[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]


بسم الله الرحمن الرحيم

فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (36)
فلما تمَّ حملها ووضعت مولودها قالت: ربِّ إني وضعتها أنثى لا تصلح للخدمة في "بيت المقدس" -والله أعلم بما وضَعَتْ, وسوف يجعل الله لها شأنًا- وقالت: وليس الذكر الذي أردت للخدمة كالأنثى في ذلك; لأن الذكر أقوى على الخدمة وأقْوَم بها, وإني سمَّيتها مريم, وإني حصَّنتها بك هي وذريَّتها من الشيطان المطرود من رحمتك.
فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (37)
فاستجاب الله دعاءها وقبل منها نَذْرها أحسن قَبول, وتولَّى ابنتها مريم بالرعاية فأنبتها نباتًا حسنًا, ويسَّر الله لها زكريا عليه السلام كافلا فأسكنها في مكان عبادته, وكان كلَّما دخل عليها هذا المكان وجد عندها رزقًا هنيئًا معدّاً قال: يا مريم من أين لكِ هذا الرزق الطيب؟ قالت: هو رزق من عند الله. إن الله -بفضله- يرزق مَن يشاء مِن خلقه بغير حساب.
هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ (38)
عندما رأى زكريا ما أكرم الله به مريم مِن رزقه وفضله توجه إلى ربه قائلا يا ربِّ أعطني من عندك ولدًا صالحًا مباركًا, إنك سميع الدعاء لمن دعاك.
فَنَادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنْ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيّاً مِنْ الصَّالِحِينَ (39)
فنادته الملائكة وهو واقف بين يدي الله في مكان صلاته يدعوه: أن الله يخبرك بخبر يسرُّك, وهو أنك سترزق بولد اسمه يحيى, يُصَدِّق بكلمة من الله -وهو عيسى ابن مريم عليه السلام-، ويكون يحيى سيدًا في قومه, له المكانة والمنزلة العالية, وحصورًا لا يأتي الذنوب والشهوات الضارة, ويكون نبيّاً من الصالحين الذين بلغوا في الصَّلاح ذروته.
قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِي الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ (40)
قَالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قَالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ (41)
قال زكريا فرحًا متعجبًا: ربِّ أنَّى يكون لي غلام مع أن الشيخوخة قد بلغت مني مبلغها, وامرأتي عقيم لا تلد؟ قال: كذلك يفعل الله ما يشاء من الأفعال العجيبة المخالفة للعادة قال زكريَّا: رب اجعل لي علامةً أستدلُّ بها على وجود الولد مني; ليحصل لي السرور والاستبشار, قال: علامتك التي طلبتها: ألا تستطيع التحدث إلى الناس ثلاثة أيام إلا بإشارة إليهم, مع أنك سويٌّ صحيح, وفي هذه المدة أكثِرْ من ذكر ربك, وصلِّ له أواخر النهار وأوائله.
وَإِذْ قَالَتْ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ (42)
واذكر -أيها الرسول- حين قالت الملائكة: يا مريم إن الله اختاركِ لطاعته وطهَّركِ من الأخلاق الرذيلة, واختاركِ على نساء العالمين في زمانك.