سارة بنت محمد الخضير
قبل أن تشرع في قراءة أي حرف في هذه المساحة .. أريدك أن تجيب على سؤالي.. - هل نمت بما فيه الكفاية هذا اليوم..؟ إن كانت الإجابة بنعم.. فهذا جيد.. استمر في القراءة.. وإن كانت الإجابة لا.. فالأفضل أن تذهب لفراشك الآن وتسترخي ثم تعاود القراءة فيما بعد...! وبمناسبة ذكر التعب.. أتشعر أنك متعب دوماً.. مرهق دوماً.. تحس بالضجر والضغوط والتكرار والروتين الممل..؟ أتشعر أنك منذ مدة طويلة لم تنام مستغرق.. بعمق وهدوء ووداعة مثل الأطفال ثم تستيقظ نشيط متفائل.. مبتسم..؟ أشعرت أنك سئمت تكرار نفس (الموال).. من دراسة.. أكل.. أحاديث الأصدقاء.. والأهل....؟ وهو كذلك.. لدى الجميع.. فمتى يا ترى سنرتاح...؟ ولماذا لا نصنع لأنفسنا عالماً صغيراً مبهجاً.. نمارس فيه كل ما يريحنا.. ونأوي إليه حين يلفحنا هجير الحياة.. بسمومه ولهيبه.. فلعلنا نعود للحياة مرة أخرى.. بنفس أكثر إشراقاً..! فمنذ متى.. لم تملئ (البانيو) بالماء الدافئ.. والرغوة المنعشة.. وتغمر جسدك المرهق فيه وتستسلم لاسترخاء لذيذ.. منذ متى.. لم تحضر شريط فيديو من ذكريات الطفولة... وتستلقي أمامه.. وتتناول الشيبس والعصير وأنت تضحك من أعماقك على مطاردات توم وجيري! أو مقالب بنك بانثر..! ومنذ متى.. لم تطفئ أنوار غرفتك.. وتملئ جنباتها بالشموع.. ثم تسحب من الرف أقرب ديوان لقلبك.. وتنغمس بأشعاره..! ومنذ متى.. لم تجلس القرفصاء .. تراقب طابوراً من النمل ينقل رزقه على ظهره بهمة ونشاط فتسبح الخالق.. ومتى هي... آخر مرة.. أحسنت الوضوء.. وفرشت سجادتك.. على أرض لم تتعود الصلاة فيها بمنزلك.. كسطح البيت..! أو الحوش..! أو حتى الحديقة..! وصليت ركعتين.. هكذا.. لأجل أن تسبح خالقك.. وتسبح روحك في ملكوت النور والنقاء.. هل ذهبنا بعيداً...؟ هل كل ذلك مستحيل..؟ إننا بحق.. لا ندلل أنفسنا.. بأشياء صغيرة بسيطة.. تعيد للروح رواءها وبهاءها.. وتوثبها ونشاطها.. فالنفس إن أهملت تحت ركام الكسل والروتين والعادة.. شاخت وصدأت.. وأصبحت لا تنتج إلا رماداً وغباراً.. لا ينفع. وإن هي حركت.. ونشطت.. بأحب ما يمتعها وأكثر ما يجددها.. قامت متفجرة كالشلال.. يفيض حيوية.. ويعطي بلا انقطاع..! فإذا بدأت نفسك تلح عليك.. أريد أن أرتاح.. أريد أن أرتاح.. فجرب أنت ما يريحها.. فأنت بالتأكيد.. الأعلم بذلك... آخر الكلام.. حكت لي أمي قصة قديمة.. من أيام أجدادنا.. أن هناك امرأة تعمل خادمة في بيت سيدها.. والكل يأمرها وينهاها.. والأعباء ثقيلة.. والواجبات والمسؤوليات المنوطة بها مرهقة.. ومع ذلك يرونها دائماً مبتسمة راضية قانعة..! فلما سألتها سيدتها عن ذلك قالت: كل يوم يا عمتي.. حينما تأوون للنوم.. أحمل نفسي وأذهب لمكان قصي خلف المزارع.. وأحشر جسدي في حفرة صغيرة هناك.. وأقول لنفسي: (رضيت يا نفسي أم لم ترضي.. فهذا هو مصيرك..!) فهذا هو سبب رضاي الدائم...! |