ضاقت النفوس أو كانت أكثر إتساعاً
فإن الكون لايضيق لضيق الرؤيـة لدينا ولا يتسع بإتساع الأفق لدىَ البعض
لأن الكون لم يكن من صنع الإنسان ليتأثر بطبيعـة النفس البشريـة وتقلباتها
ولإن الإتساع صفـة أزليـة وناموس من نواميس التكوين
إن الكون يتسع للجميع ويحتوي الكل مأوى نسكن إليـه
ومحيط نتجمع فيـه رغم إختلاف توجهاتنا وتنوع أشكالنا وتعدد وجنسياتنا
إنـه ذلك الذي جمع كل الأطياف تجانس وتناغم
ومن يعيش لحظـة تأمل ويتفكر في سعـة الكون وفضائـه الرحب
سيكتشف سذاجـة بنو البشر وسيدرك أن الحياة
محطـة عبور وطيف ذكرىَ لمعنىَ رحيل وبوابـة إنتقال
لعالم أوسع سعادة أو شقاء والعياذ بالله
لدارين لا وجود لقانون التوسط والإعتدال
إذن لماذا تضيق النفوس والصفـة الطبيعيـة الإتساع
والقاعدة الرئيسيـة التعايش والحالـة الإستثنائيـة الضيق والنفور من الآخر
إنـه الجهل وعدم الإدارك لمفهوم الحياة والمعنىَ الصحيح للتواجد
فتجدنا نبحث عن السعادة بوسائل الشقاء وننسج وشاح الذات
بخيوط الوهم والزيف ونرسم معاني الحضور بصفحات الخداع
وقواميس النفاق تضيق النفوس .. نعم تضيق النفوس
ولكن الحقيقـة الساطعـة أن الكون يتمدد ويتمدد ليحتوي الكل ويحتضن الجميع
برغم إتساع الكون تبقىَ النفوس أضيق مما نتصور وهذا دليل
على جهل عميق معشش بالعقول وإفراز لمفهوم خاطئ لدينا
وسنظل نجسد أن عقليـة الإنسان محاطـة بالغباء والجهل المركب
رغم بلوغنا درجات متقدمـة من العلم وإكتسابنا للثقافـة الواسعـة
ولكن تصرفاتنا سمحت لنا بالحكم المُطلق ورسخنا النظريـة
وسنظل نعيش الأشياء بعكس ماهيتها وبعيداً عن جواهرها ومضامينها الحقيقيـة
ولأسباب عديدة ومتعددة لإننا نسعىَ للكذب والنفاق
لنبني جسور التواصل مع الآخرين ونحاول بذلك الإقتراب منهم
ولم ندرك إننا بذلك نزيد بـُعداً ونصغر في نظر الآخرين
لإننا لم نقيم العلاقـة الإنسانيـة على أرضيـة سليمـة
ولم نجسد العفويـة والصدق عند التعامل
عندما نزرع بذور الأنانيـة ونغذي جذور الحقد ونتجاهل معنىَ التسامح
والتعايش السلمي ونطلب من الآخرين الإخاء والتضامن وتقويـة الصلـة
حينها نقتل مكارم الأخلاق ونغتال آخر ذرات المروءة ونتباهى بالسلوك الحضاري
وندعي إننا عنوان للمثاليـة ورمز للسمو والرفعـة والرُقيّ
ولكننا نغرس سهام الغدر في صدور من نحب
ونقول أن الأخوة الصادقـة هي التي تجمعنا ونخادع الذات بكل هذا
ونحتقر النفس ونقضي على كل المعاني الرائعـة للفضيلـة والإعتزاز
وهذا يحدث لأن النفوس أضيق مما نتصور والأصح أن النفوس تضيق
وستضيق من سوء تصرفاتنا فمتى نتصالح مع الذات
لنشعر بروعـة السعـة وجمال النفس الداخلي ؟!
حياتنا أيها الأحباء إلا مارحم ربي تقوم على أسراب الخديعـة
لذا نشعر دائماً بالريب والقلق والإرباك لإختلال المفاهيم لدينا
وضياع المعنىَ الحقيقي للحياة والتعايش
وغرقت مراكبنا على شطآن التيـه والتخبط
وأصبح حضورنا مجرد لحظـة عابرة في زمن منسي
نمضي بلا هدف ونحقق اللآشيئ
فصارت حياتنا ماديـة بحتـة وكإننا وُجدنا لنقدس المادة
فأصبح كل شيئ مادي حتى تعاملنا وعلاقاتنا الإنسانيـة تحكمها المادة
أرواح منهوبـة الذات والضمير الحي .. سُلبت منها القيم والمبادئ الساميـة
وبالمظاهر إنخدعنا وعن المضمون تجاهلنا
والنتيجـة أرواح خاويـة أحياء ولكن قلوبهم متوفيـة