الزمان : في تمام الساعة الخامسة وسبع عشرة دقيقة من يوم 30 يونيو من عام 1908 م .
المكان : حوض نهر تونجوسكا Tunguska بمنطقة كراسنويارسكى Krasnoyarskiy بأعماق سيبيريا حيث
تنتشر غابات التايجا " أشجار الصنوبر " .
وفى خضم الهدوء الذى يسبق العاصفة دوى إنفجار رهيب ارتجت له المنطقة كلها بعنف , وارتفعت كتلة هائلة من اللهب أكد شهودها العيان من الفلاحين الروس أنها أضخم وأغرب كتلة نيران رأوها في حياتهم , حتى خيل للجميع وكأن الشمس قد هبطت على الأرض , حيث أضاءت السماء بوهج ساطع أحال مساء تونجوسكا إلى نهار , بل أضاء روسيا كلها حتى صباح اليوم التالى , وبلغ شدة وهج هذا الإنفجار العظيم إلى حد إمكانية قراءة الصحف فى انجلترا فى منتصف الليل , وأضاءت سماء استوكهولم فاستطاع بعض المصورين هناك التقاط الصور بدون فلاش بكاميراتهم محدودة الإمكانية فى ذلك الوقت , وحظى الألمان بنهار دام لـ 24 ساعة , وشعر أغلب سكان المعمورة وقتها باهتزاز الأرض تحت أقدامهم , كما لفحت النيران الفلاحين على بعد عشرات الكيلو مترات من موقع الإنفجار , كل هذا ذكره الشهود وأكدته الصحف والوثائق في ذلك الوقت .
* وهذه خلاصة لتقرير صدر في صحيفة " سبير " التي تصدر في إركوتسك بروسيا ، في 2 يوليو ( تموز ) من عام 1908م :
باكرا في صباح الثلاثين من يونيو / حزيران , شوهدت ظاهرة غير عاديةهنا في إحدى قرى سيبيريا ، فقد شاهد الفلاحون شيئا يلمع بشكل ساطع في كبد السماء , وكان ساطعا جدا بحيث تعذر التحديق إليه بالعين المجردة ، وعند الأفق ظهرت في اتجاه الجسم المضيء نفسه غيمة سوداء صغيرة ، وعندما اقترب الجسم الساطع من الأرض ، بداوكأنه انشق إلى غبار ، وتكونت مكانه غيمة كبيرة من الدخان الأسود , وسُمع انفجار مدوكما لو أنه ناجم عن انهيار صخور كبيرة ، فارتجفت الأبنية ، واندفع بقوة لسان متشعب من اللهيب نحو الأعلى عبر الغيمة ، فهرع القرويون نحو الشارع مرعوبين ، وأجهشت النساءالمسنات بالبكاء ، فقد اعتقد الجميع أن نهاية العالم قد أتت .
وقدر العلماء قوة هذا الإنفجار بأنه يعادل أضعاف قوة إنفجار قنبلة هيروشيما الذرية بـ 600 : 1000 ضعف , أي أن قوته تساوي قوة 600 : 1000 قنبلة ذرية , وبلغ من تأثير هذا الإنفجار أن دارت موجته التضاغطية حول الكرة الأرضية مرتين .
فكيف حدث هذا الإنفجار الرهيب ؟
ومن أين اكتسب هذه القوة الهائلة التى لم يعرفها العالم قبلها قط ؟ وفى زمن ما قبل اختراع القنابل الذرية أو النووية أوالهيدروجينية بعشرات السنين .
وقتها فقد سيطر على عقول الناس أن هذا الإنفجار هو إنذار من السماء , كخطوة أولى فى فناء العالم .
ففى ذلك الحين تجاهلت كل الجهات الرسمية في (( روسيا القيصرية )) أمر إنفجار سيبيريا , نظراً لانشغالهم بالأوضاع السياسية التى اضطربت بشدة بعد أن سيطر الراهب الغامض راسبوتين على القيصر والقيصرة , وأصبح صاحب الكلمة الأولى فى القصر ,ومع انشغال موسكو بالسياسة وانشغال الشعب الروسى بالمتاعب والأوجاع … تعاملوا مع أمر الإنفجار باعتباره مجرد ظاهرة غير مفهومة , ولا تستحق الدراسة أو البحث أو حتى معرفة أسبابها , وكل ما حدث آنذاك هو أن شكل مجموعة من العلماء الروس رحلة استكشافية بصفة غير رسمية وعلى نفقة أفراد البعثة لتفقد موقع الإنفجار . ولم تكد البعثة أن تصل إلى حوض نهر تونجوسكا , حتى أصابتهم بعض الأمراض العنيفة , مما أدى إلى موت إثنين منهم هناك وإصابة الآخرين بنوع غريب من القروح والتي فشلت كل محاولات علاجها حين عودتهم إلى موسكو , مما أدى إلى تفاقم أمراضهم ووفاتهم جميعاً خلال شهرين , مع عدم إمكانية الأطباء تشخيص أمراضهم التى لم يذكرها أي مرجع علمي طبي من قبل .
ثم أخذت قصة إنفجار سيبيريا تهدأ مع اندلاع الحرب العالمية الأولى وتخلص مجموعة من النبلاء من الراهب راسبوتين , ومن ثم قيام الثورة البلشيفية عام 1917 م , لتستقر نسبيا الأوضاع السياسية في روسيا .
وفى عام 1921 م بدأت أولى الأبحاث العلمية الجادة عن إنفجار سيبيريا على يد العالم السوفيتي الشاب " ليونيد كوليك " , وانطلق بحثه من طرف خيط قوى لتفسير سبب الإنفجار , عندما سمع من الشهود العيان أن جسماً شديد الإضاءة هبط من السماء قبل الإنفجار بسرعة رهيبة وميل واضح , وبدا لهم هذا الجسم شبه اسطواني منتظم قبل أن ينسحق محدثاً الإنفجار المدوي , وأخذ كوليك يجمع المعلومات من هنا وهناك , وكل أمله القيام برحلة لموقع الإنفجار , وظل طوال 6 سنوات يبحث عن تمويل مادي لرحلته حتى كلفه " فيدور كواليسكي " من أكاديمية العلوم السوفيتية بالقيام بالرحلة العلمية لمعرفة أسباب الإنفجار , مع موافقة الأكاديمية على تمويل الرحلة .
وفى أوائل عام 1927 م انطلق كوليك مع أفراد بعثته حتى وصل إلى حدود غابات التايجا وكانت منطقة رهيبة تثير الرعب في النفوس آنذاك , واستمرت رحلتهم الشاقة التي ذاقوا فيها الأمرين وسط أصقاع سيبيريا عبر أعمق أعماق التايجا حتى وصلوا إلى حدود نهر ميكيرتا , وهناك كانت بداية آثار الإنفجار ..
كانت كل الأشجار فى المنطقة قد اقتلعت من جذورها وتراصت على نحو منتظم ومتوازي , وكانت كلها تلتزم باتجاه واحد , فكل قمم الأشجار كانت تتجه إلى الجنوب الشرقي وجذورها تتجه إلى الشمال الغربى حيث مركز الانفجار حتماً , وكلما توغلوا أكثر نحو مركز الإنفجار كلما ظهرت علامات الإنفجار أكثر شدة وبشاعة بالرغم من مرور 19 عاما على الانفجار , مما أثار الرعب في قلوب أفراد البعثة فرفضوا الاستمرار فى الرحلة , وحاول كوليك حثهم على مواصلة الرحلة إلا أنهم رفضوا بإصرار فعادوا جميعاً إلى موسكو , ولم ييأس كوليك بل أخذ يجمع مرافقين جدد ليعاود الكرة .
وفي شهر يونيو من نفس العام 1927 م , بدأ رحلته مرة ثانية وتوغل الفريق الجديد فى التايجا حتى وصلوا إلى منطقة تسمى " المراجل " عند حوض نهر تونجوسكا , وكان كل شئ يؤكد أنهم فى مركز الإنفجار , فالأشجار المقتلعة كانت متراصة على نحو منتظم تاركة فيما بينها دائرة واسعة للغاية وخالية تماما , عدى بعض الأشجار التي ظلت واقفة على حدود الدائرة الخالية من النباتات والأشجار والأعشاب وحتى الحشرات , مع نمو نباتات غريبة وغير مألوفة عند الحدود القريبة خارج الدائرة , وانتشار القروح على حيوانات الرنة التى تحيا بالقرب من المنطقة , ثم انتشرت الحالات المرضية بين أفراد الفريق العلمي , من مغص وإسهال معوي وتقرحات حادة , فعاد كوليك وفريقه إلى موسكو .
وخرج ليونيد كوليك من رحلتيه فأصدر كتابه " انفجار سيبيريا , التفسير الحاسم " والذى أكد فيه أن سبب انفجار تونجوسكا , أن نيزكاً ضخماً من الصلب قد هوى على المكان وانفجر مسببا كل هذا الدمار , وعلى الرغم من أنه لم يستطع تفسير الأعراض المرضية لكل من يقترب من منطقة الإنفجار , والتى أدت إلى وفاة أفراد الفريق الأول , ولا الأمراض التي اصابت فريقه العلمي نفسه , كما أنه لم يفسر ما أصاب تلك النباتات المتحورة الغريبة عند مركز الإنفجار إلا أنه كان مطمئناً إلى أن حل لغز الإنفجار الغامض يكمن في نيزك من الصلب .
وعقب إصداره للكتاب اندلعت الحرب العالمية الثانية , وفجرت أمريكا فى عام 1945 م قنابلها الذرية فى هيروشيما ونجازاكي , وكان لدراسة آثار تلك الإنفجارات الذرية وتأثيرها الإشعاعي ومقارنتها بانفجار سيبيريا الغامض أبلغ الأثر في ظهور تفسيرات أخرى لأسباب هذا الإنفجار , وربما تكون أكثر منطقية .
العثور على بقايا مركبة فضائية غير بشرية
موسكو : أفادت وكالة الأنباء الروسية " انترفاكس " أن علماء روس أعلنوا أنهم عثروا على بقايا حطام مركبة جاءت من الفضاء تحطمت فى موقع تونجوسكا فى سيبيريا فى 1908م .
وعثرالعلماء الذى يعملون فى إطار " صندوق ظاهرة تونجوسكا الفضائية " على حجر أيضا يزن خمسـة كيلوجرامات أرسل للتحليل فى مدينة كراسنويارسك فى سيبيريا .
وذكر أن انفجار تونجوسكا الذى حدث فى منطقة سيبيريا ما زال من أكبر الالغاز العلمية في القرن العشرين , والذي حدث فى 30 حزيران/ يونيو 1908 ، حيث انفجر ما قدر العلماء أنه نيزك على بعد بضعة كيلومترات عن نهر تونجوسكا مما تسبب فى سلسلة من الصدمات شعر بها السكان على بعد مئات الكيلومترات وأدت إلى تدمير ألفي كيلومتر مربع من الغابات السيبيرية , وما زال الغموض يلف طبيعة ومصدر الجسم الذى انفجر .
وكان تفسير العالم السوفيتي ليونيد كوليك بإرجاع سبب الإنفجار الغامض بسيبيريا إلى نيزك من الصلب منطقى إلى حد بعيد - رغم أنه لا يفسر كل الشواهد - إلا أن احتمال أن يصطدم نيزك بالأرض محدثاً إنفجاراً هائلاً هو إحتمال قائم بالفعل , فقبل 65 مليون سنة اصطدم مذنب سماوي بساحل ما يعرف الآن بالمكسيك فقضى على وجود الديناصورات تماماً .
واحتمال أن يصطدم مذنب هائل بالأرض ليقضي على الجنس البشري كله - هو أيضاً إحتمال قائم - مرة كل مليون سنة تقريباً بشرط أن يكون اتساع المذنب أكبر من 2 كيلو متر أي 2000 متر .
وأيضاً مذنب يتراوح اتساعه بين 50 و 100 متر قد يؤدي إلى مقتل عشرات الملايين من البشر إذا سقط على منطقة مأهولة بالسكان .
فالأرض معرضة لانفجار من هذا النوع مرة كل 100 إلى 300 سنة , حيث يحدث برق في السماء تتبعه صدمة كهربائية عنيفة مصحوبة بارتفاع شديد في الحرارة , وفي جزء من الثانية يتحول كل شيء حتى البشر إلى كتلة من اللهب , ثم ينجذب كل شيء بقوة نحو مصدر الانفجار , ويتلاشى في ثواني وسط الموجة التضاغطية للإنفجار .
وحديثاً في عام 1999م مر مذنب بين القمر والأرض , ولو اصطدم بها لأحدث دمارا واسعا .
وهناك العديد من المذنبات التي تدور قريبا من الأرض بسرعة تبلغ 30 كيلومترا في الثانية , مما يجعلها غير مرئية لنا نظراً لسرعتها الفائقة للغاية .
كل تلك الشواهد التي أثبتها العلم الحديث تجعل إمكانية اصطدام أحد الأجرام السماوية بالأرض أمراً طبيعياً ومنطقياً ويقبله العقل .
ولكـن بالنسبة لإنفجار سيبيريا عام 1908 م تغيرت الأمور تماما بعد إلقاء أمريكا لقنبلتيها الذريتيين على هيروشيما ونجازاكي عام 1945 م , حيث عرف العالم لأول مرة ما يعرف بالإنفجار الذري , وانتهت الحرب العالمية الثانية , و نصبت أمريكا نفسها كأقوى دول العالم باختراعها لهذا السلاح الرهيب .
وانشغل علماء المعمورة بدراسة القنبلة الذرية وآثارها وتداعياتها وتأثيرها الإشعاعي , وكان من ضمن هؤلاء العلماء العالم السوفيتي " زولوتوف " والذي كان مكلفاً من قبل الحكومة السوفيتية لرصد قنبلة هيروشيما الذرية ودراسة آثارها الإشعاعية والتدميرية حتى يتأتى للسوفيت سبر أغوار هذا السلاح الفائق ومعرفة طبيعته .
وانتبه زولوتوف للتشابه الكبير بين التقارير التى تصف آثار قنبلة هيروشيما الذرية والتقارير التي وضعها العالم ليونيد كوليك حول إنفجار سيبيريا الغامض .
وانشغل زولوتوف في البحث عن أوجه الشبه بين إنفجار هيروشيما الذري وإنفجار سيبيريا , وكان التشابه بين الإنفجارين يثير الدهشة لأقصى الحدود .
* ففي الإنفجارين ووفقاً لتقارير بعثة كوليك وتقارير قنبلة هيروشيما , كان التدمير فى مركز الإنفجار أقل نسبياً عنه في أطرافه .
* وفي الإنفجارين ارتفع عمود هائل من اللهب والأدخنة على هيئة فطر عيش الغراب , إلا أنه في إنفجار سيبيريا ارتفع عمود اللهب لمسافة أعلى بكثير من انفجار هيروشيما .
* وفي الإنفجارين ظلت بعض الأشجار واقفة في المركزين , وفي كليهما أيضاً نبتت النباتات بسرعة وفي وقت قياسي , ما عدا في منطقة المركز التي ظلت خالية تماماً .
وبناءً على كل تلك المشاهدات , ومع الكثير من الدراسة النظرية للتقارير , استنتج زولوتوف بحماس رهيب أن إنفجار سيبيريا لم يكن قط بسبب نيزك من الصلب كما كان مُعتقداً , بل كان انفجاراً ذرياً , إنفجاراً ذرياً قبل اختراع القنبلة الذرية بسبع وثلاثين عاماً , إنفجاراً ذرياً في عام 1908 م حيث كان العلم في بدايات حبوه نحو التقدم , والأدهى أنه يفوق إنفجار قنبلة هيروشيما بــ 1000 ضعف .
وكرس زولوتوف وقته وعلمه وطاقاته لعامين كاملين لدراسة الأمر متأهباً لإصقال دراساته برحلة استكشافية إلى مركز الإنفجار .
وفي أوائل عام 1947 م قاد زولوتوف حملته إلى التايجا حيث مركز إنفجار تونجوسكا في قلب سيبيريا , ووصل العلماء إلى مركز الإنفجار وهم يرتدون ثياباً واقية من التأثيرات الإشعاعية النووية , بعد أن افترض زولوتوف أن كل الأعراض والأمراض الغريبة التى كانت تصيب العلماء الذين يحاولون الوصول لمركز الإنفجار كانت بسبب التأثيرات الإشعاعية , والتى لم يكن من الممكن أن ينجح الأطباء في فهمها أو تشخيصها قبل إنفجار هيروشيما .
وبدأ العلماء دراسة آثار الإنفجار بمنظور جديد , وكانت النتائج أكثر من مذهلة , فكل شئ في مركز الإنفجار كان يشير بوضوح للأثار النووية للإنفجار الغامض .
* توجد تحورات جينية للنباتات والحشرات في منطقة الإنفجار أدت لتغيرات وراثية عنيفة توحي بوضوح لتعرض الأجداد للإشعاعات الذرية .
* كما توجد تقرحات واضحة على أجسام الحيوانات تماما كما حدث في هيروشيما بعد الإنفجار , ولم تقتصر النتائج على هذا وحسب ..
* ففي منطقة الإنفجار عثر العلماء أيضاً على أنواع من مادة السيليكا , تحوي فقاعات هوائية تماماً كتلك التي يتم رصدها بالتحليل الطيفي عبر جهاز الـ " سبكتروجراف " للأجسام الفضائية .
* وعثروا أيضاً على " الفوسفور " النقي وهو مادة يستحيل وجودها في الطبيعة , ويحتاج تصنيعها إلى تكنولوجيا كانت وما زالت عسيرة ومعقدة .
* كما عثروا على عناصر نادرة ومثيرة للدهشة , مثل عنصر " الديوتريوم " وهو عنصر فيزيائي نادر للغاية .
وبلا أدنى شك , وبكل تأكيد , أجمع علماء رحلة زولوتوف على أن هذا الإنفجار الذي حدث في حوض نهر تونجوسكا هو إنفجار نووي .
وأكدوا أن هذا الإنفجار لم يحدث عند إرتطام جسم ما بالأرض , بل انفجر قبل أن يرتطم هذا الجسم بالأرض , وبالتحديد على إرتفاع 8 كيلومتر من الأرض.
فالإنفجار إذاً لا يمكن أن يكون قد نشأ من ارتطام نيزك من الصلب بالأرض حسب تقارير العالم ليونيد كوليك , بل هو إنفجار نووي مجهول الكيفية.
واستبعد العلماء – بالطبع – إمكانية قيام روسيا بتجارب ذرية في تلك المنطقة غير المأهولة في عام 1908 م نظراً لتخلفها العلمي البالغ في ذلك الوقت.
وأخذ العالم زولوتوف يجمع أقوال الشهود العيان للإنفجار بصبر وإهتمام , بعضها مثبت بالتقارير , وبعضها استمع إليها بنفسه ممن لا يزالون على قيد الحياة من هؤلاء الشهود , وأخذ يدرس كل كلمة نطقوا بها , وكل إشارة ولو تبدوا بسيطة أشاروا إليها محاولاً بذلك الوصول لسبب وكيفية حدوث هذا الإنفجار النووي العجيب .
واستوقفه وصف مدهش اتفق عليه أغلب شهود الإنفجار العيان ..
فبالرغم من اختلاف ثقافة وطباع هؤلاء الشهود إلا أنهم اتفقوا على رؤيتهم لجسم اسطواني شبه منتظم ولامع يهوي من السماء بزاوية ميل واضحة , ثم يتحرك أفقياً من الجنوب الشرقي إلى الشمال الغربي ثم يعاود الهبوط فينفجر على إرتفاع 8000 متر من الأرض كما قدر العلماء .
يتحرك أفقياً !! ياللعجب , فكأنه يقوم بمناورة مدروسة أو كأن أحدهم يتحكم بحركته , وهذا يثبت أن هذا الجسم لا يمكن أن يكون كتلة جامدة كنيزك أو مذنب , فلقد كان جسماً يمكن تغيير إتجاهه , ودفعه للقيام بمناورة ما إلا أنها لم تفلح في منع سقوطه أو انفجاره .
وبعد دراسة العالم زولوتوف الوافية للإنفجار وآثاره الذرية الإشعاعية وأقوال الشهود , وبعد ربطه لكل تلك الشواهد بعضها ببعض , خرج بنظريته الجديدة والتي آمن بها تماماً رغم غرابتها في ذلك الوقت عام 1947 م :
ذلك الجسم الذي انفجر على ارتفاع 8 كيلو متر من الأرض والذي أحدث إنفجار سيبيريا النووي , كان سفينة فضاء!!
سفينة فضاء قادمة من كوكب آخر , كوكب متقدم عن كوكب الأرض وقتها في العلوم والتكنولوجيا , وتستخدم تلك السفينة الفضائية الطاقة النووية في تسييرها , وربما أن ركابها أدركوا انفجارها لا محالة فاتجهوا بها نحو منطقة غير مأهولة حتى لا تؤذي سكان الأرض , وربما أيضاً كان يتم التحكم بها عن بعد لدراسة أمراً ما كمثل إطلاقنا في الوقت الحاضر لمكوك فضائي لدراسة كوكب المريخ .
وكانت تلك النظرية تفسر كل غموض الإنفجار تفسر قدرة تغيير الجسم لحركته وقيامه بمناورة جوية وتفسر الإنفجار النووي وتأثيره الإشعاعي على النباتات والحشرات المتحورة جينياً .
وطبقاً لنظرية زولوتوف فإن العناصر النادرة مثل الديوتريوم ومادة مثل الفوسفور النقي والتي يستحيل وجودها بالطبيعة , ومادة مثل السيليكا , وكل ما عثر عليه العلماء في منطقة الإنفجار يكون عبارة عن بقايا سفينة الفضاء بعد انفجارها .
المكان : حوض نهر تونجوسكا Tunguska بمنطقة كراسنويارسكى Krasnoyarskiy بأعماق سيبيريا حيث
تنتشر غابات التايجا " أشجار الصنوبر " .
وفى خضم الهدوء الذى يسبق العاصفة دوى إنفجار رهيب ارتجت له المنطقة كلها بعنف , وارتفعت كتلة هائلة من اللهب أكد شهودها العيان من الفلاحين الروس أنها أضخم وأغرب كتلة نيران رأوها في حياتهم , حتى خيل للجميع وكأن الشمس قد هبطت على الأرض , حيث أضاءت السماء بوهج ساطع أحال مساء تونجوسكا إلى نهار , بل أضاء روسيا كلها حتى صباح اليوم التالى , وبلغ شدة وهج هذا الإنفجار العظيم إلى حد إمكانية قراءة الصحف فى انجلترا فى منتصف الليل , وأضاءت سماء استوكهولم فاستطاع بعض المصورين هناك التقاط الصور بدون فلاش بكاميراتهم محدودة الإمكانية فى ذلك الوقت , وحظى الألمان بنهار دام لـ 24 ساعة , وشعر أغلب سكان المعمورة وقتها باهتزاز الأرض تحت أقدامهم , كما لفحت النيران الفلاحين على بعد عشرات الكيلو مترات من موقع الإنفجار , كل هذا ذكره الشهود وأكدته الصحف والوثائق في ذلك الوقت .
* وهذه خلاصة لتقرير صدر في صحيفة " سبير " التي تصدر في إركوتسك بروسيا ، في 2 يوليو ( تموز ) من عام 1908م :
باكرا في صباح الثلاثين من يونيو / حزيران , شوهدت ظاهرة غير عاديةهنا في إحدى قرى سيبيريا ، فقد شاهد الفلاحون شيئا يلمع بشكل ساطع في كبد السماء , وكان ساطعا جدا بحيث تعذر التحديق إليه بالعين المجردة ، وعند الأفق ظهرت في اتجاه الجسم المضيء نفسه غيمة سوداء صغيرة ، وعندما اقترب الجسم الساطع من الأرض ، بداوكأنه انشق إلى غبار ، وتكونت مكانه غيمة كبيرة من الدخان الأسود , وسُمع انفجار مدوكما لو أنه ناجم عن انهيار صخور كبيرة ، فارتجفت الأبنية ، واندفع بقوة لسان متشعب من اللهيب نحو الأعلى عبر الغيمة ، فهرع القرويون نحو الشارع مرعوبين ، وأجهشت النساءالمسنات بالبكاء ، فقد اعتقد الجميع أن نهاية العالم قد أتت .
وقدر العلماء قوة هذا الإنفجار بأنه يعادل أضعاف قوة إنفجار قنبلة هيروشيما الذرية بـ 600 : 1000 ضعف , أي أن قوته تساوي قوة 600 : 1000 قنبلة ذرية , وبلغ من تأثير هذا الإنفجار أن دارت موجته التضاغطية حول الكرة الأرضية مرتين .
فكيف حدث هذا الإنفجار الرهيب ؟
ومن أين اكتسب هذه القوة الهائلة التى لم يعرفها العالم قبلها قط ؟ وفى زمن ما قبل اختراع القنابل الذرية أو النووية أوالهيدروجينية بعشرات السنين .
وقتها فقد سيطر على عقول الناس أن هذا الإنفجار هو إنذار من السماء , كخطوة أولى فى فناء العالم .
ففى ذلك الحين تجاهلت كل الجهات الرسمية في (( روسيا القيصرية )) أمر إنفجار سيبيريا , نظراً لانشغالهم بالأوضاع السياسية التى اضطربت بشدة بعد أن سيطر الراهب الغامض راسبوتين على القيصر والقيصرة , وأصبح صاحب الكلمة الأولى فى القصر ,ومع انشغال موسكو بالسياسة وانشغال الشعب الروسى بالمتاعب والأوجاع … تعاملوا مع أمر الإنفجار باعتباره مجرد ظاهرة غير مفهومة , ولا تستحق الدراسة أو البحث أو حتى معرفة أسبابها , وكل ما حدث آنذاك هو أن شكل مجموعة من العلماء الروس رحلة استكشافية بصفة غير رسمية وعلى نفقة أفراد البعثة لتفقد موقع الإنفجار . ولم تكد البعثة أن تصل إلى حوض نهر تونجوسكا , حتى أصابتهم بعض الأمراض العنيفة , مما أدى إلى موت إثنين منهم هناك وإصابة الآخرين بنوع غريب من القروح والتي فشلت كل محاولات علاجها حين عودتهم إلى موسكو , مما أدى إلى تفاقم أمراضهم ووفاتهم جميعاً خلال شهرين , مع عدم إمكانية الأطباء تشخيص أمراضهم التى لم يذكرها أي مرجع علمي طبي من قبل .
ثم أخذت قصة إنفجار سيبيريا تهدأ مع اندلاع الحرب العالمية الأولى وتخلص مجموعة من النبلاء من الراهب راسبوتين , ومن ثم قيام الثورة البلشيفية عام 1917 م , لتستقر نسبيا الأوضاع السياسية في روسيا .
وفى عام 1921 م بدأت أولى الأبحاث العلمية الجادة عن إنفجار سيبيريا على يد العالم السوفيتي الشاب " ليونيد كوليك " , وانطلق بحثه من طرف خيط قوى لتفسير سبب الإنفجار , عندما سمع من الشهود العيان أن جسماً شديد الإضاءة هبط من السماء قبل الإنفجار بسرعة رهيبة وميل واضح , وبدا لهم هذا الجسم شبه اسطواني منتظم قبل أن ينسحق محدثاً الإنفجار المدوي , وأخذ كوليك يجمع المعلومات من هنا وهناك , وكل أمله القيام برحلة لموقع الإنفجار , وظل طوال 6 سنوات يبحث عن تمويل مادي لرحلته حتى كلفه " فيدور كواليسكي " من أكاديمية العلوم السوفيتية بالقيام بالرحلة العلمية لمعرفة أسباب الإنفجار , مع موافقة الأكاديمية على تمويل الرحلة .
وفى أوائل عام 1927 م انطلق كوليك مع أفراد بعثته حتى وصل إلى حدود غابات التايجا وكانت منطقة رهيبة تثير الرعب في النفوس آنذاك , واستمرت رحلتهم الشاقة التي ذاقوا فيها الأمرين وسط أصقاع سيبيريا عبر أعمق أعماق التايجا حتى وصلوا إلى حدود نهر ميكيرتا , وهناك كانت بداية آثار الإنفجار ..
كانت كل الأشجار فى المنطقة قد اقتلعت من جذورها وتراصت على نحو منتظم ومتوازي , وكانت كلها تلتزم باتجاه واحد , فكل قمم الأشجار كانت تتجه إلى الجنوب الشرقي وجذورها تتجه إلى الشمال الغربى حيث مركز الانفجار حتماً , وكلما توغلوا أكثر نحو مركز الإنفجار كلما ظهرت علامات الإنفجار أكثر شدة وبشاعة بالرغم من مرور 19 عاما على الانفجار , مما أثار الرعب في قلوب أفراد البعثة فرفضوا الاستمرار فى الرحلة , وحاول كوليك حثهم على مواصلة الرحلة إلا أنهم رفضوا بإصرار فعادوا جميعاً إلى موسكو , ولم ييأس كوليك بل أخذ يجمع مرافقين جدد ليعاود الكرة .
وفي شهر يونيو من نفس العام 1927 م , بدأ رحلته مرة ثانية وتوغل الفريق الجديد فى التايجا حتى وصلوا إلى منطقة تسمى " المراجل " عند حوض نهر تونجوسكا , وكان كل شئ يؤكد أنهم فى مركز الإنفجار , فالأشجار المقتلعة كانت متراصة على نحو منتظم تاركة فيما بينها دائرة واسعة للغاية وخالية تماما , عدى بعض الأشجار التي ظلت واقفة على حدود الدائرة الخالية من النباتات والأشجار والأعشاب وحتى الحشرات , مع نمو نباتات غريبة وغير مألوفة عند الحدود القريبة خارج الدائرة , وانتشار القروح على حيوانات الرنة التى تحيا بالقرب من المنطقة , ثم انتشرت الحالات المرضية بين أفراد الفريق العلمي , من مغص وإسهال معوي وتقرحات حادة , فعاد كوليك وفريقه إلى موسكو .
وخرج ليونيد كوليك من رحلتيه فأصدر كتابه " انفجار سيبيريا , التفسير الحاسم " والذى أكد فيه أن سبب انفجار تونجوسكا , أن نيزكاً ضخماً من الصلب قد هوى على المكان وانفجر مسببا كل هذا الدمار , وعلى الرغم من أنه لم يستطع تفسير الأعراض المرضية لكل من يقترب من منطقة الإنفجار , والتى أدت إلى وفاة أفراد الفريق الأول , ولا الأمراض التي اصابت فريقه العلمي نفسه , كما أنه لم يفسر ما أصاب تلك النباتات المتحورة الغريبة عند مركز الإنفجار إلا أنه كان مطمئناً إلى أن حل لغز الإنفجار الغامض يكمن في نيزك من الصلب .
وعقب إصداره للكتاب اندلعت الحرب العالمية الثانية , وفجرت أمريكا فى عام 1945 م قنابلها الذرية فى هيروشيما ونجازاكي , وكان لدراسة آثار تلك الإنفجارات الذرية وتأثيرها الإشعاعي ومقارنتها بانفجار سيبيريا الغامض أبلغ الأثر في ظهور تفسيرات أخرى لأسباب هذا الإنفجار , وربما تكون أكثر منطقية .
العثور على بقايا مركبة فضائية غير بشرية
موسكو : أفادت وكالة الأنباء الروسية " انترفاكس " أن علماء روس أعلنوا أنهم عثروا على بقايا حطام مركبة جاءت من الفضاء تحطمت فى موقع تونجوسكا فى سيبيريا فى 1908م .
وعثرالعلماء الذى يعملون فى إطار " صندوق ظاهرة تونجوسكا الفضائية " على حجر أيضا يزن خمسـة كيلوجرامات أرسل للتحليل فى مدينة كراسنويارسك فى سيبيريا .
وذكر أن انفجار تونجوسكا الذى حدث فى منطقة سيبيريا ما زال من أكبر الالغاز العلمية في القرن العشرين , والذي حدث فى 30 حزيران/ يونيو 1908 ، حيث انفجر ما قدر العلماء أنه نيزك على بعد بضعة كيلومترات عن نهر تونجوسكا مما تسبب فى سلسلة من الصدمات شعر بها السكان على بعد مئات الكيلومترات وأدت إلى تدمير ألفي كيلومتر مربع من الغابات السيبيرية , وما زال الغموض يلف طبيعة ومصدر الجسم الذى انفجر .
وكان تفسير العالم السوفيتي ليونيد كوليك بإرجاع سبب الإنفجار الغامض بسيبيريا إلى نيزك من الصلب منطقى إلى حد بعيد - رغم أنه لا يفسر كل الشواهد - إلا أن احتمال أن يصطدم نيزك بالأرض محدثاً إنفجاراً هائلاً هو إحتمال قائم بالفعل , فقبل 65 مليون سنة اصطدم مذنب سماوي بساحل ما يعرف الآن بالمكسيك فقضى على وجود الديناصورات تماماً .
واحتمال أن يصطدم مذنب هائل بالأرض ليقضي على الجنس البشري كله - هو أيضاً إحتمال قائم - مرة كل مليون سنة تقريباً بشرط أن يكون اتساع المذنب أكبر من 2 كيلو متر أي 2000 متر .
وأيضاً مذنب يتراوح اتساعه بين 50 و 100 متر قد يؤدي إلى مقتل عشرات الملايين من البشر إذا سقط على منطقة مأهولة بالسكان .
فالأرض معرضة لانفجار من هذا النوع مرة كل 100 إلى 300 سنة , حيث يحدث برق في السماء تتبعه صدمة كهربائية عنيفة مصحوبة بارتفاع شديد في الحرارة , وفي جزء من الثانية يتحول كل شيء حتى البشر إلى كتلة من اللهب , ثم ينجذب كل شيء بقوة نحو مصدر الانفجار , ويتلاشى في ثواني وسط الموجة التضاغطية للإنفجار .
وحديثاً في عام 1999م مر مذنب بين القمر والأرض , ولو اصطدم بها لأحدث دمارا واسعا .
وهناك العديد من المذنبات التي تدور قريبا من الأرض بسرعة تبلغ 30 كيلومترا في الثانية , مما يجعلها غير مرئية لنا نظراً لسرعتها الفائقة للغاية .
كل تلك الشواهد التي أثبتها العلم الحديث تجعل إمكانية اصطدام أحد الأجرام السماوية بالأرض أمراً طبيعياً ومنطقياً ويقبله العقل .
ولكـن بالنسبة لإنفجار سيبيريا عام 1908 م تغيرت الأمور تماما بعد إلقاء أمريكا لقنبلتيها الذريتيين على هيروشيما ونجازاكي عام 1945 م , حيث عرف العالم لأول مرة ما يعرف بالإنفجار الذري , وانتهت الحرب العالمية الثانية , و نصبت أمريكا نفسها كأقوى دول العالم باختراعها لهذا السلاح الرهيب .
وانشغل علماء المعمورة بدراسة القنبلة الذرية وآثارها وتداعياتها وتأثيرها الإشعاعي , وكان من ضمن هؤلاء العلماء العالم السوفيتي " زولوتوف " والذي كان مكلفاً من قبل الحكومة السوفيتية لرصد قنبلة هيروشيما الذرية ودراسة آثارها الإشعاعية والتدميرية حتى يتأتى للسوفيت سبر أغوار هذا السلاح الفائق ومعرفة طبيعته .
وانتبه زولوتوف للتشابه الكبير بين التقارير التى تصف آثار قنبلة هيروشيما الذرية والتقارير التي وضعها العالم ليونيد كوليك حول إنفجار سيبيريا الغامض .
وانشغل زولوتوف في البحث عن أوجه الشبه بين إنفجار هيروشيما الذري وإنفجار سيبيريا , وكان التشابه بين الإنفجارين يثير الدهشة لأقصى الحدود .
* ففي الإنفجارين ووفقاً لتقارير بعثة كوليك وتقارير قنبلة هيروشيما , كان التدمير فى مركز الإنفجار أقل نسبياً عنه في أطرافه .
* وفي الإنفجارين ارتفع عمود هائل من اللهب والأدخنة على هيئة فطر عيش الغراب , إلا أنه في إنفجار سيبيريا ارتفع عمود اللهب لمسافة أعلى بكثير من انفجار هيروشيما .
* وفي الإنفجارين ظلت بعض الأشجار واقفة في المركزين , وفي كليهما أيضاً نبتت النباتات بسرعة وفي وقت قياسي , ما عدا في منطقة المركز التي ظلت خالية تماماً .
وبناءً على كل تلك المشاهدات , ومع الكثير من الدراسة النظرية للتقارير , استنتج زولوتوف بحماس رهيب أن إنفجار سيبيريا لم يكن قط بسبب نيزك من الصلب كما كان مُعتقداً , بل كان انفجاراً ذرياً , إنفجاراً ذرياً قبل اختراع القنبلة الذرية بسبع وثلاثين عاماً , إنفجاراً ذرياً في عام 1908 م حيث كان العلم في بدايات حبوه نحو التقدم , والأدهى أنه يفوق إنفجار قنبلة هيروشيما بــ 1000 ضعف .
وكرس زولوتوف وقته وعلمه وطاقاته لعامين كاملين لدراسة الأمر متأهباً لإصقال دراساته برحلة استكشافية إلى مركز الإنفجار .
وفي أوائل عام 1947 م قاد زولوتوف حملته إلى التايجا حيث مركز إنفجار تونجوسكا في قلب سيبيريا , ووصل العلماء إلى مركز الإنفجار وهم يرتدون ثياباً واقية من التأثيرات الإشعاعية النووية , بعد أن افترض زولوتوف أن كل الأعراض والأمراض الغريبة التى كانت تصيب العلماء الذين يحاولون الوصول لمركز الإنفجار كانت بسبب التأثيرات الإشعاعية , والتى لم يكن من الممكن أن ينجح الأطباء في فهمها أو تشخيصها قبل إنفجار هيروشيما .
وبدأ العلماء دراسة آثار الإنفجار بمنظور جديد , وكانت النتائج أكثر من مذهلة , فكل شئ في مركز الإنفجار كان يشير بوضوح للأثار النووية للإنفجار الغامض .
* توجد تحورات جينية للنباتات والحشرات في منطقة الإنفجار أدت لتغيرات وراثية عنيفة توحي بوضوح لتعرض الأجداد للإشعاعات الذرية .
* كما توجد تقرحات واضحة على أجسام الحيوانات تماما كما حدث في هيروشيما بعد الإنفجار , ولم تقتصر النتائج على هذا وحسب ..
* ففي منطقة الإنفجار عثر العلماء أيضاً على أنواع من مادة السيليكا , تحوي فقاعات هوائية تماماً كتلك التي يتم رصدها بالتحليل الطيفي عبر جهاز الـ " سبكتروجراف " للأجسام الفضائية .
* وعثروا أيضاً على " الفوسفور " النقي وهو مادة يستحيل وجودها في الطبيعة , ويحتاج تصنيعها إلى تكنولوجيا كانت وما زالت عسيرة ومعقدة .
* كما عثروا على عناصر نادرة ومثيرة للدهشة , مثل عنصر " الديوتريوم " وهو عنصر فيزيائي نادر للغاية .
وبلا أدنى شك , وبكل تأكيد , أجمع علماء رحلة زولوتوف على أن هذا الإنفجار الذي حدث في حوض نهر تونجوسكا هو إنفجار نووي .
وأكدوا أن هذا الإنفجار لم يحدث عند إرتطام جسم ما بالأرض , بل انفجر قبل أن يرتطم هذا الجسم بالأرض , وبالتحديد على إرتفاع 8 كيلومتر من الأرض.
فالإنفجار إذاً لا يمكن أن يكون قد نشأ من ارتطام نيزك من الصلب بالأرض حسب تقارير العالم ليونيد كوليك , بل هو إنفجار نووي مجهول الكيفية.
واستبعد العلماء – بالطبع – إمكانية قيام روسيا بتجارب ذرية في تلك المنطقة غير المأهولة في عام 1908 م نظراً لتخلفها العلمي البالغ في ذلك الوقت.
وأخذ العالم زولوتوف يجمع أقوال الشهود العيان للإنفجار بصبر وإهتمام , بعضها مثبت بالتقارير , وبعضها استمع إليها بنفسه ممن لا يزالون على قيد الحياة من هؤلاء الشهود , وأخذ يدرس كل كلمة نطقوا بها , وكل إشارة ولو تبدوا بسيطة أشاروا إليها محاولاً بذلك الوصول لسبب وكيفية حدوث هذا الإنفجار النووي العجيب .
واستوقفه وصف مدهش اتفق عليه أغلب شهود الإنفجار العيان ..
فبالرغم من اختلاف ثقافة وطباع هؤلاء الشهود إلا أنهم اتفقوا على رؤيتهم لجسم اسطواني شبه منتظم ولامع يهوي من السماء بزاوية ميل واضحة , ثم يتحرك أفقياً من الجنوب الشرقي إلى الشمال الغربي ثم يعاود الهبوط فينفجر على إرتفاع 8000 متر من الأرض كما قدر العلماء .
يتحرك أفقياً !! ياللعجب , فكأنه يقوم بمناورة مدروسة أو كأن أحدهم يتحكم بحركته , وهذا يثبت أن هذا الجسم لا يمكن أن يكون كتلة جامدة كنيزك أو مذنب , فلقد كان جسماً يمكن تغيير إتجاهه , ودفعه للقيام بمناورة ما إلا أنها لم تفلح في منع سقوطه أو انفجاره .
وبعد دراسة العالم زولوتوف الوافية للإنفجار وآثاره الذرية الإشعاعية وأقوال الشهود , وبعد ربطه لكل تلك الشواهد بعضها ببعض , خرج بنظريته الجديدة والتي آمن بها تماماً رغم غرابتها في ذلك الوقت عام 1947 م :
ذلك الجسم الذي انفجر على ارتفاع 8 كيلو متر من الأرض والذي أحدث إنفجار سيبيريا النووي , كان سفينة فضاء!!
سفينة فضاء قادمة من كوكب آخر , كوكب متقدم عن كوكب الأرض وقتها في العلوم والتكنولوجيا , وتستخدم تلك السفينة الفضائية الطاقة النووية في تسييرها , وربما أن ركابها أدركوا انفجارها لا محالة فاتجهوا بها نحو منطقة غير مأهولة حتى لا تؤذي سكان الأرض , وربما أيضاً كان يتم التحكم بها عن بعد لدراسة أمراً ما كمثل إطلاقنا في الوقت الحاضر لمكوك فضائي لدراسة كوكب المريخ .
وكانت تلك النظرية تفسر كل غموض الإنفجار تفسر قدرة تغيير الجسم لحركته وقيامه بمناورة جوية وتفسر الإنفجار النووي وتأثيره الإشعاعي على النباتات والحشرات المتحورة جينياً .
وطبقاً لنظرية زولوتوف فإن العناصر النادرة مثل الديوتريوم ومادة مثل الفوسفور النقي والتي يستحيل وجودها بالطبيعة , ومادة مثل السيليكا , وكل ما عثر عليه العلماء في منطقة الإنفجار يكون عبارة عن بقايا سفينة الفضاء بعد انفجارها .