء أفضل الغرق في المحيط عليه، خصوصا و أنا بهذا
الحال و التعب !

" تصبحين على خير "

قلت ذلك، و توجهت نحو غرفة نومي، لأنفذ بجلدي، و لكنني
ما كدت أخطو بضع خطوات حتى سمعتها تناديني :

" وليــــد "

يا رب !

لست بمزاج جيّد لتلقي أي لوم و عتاب على تركك وحدك كل
هذه الساعات ! أجّلي كل هذا للغد يا رغد ! و أعدك بأنني سأتلقى هجومك بأوسع صدر
!

التفت إلى الوراء ، و لم أجب ... لكن لسان حالي أجاب :
نعم ؟

أغلقت الكتاب الذي بين يديها، و وقفت
..

إنه التأهّب للهجوم ! رغد أرجوك الرحمة ! هذه الليلة
فقط !

" أنا جائعة "

هل سمعتم شيئا كالذي سمعت ؟؟ تقول جائعة
!

" ماذا ؟ "

" أنا جائعة ! "

تلفت يمينا و شمالا.. أبحث عن شخص يؤكد لي ما سمعت
!

" ألم تتناولي عشاءا ؟ "

" كلا "

" حسنا ، لم لا تذهبين للمطبخ و تحضّرين وجبة لك
؟؟ "

قالت :

" أشتهي البيتزا "

" البيتزا ؟ "

" نعم ! البيتزا "

قلت :

" و لكن تحضيرها سيستغرق وقتا ! لم َ لم تعدّيها
قبل الآن ؟ "

" لا أعرف طريقة لتحضيرها، و لا أريد أن أعرف،
كما و أنني شعرت بالجوع الآن فقط "

و بالتالي ماذا ؟؟

قلت :

" حسنا ، حضّري شيئا آخر .. "

" أريد بيتزا "

" رغد ! و هل تعتقدين أنني أستطيع تحضير بيتزا ؟؟
"

" تستطيع شراءها من المطعم "

نظرت إلى الساعة ، كانت الواحدة ليلا
!

" مطعم ؟ الآن ؟؟ "

" نعم ، لابد أنه يوجد مطعم واحد على الأقل مفتوح
الآن "

و هذا يعني أن علي ّ أنا الذهاب للبحث عن مطعم و جلب
البيتزا ! آخر عمل أفكّر في القيام به على الإطلاق !

" حضّري لك أي وجبة من الطبخ ، الوقت متأخر و أنا
متعب .. "

" لا أشتهي غير البيتزا ! "

" كلي أي شيء الآن ، و غدا آخذك إلى المطعم
"

قالت :

" معكما أنت و أروى ؟ "

و رمقتني بنظرة حادة .. ثم أضافت :

" هل تقبل العروس ؟ "

تنهّدت ، و قلت خاتما الموضوع :

" أمامك المطبخ بما حوى ... تصبحين على خير
"

و استدرت و تابعت طريقي، و لما بلغت الباب و فتحته
سمعتها تقول :

" لو كان سامر هنا ، لما سمح بأن أنام و أنا جائعة
! و لكان لفّ العالم ليحضر لي ما أريد "

أفلتت أعصابي، صفعت الباب بقوّة و أنا أستدير إليها ،
و أراها تجلس على المقعد و تحني رأسها إلى الأرض، و تبدأ بالبكاء...

سرت إليها و وقفت قربها و قلت بعصبية
:

" حسنا.. أنا ذاهب لإحضار ما تريدين
"

و سكت لأتنفس، ثم تابعت :

" لا تستفزّيني هكذا ثانية ! "

رفعت رأسها و نظرت إلي، ربما نظرة استغراب أو اعتذار ،
لم أكد أميّزها لأنني سرعان ما استدرت و ذهبت نحو الباب، و ما أن فتحت الباب حتى
وصلني صوتها و هي تقول:

" مع عيدان البطاطا المقلية... ! "

التفت إليها فوجدتها تبتسم ! نعم تبتسم
!

أتعرفون أي نوع من الابتسامات ؟؟ تلك التي تنسي المرء
أنه يتصبب عرقا و أن عضلاته مرهقة حد الشلل ، و مشاعره متهيجة حد الغليان
!

يا لهذه الفتاة !


لم يكن العثور على مطعم مفتوح أمرا سهلا، لكنني اشتريت
لصغيرتي المدللة هذه ما تريد، و خلال 40 دقيقة ، عدت إلى المنزل
...

كانت لا تزال جالسة على نفس المقعد ، و الكتاب في
حضنها و يداها موضوعتين على صفحتيه ...

لم تنهض لدى دخولي...

قلت :

" وصل عشاؤك ! "

لم ترد... اقتربت منها ، فوجدت عينيها مغمضتين... و
ببساطة كانت نائمة !

" رغد .. "

لم تجب، اقترب أكثر و همست :

" رغد هل نمت ِ ؟ "

و لم تستفق.

ماذا أفعل بهذه الفتاة ؟؟

في منتصف الكتاب المفتوح، لمحت شيئا يلمع.. اقتربت
أكثر، إنه ليس إلا خاتم خطوبة رغد.. ! مددت يدي و أخذت الخاتم...و دققت النظر
فيه.. محفور بباطنه الحرفان الأولان من اسمي رغد و سامر، مع تاريخ الخطوبة...


بقيت واقفا في مكاني أعبث بذلك الخاتم، و أتمنى أن
امحيه من الوجود، و أمحي معه كل علاقة ربطت بين سامر و رغد.. حتى رابطة الدم
!

في آخر مرّة زارنا فيها سامر.. في آخر لحظة قضاها
معنا.. في المزرعة ، و آخر صورة التقطتها عيناي لهما هو و رغد، كانا في عناق
حميم.. حلل كل خلايا الدم الجارية في عروقي.. و أصابني بأنيميا حادة فتّاكة...

لكني حتى هذه اللحظة، أجهل مصير هذه العلاقة و لا أجسر
على التحدّث مع رغد بشأنها...

التفت الآن إلى رغد، نائمة بعمق و هدوء... و تعرفون كم
تطيب لي مشاهدتها هكذا.. و تعرفون كم أعاني و أجاهد نفسي أقف عند الحدود فيما
بيننا..

اقتربت منها أكثر، و همست :

" رغد.. قومي إلى غرفتك "

لكنها لم تتحرك، ناديت :

" رغد انهضي يا صغيرتي.. هل ستنامين هنا ؟؟
"

و مددت يدي و ربت بخفة على يدها ، رغد تحركت، و مالت
بجدعها على المقعد حتى أسندت رأسها عليه و هي تقول :

" أوه أروى حلّي عني ، أكرهك
! "

و صمتت !

دهشت ! بم تحلم صغيرتي هذه اللحظة ؟؟ و لم تقول شيئا
كهذا ؟ و ماذا يعني ذلك؟؟

" هذا أنا وليد، أنت تنامين في الصالة رغد، قومي
إلى غرفتك "

ابتسمت رغد، و هي نائمة ، ثم قالت
:

" بابا .. أحبك .. "

و غطت في سكون عميق !

ليتني أدخل حلمك و أرى... بما و من تحلمين
!

نوما هنيئا...صغيرتي..






~ ~ ~ ~ ~









تتمه

عندما نهضت، و على صوت منبه مزعج ، رأيت نفسي نائمة
على المقعد في وضع غير مريح ! و على المنضدة الموضوعة أمام المقعد ، وجدت كيسا
يبدو أنه لأحد المطاعم !
نهضت و نظرت من حولي فلم أر أحدا، لكنني كنت أسمع صوت
المنبه القوي قادما من ناحية غرفة وليد !

مددت يدي نحو الكيس أولا و تفقّدت ما به

" إنها البيتزا ! "

و صوّبت نظري ناحية غرفة وليد، فوجدت الباب مفتوحا على
مصراعيه ... و كان المنبه يرن باستمرار ... دون أن ينهض وليد...

قمت أنا و تسللت إلى الغرفة، و أوقفته، و ألقيت نظرة
على وليد...

كان مستلق ٍ على السرير و أطرافه الأربعة موزعة على
جميع الزوايا ! كان يبدو غارقا في النوم جدا !

و مع ذلك ما أن نطقت باسمه :

" وليد "

حتى فتح عينيه بسرعة، ثم نهض جالسا باندفاع
!

هل صوتي مفزع لهذا الحد ؟؟ لقد كان المنبه يرن حد
البحة!

وليد تلفت يمينا و شمالا ثم نظر إلي

" رغد ؟ ما بك ؟ "

إنه بالفعل فزع !

قلت :

" لا شيء ! إنه وقت الصلاة ! "


خرجت من غرفته، و ذهبت إلى غرفة أروى،التي لا أزال
أشاركها فيها، حاملة معي كيس المطعم !

وجدت الباب موصدا من الداخل !

" أروى! تبا لك ! سأعتبره طردا
! "

بعد قليل، و قد خرج وليد مع العجوز كالعادة للصلاة
للمسجد، حملت كيسي و البطانية ، و ذهبت إلى غرفة وليد و تابعت نومي على المقعد
!

وجدتها فرصة ذهبية لتوسيع دائرة الخلاف بيننا، أنا و
أروى.. قلت مخاطبة وليد بعد عدة ساعات :

" إنها لا تريدني في غرفتها، و لا في بيتها و لا
مزرعتها، أخرجني من هذا المكان "

وليد كان متضايقا جدا، قال :

" لا يمكن أن تتعمّد أروى إيصاد الباب دونك! ربما
أقفلته خطأ ً "

" طبعا ستقول هي أنه خطأ، لكني متأكدّة من أنه
مقصود ، وليد لا أريد العيش في هذا المكان.. "

امتقع وجه وليد و كأبت ملامحه بشدّة... و فرك جبينه
براحة يده ثم قال :

" إلى أين نذهب إذن ؟ "

قلت :

" دعنا نعود إلى شقة سامر "

لم ترق الفكرة لوليد، و قال :

" و عملي ؟ "

" فتّش عن عمل آخر، إنه عمل متعب و لا يستحق
اهتمامك و مجهودك على أية حال "

وليد حزن من قولي هذا، كما ظهر جليا على وجهه، ألا أنه
قال :

" سأحاول إيجاد حل آخر..."

و صمت قليلا ، ثم تابع و هو يضيق فتحة عينيه
:

" ألا أنني لن أسمح لك بالزواج قبل الخامسة و
العشرين ! "

ذهلت من كلامه، و من نظرته فحملقت به بفضول ، و سألت
:

" و لم الخامسة و العشرين بالذات ؟
"

" هذا على الأقل، فأنت لا تزالين صغيرة ، و
ستظلين صغيرة لبضع سنين ! "

بشكل تلقائي، رفعت يدك اليمنى مبرزة إصبعي البنصر،
لأثبت بأنني مخطوبة يعني كبرة ! و للدهشة ، لم أجد الخاتم !

تبدّلت ملامحي ، و أخذت أقلب كفي ظهرا و بطنا و أفتش
عن الخاتم في أصابعي العشرة ! لا ، بل العشرين !

وليد كان يراقبني، و رآني و أنا أضطرب، ثم أذهب نحو
المقعد و أفتّش ما حوله..

أقبل وليد يسير ببطء ، حتى وقف خلفي مباشرة، و كنت أنا
جالسة على الأرض محنية رأسي للأسفل ، أتحسس بيدي الأرضية تحت المقعد
...

يا إلهي أين اختفى !؟

" عمّ تبحثين ؟ "

رفعت نظري إلى الجبل الطويل الواقف خلف، فرأيت ميلا
بسيطا لإحدى زاويتي فمه للأعلى، يعني ، شبه ابتسامة ماكرة !

قلت و أنا لا أزال في وضعي أنظر إليه كمن ينظر للسقف
!

" هل رأيته ؟ "

" ما هو ؟؟ "

" محبسي ! "

" أي محبس ؟؟ "

" خاتم خطوبتي يا وليد ، تركته على الكتاب
البارحة ! "
تغيّرت تعبيرات وليد و قال :

" هل يعني لك فقده شيئا مهما ؟؟
"

قلت مستغربة :

" طبعا ! إنه ليس مجرّد خاتم
! "

وليد عبس بعض الشيء، ثم مد يده في أحد جيوبه، و أخرج
الخاتم... و وضعه على المنضدة ...

نهضت أنا و نظرت إلى الخاتم، ثم إلى وليد... و حرت في
أمره...

ولى وليد مدبرا خارجا من المنزل ألا أنه حين بلغ الباب
استدار و قال :

" لن تضعي شيئا كهذا في يدك اليسرى قبل مضي سنين
! مهما كان الطرف الآخر ! لن أسمح بذلك ..."


و انصرف !





~ ~ ~ ~ ~ ~





أخيرا حلّ الليل! كم أنا مسرورة و في قمة السعادة..
فالليلة سنرتدي أنا و وليد خاتمي الخطوبة أخيرا !

قضيت فترة طويلة على غير العادة أمام المرآة أتزيّن
!
أعددت لسهرة جميلة و رومانسية مع خطيبي، في الغرفة
الخارجية...
و الإعداد يشمل العشاء، و طبق التحية، و الشموع
الحمراء، و فستاني الأزرق الداكن، و تسريحتي الجميلة، و خاتمي الخطوبة، و طقم
الشبكة، و أيضا الكلام اللطيف الذي حضّرته لأقوله لوليد!

و هو أهم ما في السهرة، فإن في قلبي مشاعر أود التعبير
عنها...
بصراحة حتى الآن لا أشعر بأنني كبقية الفتيات
المخطوبات، لأن ظروف وليد لم تسمح لنا بالاستمتاع بأيام خطوبتنا كما ينبغي...
كيف نهنأ و والداه توفيا قبل فترة تعتبر وجيزة...؟؟
و الآن بعدما استرد كيانه، و اجتاز الصدمة، حلّت رغد..
كعائق دون انفرادي بخطيبي!

و اليوم هي مستاءة منّي لأنني نسيت باب غرفتي مغلقا،
بعد استبدال ملابسي، و أويت للنوم !

على كل ٍ استياؤها هذا جاء بفائدة ألا وهي بقاؤها
بعيدة بعض الشيء !

فتح الباب أخيرا و دخل وليد.. خطيبي العزيز..


و انبهر بكل ما حوله، فقد صنعت جوا رومانسيا رائعا
!

" جميل ! ذوقك جميل ! "

" شكرا وليد! تفضّل بالجلوس ! "

اتخذنا مجلسينا متقابلين تفصلنا مائدة العشاء
المميز... و إلى جانبنا منضدة صغيرة وضعت عليها علبة الخاتمين و العقد...

تبادلنا أطراف الحديث، الهادىء اللطيف، و الابتسامات
الناعمة ! و بمجرّد أن نلبس الخاتمين، سأقول له : ( أحبك يا وليد
! )

كم تتخيلون كان مقدار سعادتي؟؟

و ماذا تتصوّرون لون وجهي ؟؟

و هل لديكم فكرة عن سرعة دقّات قلبي ؟؟

ليتكم كنتم معنا...

تناول وليد علبة الخاتمين، و أمسك بخاتمي الذهبي، و هم
ّ بإلباسي إياه...

إنها اللحظة الحاسمة التي كنت انتظرها
...

حينها، سمعنا طرقا سريعا على الباب جعلنا نفزع و ننهض
واقفين بسرعة...

" وليد.. "

و انفتح الباب ، فإذا بها أمي تقبل مسرعة
...

" أمي .. ماذا حدث ؟؟ "

أمي كانت تنظر إلى وليد و هي مقبلة نحوه و مخاطبة له
بقول :

" وليد.. أسرع .. رغد متعبة جدا
! "

وليد ، لم ينتظر حتى إلى أن تنهي أمي جملتها، رمى
بالخاتم بسرعة فوقع في كأس العصير... و قفز خارجا من الغرفة يركض بقوة...
كمتسابق في الماراثون...

لم تكن غير ثانية ، أو ربما عشر الثانية أو حتى جزء من
مئة جزء منها ، إلا و اختفى وليد.. و تلاشى كل شيء...!

و خيّم سكون على الغرفة.. لا يعكّره إلا رنين الخاتم
المصطدم بالكأس..
و ظلام لا يوتّره إلا لهيب الشمع المنصهر أمام عيني
...
و بقايا أمسية..انتهت قبل أن تبدأ..

و سعادة اختفت قبل أن تظهر..
و لسان خرس قبل أن ينطق...
( أحبك يا وليد ) ..




descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من  ( 61 ) الي  (70 ) - صفحة 2 Emptyرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الجزء 69

more_horiz



بعد الانتصار الذي حقّقته، ليلة أن أفسدت ُ على أروى
سعادتها، شعرت بنشوة كبيرة!

كيف لا، و ليلتها.. بقى وليد قلبي معي في المستشفى ،
يحيطني بالرعاية و العطف !

لقد زالت جميع الآلام المفتعلة التي أرغمت معدتي على
التظاهر و الإحساس بها ، بمجرد أن رأيت وليد مقبلا نحوي بقلق !

و تحوّلت إلى رقص عندما رأيه أصابع يده خالية من أي
محابس !

سألته بعد ذلك، و نحن في المستشفى، و أنا أنظر إلى يده
اليمنى :

" أين خاتمك ؟ "

وليد فكّر قليلا ثم قال :

" في علبته ! "

شعرت بسعادة كدت معها أضحك بقوة ! لكنني منعت نفسي
بصعوبة لئلا يكتشف وليد بأنني لا أشكو من أي شيء !
إلا من غيرتي من الدخيلة، و رغبتي في إبعادها عني نهائيا

أخفضت نظري لئلا يقرأ وليد ما بعيني من فرح و مكر .. و
بقيت كذلك بضع ثوان، ، إلى أن سمعته يقول :

" و أنت ؟؟ "

رفعت نظري إليه ، في بلاهة ! ماذا يعني ؟؟

قال :

" أين خاتمك ؟ "

و من عينيه إلى يدي اليمنى مباشرة ! لم أرتده مذ خلعته
تلك الليلة !

قال :

" لا تقولي أنك أضعته مجددا ! "

قلت مداعبة
:

" هل وجدته ؟؟ "

وليد اندهش و قال مستغربا :

" أحقا أضعته ثانية ؟؟ أي فتاة أنت ِ ! "

قلت مباشرة
:

" أنا رغد ! "

ابتسم و قال
:

" حقا !؟ كدت ُ أنسى ! كنت ِ تضعين ألعابك و تأتين
إلي طالبة مني البحث عنها !
"

ابتسمت ُ بخجل...

قال :

" لكنها كانت ألعاب .. أما هذا .. "

و بتر جملته...


و ظل ينظر إلي بصمت برهة.. ثم وجه عينيه نحو الجدار...

قلت :

" وليد
.. "

بصوت خافت هامس، التفت إلي و أجاب :

" نعم ؟
"

" هل.. ستظل تعتني بي .. فيما لو بقيت ُ دون زواج
عشر سنين أخرى ؟ "

استغرب وليد من سؤالي، ثم قال :

" و عشرين، و خمسين ، و مئة ! "

قلت بخجل
:

" حقا وليد ؟ "

" طبعا صغيرتي ! إنك جزء مني ! "

كدت ُ أقول بسرعة :

" و أنت كلّي ! "

و لكنني خدّرت الجملة في لساني لئلا تصحو !

قلت و أنا أعبث بأصابعي :

" وليد
... "

و أتممت
:

" تخلّصت ُ من الخاتم "

و نظرت إليه لأرى تعبيرات وجهه

بدا مستغربا حائرا

قلت موضّحة أكثر :

" سامر حل ّ رباطنا و لذلك .. خلعته "

هي تعبيرات غاية في الغموض ، تلك التي ارتسمت على وجه
وليد لحظتها... ذهول مفاجأة ، صدمة، استياء... عدم تصديق، أو .. لا أدري.. لا أدري
ما كان معناها...

بعد صمت الاستيعاب و التفكير ، قال :

" إذن .. إذن ... أنت و سامر ... "

أتممت ُ جملته :

" لم نعد مرتبطين ! "

وليد وقف فجأة ، و أخذ يحوم...في الغرفة ، يفكّر .. ثم
استدار إلى فجأة و سألني :

" لماذا يا رغد ؟ "

تبادلنا نظرة عميقة، ثم أحنيت رأسي و أخفضت عيني نحو
الأسفل.. خشية أن تصرخ الجملة من عيني : ( لأني أحبك أنت ! )

التزمت الصمت، و لم أرفع بصري إليه مجددا... فما كان منه
إلا أن أقبل نحو الستارة ليغلقها

بعدما أغلقها حول سريري، قال جملة أخيرة :

" مهما كان السبب، و لأنك ِ تحت رعايتي الآن،
فاحذفي فكرة الزواج من رأسك ِ نهائيا.. طوال السنين المقبلة "






~ ~ ~ ~ ~ ~




الآن، و أخيرا..أصبحت رغد حرّة !

اتصلت بسامر و علمت منه بالتفاصيل، و الجملتان اللتان
ظلتا معلقتين في رأسي كانت أولاهما
:

" لا داعي لأن تأتيا لزيارتي ، لا أريد أن أراها "

أما الثانية، فهي :

" تستطيع أن تتزوّج الآن ممن أرادت "

" من تعني ؟ "

" اسألها ! "


كل هذا أكد لي ، أن رغد بالفعل انفصلت عن سامر من أجل
رجل آخر... و هذا الآخر لن يكون غير حسام، و أنا لن أكون وليد إن سمحت لها بالزواج
من أي مخلوق على وجه الأرض.. فرغد من هذه اللحظة أصبحت لي ! نعم لي !
و مهما كانت العقبات، و مهما عاندت الظروف، فسوف لن أسمح
لأي رجل بدخول حياتها و سرقتها مني مجددا.. و لن تكون في النهاية إلا لي أنا..

توالت الأيام، و رفع الحظر أخيرا عن المدينة الصناعية و
صار بإمكان الناس التحرك منها و إليها دون خطورة .. و ما أن حدث ذلك ، حتى طالبتي
رغد بأخذها إلى بيت خالتها و ألحّت علي بالطلب ، الأمر الذي جعل الشكوك في رأسي
تكبر و تتفاقم و أصبحت مهووسا باسم حسام حتى صرت أراه في الكوابيس...
و بعد إلحاح شديد منها وافقت على اصطحابها لزيارة عائلة
خالتها بمجرد انتهاء موسم الحصاد
.






~ ~ ~ ~ ~




بعد أيام، سيأخذني وليد أخيرا لرؤية خالتي و نهلة و
الجميع ... كم اشتقت إليهم ! كم من الشهور مضت مذ افترقنا في تلك الليلة الحمراء ...

كنت رغم ذلك على اتصال شبه يومي بنهلة أخبرها عن كل شيء
يدور من حولي و داخلي ...

في أحد الأيام، كان وليد يعمل في المزرعة كالعادة، و كنت
أراقبه و أرسم منظرا جميلا على مقربة منه، الشقراء كانت داخل المنزل مشغولة ببعض
الأمور مع والدتها

فجأة ، إذا بي أرى أناس غرباء يدخلون المزرعة، و يعبرون
الممر و يقتربون منّي !

كانوا أربعة رجال... تقدّم أحدهم نحوي أكثر و سأل :

" أأنت الآنسة أروى نديم ؟؟ "

قال آخر مقاطعا :

" أرأيت ؟ كما توقّعت ! إنها فتاة قاصر ! "

قال الرجل الأول و هو يقترب أكثر :

" أنت هي ؟ "

تراجعت أنا للوراء، و ألقيت بالفرشاة و علبة الألوان
جانبا و هتفت :

" وليـــــد "

وليد كان يعمل بالجوار.. ، و حين سمع ندائي أقبل مسرعا
.. فلما ظهر أمام عيني ركضت إليه في ذعر ...

" رغد .. ماذا هناك ؟ "

و نظر إلى الرجال الغرباء ...

ثم سألهم
:

" من أنتم ؟؟ "

قال الرجل الذي تحدّث إلي :

" أنا المحامي يونس المنذر، و هؤلاء رجال قانون
أتباعي ، أتينا بحثا عن الآنسة أروى نديم "

و نظر باتجاهي أنا

اختبأت أنا خلف وليد، و أطللت برأسي لأراهم !

قال المتحدّث
:

" أهي هذه ؟ "

قال وليد
:

" لا ، لكن هل لي أن أعرف ماذا تريدون منها ؟ "

قال المتحدّث
:

" أهي هنا ؟ أ هذه مزرعة المرحوم نديم وجيه ؟ "

" نعم . فماذا تريدون منها ؟ "

" عفوا من تكون يا سيد ؟ "

" وليد شاكر، زوج أروى نديم "

تبادل الرجال جميعهم النظرات ، ثم قال المتحدّث :

" هل يمكننا التحدث إلى السيدة أروى ؟ فالأمر مهم "

قال وليد
:

" هل لي أن أعرف .. الموضوع ؟؟ "

قال الرجل
:

" الموضوع يتعلق بإرثها، و لكن لا أريد مناقشته دون
حضورها شخصيا و مع البطاقة المدنية ، بعد إذنك "

وليد استدار ليتحدّث معي ...

" رغد، من فضلك، استدعي أروى، و اطلبي منها إحضار
بطاقتها ، و احضري بطاقتي من محفظتي ، تجدينها في أول أدراج الخزانة في غرفتي "

أذعنت للأمر و ذهبت مسرعة نحو أروى ، و أخبرتها بالأمر،
ثم أسرعت إلى غرفة وليد أفتّش عن محفظته

استخرجت المحفظة من أحد أدراج الخزانة، و أخرجت البطاقة
منها و أثناء ذلك ، لمحت شيئا داخل المحفظة أثار فضولي !

مجموعة من قصاصات الورق مرصوصة خلف بعضها البعض و مدسوسة
خلف البطاقة !

بفضول سحبت واحدة منها فاكتشفت أنها جزء ممزق من صورة
فوتوغرافية ما !

استخرجت القصاصة الثانية ، و الثالثة ، و الجميع، حتى
وجدت قطعة حاوية على وجه شخص !

رتبت القصاصات .. حتى اكتملت الصورة ، و صارت جليّة
أمامي ...

صورة لفتاة صغيرة، تجلس على الأرض، و أمامها علبة ألوان
و دفتر تلوين تلّون رسومه ... صورة لا يقل عمرها عن 13 عاما كما لا يزيد عمر
الطفلة الظاهرة فيها عن 5 سنين
!
إنها صورتي أنا !!


" رغد
"

سمعت صوت أروى مقبل نحوي فأعدت القصاصات بسرعة كيفما
اتفق، و أخذت البطاقة و خرجت مسرعة من الغرفة ...

" ها أنا "

خرجنا سوية من المنزل إلى المزرعة، فوجدنا وليد و الرجال
الأربعة و قد جلسوا على المقاعد الموجودة حول طاولة موضوعة على مقربة من المنزل ...

حينما أقبلنا.. وقف الجميع .. و قال وليد مشيرا إلى أروى :

" هذه هي أروى نديم وجيه "

و بعد أن استوثق الرجال من البطاقة ، قال ذلك الرجل نفسه :

" إذن فأنت لست فتاة قاصر كما اعتقدنا "

قالت أروى
:

" أنا في الرابعة و العشرين من العمر ! "

قال الرجل
:

" هذا سيسهّل مهمّة استلامك للإرث "

أورى و وليد تبادلا نظرة التعجب ، ثم قالت :

" الإرث ؟ أي إرث ؟ والدي رحمه الله لم يترك لنا
غير هذه المزرعة ! "

و أشارت بيدها إلى ما حولها ...

الرجل تحدّث قائلا :

" لا أتحدّث عن إرث والدك رحمه الله "

تعجبت أروى ، و سألت :

" من إذن ؟؟ "

قال الرجل
:

" عمّك المرحوم عاطف وجيه "

حملقنا نحن الثلاثة في وجوه بعضنا البعض، في منتهى
الدهشة و الاستغراب ، و إن كنت أنا أقلهم استغرابا !

قال وليد
:

" عاطف وجيه ؟؟ أبو عمّار ! "

أجاب الرجل
:

" نعم أبو عمّار ، رحمهما الله "

وليد و أروى نظرا إلى بعضهما .. ثم إلى الرجل الغريب ...

سألت أروى
:

" عمّي عاطف ! عجبا ! لقد مات قبل عام ! هل ذكرني
في وصيته !؟ "

الرجل قال
:

" لم يترك المرحوم وصية، كما لم يترك وريثا ، لكنه
ترك ثروة ! "

ازداد تحديق وليد و أروى في بعضهما البعض ، ثم سألت أروى :

" ثروة ؟ "

قال الرجل
:

" نعم ، و لك منها نصيب كبير "

حلّ الصمت برهة ، ثم قالت أروى :

" ما يصل إلى كم تقريبا ؟ "

قال الرجل بصوت تعمّد أن يكون واضحا رنانا :

" ما يصل إلى الملايين يا سيدتي ! "

فغرت أروى ، و كذلك وليد و أنا.. كلنا فغرنا أفواهنا من
الذهول ... و قالت أروى غير مصدّقة
:

" ملا...يين ؟؟ تركها لي ..!! "

قال الرجل
:

" نعم ملايين ! "

هزّت أروى رأسها غير مصدّقة... و هي تضع يدها على صدرها
من الذهول ...

قال الرجل
:

" يبدو أنك لم تكوني على علم ٍ يا سيّدتي.. بأن عمّك
المرحوم عاطف وجيه كان مليونيرا فاحش الثراء ! "





~ ~ ~ ~ ~








لقد كانت مفاجأة هزّت كياننا جميعا ...

عاطف وجيه، هو والد عمّار القذر، الذي قتلته بيدي قبل
تسع سنين ..

و عاطف هذا ، كان رجلا شديد الثراء و يملك العديد من
الأملاك ... و من بينها مصنع كبير كان يضاهي معظم مصانع المدينة الساحلية، و هو
مصنع لم تلمسه يد الحرب، كما فعلت بمصانع أخرى ، منها مصنع والدي السابق ...

حقيقة، كان حدثا مزلزلا شل ّ حركتنا و أفكارنا طوال عدّة
أيام...

و الفتاة الفقيرة التي ارتبطت بها ، و التي قبلت بي على
حالي و عللي ، و فتحت قلبها و بيتها و كل ما لديها من أجلي، و التي كنت أفكر
بالانسحاب من حياتها من أجل رغد... أصبحت الآن..مالكة لثروة كبيرة !

يا للأيام
...

يا للزمن .. الذي يؤرجحنا و مصائرنا إيابا و ذهابا...
علوا و هبوطا... مستقبلا و ماض ٍ
!

كان يفترض عليها السفر إلى المدينة الساحلية من أجل
إتمام الإجراءات اللازمة شخصيا.. و استلام نصيبها العظيم من تلك الثروة...

و كان علي أنا ترتيب الأمور من أجل هذه الرحلة، إلى
المدينة الساحلية، مدينتي الأصلية، و التي لم أزرها منذ زمن..

" هل تصدّق يا وليد ؟؟ إنني لا أكاد أصدّق ! كأنه
حلم ! آخر شيء كنت أتوقعه في الوجود على الإطلاق..هو أن أرث شيئا و من ثروة عمّي
الذي لم أره في حياتي غير بضع مرّات عابرة ! "

قالت ذلك ، و هي بين التصديق و التكذيب.. تشع عيناها
فرحا و ابتهاجا..

قلت :

" سبحان الله ! "

أروى، مدت يديها و أمسكت بيدي و قالت :

" شدّ على يدي ّ بقوّة يا وليد ! دعني أحس بالألم
لأتأكّد من أنها حقيقة "

ابتسمت لها و قلت :

" إنها حقيقة مذهلة ! صدّقي يا أروى ! أصبحت ِ ثرية ! "

أروى نظرت إلي بسعادة، و اغرورقت عيناها بالدمع، ثم
ارتمت في حضني ...

" ضمّني بقوّة يا وليد.. فأنا أريد أن أشعر بأنها
الحقيقة..بأنني لا أحلم..بأنني في الواقع..وبأنك معي ! "

أحطتها بذراعي مشجعا ..و مؤكدا لها ما أعجز أنا نفسي عن
تصديقه... و مكررا :

" سبحان الله...سبحان الله "

أغمضت عيني، و نحن متعانقان، و سبحت في بحر الذكرى
البعيدة... استعرض شريط حياتي و المفاجآت التي اختزنها القدر لي ، و صدمني بها مرة
تلو أخرى ...

قالت أروى
:

" ماذا سنفعل الآن؟؟ "

" لا أعرف ! لازلنا في أول الطريق ! "

ابتعدت أروى عن صدري قليلا، و نظرت إلي مطولا، و ابتسمت
و قالت :

" لا حاجة للقلق..ما دمت معي "

ابتسمت لها، فعادت و غمرت رأسها في صدري بارتياح...

أما أنا فأغمضت عيني في ألم...و مرارة ..في حيرة و
ضياع.. ماذا سأفعل الآن؟؟ ماذا ينتظرني بعد ؟؟ ماذا تخبئين لي أيتها الأقدار ؟؟

و عندما فتحتهما..لمحت عينين حمراوين..ملأتهما
الدموع..تنظران إلي بألم، مطلتين من فتحة الباب.. و ما أن رأيتهما ..حتى انسحبت
صاحبتهما مبتعدة .. تاركة إياي في بحر من الضياع..

لم استطع البقاء مكاني لحظة بعد.. أبعدت أروى عني قليلا
و قلت :

" دعيني أذهب لترتيب بعض الأمور.. من أجل السفر "

أروى ابتسمت و قالت :

" و أنا أيضا سأرتب بعض أموري... لا أدري كم سنغيب
هناك ! "

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من  ( 61 ) الي  (70 ) - صفحة 2 Emptyرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الجزء 70

more_horiz

و تركتها و تسللت نحو غرفة رغد..
طرقت الباب مرارا لكنها لم تج
بني، و حين هممت بالانصراف رأيت مقبض
الباب يتحرك أخيرا...
في الداخل، وجدت رغد غارقة في الدموع
المريرة..فتصدّع فؤادي و طار عقلي خوفا عليها...
" ما بك
صغيرتي؟؟ ماذا حصل ؟"
رمتني رغد بنظرة ثاقبة .. لم يكفها
تمزيق أحشائي بل و صهرت الجدار الذي خلفي من حدّتها...
" رغد !؟ "
قالت :
" متى
ستسافران ؟ "
قلت :
" خلال أيام
معدودة "
قالت :
" هل يجب أن
تذهب أنت ؟ "
استغربت سؤالها و أجبت :
" طبعا !
فأروى ستكون بحاجة إلي بالتأكيد ! "
قالت بنبرة حزينة :
" و أنا ؟ "
نظرت إليها بتعجّب ، و قلت :
" بالطبع
ستكونين معنا ! "
رغد لم تعقّب، بل أحنت رأسها للأسفل
بحزن...
اقتربت منها أكثر ، ثم قلت :
" رغد ! و هل
تظنين أنني سأترك هنا و أذهب ؟؟ "
رغد رفعت رأسها و نظرت إلي نظرة جعلت
قواي تخور فجأة ...
قلت بصوت ضعيف واهن :
" أرجوك يا
رغد.. ماذا تقصدين ؟ أخبريني بلسانك فلغة العيون هذه ..ترسلني إلى الجنون "
قالت رغد :
" ستصبحان
ثريين ! "
ثم أضافت :
" هنيئا لكما ! "
و غطت وجهها بيديها كلتيهما و بكت
بكاء ً مؤلما...
" أرجوك يا
رغد، لم كل هذا ؟؟ ماذا يجول برأسك الآن ؟؟ "
رغد قالت و هي على وضعها هذا :
" دعني وحدي "
لم أقبل، قلت مصرا :
" ما بك الآن
؟ أخبريني أرجوك ؟؟ "
أزاحت رغد يديها و رمقتني بنفس
الناظرة ، و قالت :
" أريد
الذهاب إلى خالتي ! هلا ّ أخذتني إلى هناك ؟ "
رتبنا الأمور للسفر برا ، أنا و رغد و
أروى و الخالة ليندا ، فيما ظل العم إلياس في المزرعة، يهتم بأمورها بمساعدة
الأشخاص الذين عيّنتهم أنا للعمل عندنا قبل مدّة.
خطة سفرنا كانت تقتضي منا التعريج على
المدينة الصناعية أولا ، من أجل زيارة عائلة أم حسام، كما ترغب رغد و تلح، و من ثم
الذهاب إلى المدينة الساحلية.
في السيارة، كانت أروى تجلس على
المقعد المجاور لي، و كنا نتبادل الأحاديث معظم الوقت، بينما يخيم صمت غريب على
المقعدين الخلفيين، رغد و الخالة !
الخالة سرعان ما غلبها النعاس فنامت،
أما الصغيرة الحبيبة، فكلما ألقيت نظرة عبر المرآة إليها وجدتها تحدّق بي بحدّة !
و كلما حاولت إشراكها في الحديث معنا ردت ردا مقتضبا سريعا ، باترا !
المشوار إلى المدينة الصناعية
المنكوبة لم يكن طويلا، لكن الشارع كان خاليا من أية سيارات، الأمر الذي يثير
الوجل في قلوب عابريه !
عبرنا على نفس محطة الوقود التي بتنا
عندها تلك الليلة.. و نحن مشردون في العراء !
المحطة كانت مهجورة، و البقالة
مقفلة... المكان ساكن و هادىء ، لا يحركه شيء غير الريح الخفيفة تعبث بأشياء مرمية
على الأرض ...
كم كان يومنا مأساويا...
خففت السرعة، و جعلت أراقب ما حولي و
أستعرض شريط الذكريات... لقد نجونا بأعجوبة ! سبحان الله ...
" وليد .. "
كان هذا صوت رغد، تناديني بوجل.. و
كأن الذكرى أثارت في قلبها الفزع... التفت إليها فوجدتها تكاد تلتصق بمقعدي ! و علامات التوتر و
الخوف مستعمرة تقاسيم وجهها الدائري...
قلت مشجعا :
" نجونا..
بفضل الله .."
و سبحنا في بحر عميق من الهدوء الموحش ...
تابعنا طريقنا ، و الذكرى تجول في
رأسينا... هنا مشينا حفاة.. هنا ركضنا... هنا وقفنا... هنا حملت رغد... هنا وقعت
رغد ... هنا أصيبت رغد ! آه
..ما كان أفظع ذلك الجرح ! ...
و هنا ...
هنا ...
ماذا تتوقعون هنا ؟؟
إنها سيارتي !
" وليد ! "
نادتني رغد و هي ترى سيارتي القديمة
واقفة إلى جانب الطريق ، مع سيارات أخرى في نفس المكان !
أوقفت السيارة ، و أخذت أتفرج على
سيارتي القديمة هناك !
التفت إلى رغد فوجدتها تنظر إلي ...
يا للأيام ! بل يا للشهور ! أما زالت
سيارتي القديمة واقفة في انتظار عودتي في مكانها !
فتحت الباب و هممت بالنزول ، ناو
الذهاب و تفحصها عن كثب !
" إلى أين
وليد ؟؟ "
سألني رغد ، قلت :
" سألقي نظرة ! "
و قبل أن أخرج كانت رغد قد فتحت بابها
و سبقتني !
وقفت إلى جانبها ، و قلت :
" سأتفحصها
عن قرب ! "
" سآتي معك "
و طبعا لا داعي لأن اعترض !
ذهبنا إلى السيارة و فتحت الأبواب
الغير موصدة، و تفحصت ما بالداخل ...و رغد إلى جانبي..
" كما هي !
لم يتغير شيء ! أ رأيت يا رغد ؟؟ "
لم تعقّب ، بل ظلت تتفحصها بعينيها ،
و ربما تستعيد الذكرى المرعبة ..
ركبت مقعدي الأمامي ، فأسرعت هي لركوب
المقعد المجاور...و أغلقت الباب.
" كما هي !
رغد .. أتصدّقين ذلك ! سبحان الله ! "
رغد قالت :
" هيا
بنا..ننطلق للخلف، و نعود من حيث أتينا تلك الليلة، و نعود بالزمان للوراء، و ننسى
ما حصل انطلاقا من هذه النقطة ! "

ابتسمت و قلت :

" يا ليت ... "

و تنهّدت و أضفت :

" يا ليتنا
بعدما وصلنا إلى هذه النقطة، رجعنا للوراء ، و رجع كل شيء كما كان... "

و أسندت رأسي إلى مسند المقعد.. و
أغمضت عيني ...

لست أريد العودة للوراء بضعة أشهر، بل
تسع سنين ، بل عشر... بل 15 ...
إلى ذلك اليوم الذي اقتحمت فيه مخلوقة
صغيرة حياتي فجأة ! و ملأتها صراخا ، و بكاء ، و دموعا.. و ألما...
فتحت عيني و التفت إلى رغد، فوجدتها
تنظر إلي بقلق..
إنها هي ذاتها... المخلوقة التي غزت
عالمي منذ سنين .. ذاتها التي تجلس قربي الآن ، لا يفصلني عنها سوى بضع بوصات...
تنظر إلي نظرتها للعالم بأسره، و
أمثّل بالنسبة لها كل الناس...
" رغد .. "
" نعم ؟ "
" كيف تشعرين
الآن ؟؟ "
قالت :
" الآن الآن
؟"
" نعم الآن !
؟ "
ابتسمت و قالت :
" بالسرور ! "
عجبا ! أمر هذه الصغيرة كله محيّر !
بعد ذلك، أغلقت أبواب السيارة، و
ودعناها على أمل العودة لها ذات يوم، و تابعنا مشوارنا نحو المدينة...
ما إن أطللنا على مشارفها، حتى رأينا
الدمار و الخراب يعشش على شوارعها و أجوائها...
اضطررت لسلك طرق ملتوية و معقّدة لأصل
إلى قلبها...
المباني المتهدّمة ، الأشجار
المحترقة، الشوارع المدمّرة، و الأشياء المبعثرة هنا و هناك ...
كلها ، مناظر تثير الرعب في قلب الصخر...
عبرنا أخيرا على الشارع المؤدي إلى
منزلنا... و آه من ألم المنظر .. آه بعد ألف آه و آه...

بيتنا.. كتلة من الفحم الأسود...
محاطة بطبقة من الرماد و الغبار...

تحوّل ذلك المنزل الصغير الهادئ،
الحبيب .. إلى شبح ميت.. لا أثر فيه و لا معلم من معالم الحياة و الروح...

" يا إلهي ! "
قالت رغد ذلك ، و وضعت يدها على وجهها
لتحاشي رؤية المنظر المؤلم...
و تخفي الدموع التي ساحت على
الجانبين.. رثاء و عزاء ...
لم أستطع أن أمر من هنا مرور الكرام ،
أوقفت سيارتي عند الباب ، المكان الذي اعتدت أن أوقف سيارتي فيه.. و نظرت من حولي ...
شعرت باختناق شديد في صدري، و كأن
الغبار و الرماد قد سدّت حويصلاته ، و منعت جزيئات الهواء من الدخول...
مع ذلك، لم أتمالك منع نفسي من المضي
قدما...
فتحت الباب، وقلت :
" سألقي نظرة"
و التفت إلى رغد.. كانت لا تزال تخفي
وجهها خلف يديها...
قلت :
" رغد..
أتأتين ؟؟ "
أردتها أن تأتي معي.. شيء حي يتحرك
معي في سكون ذلك الشبح الميت، أردت أن أشعر ببعض الحياة.. ببعض الأمان..بأن هناك
من لا زال حيا معي .. رغم موت من مات.. و فناء من فني...
أروى قالت :
" سآتي معك ! "
رغد بسرعة أبعدت يديها عن وجهها و
فتحت الباب !
خالتي الأخرى أيضا تبعتنا... و سرنا
نحن الأربعة نحو الداخل...
الأبواب كانت مفتوحة، كما تركناها أنا
و دانة ليلة هروبنا ...
سرنا ندوس على الرماد، و نتنفس
الغبار.. و رائحة الخراب و الوحشة... تقرصنا الذكريات و تصفعنا المناظر المؤسفة، و تحني ظهورنا
الحسرة على ما كان و ما لم يعد...
رغد أمسكت بيدي، و كلما سرنا خطوة شدت
ضغطها علي.. و كلما رأت شيئا أغمضت عينيها بقوّة و عصرت الدموع المتجمعة في
محجريها...
حتى إذا ما بلغنا الردهة المؤدية إلى
غرفة والدي ّ ، حررت يدي من بين أصابعها، و هرولت نحو الباب و فتحته باندفاع...
" أمي... أبي ... "
حينها فقط، أدركت كم كنت مجنونا حين
سمحت للفضول بالتغلب علي ... و وقفت عند المنزل...
اقتحمت رغد الغرفة و هي تهتف
" أمي .. أبي .. "
و انهارت على السرير ، تحضن الوسائد و
تبكي بحرارة و مرارة .. بكاء عاليا صدّع الحجر ... و أدمع الجدران.. و زلزل الأرض...
" أنا
أنتظركما ! لماذا لا تعودان ؟ أي حج هذا الذي لا يعود الحجيج فيه من بيت الله ! ..
الله ! يا الله .. أنت ترى بيتي الآن ! أنت رب البيت و أنا لا بيت لي... و أنت رب
الناس و أنا لا ناس لي ! أتاك جميع الآباء و الأمهات.. و أنا لا أب لي و لا أم !
يا رب.. لا أب لي و لا أم ! يتّمتني مرتين يا رب .. مرتين يا رب .. مرتين أفقد
فيهما أعظم ما أعطيتني إياه .. بل
أربع مرّات ! أمان و أبان ! أربع أيتام في بيت خرب محروق ! "
كيف احتمل أنا ..وليد .. كلاما كهذا
من رغد ؟؟
انهرت باكيا معها بلا شعور... و أي
شعور يبقى للمرء و هو يرى ما نراه...؟
حسبنا الله و نعم الوكيل ...
من وسادة إلى وسادة، و من زاوية إلى
زاوية، و من شيء إلى شيء، أخذت صغيرتي تتنقل و هي تهتف
" أمي .. أبي "
تفتش حطام الخزائن، و تستخرج الخرق
المحروقة المتبقية من ملابسهما و تحضنها و تقبّلها و تصرخ .. و قلبي يصرخ معها ..
و تتمزق، و قلبي يتمزّق معها .. و تنهار و قلبي ينهار معها أيما انهيار...
" يكفي رغد..
بالله عليك، دعينا نرحل "
أبت رغد الحراك، بل زاد تشبثها حتى
ببقايا الستائر.. و شباك النوافذ..
أروى و الخالة بكتا لبكاء رغد، و
وقفتا في الخارج في حزن و أسف على ما حلّ ببيتنا.. و بوالدينا..
رغد ، أقبلت فجأة نحو الأدراج
الموجودة أسفل المرآة.. و أخذت تفتح الواحدا تلو الآخر... و تستخرج أشياء أمي ، ما
تبقى منها و تضم ما تضم، و تقبّل ما تقبّل ، و تضع في حقيبتها ما تضع..
" هنا كانت
أمي تجلس كل يوم تسرّح شعرها ! "
" وليد انظر
! هذا سوار أمي المفضل ! "
" وليد هل
تعتقد أنها قد تغضب إن احتفظت به !؟"
" أريد أن
آخذ هذا معي !، و هذا .. و هذا و هذا و هذا ! "
" وليد ..لا
أريد أن أخرج من هنا ! ليتني كنت هنا و احترقت قبل رحيلهما "
و مرة أخرى أسمعها تدعو على نفسها
بالموت.. هتفت متوسلا :
" يكفي يا
رغد ، هيا نغادر المكان أرجوك فلم أعد أحتمل المزيد "
اقتربت منها و أمسكت بذراعها و
أرغمتها على الخروج من الغرفة، رغم مقاومتها..
كانت رغد تبكي بكاءا شديدا ، و
استمرّت في نوبتها هذه و نحن واقفان عند الباب، لا توافق على التزحزح عنه خطوة بعد...
" رغد ..
صغيرتي ... "
ناديتها بأتعس صوت صدر من حنجرتي
الكئيبة...على الإطلاق..
نظرت إلي و قالت بأسى :
" من بقي لي
بعدهما؟ من بقي لي ؟ "
قلت :
" أنا يا رغد
.. لك و معك دائما..أنا يا رغد.. أنا ... "
رغد نظرت إلي نظرة حزينة قاتلة، و
فكها الأسفل يرتجف من البكاء.. و الدموع تقطر منه ...
" رغد ... "
" وليد ...
ضمّني "
وقفت كالأبله ، لا أفهم و لا أفكر و
لا أتصرف !
قالت و فكها لا يزال ترتجف :
" ضمّني ..
ألست أبي و أمي الآن ؟ ألست من بقي لي ؟ "
لحظتها.. تمنيت لو أتحوّل إلى جدار ،
يكون أكثر نفعا مني .. كأي جدار عانقته و تشبثت به.. كأي جدار ربما، و مع كونه
جمادا لا روح فيه و لا حياة، أشعرها بالدفء و العطف و الأمان... أما أنا.. و أنا
واقف أمامها كالشبح الميت، الغير مجدي .. فلم يكن مني إلا أن أحنيت رأسي للأمام في
عجز عن فعل شيء أكثر أهمية و حرارة و نفعا من الجدران ...
لن أسامح نفسي ما حييت، على خذلاني
لصغيرتي في لحظة كهذه...
بعد ذلك ، و رغم أنني كنت مصرا على
المغادرة فورا، إلا أن رغد كانت مصرّة على دخول غرفتها و تفقّد أشيائها...
السرير كان محروقا، و لا زلت أشكر
الله ألف مرة لأن رغد ليلتها كانت نائمة في بيت خالتها..
ألف حمد لك يا رب..
الأثاث، في موضعه السابق، لكنه مكتس
باللون الأسود المتفحم.. و مغطى بذرات الرماد و فتات المحروقات...
لم أشأ دخول الغرفة، وقفت عن الباب
أراقب رغد و هي تتحسس أشياءها المحروقة... حتى إذا ما انتهت إلى مجموعة لوحاتها
الكبيرة ، جعلت تتفقدها بسرعة و وله ، و تهتف بألم :
" لا ، لا ..
لا ... "
ثم نظرت إلي و قالت بين دموعها :
" وليد ..
لقد احترقت َ ! "
و أخذت تحضن الرماد... و البقايا... أخيرا
قررت الدخول، و حين صرت قربها مباشرة قالت و هي تنثر الرماد من حولها :
" أنظر.. لقد
احترقت حتى الصورة ! لماذا ؟ يا إلهي ماذا تبقى لي ؟ ماذا تبقى لي ؟؟ "
" دعونا
نغادر المكان و نختصر الألم أرجوكما "
كان ذلك صوت أروى التي كانت واقفة عند
الباب.. قالت رغد
" ارحلوا و
اتركوني.. أريد الموت هنا.. آه يا رب.. لماذا عشت أنا و ماتا هما ؟ حتى الصورة
احترقت ! ماذا تبقى لي ؟؟ "
أروى تقدمت نحونا و أمسكت بيد رغد
محاولة مواساتها و تشجيعها، إلا أن رغد نهرتها بقوة، و رمتها ببعض الكلمات
الجارحة، ربما من شدة حزنها ...
و لم تسمح لنا رغد بمغادرة المنزل حتى
تفقدته غرفة غرفة و ممرا ممرا و زاوية زاوية...
حتى المطبخ جلست فيه فترة طويلة
تستعيد الذكرى و تقلّب المواجع ، و تكرر
" هنا كانت
أمي تطهو الطعام ، و هنا كان أبي يدوّن ملاحظاته في المفكرة ! ، و هناك كانت
دانة تزين كعكاتها بالشيكولا ! ... و سامر يقف هناك، يتحدّث عبر الهاتف، و عند هذه
الطاولة كنت أنا أجلس لأقشر البطاطا !
ليت ذلك يعود...
و لو يوما واحدا فقط..
أعيش فيه وسط عائلتي .. بين أمي و
أبي، و أختي و أخي.. يوما واحدا فقط.. عسى أن يكون آخر أيام حياتي... "
بل إن هذا سيكون آخر أيام حياتي أنا،
ما لم تتوقفي عن ذلك يا رغد ... ارحميني...
حملت رغد معها تذكارا من كل مكان و عن
كل شخص.. حتى سامر...كما أخذت حليها و حلي دانة، بل و ما بقي من فستان زفافها
المحروق أيضا !
" سأعطيه لأختي
حين تعود ! كانت مهووسة به .. و تعتبره كنزها الثمين ! مسكينة يا دانة ! "
خرجنا من ذلك الحطام الكئيب بعدما
أغرقناه بالدموع و ملأناه بالألم... إن كنت، الشخص الذي لم يعش في هذا المنزل فترة
طويلة، و لم يحمل معه سوى القليل من الذكريات، و أنا أكاد أنصهر من حرارة ما
بداخلي، فكيف برغد ...؟؟
ابتعدنا عنه و قلوبنا معلقة عنده، و
أنظارنا متشبثة به حتى اللحظة الأخيرة...و أخذنا معنا ما غلا مما نجا، و ما نجا
مما غلا
لم تتوقف سيل الدموع حتى بعدما وصلنا
إلى منزل أبي حسام، و كان الآخر محترقا ، إلا انه أحسن حالا من بيتنا المدمّر...
حين قرعنا الباب، فُتح و ظهر من خلفه
أفراد العائلة أجمعون، و الذين كانوا في انتظارنا منذ ساعات...
ما إن رأت رغد خالتها حتى صرخت.. و
انهارت في حضنها بحرارة ...
اللقاء كان من أقسى اللقاءات التي
مررت بها في حياتي.. لا يضاهيه أي لقاء، عدا لقائي بأهلي بعد خروجي من السجن، مع
فارق ضخم، هو أنه لا أهل أمامي لأعود إليهم و أعانقهم و أبكي فوق صدورهم...
استهلكنا كمية كبيرة من الدموع حتى
أوشكنا على الجفاف، صعدت رغد بعد ذلك مع ابنة خالتها إلى الطابق العلوي، و ذهبت
النساء إلى غرفة أخرى، و بقينا نحن الرجال في غرفة المعيشة نقلّب الأحزان و نتجرّع
الآهات و نتبادل التعازي...
حينما حل الظلام، أردت أخذ عائلتي إلى
فندق لقضاء الليلة قبل متابعة السير غدا، مع أنني لست واثقا من العثور على مكان
مناسب، و طلبت من حسام استدعاء الثلاث...
ذهب حسام و عاد بعد قليل مع أمه و
أروى و أمها ، فسألت عن رغد ، فأخبرتني أم حسام أنها أرسلت ابنتها الصغرى
لاستدعائها...
لحظات و إذا بالفتاة الصغيرة ( سارة )
تأتي نحونا و تقول :
" تقول رغد
إنها ستبقى معنا و لن ترحل مع وليد و خطيبته الشقراء الدخيلة و أمها ! "
تبادلنا جميعا النظرات المتعجبة، و
حملقنا في الفتاة الصغيرة ... ثم سألتها أمها :
" سارة ! هل
هذا ما قالته ؟؟ و هل طلبت منك نقل هذا إلينا ؟؟ "
و هنا أقبلت الآنسة نهلة، و نظرت إلى
أختها بغضب، ثم إلينا أنا و أروى و قالت :
" رغد ستبات
معي الليلة "
شعرت بالضيق الشديد من ذلك، فقلت :
" أين هي ؟
أود ا لتحدّث معها فهلا ّ استدعيتها ؟ "
قالت :
" إنها لا
تريد الخروج الآن... "
ضقت أكثر و قلت :
" أرجوك
آنستي، هلا استدعيتها "
و ما كدت أنهي الجملة حتى طارت
الصغيرة سارة لاستدعائها !
ثوان و إذا بها تعود قائلة :
" لن تذهب
معك ! ارحل و اتركها و شأنها "
هتفت الآنسة نهلة :
" سارة ! تبا
لك ! لا تتدخلي أنت و ابقي في مكانك "
قلت :
" هل أخبرتها
بأنني أريد التحدّث معها ؟؟ "
موجها الخطاب إلى الفتاة الصغيرة،
فابتسمت الأخيرة و قالت :
" نعم ! و
قالت إنها لا تريد التحدث معك، و إن علي إخبارك بأنها لن تذهب معكم فارحلوا ! "
أم حسام ذهبت الآن إلى غرفة ابنتها و
عادت بعد قليل قائلة :
" دعها تنام
هنا الليلة ، إنها في حالة سيئة "
و عبارة ( حالة سيئة ) أزعجتني و
أقلقتني أكثر...
" أرجوك يا
سيدتي ، استدعيها لأتحدّث معها الآن "
و ما إن أنهيت جملتي هذه حتى رأيت رغد
تظهر أمامي، ثم تقول :
" سأبقى هنا
في بيت خالتي ! لن أرحل معكم "
اجتاحني الهلع، فقلت :
" تعنين
الليلة ؟ "
قالت :
" بل كل ليلة
، سوف أعيش هنا بقية عمري "
نظرت إليها، و إلى جميع من حولي في
عدم تصديق .. ثم سألتها :
" ماذا تعنين
يا رغد ؟ لا يمكنك ذلك ! "
قالت بصوت متحد ٍ :
" بلى ،
يمكنني "
" رغد !
مستحيل ! "
قالت بتحد أكبر :
" بلى يا
وليد، سأبقى أنا مع عائلتي الحقيقية، و ارحل أنت مع عائلتك الجديدة.. و في أمان
الله "

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من  ( 61 ) الي  (70 ) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من ( 61 ) الي (70 )

more_horiz
الغيرة هتستمر كتير شكلها
يلا خليها تولع

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من  ( 61 ) الي  (70 ) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من ( 61 ) الي (70 )

more_horiz
اه من رغد تعمل اى حاجة علشان وليد
شكرا على الاجزاء الجديدة

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من  ( 61 ) الي  (70 ) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من ( 61 ) الي (70 )

more_horiz
اللىبعده

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من  ( 61 ) الي  (70 ) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من ( 61 ) الي (70 )

more_horiz
اقرأ الى بعده

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من  ( 61 ) الي  (70 ) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من ( 61 ) الي (70 )

more_horiz
بشكرك جدا على الروايه وعلى الاجزاء الجديدة
وربنا يسهل الروايه دى ممكن تتعمل مسلسل

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من  ( 61 ) الي  (70 ) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من ( 61 ) الي (70 )

more_horiz
thnx hannod 3ala motab3etek giver

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من  ( 61 ) الي  (70 ) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من ( 61 ) الي (70 )

more_horiz
رغد دى سوسه بس عسل

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من  ( 61 ) الي  (70 ) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من ( 61 ) الي (70 )

more_horiz
ur comments lazeeza ya sendrilla lol!

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من  ( 61 ) الي  (70 ) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من ( 61 ) الي (70 )

more_horiz
مش قولتلكو سسسسسسسسسسسسسسسسسسساااااااااقعه

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من  ( 61 ) الي  (70 ) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من ( 61 ) الي (70 )

more_horiz
الاجزاء اللى بعدها بسرعه بليززززززززززززززززززززززززززز

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من  ( 61 ) الي  (70 ) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من ( 61 ) الي (70 )

more_horiz
غيرة بنات

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من  ( 61 ) الي  (70 ) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من ( 61 ) الي (70 )

more_horiz
عنديه وشكلها هتعملها
وشكرا على الاجزاء الجميله دى واروح اكمل الحرب اللى بين الاتنين دول

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من  ( 61 ) الي  (70 ) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من ( 61 ) الي (70 )

more_horiz
مش مشكله معاكى حتى لو كان الجزء سطر

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من  ( 61 ) الي  (70 ) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من ( 61 ) الي (70 )

more_horiz
شكل وليد هيفهم العناق ده بينهم على ان رغد بتحب سامر
ونشوف ده هيحصل ولا لاه

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من  ( 61 ) الي  (70 ) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من ( 61 ) الي (70 )

more_horiz
حسام ده شكله زى ما قلت هينوبه من الحب جانب
قصدى من الضرب شويه مش عارف ليه
اروح اكمل وشوف

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من  ( 61 ) الي  (70 ) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من ( 61 ) الي (70 )

more_horiz
ان كيدهن عظيم
بس برضه ارجع وقول الحب هوة اللى بيخليها تعمل كدة
بس اروى صعبانه عليا اوى
اروح اكمل

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من  ( 61 ) الي  (70 ) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من ( 61 ) الي (70 )

more_horiz
ايه اللى حصل ده الروايه دى شكلها مش هتخلص دا هتعدى مسلسل مهند ونور

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من  ( 61 ) الي  (70 ) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من ( 61 ) الي (70 )

more_horiz
انا عايز اعرف رغد دى بتجيب الدموع دى منين
دا من وصف الروايه ليها انا ضعيفه ومش بتاكل ولا بتشرب كتير يبقى بتجيب الدموع دى منين
وشكرا توتى على الاجزاء الكتيرة دى

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من  ( 61 ) الي  (70 ) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الاجزاء من ( 61 ) الي (70 )

more_horiz

شكرا يا توتي علي الاجزاء دي

وبسرعة بقي اروح اكمل الاجزاء اللي باقية

لاني متأخرة اوووووووي
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد