حالات المادة ثلاث أم ست حالات ...... ! ؟
من المعروف لدي معظم الناس وخاصة طلاب المدارس أن حالات المادة ثلاث حالات وهى الحالة الصلبة والحالة السائلة والحالة الغازية، وقد يرجع ذلك إلي قدم اكتشاف هذه الحالات فقد ظل الإنسان قرونا طوال لا يعرف سواهن، وذلك بسبب قصور البحث العلمي أثناء تلك الفترات وقلة الإمكانيات وعدم كفاية وكفاءة الأجهزة المستخدمة فى البحث، ولعل الكثير منا يعرف أن العلوم الحديثة التي نعرفها الآن أسسها فى البداية مجموعة من الباحثين الذين بهرتهم ظواهر الطبيعة العجيبة والبحث عن أسرارها، والذين امتلكوا المقدرة المادية حينها علي تحقيق هذه الاكتشافات، ونحن نعرف أن قانون الجذب العام الذي يحكم جميع ما فى الكون من أجسام كبيرة تتولد عنها قوي جاذبية محسوسة تم اكتشافه بواسطة الإنجليزي السير اسحق نيوتن Sir Isaac Newton عندما تأمل فى سقوط تفاحة عليه من شجرة كان يجلس تحتها .
ونحن نتعجب حقاً من مقولة الفيزيائي الإنجليزي الشهير صاحب النظرية الكهرومغناطيسية، جيمس كلارك ماكسويل James Clerk Maxwell عام 1871 خلال محاضرته الافتتاحية بجامعة كمبريدج، وذلك عندما قال:
" خلال بضع سنوات سنستطيع أن نقدر علي وجه التقريب جميع الثوابت الفيزيائية الهامة، وعندئذ لن يتبقي أمام أهل العلم إلا مهمة واحدة، القيام بهذه القياسات لتضاف إليها أرقام عشرية جديدة بعد الفاصلة "
ففي هذا الوقت كان لدي الباحثين العلميين ما يكفي من الأسباب للتفاؤل فقد غذت الفيزياء التقليدية Classical Physics ( الكلاسيكية ) والكهرومغناطيسية الثورة الصناعية، وبدا وكأن معادلاتهما قادرة علي توصيف جميع النظم الفيزيائية، ولم تمض سوي ثلاثة عقود من الزمان حتى انطلقت الشرارة الأولي للفيزياء الكمية والنسبية وما تبعها من ظهور الطاقة النووية واقتحام الفضاء وسبر غور الذرة والثورة التكنولوجية والمعلوماتية وفيزياء الجسيمات، ولنا أن ندرك الآن أن ماكسويل كان خاطئاً تماماً فلم يكن يعرف عن الكون أكثر من 0.01% مما نعرف الآن.
ولقد تبعت هذه الثورة العلمية والتكنولوجية اكتشاف حالات المادة الثلاث الأخرى، وقد اعتاد الفيزيائيين تسمية هذه الحالات تبعاً لترتيب اكتشافها، فلقد سميت الحالة الصلبة للمادة بالحالة الأولي، وسميت الحالة السائلة بالحالة الثانية، وسميت الحالة الغازية بالحالة الثالثة، ثم تلاهم بعد ذلك أثناء اكتشاف الطاقة النووية ظهور الحالة الرابعة للمادة ألا وهي البلازما، ثم فى عام 1938 اكتشاف الحالة الخامسة للمادة ألا وهي السيولة ( الميوعة ) الفائقة، وأخيراً عام 1995 تم التوصل للحالة السادسة للمادة ألا وهي كثافة بوز – أينشتاين، ويوجد الآن بعض الظواهر المتعلقة بالطاقة والمادة تعتبر كأبناء عم الحالات الست، ألا وهي الليزر، والتوصيلية الفائقة، والإكسايتونات، ويرجع عدم معرفة الناس بالحالات الأخرى إلي أنها ظلت قيد البحث والدراسة عقوداً عديدة.
وتمتاز كل حالة من حالات المادة بقوانينها التي لا توصف إلا من خلالها فلا يصح أن توصف حالة من حالات المادة بقوانين حالة أخري، وسنتحدث تباعاً لذلك عن الحالات الثلاث الأخيرة بالتفصيل، ولكن اسمحوا لي أن أعيد ترتيب حالات المادة ترتيباً آخراً غير الترتيب المعتاد، والذي قد يثير غضب البعض من محبي العلوم، وذلك لأن جميع هذه الحالات تتعلق بدرجة حرارة المادة، لذا رأيت أنه من الأفضل ترتيبها حسب درجة حرارتها أو بمعني أدق حسب ترتيب ظهورها إلي الوجود.
الحالة الأولي كثافة بوز – أينشتاين Bose-Einstein condensate، الحالة الثانية السيولة الفائقة Superfluidity، الحالة الثالثة الصلب Solid، الحالة الرابعة السائل Liquid، الحالة الخامسة الغاز Gas، الحالة السادسة البلازما Plasma، ومن يدري لعل العلم يكشف لنا عن حالات أخري للمادة.