بسم الله الرحمن الرحيم

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنْ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ (278)
يا من آمنتم بالله واتبعتم رسوله خافوا الله, واتركوا طلب ما بقي لكم من زيادة على رؤوس أموالكم التي كانت لكم قبل تحريم الربا, إن كنتم محققين إيمانكم قولا وعملا.
فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ (279)
فإن لم ترتدعوا عما نهاكم الله عنه فاستيقنوا بحرب من الله ورسوله, وإن رجعتم إلى ربكم وتركتم أَكْلَ الربا فلكم أَخْذُ ما لكم من ديون دون زيادة, لا تَظْلمون أحدًا بأخذ ما زاد على رؤوس أموالكم, ولا يظلمكم أحد بنقص ما أقرضتم.
وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (280)
وإن كان المدين غير قادر على السداد فأمهلوه إلى أن ييسِّر الله له رزقًا فيدفع إليكم مالكم, وإن تتركوا رأس المال كله أو بعضه وتضعوه عن المدين فهو أفضل لكم, إن كنتم تعلمون فَضْلَ ذلك, وأنَّه خير لكم في الدنيا والآخرة.
وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (281)
واحذروا -أيها الناس- يومًا ترجعون فيه إلى الله, وهو يوم القيامة, حيث تعرضون على الله ليحاسبكم, فيجازي كل واحد منكم بما عمل من خير أو شر دون أن يناله ظلم. وفي الآية إشارة إلى أن اجتناب ما حرم الله من المكاسب الربوية, تكميل للإيمان وحقوقه من إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وعمل الصالحات.

أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلْ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنْ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُوا إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمْ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282)
يا من آمنتم بالله واتبعتم رسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم إذا تعاملتم بدَيْن إلى وقت معلوم فاكتبوه; حفظًا للمال ودفعًا للنزاع. ولْيقُم بالكتابة رجل أمين ضابط, ولا يمتنع مَن علَّمه الله الكتابة عن ذلك, ولْيقم المدين بإملاء ما عليه من الدَّيْن, وليراقب ربه, ولا ينقص من دينه شيئا. فإن كان المدين محجورًا عليه لتبذيره وإسرافه, أو كان صغيرًا أو مجنونًا, أو لا يستطيع النطق لخرس به أو عدم قدرة كاملة على الكلام, فليتولَّ الإملاء عن المدين القائم بأمره, واطلبوا شهادة رجلين مسلمَيْن بالِغَيْن عاقلَيْن من أهل العدالة. فإن لم يوجد رجلان, فاطلبوا شهادة رجل وامرأتين ترضون شهادتهم, حتى إذا نَسِيَتْ إحداهما ذكَّرتها الأخرى, وعلى الشهداء أن يجيبوا مَن دعاهم إلى الشهادة, وعليهم أداؤها إذا ما دعوا إليها, ولا تَمَلُّوا من كتابة الدَّين قليلا أو كثيرًا إلى وقته المعلوم. ذلكم أعدل في شرع الله وهديه, وأعظم عونًا على إقامة الشهادة وأدائها, وأقرب إلى نفي الشك في جنس الدَّين وقدره وأجله. لكن إن كانت المسألة مسألة بيع وشراء، بأخذ سلعة ودفع ثمنها في الحال، فلا حاجة إلى الكتابة, ويستحب الإشهاد على ذلك منعًا للنزاع والشقاق، ومن الواجب على الشاهد والكاتب أداء الشهادة على وجهها والكتابة كما أمر الله. ولا يجوز لصاحب الحق ومَن عليه الحق الإضرار بالكُتَّاب والشهود، وكذلك لا يجوز للكُتَّاب والشهود أن يضارُّوا بمن احتاج إلى كتابتهم أو شهادتهم، وإن تفعلوا ما نهيتم عنه فإنه خروج عن طاعة الله، وعاقبة ذلك حالَّة بكم. وخافوا الله في جميع ما أمركم به، ونهاكم عنه، ويعلمكم الله جميع ما يصلح دنياكم وأخراكم. والله بكل شيء عليم، فلا يخفى عليه شيء من أموركم، وسيجازيكم على ذلك.