أوقد أعرابيّ ناراَ يتّقي بها برد الصحراء في الليالي القارسة ، ولما
جلس يتدفّأ ردّد مرتاحاَ : اللهم لا تحرمنيها لا في الدنيا ولا في الآخرة .
* * *
تزوّج
أعرابيّ على كبر سنه ، فعوتب على مصير أولاده القادمين ، فقال : أبادرهم باليتم
قبل أن يبادروني بالعقوق .
* * *
ألحَّ سائلٌ
على أعرابيّ أن يعطيه حاجةً لوجه الله ، فقال الأعرابيّ : والله ليس عندي ما أعطيه
للغير .. فالذي عندي أنا أولى الناس به وأحقّ ! فقال السائل : أين الذين كانوا
يؤثرون الفقير على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ؟ فقال الأعرابيّ : ذهبوا مع الذين لا
يسألون الناس إلحافا .
* * *
جيء بأعرابيّ
إلى أحد الولاة لمحاكمته على جريمة أُتهم بارتكابها ، فلما دخل على الوالي في
مجلسه ، أخرج كتاباً ضمّنه قصته ، وقدمه له وهو يقول : هاؤم إقرأوا كتابيه ..
فقال الوالي
: إنما يقال هذا يوم القيامة .
فقال : هذا
والله شرٌّ من يوم القيامة ، ففي يوم القيامة يُؤتى بحسناتي وسيئاتي ، أما أنتم
فقد جئتم بسيئاتي وتركتم حسناتي .
* * *
حضرَ أعرابيّ
سُفرة هشام بن عبد الملك ، فبينما هو يأكل إذ تعلّقت شَعْرة في لقمة الأعرابيّ ،
فقال له هشام : عندك شَعْرة في لُقمتك يا أعرابيّ ! فقال : وإنك لتلاحظني ملاحظة
مَن يرى الشَعرة في لُقمتي ! والله لا أكلتُ عندك أبداً ! وخرج وهو يقول :
وللموتُ خيرٌ
من زيارةِ باخلٍ يُلاحظُ أطرافَ الأكيلِ على عمدِ
* * *
دعا أعرابيّ
على عامل فقال : صبّ الله عليك الصّادات ، يعني الصفع والصرف والصلب .
* * *
قال هشام بن
عبد الملك يوماً لأصحابه : من يسبني ولا يفحش وهذا المطرف له ، وكان فيهم أعرابيّ
فقال : ألقهِ يا أحول ، فقال خذه قاتلك الله .
* *
وقف أعرابيّ
على قوم فسألهم عن أسمائهم فقال أحدهم : اسمي وثيق ، وقال الآخر منيع ، وقال الآخر
ثابت وقال آخر اسمي شديد ، فقال الأعرابيّ : ما أظن الأقفال عملت إلا من أسمائكم .
* * *
أقبل أعرابيّ
يريد رجلاً وبين يدي الرجل طبق تين ، فلما أبصر الأعرابيّ غطى التين بكسائه
والأعرابيّ يلاحظه ، فجلس بين يديه فقال له الرجل : هل تحسن من القرآن شيئاً ، قال
: نعم ، قال إقرأ ، فقرأ : والزيتون وطور سينين ، فقال الرجل فأين التين ؟ فقال
الأعرابيّ : التين تحت كسائك ! .
* * *
وقف أعرابيّ
على أبي الأسود الدؤلي وهو يتغدى فسلم فرد عليه ثم أقبل على الأكل ، ولم يعزم عليه
. فقال له الأعرابيّ : أما اني قد مررت بأهلك . قال كذلك كان طريقك . قال وإمرأتك
حبلى . قال كذلك كان عهدي بها . قال قد ولدت . قال كان لا بد لها أن تلد . قال
ولدت غلامين . قال كذلك كانت أمها . قال مات أحدهما . قال ما كانت تقوى على إرضاع
أثنين . قال ثم مات الآخر . قال ما كان ليبقى بعد موت أخيه . قال وماتت الأُم :
قال حزناً على ولديها . قال ما أطيب طعامك . قال لأجل ذلك أكلته وحدي والله لا
ذقته يا أعرابيّ .