بداية ..
لست أقل من الأرنب !! كان هذا الأرنب يجمع حوله قبيلة الأرانب فى ركن من الغابة وكان قائدا حكيما .. فعاشوا فى سعادة وأدركهم النعيم والعيش الهنىء .. ولكن هكذا الحياة لم تُتم عليهم فرحتهم .. فاجأهم فيلا ضخما دمر الجحور فقتل الصغار وهرب الكبار وما كان وراءه إلا أسباب الخراب ومعاول الدمار .. فبكت الأمهات واستغاث الأطفال وصرخ الآباء .. وبدأ الجميع فى أداء آليات التوسل والاذلال لهذا الفيل الجبار .. الذى أغراه كبره وضخامته وتطاوله فعاث فى الارض الفساد ..
وكان هذا الأرنب قاعدا مهموما .. يحاول ردع هذا الهجوم على مملكته .. ولكن لا اسد يصاحبه .. ولا نمر يساعده .. وظل فكره يجوب مشارق الارض ومغاربها باحثا عن حل مناسب ووسيلة فعالة لردع هذا الفيل .. وسرعان ما انتفض مناديا : يا جموع الأرانب جهزى الكتائب وسُنرى هذ الفيل منا العجائب وسنصنع بفضل الله فيه الغرائب .. هيا نتحرك نفعل شيئا نصنع أمرا .. ليكن لكل واحد منا دوره وقوله ورأيه .. ففكر الكبير قبل الصغير وفكر الصغير قبل الكبير والكل يدلى بدلوه .. ويكتب رأيه ..
فقال الكبير كلمته .. وردت الأرنبه برأى آخر وبدأ النقاش والكل يحمل هم قبيلته .. وشأن دولته .. وبينما هم كذلك يتدارسون تقدم ارنوب صغير الى القائد فتعجبوا منه وقال : نعم لى رأى انا الاخر .. فأنا ايجابى وهذا دورى لكى استحق الحياة بينكم .. فذهلوا من شجاعته وزادت نظرتهم اليه بفصاحة رأيه وقدم فكرته ..
وإذ بها :” نصنع حفرة عميقة .. ونجعلها واسعة سحيقة وعلى اعماق بعيده ونظللها بالقش والورق وعسف النخيل ” ..
فاعتمدت الفكرة ووثق الرأى .. وبالفعل قام الكل على قلب رجل واحد وبدأو المهمة ومرجع الفكرة كان للصغير .. وبعد قليل وقد انتهوا منها على اكمل بناء واجمل هيئة .. اخبرهم ارنب الاخبار ان الفيل قادم مسرورا بضخامته وفرحا بقوته ومغترا بضخامته ..
وهنا ..
وقف الأرانب وراء الحفرة كى يجعلوه يراهم فيقبل عليهم وبينما هو كذلك هرب الأرانب .. وترقبوا وقوعه .. وبالفعل تحقق لهم ما ارادوا .. فصفقوا فرحين وخروا لله ساجدين .. ورُفع الصغير على الاعناق. وقالوا له : نعم انت تستحق الحياة .. فرد عليهم : وانتم ايضا تستحقون الحياة .. وهنا غير هذا الكائن مجرى القوانين فى الغابة فوضعت قوانين العدل وانتشر الفرح .. وتاب الفيل .. فهل لك نصيحة قد اتخذتها من الأرنب الصغير يا صاحب العقل الكبير !! ..
والآن ..
هل أنت ايجابي ؟
حين يناوشك السؤال فترد الإجابة .. أن تشارك فيما يدور حولك في حياتك في الفرح والحزن .. في الصحة والمرض .. تعرف ما يدور من أحداث .. وما يمر من أحوال .. وما يسيطر من ظروف .. وما يُؤَثِر من أمور .. لا أن تكون هامد اليدين .. مرتخى القدمين .. لأن لك دور فى الحياة .. لا ترضى أن تكون هامشا فى الحياة .. لا رصيد فى الشجاعة يذكر .. ولا مؤشر فى النجاح يعلو .. لأن الكون ما خلق إلا لك .. وأنت مختار الكون فاعرف قدر نفسك ..
ألم يأتك الخبر والبيان ” إنى جاعل فى الارض خليفة ” فأنت المقصود .. ولك أنت الكلام .. ولو تحرك كل واحد منا .. لكان الحال غير الحال .. وصار الاصلاح لا الافساد .. كل فى منظومة رائعة يتجسد من ظلالها حياة شريفة طاهرة وضاءة .. فإن الماء الراكد يأسن .. والبلبل المحبوس يموت .. والليث المقيد يذل .. وإن الكتب تلقن الحكمة ولكنها لا تخرج الحكماء .. والسيف يقتل ولكن يحتاج لكف الشجاع .. والذى يقهر نفسه وينقلها من دنيا السلبية الى دنيا الايجابية .. ورقى الذاتية البراقة أعظم من أن يفتح مدينة أو يحارب جيشا ..
جُمع من براية أقلام اين الجوزى ما أوقد به ماء غسله عند الموت .. وحين سُئل أبو مسلم الخرسانى : مالك لاتنام ؟! قال : همه عارمة وعزيمة ماضية ونفس لا تقبل الضيم لا تسقنى ماء الحياة بِذله بل فاسقنى بالعز ماء الحنظل ويرص أبو حامد الغزالي حروف نظريته القيمة ” الخواطر هي المحركات للإرادات ؛ فإن النية والعزم والإرادة إنما تكون بعد خطوة المنوي بالبال لا محالة..
فمبدأ الأفعال الخواطر .. ثم الخاطر يحرك الرغبة .. والرغبة تحرك العزم ..
والعزم يحرك النية .. والنية تحرك الأعضاء “