منتدى علوم المنصورة
كورس فى الجولوجيه التارخيه متجدد Ezlb9t10


منتدى علوم المنصورة
كورس فى الجولوجيه التارخيه متجدد Ezlb9t10

منتدى علوم المنصورة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى علوم المنصورةدخول

اهلا بك يا زائر لديك 16777214 مساهمة


descriptionكورس فى الجولوجيه التارخيه متجدد Emptyكورس فى الجولوجيه التارخيه متجدد

more_horiz
تعريف الجيولوجيا التاريخية

تختص الجيولوجيا التاريخية (Historical geology) بدراسة تاريخ الأرض منذ نشأتها ولحد الآن، وتشمل هذه الدراسة مجمل الأحداث الفيزيائية (الطبيعية) والعضوية (الحياتية).

(1) التاريخ الطبيعي للأرض: ويشمل تكون الأرض ونشوء القارات والمحيطات، وتاريخ حركة الأطباق الأرضية، وعمليات بناء الجبال، والتغيرات المناخية للأرض والعصور الجليدية فيها.

(2) التاريخ الحياتي للأرض: ويشمل بدايات ظهور الحياة على الأرض، ابتداءً من الأشكال البسيطة لها ولغاية ظهور الإنسان. وهذا يشمل ظهور الأنواع المختلفة للكائنات بمملكاتها الأربعة وهي: مملكة المونيرا، ومملكة الطليعيات، ومملكة النباتات، ومملكة الحيوانات.


ما هو مقياس الزمن الجيولوجي؟

إن دارسي تاريخ الأرض كدارسي تاريخ الحضارات البشرية لابد لهم من إيجاد واسطة لتحديد زمن وقوع الأحداث الرئيسة والمهمة، وذلك لسهولة التفاهم فيما بينهم، فكان الزمن بالنسبة لمؤرخي الحضارات هو السنين والقرون، أما بالنسبة لدارسي تاريخ الأرض فأنهم يحتاجون إلى مقياس خاص بهم وذلك لطول الفترة الزمنية التي يدرسونها، وبذلك وضعوا مقياساً عرف بمقياس الزمن الجيولوجي (Geological Time Scale) مكون من وحدات كبيرة ووحدات اصغر منها، هذه الوحدات هي: الحقبة أو الأبد (Eon) والدهر (Era) والعصر (Period) والحين (Epoch)، وهذه الوحدات مرتبة من الأكبر إلى الأصغر.

إن مقياس الزمن الجيولوجي المبين في الجدول رقم (1) هو حصيلة دراسات عديدة قام بها العلماء خلال المائتين سنة الماضية، وهذا المقياس لم يصل إلى ما هو عليه الآن إلا بعد العديد من التغيرات، إذ أنه لم يكن سوى جدول بسيط يتألف من ثلاث تقسيمات، ثم ظهر لكل تقسم تقسيمات ثانوية، وهكذا حتى وصل إلى ما هو عليه. ولم يشهد فقط زيادة في عدد تقسيماته الثانوية بل شهد العديد من التبديلات والحذف لبعض التقسيمات وإضافة للبعض الآخر.

قياس عمر الصخور:

إن قياس عمر الصخور، وبالتالي معرفة تتابعها ووضع مقياس للزمن الجيولوجي، يتم أما بالعمر النسبي (Relative Dating) أو بالعمر الحقيقي (Absolute Dating)، وكلا الأسلوبين يعد تابعاً لعلم التقويم الجيولوجي (Geochronology) الخاص بتحديد الأعمار (Montgomery, 1997).

(1) طريقة العمر النسبي (Relative Dating Method): تعتمد على تحديد عمر الطبقات الصخرية بالنسبة لبعضها البعض دون معرفة العمر الحقيقي لها، وذلك بالاعتماد على قانون تتابع الطبقات(Principle of Superposition)، الذي وضعه جيمس هتن (James Hutton, 1726-1797)، والذي ينص على أنه في أي تتابع للصخور المتطبقة والتي لم تتعرض للتشويه بالتفلق أو الطي الشديد، فان الطبقة التي في الأسفل تكون أقدم من الطبقة التي تعلوها، كما يمكن الاستفادة من قانون التتابع الحيواني والنباتي ومن المتحجرات الدالة لتحديد العمر النسبي للطبقات الصخرية، خاصة عندما تكون معزولة عن بعضها، أي أن الطبقات التي تحتوي على المتحجرات القديمة تكون الأقدم وتلك التي تحتوي على المتحجرات الحديثة هي الأحدث.

(2) طريقة العمر الحقيقي (Absolute dating Method): تعتمد على تحديد العمر الحقيقي للطبقات بالسنين. في عام (1910) أقترح العالم فريدريك سودي (Frederick Soddy) أسم النظير (Isotope) والذي يعني (نفس المكان للتعبير) عن الذرات المختلفة في أوزانها الذرية لكنها متشابهة في أعدادها الذرية. لذلك يمكن تعريف النظائر بأنها ذرات نفس العنصر الكيميائي التي لها نفس العدد الذري (أي نفس عدد البروتونات) لكنها تختلف في العدد الكتلي (أي في عدد النيوترونات). إن مفهوم عدم استقرار النظير المشع يعني انحلال نواة الذرة تلقائياً لتكوين نواة ذرة عنصر آخر، لكن بحالة مستقرة وهذا ما يعبر عنه بالنشاط الإشعاعي (Radioactivity). وخلال هذه العملية تبعث من النواة أنواع مختلفة من الجسيمات على هيئة طاقة أو إشعاع، وبناءً على ذلك فأن النظير المشع الأصلي يدعى بالنظير الأم (Parent Nuclide) أما النظير الناتج من التحلل الإشعاعي فيدعى بالنظير البنت (Daughter Nuclide). إن عملية تحول النظير الأم إلى النظير البنت بواسطة التحلل الإشعاعي يتم بمعدل ثابت لا يتغير ولا يتأثر باختلاف الظروف الطبيعية والكيميائية المحيطة. معدل التحول هذا يدعى بثابت الانحلال(Decay Constant)، ولكل نظير مشع ثابت تحلل خاص به، على سبيل المثال ثابت انحلال اليورانيوم المشع (U238) هو (7620x106). أما زمن تحول نصف وزن النظير الأم إلى النظير البنت فيدعى بنصف العمر
(Half-Life)، فمثلاً نصف عمر نظير اليورانيوم يبلغ حوالي (4560) سنة (الياس، 1993). يمكن حساب عمر الصخور أو أي مادة تحتوي على نظير مشع من خلال معرفة وزن النظير الأم ووزن النظير البنت الموجود في عينة صخرية ما، فضلاً عن ثابت تحلل النظير، وبتطبيق المعادلة التالية يمكن حساب العمر (العمري ونادر،2001):





[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]إقتباس[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]








Time = (W. of Parent Nuclide / W. of Daughter Nuclide) x Decay Constant
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة][ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
في الوقت الحالي يستخدم جهاز المطياف الكتلي (Mass Spectrometer) لحساب عمر الصخور، وهو جهاز يعتمد على المبدأ السابق في حساب العمر. إن ما ذُكر عن استخدام النظائر في حساب عمر الصخور يعد جزءاً من علم جيولوجيا النظائر (Isotope Geology). من أبرز النظائر المستخدمة لحساب العمر هي: نظير اليورانيوم (U)، نظير البوتاسيوم (K)، نظير الأركون (Ar)، نظير الروبيديوم (Rb)، نظير الكاربون (C)، .. الخ.


تقسيمات الزمن الجيولوجي:


يتضح من تقسيمات الزمن الجيولوجي مبينة في الجدول رقم (1) أن عمر الأرض والبالغ (4600) مليون سنة قد قسم إلى حقبتين أو أبدين هما حقبة الحياة الخفية تمتد من (544-4600) مليون سنة، وحقبة الحياة الظاهرة تمتد من (0-544) مليون سنة، وفيما يلي شرح مبسط لكل من هاتين الحقبتين (Hamblin and Christiansen, 1998):

أولاً: حقبة أو ابد الحياة الخفية (Cryptozoic Eon):
يعرف أيضاً بحقبة ما قبل الكامبري (Precambrian Eon)، وهو متمثل بمجموعة الصخور القديمة التي تشكل حجم واسع من القشرة القارية، ولا يوجد في القشرة المحيطية. أغلبها صخور نارية وصخور متحولة شديدة التشوه. لكي تنتج هذه الصخور، لا بد من وجود سمك كبير من الصخور الرسوبية والصخور البركانية المنثنية والمتفلقة والتي اخترقت الصخور الكرانيتية (Granitic Rocks). صخور هذه الحقبة تحتوي فقط على القليل من متحجرات الأشكال الحياتية الأولية أو البدائية جداً. بدون المتحجرات الشائعة فان مقارنة الطبقات الصخرية المنفردة من قارة إلى قارة يصبح صعب جداً، إذا لم يكن مستحيلاً. تقدم رئيسي في حل شفرة هذه الحقبة يمكن تحقيقه باستخدام طرائق النظائر المشعة (Radiometric Methods) لمعرفة عمر الصخور النارية والمتحولة، هذه الأعمار تزودنا بتقسيمات مهمة لحقبة الحياة الخفية وبالتالي معرفة عمر العديد من الأحداث الرئيسة التي وقعت فيه. تقسم حقبة الحياة الخفية إلى ثلاث تقسيمات ثانوية هي: الحقبة الخفية (Hadean Eon) وحقبة الاركين (Archean) وحقبة الحياة الأولية (Proterozoic)، والتي قسمت اعتماداً على عمرها المستخرج بالنظائر المشعة وليست بالمتحجرات.

ثانياً: حقبة أو ابد الحياة الظاهرة (Phanerozoic Eon):
صخور هذه الحقبة احدث عمراً من صخور حقبة الحياة الخفية، وهي اقل تعقيداً (تشويهاً) وتحتوي على العديد من المتحجرات التي مكنت الجيولوجيين من مضاهاتها عالمياً على نطاق واسع. المدة التي أعقبت نهاية حقبة الحياة الخفية تدعى بحقبة الحياة الظاهرة (Phanerozoic Eon) وهي مشتقة من أصل إغريقي يعني الحياة المرئية (Visible Life). هذه الحقبة تؤشر العصور التي كانت المتحجرات فيها شائعة جداً. مرور الزمن في هذه الحقبة سُجل (أُرخ) بواسطة المتحجرات التي توحي بالتطور المستمر لأشكال الحياة المتنوعة على الأرض. حقبة الحياة الظاهرة قسمت إلى ثلاث دهور (Eras) رئيسة، والتي قسمت بدورها إلى عدد من العصور (Periods).

جدول (1): تقسيمات مقياس الزمن الجيولوجي، يتضمن الحقب والدهور والعصور.

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]

(1) دهر الحياة القديمة (Paleozoic era): سمي هذا الدهر بعصر الأسماك (Age of fishes) وذلك لان صخور هذا الدهر تحتوي على عدد من متحجرات الكائنات البحرية، أبرزها الأسماك الأولية(Primitive fishes)، فضلاً عن متحجرات البرمائيات (Amphibians). هذا الدهر يقسم إلى ستة عصور اعتماداً على درجة تشوه الصخور في بريطانيا هذه العصور من الأقدم إلى الأحدث هي: العصر الكامبري
(Cambrian Period) والعصر الاوردوفيشي (Ordovician Period) والعصر السيلوري (Silurian Period) والعصر الديفوني(Devonian Period) والعصر الكاربوني (Carboniferous Period) والعصر البرمي(Permian Period).


(2) دهر الحياة الوسيطة (Mesozoic Era): سمي هذا الدهر بعصر الزواحف (Age of Reptiles) وذلك لان صخور هذا الدهر تحتوي على عدد كبير من متحجرات الزواحف (Reptiles) فضلاً عن متحجرات اللافقريات (Invertebrates) الشائعة في هذه الصخور. صخور هذا الدهر قسمت إلى ثلاثة عصور هي من الأقدم إلى الأحدث: العصر الترياسي (Triassic Period) والعصر الجوراسي (Jurassic Period) والعصر الكريتاسي (Cretaceous Period).
(3) دهر الحياة الحديثة (Cenozoic Era): سمي هذا الدهر بعصر اللبائن (Age of Mammals) وذلك لأن صخور هذا الدهر تحتوي على عدد كبير من متحجرات اللبائن (Mammals) فضلاً عن متحجرات النباتات (Plants) واللافقريات (Invertebrates). صخور هذا الدهر قسمت إلى عصرين، هما من الأقدم إلى الأحدث: العصر التيرشري (Tertiary Period) والعصر الكواترنري (Quaternary Period). وهناك تقسيم آخر أحدث من التقسيم السابق، يقسم دهر الحياة الحديثة إلى ثلاث عصور هي من الأقدم إلى الأحدث: عصر الباليوجين
(Paleogene Period) وعصر النيوجين (Neogene Period) وعصر الانثروبوجين (Anthropogene Period).


------------------------------------------------
المصادر:

أولاً: المصادر العربية:

1. العمري، فاروق صنع الله، وعامر داؤد نادر، 2001: (مبادئ الجيولوجيا التاريخية). وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة الموصل، 628 صفحة.

2. الياس، محمد الياس، 1993: (النظائر وأسس علم التقويم الجيولوجي). وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جامعة الموصل، 199 صفحة.

ثانياً: المصادر الأجنبية:

1. Hamblin, W.K., Christiansen E.H., and 1998: (Earth's Dynamic Systems). Prentice Hall, New Jersey, Eighth Edition, P.739.

2. Montgomery, C.W., 1997: (Fundamentals of Geology). Wm. C. Brown Publishers, Third Edition, P. 411.

__________________

descriptionكورس فى الجولوجيه التارخيه متجدد Emptyرد: كورس فى الجولوجيه التارخيه متجدد

more_horiz
هاااااااااااااااااااايل
شكرا علي الموضوع
giver

descriptionكورس فى الجولوجيه التارخيه متجدد Emptyرد: كورس فى الجولوجيه التارخيه متجدد

more_horiz
شكرا د ميمو على المرور giver

descriptionكورس فى الجولوجيه التارخيه متجدد Emptyرد: كورس فى الجولوجيه التارخيه متجدد

more_horiz
موضوع جميل جدا يا هبه
و حاجة جديدة بارك الله فيك
بس ارجو ان المادة العلمية المنتقاة تكون مبسطة لأن معظم الاعضاء علي غير دراية بعلم الجيولوجيا
وكمان يكتفي بكلمة منقول بدلا من ذكر المصادر و مش شرط ذكر اي منهم
ارجو ملاحظة النقطتين دول دي تلميحات بعيدة عن الموضوع بس لا بد منها للموضوعات الجاية

descriptionكورس فى الجولوجيه التارخيه متجدد Emptyرد: كورس فى الجولوجيه التارخيه متجدد

more_horiz
شكرا يا هبه
موضوع متميز

descriptionكورس فى الجولوجيه التارخيه متجدد Emptyرد: كورس فى الجولوجيه التارخيه متجدد

more_horiz
شكرا لكم على المرور وان شاء الله ليو هاخذ بالى من ملاحظاتك المره القادمه وشكرا على التنبيه

descriptionكورس فى الجولوجيه التارخيه متجدد Emptyرد: كورس فى الجولوجيه التارخيه متجدد

more_horiz
نشوء الكون والمجموعة الشمسية
مقدمة:

منذ أن وجد الإنسان على هذه الأرض وهو يتساءل عن اصل الأشياء وأسباب تكونها وكيفية تكونها، ومن التساؤلات المهمة والقديمة والتي شغلت الأذهان هو السؤال المتعلق بأصل الكون. وقد ظهرت العديد من الأفكار والآراء بعضها يعد أساطير وبعضها الآخر أصبح أفكار غير واقعية وبعضها نظريات عفا عليها الزمن. والنظرية الحديثة التي تفسر اصل الكون والتي لاقت رواجاً بين العلماء هي (نظرية الانفجار العظيم). أما النظرية التي تفسر أصل المجموعة الشمسية فهي (النظرية السديمية)، وهي تعد جزءاً من نظرية الانفجار العظيم ولكننا فضلنا دراستها على حدة لتسهيل عملية الفهم لدى القارئ. أما فيما يتعلق بنشوء القمر، والذي يعد مهماً بالنسبة لنا لأنه التابع الوحيد للأرض، فأن هناك العديد من النظريات التي حاولت أن تفسر نشأته، ولكن أبرزها وأكثرها حداثة وقبولاً في الأوساط العلمية هي (نظرية التصادم). وسوف نتطرق إلى كل من هذه النظريات الثلاث (نظرية الانفجار العظيم، والنظرية السديمية، ونظرية التصادم) بشيء من التفصيل فيما يلي:

أولاً: نظرية الانفجار العظيم (Big Bang Theory):

تمهيد: الانفجار العظيم حادث كوني وقع قبل (15 بليون) سنة عندما كان الكون كله مضغوطاً في جزيء ذري واحد بشكل نقطة واحدة أطلق عليها العلماء اسم (الذرة البدائية) أو (الحساء الكوني). وأن حجم هذه النقطة كان يساوي الصفر وكتلتها لا نهائية. أي أن الكون كان عبارة عن طاقة خالصة. وأن الصيغة النهائية التي يمكن اختصار النظرية بها هي: أنه قبل (15) بليون سنة وقع انفجاراً هائلاً في ذرة بدائية كانت تحتوي على مجموع المادة والطاقة. وفي اللحظات الأولى من الانفجار الهائل ارتفعت درجة الحرارة إلى عدة تريليونات، حيث خلقت فيها أجزاء الذرات، ومن هذه الأجزاء خلقت الذرات، وهي ذرات الهيدروجين والهليوم، ومن هذه الذرات تألف الغبار الكوني الذي نشأت منه المجرات فيما بعد، ثم تكونت النجوم والكواكب ـ وما زالت تتكون ـ وفي غضون ذلك كان الكون وما زال في حالة تمدد وتوسع، وبذلك فان الانفجار العظيم أدى ليس فقط إلى ظهور جزيئات ذرية جديدة بل إلى وجود مفهومي الزمان والمكان اللذين كان يستحيل الحديث عنهما قبل المادة.

العلماء الذين أسسوا لنظرية الانفجار العظيم عديدين، ولكن أبرزهم: القس البلجيكي جورج لو ميتير
(George Le Maitre) الذي اقترح سنة (1927) صورة جديدة لنشأة الكون وتطوره، وقد وافقه على ذلك جورج كاموف (George Gamov).

أدلة حدوث الانفجار العظيم: هناك عدد من الظواهر التي تشير إلى حدوث الانفجار العظيم:

(1) الاتساع المستمر للكون (Continuously Expanding of Universe):
لاحظ العلماء بأنه في كل مكان من الكون هناك مجرات (Galaxies) تتباعد إحداها عن الأخرى بسرعات هائلة جداً. فمنذ بداية القرن التاسع عشر لاحظ علماء الفضاء وجود خطوط داكنة بين ألوان الطيف الشمسي لدى تحليلهم لضوء الشمس. ومع تطور معدات رصد الفضاء والنجوم ظلت هذه الخطوط ماثلة، وتبين فيما بعد أن هذه الخطوط تشير إلى انبعاث الهيدروجين من النجوم، وأثبت الفيزيائي الفرنسي (أرمان فيزو) أن الأجسام السماوية تترك عند تحليل طيفها لوناً أكثر احمراراً في حال كانت تقترب من مركز المراقبة، ولكنه يميل إلى الأزرق عندما تبتعد.

وعمل أدوين هابل (Edwin Hubble) في النصف الأول من القرن العشرين على تطوير هذه الاكتشافات. وقد توصل هابل باستخدام تلسكوبه الشهير (تلسكوب هابل) من التوصل إلى فكرة توسع الكون إذ أكد أن النجوم والمجرات تبتعد عن مركز الرصد والذي هو الأرض، وكذلك تبتعد عن بعضها البعض. وبعد مجموعة من المقارنات وصل إلى وضع قانون عرف باسمه مفاده (إن سرعة النجم تتناسب تناسباً طردياً مع مربع المسافة التي تفصلنا عنه، أي أن النجم كلما كان بعيداً كلما ازدادت سرعة ابتعاده عنا). كما أن المجرات تبتعد عن بعضها البعض أيضاً. وقد حاول العلماء تشبيه هذه الظاهرة بانفجار قنبلة، فشظاياها تبدأ بطيئة ثم تتسارع ومن ثم تتباطأ، وكل شظية سوف تبتعد عن البقية بنفس الطريقة.

ولكي نفهم الفكرة أكثر، احضر بالون وارسم عليه مجموعة من النقاط. اعتبر البالون هو الكون والنقاط هي المجرات، أبدأ بنفخ البالون، سترى أن النقاط كلها تبتعد عن بعضها، وكلما ازداد اتساع البالون كلما ازداد بعد النقاط أكثر. وهذا ما يحدث في الكون بالضبط.

وقد كان انشتاين في البدء من مؤيدي فكرة الكون الساكن (غير المتوسع) الذي تتوزع المادة فيه بصورة متساوية، لذلك اضطر إلى أن يضيف إلى أحد معادلاته الرياضية رقماً يدعى بالثابت الكوني
(Cosmological Constant) لتكون معادلته منسجمة مع ما هو معتقد في ذلك الوقت من سكون الكون، لكن حساباته برهنت له ما يناقض فكرته الأصلية تماماً وانتهى به المطاف إلى تأكيد أن الكون قابل للتوسع والانكماش مما دفعه إلى تعديل نظريته الأولى وتبنى تصور عن كون كروي من أربعة أبعاد. وقد قال انشتاين عن الثابت الكوني انه (اكبر خطأ في حياتي).


(2) الخلفية الإشعاعية (Background Radiation):
في عام (1948) توصل العالم (جورج كاموف) (George Gamov)، وهو فيزيائي أمريكي من اصل روسي، إلى فكرة جديدة تتعلق بالانفجار الكبير، مفادها أنه إذا كان الكون قد تشكل فجأة فأن الانفجار كان عظيماً ويفترض أن تكون هناك كمية قليلة محددة من الإشعاع تخلفت عن هذا الانفجار والأكثر من ذلك يجب أن تكون متجانسة عبر الكون كله.

وبعد عقدين من الزمن كان هناك برهان رصدي قريب لحدس كاموف، ففي عام (1964) قام باحثان يعملان في مختبرات شركة بل للتليفونات بمدينة نيوجرسي هما (آرنو بنزياس) (Arno Penziaz) و (روبرت ويلسون) (Robert Wilson) بإجراء تجربة تتعلق بالاتصال اللاسلكي وبالصدفة عثرا على إشارات راديوية منتظمة الخواص، قادمة من كافة الاتجاهات في السماء وفي كل الأوقات وبصورة مستمرة. وفُسرت هذه الإشارات الراديوية على أنها بقية الإشعاع الذي نتج عن عملية الانفجار الكوني العظيم. وقد قدرت درجة حرارة تلك البقية الإشعاعية بحوالي ثلاث درجات مئوية، ومنح بنزياس و ويلسون جائزة نوبل لاكتشافهم هذا.

وقد تحققت وكالة ناسا (NASA) الأمريكية عام (1989) من النتائج التي توصل أليها كل من ينزياس وويلسن عن الخلفية الإشعاعية للكون بواسطة إرسال قمر صناعي إلى الفضاء أسموه (COBE) وهو مختصر لعبارة
(Cosmic Background Explorer) والتي تعني (مستكشف الخلفية الإشعاعية) كان الغرض من إرساله التحري عن الموجات الكونية الدقيقة (Cosmic Microwave) وزودته بأحدث الأجهزة الحساسة، واحتاج هذا القمر إلى ثماني دقائق فقط للعثور على هذا الإشعاع وقياسه، بلغ ارتفاع هذا القمر (600 كم) حول الأرض، وقد وجد أن درجة حرارة الخلفية الإشعاعية للكون بأقل من ثلاث درجات مئوية (تحديداً 2.735 مئوية). وقد أثبتت هذه الدراسة تجانس مادة الكون وتساويه التام في الخواص قبل الانفجار وبعده، أي من اللحظة الأولى لعملية الانفجار الكوني العظيم وانتشار الإشعاع في كل من المكان والزمان مع احتمال وجود أماكن تركزت فيها المادة الخفية التي تعرف باسم المادة الداكنة (Dark Matter). كذلك قام هذا القمر الصناعي بتصوير بقايا الدخان الكوني الناتج عن عملية الانفجار العظيم على أطراف الجزء المدرك من الكون (على بعد عشرة مليارات من السنين الضوئية) وأثبتت أنها حالة دخانية معتمة سادت الكون قبل تكون المجرات.


(3) كمية غازيّ الهيدروجين والهليوم في الكون:
تشير الدراسات الحديثة عن توزيع العناصر المعروفة في الجزء المدرك من الكون إلى أن غاز الهيدروجين يكون أكثر قليلاً من (74%) من مادة الكون، ويليه في النسبة غاز الهليوم الذي يكون حوالي (24%) من تلك المادة. ومعنى ذلك أن أخف عنصرين يكونان معاً أكثر من (98%) من مادة الكون المنظور، أما بقية العناصر مجتمعة (عدد العناصر المكتشفة هو 105 عنصر) فتكون أقل من (2%) من مادة الكون. وهذه الأرقام تدعم نظرية الانفجار العظيم، إذ أن جورج كاموف استطاع بطرق حسابية أن يتوصل إلى هذه النسب من قبل أن يتم حسابها بالطرق التجريبية بعشرات السنين. فضلاً عن ذلك، فان هذه النسب تؤكد أن للكون بداية، لأنه لو كان الكون بلا بداية فمعنى ذلك أن كل غاز الهيدروجين يجب أن يكون قد احترق وتحول إلى غاز الهليوم.


مراحل نشأة الكون: يمكن تقسيم نشوء الكون وتطوره وفق نظرية الانفجار العظيم إلى خمسة مراحل رئيسة هي:

المرحلة الأولى: وهي المرحلة التي تسبق الزمن (10^-43). يطلق على هذه المرحلة بمرحلة التفرد (Singularity) ففي هذه المرحلة لا وجود للذرات والجسيمات الأولية، فكلها مندمجة لتشكل شيئاً ما غامضاً لا يمكن معرفة كنهه، هذه المرحلة لا تخضع لأي قانون فيزيائي وتبقى مرحلة غامضة لا تفسرها الرياضيات الفيزيائية، فالعلماء عاجزين عن وصف أو تخيل أي شيء عقلاني أو مما يمكن قبوله عقلاً فيما يتعلق بزمن الصفر المطلق، حينما لم يكن هناك شيء قد حدث بعد. وراء الزمن المذكور الذي هو (10^-43) يقع زمن بلانك (Planck Time) الشهير، الذي سمي بهذا الاسم نسبة للعالم الفيزيائي الشهير ماكس بلانك (Max Planck)، هذا الزمن يمثل نقطة من الزمن لا احد يعرف ما حدث قبلها، وهي في نظرية الانفجار العظيم متمثلة بما قبل الزمن (10^-43) ثانية. وهو الأمر الذي دعا العلماء إلى تسمية نقطة الزمن هذه بالحائط. وكان ماكس بلانك أول من أشار إلى استحالة تفسير الذرات في المرحلة التي تكون فيها الجاذبية متطرفة.

المرحلة الثانية: تبدأ من (10^-43) ثانية ولغاية (1) ثانية. في زمن مقداره (10^-43) حدث الانفجار العظيم. وكان قطر الكون (10^-33) سنتيمتر، أي اصغر من قطر نواة الذرة الذي يبلغ (10^-13) سنتيمتر. القوى الأربعة الموجودة الآن في الكون (القوة النووية الشديدة، والقوة النووية الضعيفة، والقوة الكهرومغناطيسية، وقوة الجاذبية) كانت متحدة مع بعضها مكونة نوع واحد من الطاقة، أما الحرارة فكانت تبلغ (10^+32) كالفن أي اكبر من حرارة الشمس التي تبلغ (6000) درجة مئوية عند السطح و(20) مليون درجة مئوية في المركز. ودرجة حرارة الكون هذه تعد حدود الحرارة القصوى التي تنهار وراءها جميع القوانين الفيزيائية التي نعرفها. أما مادة الكون فكانت مكونة من قسيمات بدائية غير موجودة الآن، وهي أسلاف الكاركات (Quarks) التي تعد احد عناصر المادة. وكانت هذه القسيمات البدائية تتفاعل فيما بينها بشكل مستمر، وكان الكون يكبر ويتمدد بشكل دائم.

من (10^-35) ثانية ولغاية (10^-32) ثانية، تضخم الكون بمقدار (10^+50) مرة عن حجمه الأصلي، فمن حجم اقل من نواة الذرة إلى حجم كرة قطرها (10) سنتيمترات. وهذا التوسع الهائل اكبر من التوسع الذي حصل من حينها إلى الآن، فمعدل التضخم الآن صار ضعيفاً نسبياً فهو بمقدار (10^+9)، بعبارة أخرى نقول أن فارق الحجم الموجود بين الجزء الأولي للكون وبين الكرة هو أكبر نسبياً من الفارق بين الكرة وبين حجم الكون الآن.

يستمر توسع الكون وبرودته، ويحصل شيء مهم في الفترة ما بين (10^-11) ثانية إلى (10^-15) ثانية، إذ تختفي جميع القسيمات البدائية تاركة المجال للبارتيكولات (Particules) وهي اصغر الأجزاء المكونة للمادة المعروفة الآن، كما أن القوى الأربعة أخذت بالتفكك والانفصال، وتم ذلك عند درجة حرارة مقدارها (10^+15) كالفن.

نتيجة لاستمرار توسع الكون وانخفاض درجة حرارته، وعند الزمن (10^-10) ثانية وما بعده فان العديد من الدقائق بدأت بالتكون. هذه الدقائق تدعى بـ (Baryons) وتتضمن الفوتونات (Photons) ونيوترينوات (Neutrinos) والاليكترونات (Electrons) والكواركات (Quarks) والتي سوف تصبح المادة التي تبنى منها كتلة المادة والأحياء التي نعرفها اليوم. وكان حجم الكون ألف ضعف حجمه السابق، أي أن حجمه أصبح بحجم مجموعتنا الشمسية.


المرحلة الثالثة: من (1) ثانية إلى (3) دقائق، كانت درجة حرارة الكون أكثر من (10) بليون درجة مئوية. درجة الحرارة هذه يمكن الوصول أليها في انفجارات القنابل النيتروجينية. وفي هذه المرحلة كان الكون مؤلف من فوتونات والكترونات، والجزيئات الذرية الفرعية مثل النيوترون والبروتونات. ومع استمرار الانخفاض في درجة الحرارة فان البروتونات، أصبحت أكثر شيوعاً حتى وصلت نسبتها حوالي سبعة أضعاف النيوترونات. اتحد كل نيوترون مع بروتون ليشكلا زوجاً يدعى بالدوتيريوم (Deuterom) التي تجمعت لتكون نوى عنصر الهليوم، الذي يحتوي على بروتونين ونيوترونين، واستمرت هذه العملية حتى اندمجت كل النيوترونات مع البروتونات لتكوين الهليوم، أي اختفت جميع النيوترونات من الكون. وهذا يعني أن الهليوم يشكل تقريباً ربع مكونات الكون.

المرحلة الرابعة: من (3) دقائق إلى (100 مليون) سنة، لم تتكون الذرات ألا بعد (300 ألف) سنة، وانخفضت درجات الحرارة إلى (3000) كلفن، مما سمح لذرات الهيدروجين بالظهور والبقاء دون فناء. وبعد برودة الكون ظهرت الذرات المتعادلة (Atoms Neutral) بكثرة. وكان الكون أصغر مما هو عليه الآن بكثير جداً وتجمعت الذرات المتعادلة مكونة غيوماً غازية، من هذه الغيوم الغازية ظهرت النجوم الأولية وغدا الكون شفافاً وأصبح الضوء ينطلق لسنوات ضوئية دون مواجهة خطر الامتصاص ولم تكن الرؤية ممكنة قبل ذلك الوقت لأن الضوء كان يُمتص مما يجعل رصده ـ لو قدر أن رصد ـ مستحيلاً. وبعد حوالي (32 مليون سنة) بعد عملية الانفجار العظيم إلى اليوم بدأ خلق أغلب العناصر المعروفة لنا (وهي أكثر من مئة وخمسة عناصر) بعملية الاندماج النووي في داخل النجوم حتى تكون عنصر الحديد في داخل المستعمرات المتوهجة العظمى، وتكونت العناصر الأعلى وزناً من نوى ذرات الحديد باصطيادها اللبنات الأولية للمادة المنتشرة في صفحة السماء.

المرحلة الخامسة: من (100 مليون) سنة إلى (الوقت الحاضر)، عندما بلغ الكون خمس حجمه الحالي تشكلت المجرات الفتية (Galaxies Young) من تجمع النجوم. وعندما بلغ الكون نصف حجمه الحالي تكونت المجاميع الشمسية (Solar Systems) التي تتكون من نجم يدور حوله عدد من الكواكب في مدارات خاصة بكل كوكب، أما منظومتنا الشمسية المسماة بدرب اللبانة (Milky Way) فقد تكونت بعد (10 بليون) سنة من حدوث الانفجار العظيم، عندما كان حجم الكون ثلثي حجمه الحالي. الكيفية التي تكونت بها الأنظمة أو المجاميع الشمسية فسرت وفق النظرية السديمية التي أصبحت اليوم جزءً من نظرية الانفجار العظيم، والتي سوف نتطرق لها بشيء من التفصيل فيما يلي.

___

privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد