اصبح البحث عن بدائل للوقود التقليدي "النفط" أمرًا ضرورياً بالنسبة للدول الصناعية المتقدمة ولا سيما بعد الارتفاع الملحوظ لاسعار الوقود على مستوى العالم وترصد هذه الدول المبالغ المالية الطائلة لتمويل ابحاث البحث عن مصادر للطاقة البديلة والمقصود هنا بديلة عن النفط، وفي المقابل عكف العلماء والباحثون على إجراء الدراسات والابحاث للحصول على مصادر بديلة للطاقة، فقد تم تطوير استخدام الطاقة الشمسية لتوليد الطاقة الكهربائية، واستخدام طاقات المد والجذر وأمواج البحر كطاقات حركية يمكن تحويلها لطاقة كهربائية، أو استخدام المياه الساقطة من الشلالات لتوليد الطاقة الكهربائية والاستعاضة بالعديد من مصادر الطاقة البديلة عن الوقود التقليدي.
ولكن هذه المصادر البديلة تعتمد على تقنيات معقدة عالية التكلفة ، ولا تصلح لجميع التطبيقات كبديل عن النفط ، وكذلك فأن معظم هذه المصادر تعتمد على ظروف مناخية وجغرافية معينة مثل سطوع الشمس لفترات طويلة بالنسبة للطاقة الشمسية وبالتالي في الدول التي تكثر فيها السحب أثناء العام تكون مشكله كبيرة بالنسبة لاعتمادهم على الطاقة الشمسية لتوليد الكهرباء ، وكذلك الاستفادة من ظاهرة المد والجزر وحركة الأمواج يتطلب الوجود بالقرب من البحر وهذا أيضا ليس متوفر في كل مكان بالطبع . ولكن بالرغم من كل هذه الصعوبات فأن خلايا الوقود وبعد جهود العلماء المستمرة قد تخطتها لتكون وقود المستقبل وبديلاَ عن النفط .
يطلق على خلايا الوقود اسم مصدر طاقة القرن الحادي والعشرين ، خلايا الوقود هي صورة من صور تحويل الطاقة الكيميائية المختزنة في المركبات الهيدروكربونية إلى طاقة كهربائية مباشرة . والوقود المستخدم في هذه الخلايا هو الهيدروجين أو الغاز الطبيعي أو الميثانول بالاستعانة بالأكسجين أو الهواء الجوي .
نبذة تاريخية
تم اختراع تقنية خلايا الوقود في انجلترا في منتصف القرن التاسع عشر الميلادي على يد السير وليام روبرت جروف William grove، منذ اكثر من 160 عاماً حيث لم يكن يعلم ان اختراعه الذي وضعه في العام 1839 سيحل مشكلة تواجه العالم في القرن الواحد والعشرين لاكتشاف خلايا الوقود التي يمكن عن طريقها الحصول على الكهرباء من الهيدروجين أو الكحول دون أي عملية احتراق؛ وبذلك يكون قد حل المعادلة الصعبة، وهي الحصول على طاقة نظيفة من غير أن نلوث البيئة وبأقل الأسعار؛ حيث إن المشكلة ثلاثية الجوانب: الطاقة، والبيئة، والتكلفة. وهي الاتجاهات الثلاثة التي يصبو العلماء لحلها .
والحل يكمن في هذه الخلية الصغيرة التي تدعى خلية الوقود ، ولكن نظرا لعدم جدوى استخدامه في تلك الفترة ، ظل هذا الاختراع حبيس الادراج لأكثر من 130سنة ، ولكن عادت خلايا الوقود مرة أخرى للحياة في عقد الستينيات،وذلك عندما طورت شركة (( جنرال إليكتريك )) خلايا تعمل على توليد الطاقة الكهربائية اللازمة لإطلاق سفينتي الفضاء الشهيرتين { أبولو }
و { جيمني } ، بالاضافة الى توفير مياه نقية صالحة للشرب ، كانت الخلايا في تلك المركبتين كبيرة الحجم وباهظة التكلفة ، لكنها أدت مهامها دون وقوع أي أخطاء ، واستطاعت أن توفر تيارا كهربائيا وكذلك مصدرا للمياه النقية الصالحة للشرب .
تتميز خلايا الوقود عن البطاريات التقليدية في اعتمادها على دمج عنصري الهيدروجين والأكسيجين لإنتاج الكهرباء والتي تحصل الخلية عليهما من مصدر خارجي ولا تعدان من مكونات خلية الوقود نفسها وهذا ما يعطي لهذه الخلايا الاهمية بالمقارنة مع البطاريات، حيث أن في البطاريات التقليدية فإن مكونات البطارية هي اساس توليد الطاقة حيث يحدث التفاعل الكيميائي لمكونات البطارية لانتاج الطاقة الكهربية وتستمر هذه العملية الى حين انتهاء المواد الكيميائية المتفاعلة فتتوقف البطارية لحين إعادة شحنها مرة أخرى، في حين إن خلايا الوقود تعمل بصفة مستمرة لأن وقودها الهيدروجين والأكسجين يأتيان من مصادر خارجية، كما أن خلايا الوقود في حد ذاتها ليست سوى رقائق مسطحة تنتج كل واحدة منها فولطاً كهربائياً واحداً، وهذا يعني أنه كلما زاد عدد الرقائق المستخدمة كلما زادت قوة الجهد الكهربائي
فكرة عمل خلايا الوقود
تعتبر خلية الوقود أداة لتحويل الطاقة الكيميائية إلى طاقة كهربية اي انها تقوم من خلال تفاعلات كيميائية بتحويل الهيدروجين والاكسجين إلى ماء وينتج عن هذه العملية طاقة كهربية. وبالمقارنة مع البطارية التقليدية المعروفة فإن الاختلاف يكمن في ان المواد الكيميائية الداخلة في التفاعل لتوليد الكهرباء هي جزء من تركيب البطارية وتوجد في داخلها، وبانتهاء المواد الكيميائية هذه فإن البطارية تصبح عديمة الفائدة ويتم استبداله أو اعادة شحنها مرة اخرى، في حين ان خلايا الوقود لا يمكن ان تنتهي فهي تعمل باستمرار لان مصدر المواد الكيميائية هي من الهواء.
يوجد العديد من خلايا الوقود تصنف حسب المواد الكيميائية التي تستخدمها، وكذلك صفائح المحلل electrolyte التي تستخدماها. والنوع الاكثر شيوعا ورواجا هو خلية الوقود ذات غشاء التبادل البروتوني proton exchange membrane fuel cell (PEMFC).
إن النماذج البسيطة التي تصنع منها الخلية الهيدروجينية و المستخدمة في وسائط النقل تنتج حوالي 1.16 Volt لذلك يتم وصل عدد كبير من الخلايا لتوليد الطاقة الكهربائية المطلوبة . يبين الشكل التالي خلية هيدروجينية مكونة من عدد كبير من الشرائح لتوليد فرق الجهد المطلوب.
لقد تنوعت أماكن استخدام الخلية الهيدروجينية و اختلفت التصاميم و الأبعاد الموضوعة لها تبعاً للطاقة المطلوبة فهناك
دراجة نارية تستخدم وقود الهيدروجين بدلا من الوقود التقليدي من خلال خلايا الوقود وايضا سيارة تعمل بواسطة محرك كهربي يحصل على الطاقة من خلايا الوقود الهيدروجيني