[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
ألبيرت أينشتاين - السيمفونية الناقصة
يقول أينشتاين: لا أفكر يوما في المستقبل فهو لا يتأخر في المجيء.
كان ألبيرت أينشتاين العالم الفيزيائي وصاحب الشهرة التي وازت شهرة نجوم، عالِما يحب المزاح، غامضا وبالغ الذكاء.
يقول
أينشتاين عن شهرته: حين كنت صغيرا كان كل ما أردته وتوقعته من الحياة كان
أن أجلس في زاوية ما وأقوم بعملي بدون أن أجلب انتباه أحد إليَّ وانظروا
الآن ماذا حل بي.
كان أينشتاين العالم الأكبر في عصرنا على شفير
حياته، وقد خلف وراؤه نظريات رائدة، لكن بينما كان يستلقي على فراش موته
ظل يبحث فيما أمل بأن تكون أفضل نظرية على الإطلاق، النظرية التي كانت
لتكون كأس العلم المقدسة وحجر الفيلسوف والإنجاز المتوج لكافة الجهود
العلمية منذ فجر البشرية.
عمل على آخر نظرية له لأكثر من ثلاثين
سنة لكن خلال تلك الفترة ظن الكثير من العلماء أنه يبحث فيما هو مضيعة
للوقت، فخلال السنوات الأخيرة من حياته أصبح أينشتاين بنظر مجتمع
الفيزيائيين عالم افتقد حس الأبحاث العصرية وكأنه أصبح قديم الطراز، كانت
الكارثة تكمن في مصير النظرية الأخيرة لأينشتاين التي قٌُدر لها الهلاك
قبل الأوان وكل هذا بسبب أحكامه الشخصية المسبقة، فلم يستطع أن يتقبل فكرة
تصادم نتائج أعماله مع اعتقادٍ كوَّنه حول خلق الله للكون.
بالتشاور
مع عدد قليل من الأصدقاء راح يكتب أوراق علمية ويبحث عن أجوبة لأسئلة لم
تُطرح يوما، أَطلق عليها اسم تجارب الأفكار، وإحدى تجارب الأفكار هذه
كانت: ماذا سأرى لو تحركت بموازاة شعاع ضوئي.
بغضون أشهر قليلة
وابتداءً من ربيع 1905 أصبحت الأفكار العلمية المتعلقة بطبيعة الكون حبرا
على ورق، فبلغ ذروتها في أشهر الوثائق في تاريخ العلم، وهذه الوثيقة
تُدعى: الديناميكية الكهربائية للأجسام المتحركة.
لم تُقتبس هذه
الوثيقة من أية مصادر، بل تنساب عند قراءتها كأي واقع بسيط، كانت تلك
بداية نظرية النسبية الخاصة، كان مقدرا لها على الأقل أن تُحدث تغييرا
جذريا في مفهوم الجميع للوقت. فقبل أينشتاين كان المعتقد السائد هو أن
مرور الوقت لا يتغير، وأنه يتقدم بالوثيرة ذاتها أينما كنت في الكون أو
مهما كانت السرعة التي تسافر بها، كان الفضاء والوقت مبدأين بسيطين يتعرف
عليهما المرء من خلال الخبرة اليومية، حيث كان الفضاء الإطار الذي تجري
فيه الأحداث والوقت يمر، لذا أينما كنت في الكون ومهما كانت سرعة تحركك
كانت ساعتك تدق بالمعدل ذاته.
ما فعله أينشتاين هو أنه اكتشف أن
الوقت في الواقع متغير والمعدل الذي يمر عبره الوقت يعتمد على السرعة التي
تُسافر فيها، فكان اعتقاده أن الوقت كالنهر يجري بسرعة، يتمهل، ويتلوى
شاقا طريقه في الكون. بمعنى آخر: أن الساعة الثانية عشر على الأرض لا تعني
بالضرورة أن تكون الساعة ذاتها في كل أنحاء الكون.
لذا حين اعتقد
الجميع أن مرور الوقت هو الأمر الواحد الغير المتبدل في هذا الكون، عارض
أينشتاين ذلك، وبنظره سرعة الضوء هي الثابتةُ أبدا، ولكن في هذه الحال
سيكون الأمر غريبا. ففي قوانين الفيزياء لا يُمكن أن تكون سرعة الضوء
ثابتة دائما، إلا إذا تغيرت كل الأمور الأخرى نسبة للسرعة ومن بينها
الوقت. بمعنى آخر: مرور الوقت الذي كان من المعتقد أنه ثابت هو نسبي، وعلى
سبيل المثال كلما زادت سرعتك كان مرور الوقت أبطأ.
لم يتوقف ألبيرت
أينشتاين عند حد وثيقة "الديناميكية الكهربائية للأجسام المتحركة" ونظرية
النسبية الخاصة، بل تجاوز ذلك بكثير فبعد شهرين فحسب أكمل تابعا من ثلاث
صفحات جعل فيها صلة بين الطاقة والمادة واشتق منها أشهر مسألة حسابية على
الإطلاق: (E=mc²)، أي "ضرب مربع سرعة الضوء في الكتلة يُنتج الطاقة"
إن
ما أثبته أينشتاين في هذه المعادلة هو وجود توازن بين الطاقة والمادة وإن
فكرنا في الأمر فإن المادة شيء يُمكن لمسه، أجسادنا مُشَكَلَة من المادة
يُمكننا تذوقها وشمها، غير أن الطاقة تبقى مفهوما غير واضح، وبفضل عبقرية
أينشتاين تمكن من أن يُبرهن على أن المادة والطاقة وجهان للعملة ذاتها.
وقد فَسَرت هذه المعادلة لاحقا كيف أنه في بداية الزمن وبعد التحول الضخم
للطاقة إلى مادة استطاعت الشمس أن تُولد طاقة شاسعة من كمية ضئيلة من
الوقود، ففتحت هذه الطاقة أعين العلماء على الطاقة المحتجزة داخل كل ذرة.
حين
نُشرت هذه الوثائق عامل 1905 كانت كقنبلة أتت من المجهول بالنسبة للمجتمع
العلمي، لأن أينشتاين كان مازال مجهولا، لكن سرعان ما أدرك العلماء أنها
وثائق ثورية وعندها كان ظهور أينشتاين. أي عالِم آخر كان ليكتفي بهذه
الإنجازات، لكن طموح أينشتاين لم ينتهي عند ذلك. فبينما كان العالَم في
طور فهم النسبية الخاصة كان أينشتاين قد تخطى هذا العمل، منتقلا إلا
معالجة أعمال عالِم القرن السابع عشر الرائع اسحق نيوتن وبشكل خاص قوانين
الجاذبية.
حصل نيوتن على الوحي للتوصل إلى قانون الجاذبية حين رأى
تفاحة تسقط في بستان وفكرة مشابهة أوحت لأينشتاين، فقد تساءل هذا الأخير:
ما الذي سيحدث لو أسقطت تفاحة ولكن بينما أرميها أكون في مصعد متحرك
نزولا؟ لا شك بأنها ستطوف أمامي، وكأن الجاذبية عندها تصبح ملغية.
إن
الجاذبية هي القوة التي تسيطر على كوننا، هي التي تحمل الكواكب الضخمة
والأقمار في محيطاتها وتُحافظ علينا ثابتين على الأرض، وقوانين نيوتن وصفت
آثار الجاذبية بدقة بالغة، لكن أحدا لم يتمكن من تحديد أسبابها، إلى أن
أتت نظرية أينشتاين النسبية العامة والتي أفادت بأن كل الأجسام الضخمة
كالكواكب والنجوم تحني الفضاء والوقت ودرجة الانحناء هذه هي التي تسبب ما
يعرف بالجاذبية.
وبهذا يكون الإنجاز الحقيقي في نظرية النسبية
العامة هو أن أينشتاين أوجد سببا للجاذبية، فكون صورة عنها تقوم فيها
الأجسام الضخمة بحَنيّ الوقت والفضاء، فتشعر الأجسام التي تتحرك ضمن هذا
الانحناء بالجاذبية، فتكون الجاذبية إذاً هي انحناء الوقت والفضاء.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
كانت
النسبية العامة الانتصار الأعظم لأينشتاين، ومصدر شهرة لم يختبرها أي عالم
قبله أو بعده، ومنها انطلقت سمعته، ويقول العلماء إن كلمة "العبقرية"
متداولة في مجتمع الفيزياء لكن في حالة أينشتاين فإنها تنطبق بالفعل على
النسبية العامة.
رغم أن نظريات أينشتاين المتعلقة بالوقت والجاذبية
قد تبدو غريبة، لكن عمله هذا يبقى هو أساس مفهومنا للكون اليوم، فالطائرات
التي تعتمد على نظام التمركز الشامل تأخذ بعين الاعتبار حسابات أينشتاين
للوقت من أجل ملاحة دقيقة، و والأقمار الاصطناعية عليها أن تعادل قراءة
أينشتاين للجاذبية... إن نتاج تلك الفترة من حياة أينشتاين ساعدنا في بناء
العالم العصري. ولكن رغم كل هذا اختلفت نتيجة عمل آخر شكل هوسا لدى
العالِم استمر إلى آخر يوم من حياته، وانتهى بفشله وعزلته معا.
كانت
جذور مصاعب أينشتاين في شغف آخر كبير، فقد رأى صلة ما بين فيزياء كوننا
الأساس ونوع من الأناقة والجمال وحتى الروحانية، ومن هنا اعتبر أن قوانين
هذا الكون تعبرٌ عن قوة إلهية، وهذا اعتقاد ساد عند علماء عديدين. فحين
نختبر جمالا عميقا أكان في الموسيقى أو في الإطار العلمي أو في أي شيء آخر
من الصعب أن لا نفكر بوجود هدف وراءه. وقد حدث هذا مع أينشتاين، فقد كان
عازفا هاويا على الكمان، وحضر ذات مرة حفلة موسيقية في برلين استمع فيها
لعزف شاب فذهل بأدائه، ويُقال أنه صعد بعد الحفلة وعانق الشاب قائلا: حين
استمعت إليك عرفت أن الله موجود.
تأثر أينشتاين بشدة بواقع أننا
ندرس العالم الجامد، نغوص في الأعماق تحت سطحه لنكتشف ما فيه فنجد نظاما
مذهلا ورائعا ونمطا جميلا، تُعبر عنه أيضا الرياضيات، تلك التي تبين أنها
اللغة الطبيعية التي نستخدمها.واعتقد أينشتاين أن قواعد الكون يُمكن أن
تفسر دائما عبر الحساب الجميل، كما اعتقد أنه يمكن للعلم أن يؤدي إلى
استيعاب طريقة تصميم الله للكون. وأن القواعد المستخدمة لإنشاء الكون ليست
جملية ودقيقة فحسب، بل هي التي ستسمح دوما للعلماء بأن يقوموا بتقديرات
محددة، لذا فإن علم المرء سرعة الكواكب وموقعها في وقت معين من الزمن
يمكنه أن يعتمد على قوانين الفيزياء للتنبؤ بتحركاتها الدقيقة للأبد.
وما
ينطبق على الكواكب ينطبق برأي أينشتاين على كل الأمور، وهكذا يمكن التنبؤ
بثقة بأي شيء مهما كان، لكن نظرته تلك إلى الكون كانت على وشك أن تُواجه
تحديا نما من عمله الخاص، تحديا صغيرا جدا.
ألبيرت أينشتاين - السيمفونية الناقصة
يقول أينشتاين: لا أفكر يوما في المستقبل فهو لا يتأخر في المجيء.
كان ألبيرت أينشتاين العالم الفيزيائي وصاحب الشهرة التي وازت شهرة نجوم، عالِما يحب المزاح، غامضا وبالغ الذكاء.
يقول
أينشتاين عن شهرته: حين كنت صغيرا كان كل ما أردته وتوقعته من الحياة كان
أن أجلس في زاوية ما وأقوم بعملي بدون أن أجلب انتباه أحد إليَّ وانظروا
الآن ماذا حل بي.
كان أينشتاين العالم الأكبر في عصرنا على شفير
حياته، وقد خلف وراؤه نظريات رائدة، لكن بينما كان يستلقي على فراش موته
ظل يبحث فيما أمل بأن تكون أفضل نظرية على الإطلاق، النظرية التي كانت
لتكون كأس العلم المقدسة وحجر الفيلسوف والإنجاز المتوج لكافة الجهود
العلمية منذ فجر البشرية.
عمل على آخر نظرية له لأكثر من ثلاثين
سنة لكن خلال تلك الفترة ظن الكثير من العلماء أنه يبحث فيما هو مضيعة
للوقت، فخلال السنوات الأخيرة من حياته أصبح أينشتاين بنظر مجتمع
الفيزيائيين عالم افتقد حس الأبحاث العصرية وكأنه أصبح قديم الطراز، كانت
الكارثة تكمن في مصير النظرية الأخيرة لأينشتاين التي قٌُدر لها الهلاك
قبل الأوان وكل هذا بسبب أحكامه الشخصية المسبقة، فلم يستطع أن يتقبل فكرة
تصادم نتائج أعماله مع اعتقادٍ كوَّنه حول خلق الله للكون.
بالتشاور
مع عدد قليل من الأصدقاء راح يكتب أوراق علمية ويبحث عن أجوبة لأسئلة لم
تُطرح يوما، أَطلق عليها اسم تجارب الأفكار، وإحدى تجارب الأفكار هذه
كانت: ماذا سأرى لو تحركت بموازاة شعاع ضوئي.
بغضون أشهر قليلة
وابتداءً من ربيع 1905 أصبحت الأفكار العلمية المتعلقة بطبيعة الكون حبرا
على ورق، فبلغ ذروتها في أشهر الوثائق في تاريخ العلم، وهذه الوثيقة
تُدعى: الديناميكية الكهربائية للأجسام المتحركة.
لم تُقتبس هذه
الوثيقة من أية مصادر، بل تنساب عند قراءتها كأي واقع بسيط، كانت تلك
بداية نظرية النسبية الخاصة، كان مقدرا لها على الأقل أن تُحدث تغييرا
جذريا في مفهوم الجميع للوقت. فقبل أينشتاين كان المعتقد السائد هو أن
مرور الوقت لا يتغير، وأنه يتقدم بالوثيرة ذاتها أينما كنت في الكون أو
مهما كانت السرعة التي تسافر بها، كان الفضاء والوقت مبدأين بسيطين يتعرف
عليهما المرء من خلال الخبرة اليومية، حيث كان الفضاء الإطار الذي تجري
فيه الأحداث والوقت يمر، لذا أينما كنت في الكون ومهما كانت سرعة تحركك
كانت ساعتك تدق بالمعدل ذاته.
ما فعله أينشتاين هو أنه اكتشف أن
الوقت في الواقع متغير والمعدل الذي يمر عبره الوقت يعتمد على السرعة التي
تُسافر فيها، فكان اعتقاده أن الوقت كالنهر يجري بسرعة، يتمهل، ويتلوى
شاقا طريقه في الكون. بمعنى آخر: أن الساعة الثانية عشر على الأرض لا تعني
بالضرورة أن تكون الساعة ذاتها في كل أنحاء الكون.
لذا حين اعتقد
الجميع أن مرور الوقت هو الأمر الواحد الغير المتبدل في هذا الكون، عارض
أينشتاين ذلك، وبنظره سرعة الضوء هي الثابتةُ أبدا، ولكن في هذه الحال
سيكون الأمر غريبا. ففي قوانين الفيزياء لا يُمكن أن تكون سرعة الضوء
ثابتة دائما، إلا إذا تغيرت كل الأمور الأخرى نسبة للسرعة ومن بينها
الوقت. بمعنى آخر: مرور الوقت الذي كان من المعتقد أنه ثابت هو نسبي، وعلى
سبيل المثال كلما زادت سرعتك كان مرور الوقت أبطأ.
لم يتوقف ألبيرت
أينشتاين عند حد وثيقة "الديناميكية الكهربائية للأجسام المتحركة" ونظرية
النسبية الخاصة، بل تجاوز ذلك بكثير فبعد شهرين فحسب أكمل تابعا من ثلاث
صفحات جعل فيها صلة بين الطاقة والمادة واشتق منها أشهر مسألة حسابية على
الإطلاق: (E=mc²)، أي "ضرب مربع سرعة الضوء في الكتلة يُنتج الطاقة"
إن
ما أثبته أينشتاين في هذه المعادلة هو وجود توازن بين الطاقة والمادة وإن
فكرنا في الأمر فإن المادة شيء يُمكن لمسه، أجسادنا مُشَكَلَة من المادة
يُمكننا تذوقها وشمها، غير أن الطاقة تبقى مفهوما غير واضح، وبفضل عبقرية
أينشتاين تمكن من أن يُبرهن على أن المادة والطاقة وجهان للعملة ذاتها.
وقد فَسَرت هذه المعادلة لاحقا كيف أنه في بداية الزمن وبعد التحول الضخم
للطاقة إلى مادة استطاعت الشمس أن تُولد طاقة شاسعة من كمية ضئيلة من
الوقود، ففتحت هذه الطاقة أعين العلماء على الطاقة المحتجزة داخل كل ذرة.
حين
نُشرت هذه الوثائق عامل 1905 كانت كقنبلة أتت من المجهول بالنسبة للمجتمع
العلمي، لأن أينشتاين كان مازال مجهولا، لكن سرعان ما أدرك العلماء أنها
وثائق ثورية وعندها كان ظهور أينشتاين. أي عالِم آخر كان ليكتفي بهذه
الإنجازات، لكن طموح أينشتاين لم ينتهي عند ذلك. فبينما كان العالَم في
طور فهم النسبية الخاصة كان أينشتاين قد تخطى هذا العمل، منتقلا إلا
معالجة أعمال عالِم القرن السابع عشر الرائع اسحق نيوتن وبشكل خاص قوانين
الجاذبية.
حصل نيوتن على الوحي للتوصل إلى قانون الجاذبية حين رأى
تفاحة تسقط في بستان وفكرة مشابهة أوحت لأينشتاين، فقد تساءل هذا الأخير:
ما الذي سيحدث لو أسقطت تفاحة ولكن بينما أرميها أكون في مصعد متحرك
نزولا؟ لا شك بأنها ستطوف أمامي، وكأن الجاذبية عندها تصبح ملغية.
إن
الجاذبية هي القوة التي تسيطر على كوننا، هي التي تحمل الكواكب الضخمة
والأقمار في محيطاتها وتُحافظ علينا ثابتين على الأرض، وقوانين نيوتن وصفت
آثار الجاذبية بدقة بالغة، لكن أحدا لم يتمكن من تحديد أسبابها، إلى أن
أتت نظرية أينشتاين النسبية العامة والتي أفادت بأن كل الأجسام الضخمة
كالكواكب والنجوم تحني الفضاء والوقت ودرجة الانحناء هذه هي التي تسبب ما
يعرف بالجاذبية.
وبهذا يكون الإنجاز الحقيقي في نظرية النسبية
العامة هو أن أينشتاين أوجد سببا للجاذبية، فكون صورة عنها تقوم فيها
الأجسام الضخمة بحَنيّ الوقت والفضاء، فتشعر الأجسام التي تتحرك ضمن هذا
الانحناء بالجاذبية، فتكون الجاذبية إذاً هي انحناء الوقت والفضاء.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
كانت
النسبية العامة الانتصار الأعظم لأينشتاين، ومصدر شهرة لم يختبرها أي عالم
قبله أو بعده، ومنها انطلقت سمعته، ويقول العلماء إن كلمة "العبقرية"
متداولة في مجتمع الفيزياء لكن في حالة أينشتاين فإنها تنطبق بالفعل على
النسبية العامة.
رغم أن نظريات أينشتاين المتعلقة بالوقت والجاذبية
قد تبدو غريبة، لكن عمله هذا يبقى هو أساس مفهومنا للكون اليوم، فالطائرات
التي تعتمد على نظام التمركز الشامل تأخذ بعين الاعتبار حسابات أينشتاين
للوقت من أجل ملاحة دقيقة، و والأقمار الاصطناعية عليها أن تعادل قراءة
أينشتاين للجاذبية... إن نتاج تلك الفترة من حياة أينشتاين ساعدنا في بناء
العالم العصري. ولكن رغم كل هذا اختلفت نتيجة عمل آخر شكل هوسا لدى
العالِم استمر إلى آخر يوم من حياته، وانتهى بفشله وعزلته معا.
كانت
جذور مصاعب أينشتاين في شغف آخر كبير، فقد رأى صلة ما بين فيزياء كوننا
الأساس ونوع من الأناقة والجمال وحتى الروحانية، ومن هنا اعتبر أن قوانين
هذا الكون تعبرٌ عن قوة إلهية، وهذا اعتقاد ساد عند علماء عديدين. فحين
نختبر جمالا عميقا أكان في الموسيقى أو في الإطار العلمي أو في أي شيء آخر
من الصعب أن لا نفكر بوجود هدف وراءه. وقد حدث هذا مع أينشتاين، فقد كان
عازفا هاويا على الكمان، وحضر ذات مرة حفلة موسيقية في برلين استمع فيها
لعزف شاب فذهل بأدائه، ويُقال أنه صعد بعد الحفلة وعانق الشاب قائلا: حين
استمعت إليك عرفت أن الله موجود.
تأثر أينشتاين بشدة بواقع أننا
ندرس العالم الجامد، نغوص في الأعماق تحت سطحه لنكتشف ما فيه فنجد نظاما
مذهلا ورائعا ونمطا جميلا، تُعبر عنه أيضا الرياضيات، تلك التي تبين أنها
اللغة الطبيعية التي نستخدمها.واعتقد أينشتاين أن قواعد الكون يُمكن أن
تفسر دائما عبر الحساب الجميل، كما اعتقد أنه يمكن للعلم أن يؤدي إلى
استيعاب طريقة تصميم الله للكون. وأن القواعد المستخدمة لإنشاء الكون ليست
جملية ودقيقة فحسب، بل هي التي ستسمح دوما للعلماء بأن يقوموا بتقديرات
محددة، لذا فإن علم المرء سرعة الكواكب وموقعها في وقت معين من الزمن
يمكنه أن يعتمد على قوانين الفيزياء للتنبؤ بتحركاتها الدقيقة للأبد.
وما
ينطبق على الكواكب ينطبق برأي أينشتاين على كل الأمور، وهكذا يمكن التنبؤ
بثقة بأي شيء مهما كان، لكن نظرته تلك إلى الكون كانت على وشك أن تُواجه
تحديا نما من عمله الخاص، تحديا صغيرا جدا.