ابن الرومية:

هو أبو العباس أحمد بن محمد بن الخليل مفرج النباتي الأموي المعروف باسم "ابن الرومية"، ولد في أشبيلية بالأندلس عام (560هـ/1165م)، وترعرع ونما وتعلم وتوفي فيها عام (637هـ/1240م) وهو يعتبر من أهالي إشبيلية, ومن أكبر علمائها في علم النبات.برز في علم النبات ومعرفة أشخاص الأدوية وقواها ومنافعها, واختلاف أوصافها وتباين مواطنها، حتى صار المرجع في هذا المجال للعلماء من بعده، كانت له ميول لدراسة الشريعة والأحاديث النبوية في أول حياته، واندفع بعد ذلك لدراسة علمي النبات والطب، حتى برز فيهما، فثقافته الإسلامية جعلت منه عالماً فذاً مدركاً لما يحتاج إليه الناس وخاصة العامة.كان ابن الرومية من ألمع علماء العرب والمسلمين في الشطر الغربي من الأمة الإسلامية، بل إنه يعتبر حجة في علم النبات في الأندلس، تتلمذ على يده ابن البيطار الذي ورث عبقرية أبي العباس ابن الرومية في طريقة البحث والصبر والمثابرة على الدراسة والتحصيل العلمي، واشتهر ابن الرومية بسفر مسافات بعيدة وصعبة للبحث وتقصي الحقيقة، فلقد زار الديار المصرية والشام والعراق لكي يلتقي بكبار العلماء آنذاك, ولدراسة مواطن بعض النباتات التي ذكرها في مؤلفاته.يقول عز الدين فراج في كتابه (فضل علماء المسلمين على الحضارة الأوروبية): "وإذا كان علماء النبات الأندلسيين، هم أعظم من نبغ في هذا الميدان في العالم الإسلامي، فيكفي أن نذكر في ذلك أبا العباس ابن الرومية الأشبيلي المتوفى سنة 637هـ، وتلميذه ابن البيطار المتوفى في سنة 646هـ، وهما يعتبران أعظم علماء النبات والعشابين في العصور الوسطى".اهتم ابن الرومية بالتأليف اهتماماً كبيراً، فألَّف في علم النبات وتفنَّن فيه، حتى صارت مؤلفاته في هذا العلم مرجعاً يرجع إليه العلماء؛ ليقتبسوا منه المعلومات المفيدة والنادرة والبناءة، ومن أهم مؤلفاته: تفسير أسماء الأدوية المفردة من كتاب ديسقوريدس أو شرح حشائش ديسقوريدس - مقالة في تركيب الأدوية - أدوية جالينوس والتنبيه على أوهام ترجمتها - الرحلة النباتية - التنبيه على أغلاط الغافقي - الرحلة المستدركة.ومن المؤسف حقاً أن كتاب "الرحلة النباتية" لابن الرومية قد فُقِد ولم يبق إلا نتف ذكرها تلميذه ابن البيطار، ولقد احتوى هذا الكتاب على معلومات ثمينة جداً؛ لأنه وصف فيه خبرته العلمية التي لا تقدر بثمن، ويتضح لنا من وصف المستشرق ماكس ماير هوف لكتاب الرحلة النباتية أن ابن الرومية كان عملاقاً لا يضاهيه إلا الغافقي في حقل النبات.(د. محمد مصطفى السمري، القاهرة، موقع العالم الإسلامي).الدينوري:هو أحمد بن داود الدينوري الحنفي، عاش في القرن الثالث الهجري، ولد بالعراق، وتنقل بين البلدان، وتوفي في حدود (282هـ، 895م)، صنّف كتاب النبات وهو كتاب لم يُصنَّف مثله في اللغة العربية حتى عصره، ويُعَدُّ بهذا شيخ النباتيين العرب، استقصى في هذا الكتاب كل ما نطقت به العرب من أسماء النبات، وربما عاين أنواعًا منها في مواطنها ثم وصفها وصفًا دقيقًا، أو ربما اكتفى بسؤال الأعراب عنها، أو بما جاء عنها في كتب اللغة المتقدمة.وعُنِيَ بإيراد ما قالته العرب من شعر أونثر في وصف النباتات وأجزائها من أصل وجذع وزهر أو ثمر أو ورق، ويستشهد بأقوال العرب من صفات النبات واستعمالاته ومواطن نموه، وقد نقل علماء اللغة هذا الكتاب ـ كلَّه أو جُلَّه ـ في مصنفاتهم مع اختلاف طفيف في النقل، فعل ذلك ابن دريد في الجمهرة، والأزهري في التهذيب، والجوهري في الصحاح, وابن سيده في المخصص، وابن منظور في لسان العرب، والفيروزأبادي في القاموس المحيط. ولاشك أن الدينوري في هذا المصنّف نباتي عربي محض، حتى في مصادره؛ فلا نجد لديه ما لدى المتأخرين من الاعتماد على المصادر الأجنبية، إنما كان اعتماده على المصادر العربية الأصيلة، ثم إنه لم يُعِر الجانب الطبي كثيرًا من العناية؛ فهو نباتي ليس إلا، وليس نباتياً طبيباً كابن البيطار وداود وابن سينا وغيرهم. وعلى الرغم من أن القصد الأساسي للكتاب لغوي، إلا أنه صار عمدة للأطباء والعشابين كذلك؛ فلا يُجاز عشَّابٌ إلا بعد أن يستوعب هذا الكتاب ويجتاز امتحانًا فيه، ولم يقتصر النقل عنه على كتب اللغة فحسب، بل نقلت عنه كتب المفردات الطبية كمفردات الأدوية لابن البيطار.وصف الدينوري مئات النباتات وصنَّف أسماءها مرتبة ترتيبًا معجمياً وتحدّث عن الأراك والإسحل والأثاب، والأرطى، والآس، والأقحوان وغيرها، وقد بدأ كتابه بوصف شامل لأنواع التربة في بلاد العرب وتركيبها ومناخها وتوزيع مائها، والشروط الضرورية لنمو النباتات فيها، وقد بلغ عدد ما أورده من أسماء النباتات 1120 اسمًا، لذا يعد الدينوري أول من ألَّف في علم الفلورا النباتية للجزيرة العربية. (موقع: "الموسوعة العربية الإسلامية" بتصرف).الغافقي (ت 560هـ / 1165م):أبو جعفر أحمد بن محمد بن أحمد بن السيد الغافقي الأندلسي، أحد علماء النبات والصيدلة الذين اشتهروا في القرن السادس الهجري / الثاني عشر الميلادي، ولد بمدينة غافق التي تقع بالقرب من قرطبة بأسبانيا الإسلامية وإليها نُسِب، عاش أبو جعفر الغافقي فترة كانت الدولة الإسلامية في الأندلس في فوضى شديدة واضطراب مما دعا كثيرا من العلماء البارزين في الفلسفة والعلوم إلى الهجرة من الأندلس إلى بلاد الشرق وأفريقيا، ولقد عُرِف الغافقي بين معاصريه بتواضعه الملحوظ، فهو من علماء العرب والمسلمين الذين سما العلم بنفوسهم وصقل روحهم، فكان من العلماء الذين قضوا معظم حياتهم في طلب العلم وتدريسه، وأعطى نصائح للأطباء والصيادلة على حَدٍّ سواء.نال أبو جعفر الغافقي شهرة عظيمة كعالم نبات بسبب كتابه المرموق "الأدوية المفردة"، فقد جمع فيه ما يقارب ألف صنفٍ من الأدوية البسيطة، ووصفها وصفا علميا، وشرح طريقة استعمالها، وقد استفاد من خبرة كل من ديسقوريدس وجالينوس في تصنيف هذا الكتاب الثمين، فذكر ما أورده كل منهما بأوجز لفظ وأتم معنى، مع ذكر أسماء الأدوية بالعربية، واللاتينية، والبربرية، ثم ذكر بعد قوليهما ما تجدد للمتأخرين من الكلام في الأدوية المفردة، أو ما ألمَّ به هو واحدا واحدا وعرفه فيما بعد، فجاء كتابه جامعا لما قاله الأفاضل في الأدوية المفردة, ودستورا يرجع إليه فيما يحتاج إلى تصحيحه منها.ولم يكن أبو جعفر الغافقي من العلماء المكثرين في تأليف الكتب بل اقتصر على كتابين فقط هما كتاب "الأدوية المفردة" و "كتاب الأدوية"، ومن المؤسف حقا أن معظم إنتاجه في الصيدلة ضاع، وما وصلنا منه هو ما حفظه ابن البيطار في مؤلفاته. (موقع "الإسلام"