مقال للصحفى:خالد كساب..من جريدة الدستور المصرية
تمنحنا الحياة الكثير و الكثير من لحظات المعاناة التى ما كنا لنتصور أننا قادرين على احتمالها سوى بعد حدوثها لنا بالفعل وتأكدنا بشكل عملى من أننا أقوى مما نظن بمراحل....وعلى الرغم من أن الثمن الذى ندفعه فى مقابل تلك المعرفة قد يكون هو الأغلى والأقسى,الا أنه لا يعد شيئا أمام ما نحصل عليه بالفعل من معرفتنا لأنفسنا ولطاقاتنا الكامنة التى يولد بعضنا ويموت بدون أن يعلم عنها شيئا!(فريدا كويلو)...6يوليو 1907-13 يوليو 1954....الرسامة المكسيكية المختلفة والمتفردة , منحتها الأقدار فى طفولتها اصابة مزمنة بشلل الأطفال جعلتها تعرج لبقية حياتها..ثم منحتها فى مراهقتها اصابة فى حادث أتوبيس هشمت عظامها واضطرتها الى التمدد على ظهرها دون حراك لمدة سنة كاملة..وضعت أمها لها أثناء تلك السنة مرآة ضخمة فى سقف غرفتها..لتستغرق (فريدا)فى النظر الى نفسها ثم تطلب من أمها ريشة و ألوان و أوراق وتبدأ فى ترجمة معاناتها الى رسوم ..ولأن الأقدار عندما تقرر المنح تكون سخية..تمنحها فى شبابها اصابة أخرى على هيئة التهاب حاد فى الكلى..تعقبها باصابة أخرى فى رجلها بغرغرينا تضطرها الى بتر احدى قدميها لترسم (فريدا) وهى نائمة على بطنها على فراشها.. ولكن..للأقدار دوما حسبة أخرى لا نستطيع هرشها نحن معشر الكائنات البشرية الأرضية العبيطة..تمنحها الأقدار بالاضافة الى كل تلك المعاناة والآلام موهبة فطرية فذة كانت قادرة على تحويل كل تلك الآلام والمعاناة الى رسوم تضج بالحياة وبالغرابة وبالألم ..ألم الحياة الرهيب ..ذلك الألم الذى دفعها لكتابة تلك الكلمات لتصبح هى كلماتها الأخيرة فى آخر يوميات لها قبل أن تموت ..((أمل أن الخروج مفرح.. وأمل ألا أعود أبدا))!...ما أجمل تلك الكلمات فعلا