منتدى علوم المنصورة
رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الأجزاء من (111 ) الي (120) - صفحة 2 Ezlb9t10


منتدى علوم المنصورة
رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الأجزاء من (111 ) الي (120) - صفحة 2 Ezlb9t10

منتدى علوم المنصورة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى علوم المنصورةدخول

اهلا بك يا زائر لديك 16777214 مساهمة


رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الأجزاء من (111 ) الي (120)

power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد
+2
sendrila
tootibella
6 مشترك

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الأجزاء من (111 ) الي (120) - صفحة 2 Emptyرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الأجزاء من (111 ) الي (120)

more_horiz
تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :


سامر!
هل تريد أن تفهمني أنك تعرف رغد خير مني؟؟
بالطبع تعرف.. فأنت بقيت قريبا منها طوال
السنين التي حرمت أنا فيها منها.. وكبرت وتطورت شخصيتها أمام عينيك...
وأصبحت أقرب الناس إليك ألصقهم بك..!
أما أنا فلم أصل للدائرةالتي بارتباطك
الشرعي أنت بها..أمكنك تخطيها...
تأملت شقيقي.. في أعماق عينيه كانت المرارة
تتكلم.. إنه يتحدث عن الفتاة التي كانت خطيبته لما يقرب من أربع سنين... والتي
كانت قاب قوسين أو أدنى من الزواج به..
تأملت لأجله.. لكن..
يا سامر.. ألم تجد في هذه الدنيا غير حبيبتي
أنا.. كي تعلق قلبك بها؟؟
إن رغد.. منذ أن حلت بعائلتنا قبل 15 عاما
وأكثر.. أصبحت لي..
قلت:
"على كل.. ستظل في بيت
خالتها لعدة أيام.. يمكنك زيارتهم وتفقد أحوالها وقت تشاء".
استغرب سامر وقال:
"عدة أيام؟؟ غريب!
ماذا عن الجامعة. أهي مجازة؟؟"
صمت قليلا ثم قلت:
"إنها... في إجازة
مرضية طويلة.. فهي.. مصابة بكسور في قدمها ويدها".

***************************

مر يوم وأنا أقيم باسترخاء في بيت خالتي..
وفر لي أفراد العائلة سبل الراحة وتفانوا في رعايتي والاهتمام بي..
غير أن ذلك لم يخلصني من التفكير المستمر
في وليد... خصوصا وأنه لم يتصل للسؤال عني حتى الآن..
تراقبني نهلة وأنا ممسكة بهاتفي المحمول في
تردد... أأتصل أم لا؟
"هل يصعب عليك الاتصال
بيدك اليسرى؟ دعيني أساعدك".
قالت ذلك نهلة بخبث.. فهي تدرك ما الذي
يدور برأسي..
قلت مستسلمة:
"الغريب أنه لم يخبرني
قبل مغادرته ولم يتصل ليتفقد أحوالي.. في المنزل كان يتفقدني ألف مرة في اليوم
والآن نسيني!؟ لا سلام ولا كلام ولا خبر... لا أعرف إن كان قد ذهب إلى سامر أم عاد إلى الشقراء".
وتذكرت صورتها الأخيرة فامتقع وجهي... ثم
تذكرت حديثها الأخير معي صباح الأمس.. فأبعدت الهاتف عني..
لاحظت نهلة حركتي الأخيرة فقالت:
"جيد! لا تتصلي..
واختبري مدى قدرتك على تحمل بعده".
قلت:
"لا أتحمل.. لا يمكنني
تخيل حياتي بدونه! سأموت إذا ابتعد عني".
رفعت نهلة حاجبيها ونظرت إلى السقف
استنكارا..
قلت مدافعة عن كلامي ومؤكدة له:
"إذا تخلى عني فسوف
أموت فورا.. صدقيني... لا أستغني عنه يوما ولا ساعة... والدخيلة البغيضة.. اللصة.. تطلب مني الخروج من حياته.. تريد
الاستحواذ عليه لوحدها.. تظن أنها أقرب وأحق به مني".
هبطت نهلة ببصرها من السقف علي وعلقت:
"وهي على صواب يا رغد!"
توترت وكدت أصرخ.. حتى أنت يا نهلة؟؟ حتى
أنت؟؟
قلت بعصبية:
"كلا.."
ردت نهلة مباشرة وبشيء من القسوة:
"يا رغد... لمَ لا
تستفيقين من أحلامك الخرافية؟؟ ما الجدوى من حب رجل متزوج؟ إنك تهدرين عواطفك سدى".
أحست نهلة بأنها قست علي.. فأقبلت نحوي
وأمسكت بيدي اليسرى وقالت مواسية:
"أنا قلقة عليك..
وأفكر بعقلانية.. لقد مضت فترة طويلة.. وأنت لا تزالين تحلمين بالمستحيل.. تعذبين
نفسك.. انظري إلى أين وصلت؟"
وهي تشير إلى عكازي..
ثم تابعت:
"آن الآوان لتستفيقي..
اتركي الرجل وخطيبته يواصلان مشوارهما.. بسلام.. وانتبهي أنت لنفسك.. والتفتي للشخص الذي ينتظر منك الإشارة ليغمرك بكل
الحب والحنان اللذين تحتاجينهما".
نظرنا أنا ونهلة لبعضنا نظرة طويلة...
عميقة... وأنا أشعر بأن الدنيا كلها تتخلى عني وتقف في صف أروى..
فجأة رن هاتفي المحمول فسحبت يدي بسرعة من
بين يديها وأخذت الهاتف وأجبت حتى قبل أن ألقي نظرة على اسم المتصل..
سمعت نهلة تقول باستنكار:
"أنت حالة ميؤوس منها!"
لم أعرها امتماما وتحدثت عبر الهاتف بلهفة:
"نعم مرحبا".
متوقعة أن يكون وليد..
لكنه لم يكن!
لقد كان.. سامر!
سألني عن أحوالي.. وعن إصابتي وحمد الله
على سلامتي.. ودار بيننا حديث قصير علمت من خلاله أن وليد سيظل معه بضعة أيام..
ثم قال فجأة:
"هل يمكنني أن أزوركم
الليلة؟"
اشتعل وجهي احمرار من الحرج.. تعثرت في
كلامي ولكنني أوصلت إليه:
"بالطبع.. أهلا بك..
سأخبر خالتي بهذا".
وبعد أن أنهينا المكالمة نظرة إلى نهلة
فرأيتها تحملق بي بخبث!
قلت:
"إنه ليس وليد بل سامر".
عادت تنظر إلى السقف...
قلت:
"ويريد أن يحضر
لزيارتنا الليلة".
نظرت إلي بخبث وقالت:
"تعنين لزيارتك".
تنهدت وقلت وبريق الأمل يشع في عيني:
"وبالطبع سيأتي وليد
معه.. سأطلب من خالتي أن تعتذر إليه".
وفيما بعد تحدثت مع خالتي ووعدتني بأن
تتحدث مع وليد بهدوء وتعتذر عما قالته يوم أمس...
وعندما حل المساء.. وعند الثامنة والنصف
قرع جرس المنزل..
انتظرت إلى أن جاء حسام ليخبرني:
"يرغب ابن عمك في
إلقاء التحية عليك".
قلت بشوق يكاد يفضحني:
"هل حضر وليد؟"
نظر حسام إلى نهلة الجالسة بقربي.. ثم إلي
وقال:
"لم أعن هذا الـــ.."
وانتبه لنفسه ولم يتم.. ثم قال:
"أعني سامر".
قلت بخيبة أمل:
"وحده؟"
أجاب:
"والاي معه الآن..
تعالي لتحييه".
نظرت إلى نهلة ففهمتني..
قمت ورافقت حسام إلى غرفة الضيوف.. حيث كان
سامر يجالس خالتي وزوجها..
ما أن رآني حتى وقف ونظر إلى العكاز وعلت
تعبيرات وجهه علامات المفاجأة والألم..
أما أنا فقد دهشت للتغير الجديد في مظهر
عينه...
"مرحبا سامر.. كيف
حالك".
بادرت في تحيته فرد والقلق يغلف نظراته
وصوته:
"مرحبا رغد.. كيف حالك
أنت؟ سلامتك ألف سلامة".
قلت:
"سلمك الله. الحمد لله
إصابتي في تحسن.. تفضل بالجلوس".
وجلسنا نتجاذب أطراف الحديث نحن الخمسة
ساعة من الزمن ثم استأذن سامر للمغادرة..
قبل انصرافه أعطاني ظرفا قال لي أنه من
وليد... وسألني عما إذا كنت بحاجة لشيء فشكرته وودعته على أن نبقى على اتصال...
أما الظرف فقد كان كما توقعت يحوي مبلغا من
النقود...

********************************
إنها النقود التي كانت في محفظتي ونسيت
تسليمها لرغد بعد أن أصابني الإرباك وأنا أراها جالسة على عتبة المنزل في المزرعة...
لم أرغب في الذهاب.. لذا تركت شقيقي يخرج
لزيارتها وتسليمها النقود بنفسه.. وبقيت وحيدا في شقته..
كما أنني أيضا لم أرغب في الاتصال لا بها
ولا بأروى.. وآثرت البقاء بعيدا عن كليهما لبعض الوقت..
باشرت بتنظيم الحاجيات القليلة التي حملتها
معي.. وعندما فتحت خزانة الملابس الخاصة بشقيقي فوجئت برؤية فساتين نسائية معلقة
آخر الصف...
أصابتني الدهشة والحيرة.. وتملكني الفضول
لإلقاء نظرة على بقية الخزانة والأدراج.
لن تصدقوا أنني وجدت خاتم خطوبة سامر الفضي
موضوعا في أحد الأدراج مع مجموعة من علب الهدايا والمجوهرات...
وكان أحد الأدرلج مقفلا والله الأعلم.. ما
الذي يخبئه شقيقي فيه...
أخذت أعبث بالخاتم في يدي وأنا شارد
التفكير.. وشاعر بقلق شديد على سامر..
وفكرت في الألم الذي يعانيه وفي الصدمة
التي ستصيبه إن أنا تزوجت رغد..
إنها نفس المشاعر التي عانيت مرارتها حين
اكتشفت ارتباطه هو بها..تجربة قاسية جدا لا أريد لشقيقي الوحيد أن يخوضها..
وأضافة إلى عشرات المشاغل والهموم التي
تثقل صدري وتزدحم في رأسي, أضفت اليوم هما جديدا... اسمه سامر..
ولم أدر يومها.. أنه الهم الذي سيحتل
المركز الأول في قائمة المصاعب التي لا يزال القدر يخبئها لي في المستقبل القريب..

*****************************

مرت أيام وأنا في بيت خالتي لا هم لي سوى
التفكير الملي بما قالته الشقراء لي آخر مرة... حالتي النفسية لم تكن جيدة وقد
لاحظ ذلك أفراد العائلة.
"والآن يا رغد.. ما
الذي يشغل بالك لهذا الحد؟ إننا جميعا قلقون عليك".
كان هذا سؤال خالتي والتي كانت تلحظ
شرودي... أجبت:
"لا شيء خالتي.."
قالت غير مصدقة:
"لا شيء؟"
أجبت مدعية:
"إنني.. قلقة بشأن..
أعني بشأن الجامعة وغيابي عنها".
ولا أدري إن بدا كلامي مقنعا أم لا, غير
أنه لم يقنع نهلة الجالسة معنا... بطبيعة الحال.
قالت خالتي:
"الجامعة والجامعة!
دعك منها يا رغد.. وانسي أمرها".
حدقت في خالتي بتعجب! فقالت:
"لست بحاجة إليها ولا
أرى داع لها أصلا".
قلت مندهشة:
"خالتي! كيف تقولين هذا؟"
قالت:
"لو لا إلحاحك ما كنت
وافقت على الذهاب مع ابن عمك للجنوب من أجل الدراسة.. اصرفي نظرا عنها أو التحقي
بالمعهد مثل حسام".
قلت محتجة:
"ولماذا أفعل ذلك؟ أنا
مسرورة بدراستي وناجحة بل ومتفوقة فيها".
وأضفت:
"ثم أن وليد قد دفع
تكاليف الدراسة لهذا العام كاملة... وهو مبلغ طائل لن نضيعه هباء".
قالت:
"وماذا عن السنوات
التالية؟"
قلت:
"سيدفعها أيضا".
قالت معترضة:
"ولماذا يكبل نفسه كل
هذا العناء؟ الجامعات الأهلية مكلفة جدا".
قلت:
"لكن وليد ثري جدا..
ومصاريف دراستي لا تساوي شيئا أمام كل ما يحصل عليه".
قالت خالتي:
"لا نريد أن نكلف
الرجل فوق هذا.."
قلت متعجبة:
"ماذا تعنين؟ إنه
الوصي علي!"
قالت خالتي:
"هنا مربط الفرس..."
ولم أفهم ما تعنيه.. ثم قلت:
"على كل نحن ننتظر
حضوره حتى نضع النقاط على الحروف".
وحالما انصرفت خالتي سألت نهلة:
"ما الذي تعنيه خالتي
وماذا تقصد؟؟"
نهلة ردت:
"هذه المرة.. أمي جادة
جدا بشأن إقامتك معنا بشكل دائم يا رغد!"
قلت مندهشة:
"والجامعة؟؟ ووليد؟؟"
قالت:
"آن الآوان... للتحرر
منهما!"
في ذلك اليوم لم أطق صبرا... واتصلت
بوليد... أخيرا...
وكأنني أكلمه للمرة الأولى في حياتي... لا
أعرف لماذا ارتبكت وتسارعت نبضات قلبي..
وفور سماعي لصوته.. انصهرت كما تنصهر
الشمعة... دمعة دمعة!
"كيف أنت؟ ولماذا لا
تتصل بي؟"
تجرأت وسألته بعتاب.. إذ إنه لم يهاتفني
ولا مرة مذ أحضرني إلى هنا.. وكأنني عبء ما كاد أنه تخلص منه!
وليد قال:
"لم أشأ إزعاجك..
وأعلم أن أقاربك يعتنون بك جيدا".
حتى وإن! أنت أبي بالوصاية.. أليس من واجبك
السؤال عني كل يوم؟
قلت:
"ومتى ستحضر؟"
قال:
"هل هناك شيء؟؟"
قلت:
"لا لا... لا تقلق..
إنما قصدت.. متى سيتعين علينا العودة؟"
لم يجبني مباشرة ثم قال:
"لا يزال أمامنا بعض
الوقت.. موعدك في المستشفى لم يحن".
هكذا إذن! لن تأتي لرؤيتي إلا يوم السفر أم
ماذا؟؟
قلت:
"إن خالتي ترغب في
الحديث معك".
قال:
"حسنا..."
قلت:
"لا أعني على الهاتف..
تود أن تأتي للعشاء عندنا.. والتحدث".
قال:
"لا بأس.. لنقل بعد
يومين؟ فأنا في الطريق إلى المزرعة الآن".
فوجئت.. وخذلتني جملته الأخيرة.. ذاهب إلى
المزرعة ولم تفكر بالمرور بي؟؟
قلت:
"هكذا إذن؟ حسنا لن
أشغلك وأنت تقود السيارة.. رافقتك السلامة".



كنت أنتظر إشارة من أروى لأعود للمزرعة
ونعود لمناقشة الخلافات الأخيرة الحاصلة بيننا..
والأيام التي قضيتها مع شقيقي بعيدا عن أي
مشاكل كانت كافية لإرخاء الشد الحاصل في أعصابي. فكرتك كانت نافعة يا أروى.. أعترف
بهذا.
اتصلت بي البارحة وأخبرتني أنها ترغب في
مقابلتي..
منذ ارتباطنا وأروى أمامي يوميا لم يفصلها
عني غير الشهر الأسود الذي تلا مقتل واليّ رحمهما الله والذي قضيته مع سامر ورغد
بعيدا عنها..
أما رغد فمنذ أن التحقت برعايتي لم أفترق
عنا غير الأيام التي سبقت رحيلنا الأخير إلى الجنوب.
والحديث القصير معها عبر الهاتف جعلني
أشتعل شوقا لرؤيتها والاطمئنان على وضعها وصحتها.. ولو لم ابتعدت كثيرا.. لربما
سلك بي شوقي الطريق إليها..
الاستقبال الذي استقبلتني به أروى كان
باردا.. على عكس الطريقة التي ودعتني بها.. واخترنا الغرفة الخارجية الملاصقة
للمنزل, والتي كنت أقيم فيها فيما مضى.. مكانا لحديثنا المطول..
أروى ظهرت أكثر هدوءا وتماسكا مما كانت
عليه خلال الآونة الأخيرة.. ولم تتعمد الإطالة في المقدمات بل قالت مباشرة:
"كما قلنا.. يجب أن
نضع نهاية لكل المشاكل والخلافات الحاصلة بيننا نحن الثلاثة".
تعنيني أنا وهي ورغد..
قلت:
"وهل وجدت حلا مناسبا؟"
بدا الجد يعلو قسمات وجهها وأخذت نفسا
عميقا ثم قالت:
"نعم.. وهو.. بيدك أنت
يا وليد".
شعرت بالفضول والحيرة.. لم أفهم ما الذي
عنته فسألتها:
"بيدي أنا؟ ما هو؟"
قالت:
"يجب أن تكون مستعدا
له".
ازدادت حيرتي وقلت:
"بالطبع فأنا أريد
بالفعل أن نتجنب التصادم مستقبلا وإلى الأبد... إذا كان الحل بيدي فأنا لن أتردد..
لكن ماذا تقصدين؟"
هنا توقفت أروى عن الكلام وكأنها تستجنع
قواها لتنطق بالجملة التالية.. تلك الجملة التي من قوتها.. كاد سقف الغرفة أن ينهار على رأسي..
"وليد.. عليك أن
تختار.. مع أينا تريد العيش... إما أنا.. أو رغد".
وقوع سقف بهذا الحجم على رأس موقوت مسبقا..
لا يسبب التكسر والتهشم فقط.. بل ويفجره إلى شظايا تنطلق مخترقة الفضاء إلى ما
لانهاية..
تسمرت على وضعي مذهولا.. أشد ذهولا من
الذهول ذاته.. أحاول أن أترجم اللغة العجيبة التي التقطتها أذناي منطلقة من لسان
أروى..
لم أتحدث فأنا لم أعد أملك رأسا يدير حركة
لساني..
أرووى بعد الجمود الذي رأته علي قالت:
"وليد.. صدقني..
الحياة بوجودنا معا نحن الثلاثة مستحيلة.. لقد فكرت مليا طوال الأيام الماضية..
مرارا وتكرارا.. ولم أجد لمشكلتنا مخرجا غير هذا.. لن نستمر واقفين على فوهة البركان.. أنا ورغد لا يمكن أن نجتمع تحت
سقف واحد بعد الآن.. أبدا يا وليد".
أي سقف؟ وهل أبقيت في المنزل أية أسقف؟ لقد
أوقعتها كلها على رأسي يا أروى...
فعن أي سقف تتحدثين؟؟
أخيرا استطعت النطق:
"ما الذي تهذين به؟"
توترت أروى.. وقالت:
"هذا هو الواقع... أنا
وابنة عمك يستحيل عيشنا سوية في سلام.. لا تتحمل إحدانا وجود الثانية أبدا.. إما
أن تعيش معي.. أو تعيش معها.. يجب أن تختار".
صرخت:
"أروى... هل جننت؟"
صاحت أروى:
"بل هذا هو عين
الصواب.. إنني سأجن فعلا إن بقيت مع ابنة عمك في بيت واحد".
انفعلت وثرت فجأة.. وهببت واقفا أضرب كفي
الأيسر بقبضتي اليمنى...
وقفت أروى وقالت:
"أرجوك أن تحافظ على
هدوئك لنتابع النقاش".
صرخت بعصبية:
"أحافظ على هدوئي؟ كيف
تريدين مني البقاء هادئا بعد هذا الجنون الذي تفوهت به؟ إنني لم أتوقع أن تكوني
أنت كارهة لرغد لهذا الحد أبدا".
قالت منفعلة:
"وأما لم أقل إنني
أكرهها".
قاطعتها:
"وبم تترجمين موقفك
هذا؟"
أجابت:
"إنه حل وليس موقف..
واحدة منا فقط ستعود وتبقى معك.. وعلى الأخرى أن تظل هنا... هذا من أجل راحتنا
جميعا".
قلت غاضبا:
"من أجل راحة من؟؟
تريدين مني أن أتخلى عن رعاية ابنة عمي وتقولين راحتنا جميعا؟؟"
هتفت أروى:
"أنا لم أقل تخل عنها".
قلت ثائرا:
"وما تفسيرك إذن لتركي
لها هنا؟"
قالت:
"ولم أقل اتركها هي...
قلت إنك من يجب عليه أن يختار.. إما أنا أو هي".
وقفت مأخوذا بأعماق أكبر وأغزر.. لكلام
أروى..
قلت:
"أروى... بربك... ماذا
تعنين؟؟"
رمقتني بنظرات ملؤها المعاني...
سألت:
"تعنين.. أن أعود معها
هي.. وأتركك هنا؟"
رفعت أروى رأسها بشموخ وقالت:
"إن قررت اختيارها هي".
اندهشت وقلت:
"لا بد أن شيئا ما قد
ألم بعقلك يا أروى".
لم تعلق فتابعت:
"إلا إذا كنت... تعنين
لفترة محددة.. ريثما تهدأ الأوضاع".
قالت بثقة:
"لا... بل أعني للأبد.."
صعقت وسألت غير مصدق:
"وأنت؟"
قالت وعضلات وجهها قد خذلتها وبدأت
بالنهيار:
"لن أعيش معك ما دامت
رغد تحت ولايتك.."
من ذهولي لم أعرف كيف أرد.. رفعت يدي
وأمسكت بعضديها ونظرت إلى عينيها بجدية ثم قلت:
" هل تعنين ما تتفوهين
به يا أروى؟؟"
أجابت وأول دمعة تنزلق بين رموشها:
"أعيه وأعنيه تماما يا
وليد.. لن لأستمر معك.. ما بقيت ابنة عمك تحت رعايتك.. إن أردت لحياتنا أن تستمر
معا.. تنازل عن وصايتها.. وأبعدها عنا".
أطرقت برأسي رفضا لتصديق ما أسمع.. وضغطت
على عضدي أروى وقلت:
"كلا.. أنت لا تعنين
ما تقولين يا أروى.. لا شك أنني أحلم".
أروى عصرت عينيها وتدفقت الدموع بغزارة
منهمرة منهما.
هززتها وقلت:
"كلميني يا أروى..
أخبريني بأنك تهذين.."
أروى فجأة رمت برأسها على صدري وانفجرت
باكية وهي تزفر:
"لا أتحمل هذا...
ارحمني وليد.. لا يمكن لقلبي أن يتحمل العيش مع فتاة أعرف أنك تحبها.. ما الذي
تخطط له بشأنها؟؟ كم أنت قاس علي..."
وانهارت أروى في بكاء طويل حارق..
لم أحرك ساكنا.. وانتظرت حتى أفرغت دموعها
في ملابسي.. وبكاءها بين ضلوعي..
بعدها أبعدت رأسها عن صدري ونظرت إلي..
"ماذا قررت؟"
سألتني ونظرتها متعلقة بعيني...
فلم أرد.. فنادتني:
"وليد... أنا.. أم هي؟"
عضضت على أسناني توترا ثم قلت:
"سأعتبر نفسي لم أسمع
شيئا اليوم".
قالت بحنق:
"وليد.. لا تهرب من
سؤالي".
رددت بحدة:
"إنه ليس سؤالا يا
أروى... إنه الجنون.. يبدو أنك لم تسترخي بما فيه الكفاية بعد..
سأتركك لتراجعي حساباتك الحمقاء هذه ثانية".
وتركتها وغادرت الغرفة..
في المزرعة وجدت العم إلياس والخالة ليندا
يعملان مع بقية العمال في حرث بقعة من الأرض..
قلت مخاطبا الخالة:
"خالتي.. دعي عنك هذا
أرجوك".
فقالت بسرور:
"إنني أستمتع بحرث
الأرض يا بني.. ثم إنه تمرين جيد لتنشيط القلب".
قلت:
"بل هو شاق على مرضى
القلب.. أرجوك توقفي".
واقتربت منها وانتزعت الأداة من بين يديها
وطلبت منها الذهاب للراحة..
كانت أشعة الشمس لا تزال ساطعة بقوة والجو
اليوم أكثر حرارة مما كان عليه الأسبوع الماضي..
شمرت عن ساعدي وأمسكت بالمعول وجعلت أضرب
الأرض بقوة.. وكلما تذكرت كلام أروى ضربتها بقوة أكبر وأكبر.. وكأنها السؤولة عن
دوامة المشاكل التي أعيشها.. كأن بيني وبينها ثأر كبير...
عملت بهمة لا تتناسب والحالة المزاجية
المتعكرة التي تسيطر علي.. ومرت الساعات واختفى قرص الشمس خلف ستار الأفق.. الذي
خبأ بحرص شديد.. ما ستشرق به شمس الصباح التالة..
كان الإعياء قد نال من عضلاتي والعرق قد
أغرق جسدي حينما ألقيت بالمعول جانبا واستلقيت على الرمال ألتقط أنفاسي..
تنفست بعمق شديد وأنا شارد التفكير.. أنظر
إلى السماء وقد بدأ الظلام يلونها بلون الحداد الكئيب...
أمام عيني كنت أرى كلمات أروى تتراقص مع
أوراق الشجر.. ذات اليمين وذات الشمال.. وتسبب لي دوارا..
أغمضت عيني لأحول دون رؤية أي شبء.. فأنا
هذه اللحظة لا أريد لأي مؤثر خارجي أن يغزو تفكيري..
شعرت بشيء يسري على ذراعي.. حركت يدي
فأحسست بحبات الرمل تعلق بي..جذبت نفسا فخيل إلي أنني أشم رائحة دخان السجائر..
وسمعت أصوات أشخاص كثر ينمنمون..
فتحت عيني بسرعة.. وهببت جالسا..لمحت حشرة
تسير على ذراعي فأبعدتها ونفضت التراب عن يدي.. وتلفت يمنة ويسرة أبحث عن مصدر
الرائحة والصوت..

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الأجزاء من (111 ) الي (120) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الأجزاء من (111 ) الي (120)

more_horiz
انا لله وانا اليه راجعون
دنيااااااااااااا

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الأجزاء من (111 ) الي (120) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الأجزاء من (111 ) الي (120)

more_horiz
ايه ده وليد بيعاملها وحش اوى

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الأجزاء من (111 ) الي (120) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الأجزاء من (111 ) الي (120)

more_horiz
فظيع
:sleep: بيستخدموا فى الروايه تعبيرات بتطير العقل

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الأجزاء من (111 ) الي (120) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الأجزاء من (111 ) الي (120)

more_horiz
بس ايه الحب ده
صعب اوى
اكيد وليد عارف انها بتحبه من حاجات كتير شوفناها

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الأجزاء من (111 ) الي (120) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الأجزاء من (111 ) الي (120)

more_horiz
قلبي اتقطع

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الأجزاء من (111 ) الي (120) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الأجزاء من (111 ) الي (120)

more_horiz
welcome abutaha2010 bas de awel mara trod 3ala el agaza2 de awel 5oz2 tekra2oh? wala enta kont btkra2 men 5er ma t2ool ra2yak Very Happy

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الأجزاء من (111 ) الي (120) - صفحة 2 Emptyرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الجزء 119

more_horiz
"إذن أخبرني.. لماذا جعلتها
تبكي؟ لماذا تعاملها بخشونة؟"
أجاب أخي:
"ليس من شأنك يا سامر وأرجوك... أنا متعب كفاية...
دعني أسترخي".
فقلت مستنكرا:
"ليس شأني؟؟ كيف تقول هذا؟ إنها ليست ابنة عمك وحدك..."
وكأن الجملة أثارت أخي فقال بحدة:
"الأمر لا يعنيك يا سامر فرجاء لا تتدخل".
فقلت غاضبا:
"بل يعنيني... أنا لا أتحمل رؤية رغد تبكي أو
تتألم... ولا أسمح لك بأن تسبب لها هذا".
وقف أخي فجأة... وألقى بالكأس بعنف نحو الأرض فتكسر...
ثم صرخ غاضبا:
"أما زلت تفكر بها؟؟...سامر ... أيها الأحمق...
إنها لا تكترث بك".
جفلت ولم أستطع التعقيب.
اقترب أخي مني حتى صار أمام وجهي مباشرة وإذا به يسألني:
"ألا زلت تحبها؟؟"
ففارت الدماء في وجهي... لم أكن أتوقع منه هذا السؤال
وهكذا مباشرة... أخي أمسك بذراعي بقوة وقال:
"لقد رأيت ما تخفيه في خزانتك... يا لك من بائس...
تخلص منها تماما... إنها لا تفكر بك.. ولن تعود إليك... لا تتعب نفسك... انسها
نهائيا".
وطعن كلام أخي على جرح قلبي مباشرة... فأبعدت يده عني
فعاد وأمسك بي وأعاقني عن الحركة وقال:
"أخرجها من رأسك نهائيا يا سامر... ولا تدافع عنها
فهي خائنة وتستحق العقاب".
عند هذا لم أتمالك نفسي ودفعت بأخي بقوة حتى ارتطم
بالجدلر.
وأوليته ظهري قاصدا الخروج من المكان غير أنه أمسك بي
فجأة وجذبني في اتجاهه ولوى ذراعي...
وهو يقول:
"أجب على سؤالي أولا".
حاولت الفكاك منه ولكنه كان يطبق علي ويعيق حركتي كلما
أردت التملص.
هتفت:
"اتركني وليد".
رفست بطنه بركبتي حتى أبعده عني. وبصراحة رفستي لم تكن
قوية... لكن أخي أطلق صرخة ألم واندفع مبتعدا عني... وأمسك ببطنه وراح يتلوى. ثم
إذا به يجثو على الأرض بالضبط فوق شظايا الكأس المكسور دون أن ينتبه لها... ويحني
رأسه إلى الأرض ويتقيأ الماء الذي شربه قبل قليل... ممزوجا بالدم...
هلعت لمنظر أخي... وأقبلت إليه قلقا ومددت يدي نحوه, غير
أنه أبعدها بفظاظة وأخذ يتلوى... وأخيرا نهض وسار نحو الباب.
"إلى أين؟؟"
فالوقت كان قد تجاوز الواحدة ليلا... ويفترض به المبيت
عندي... ووضعه لا يسمح بالمغادرة...
تبعته وحاولت استيقافه إلا أنه صدني وغادر الشقة...
وقبل غروب الشمس التالية اتصل بي وأخبرني بأنه في طريقه
إلى المطار...
مسافرا إلى الجنوب.
سافر أخي إلى المدينة الساحلية... وغاب عنا بضعة أسابيع...
جاء سفره مفاجئا ودون سابق تخطيط وتهيئة... وتوقعت أن
أواجه موقفا صعبا مع رغد لدى إبلاغها عن هذا... فكتمت النبأ عمدا في البداية...
وفي الآونة الأخيرة لاحظت أن رغد لحد ما قد هدأت... أعني
أنها لم تعد تثور وتغضب بسرعة... بل بدت مستسلمة لما نقوله لها بدون جدال... صحيح
أن حالتها هذه لم ترضني لكنها على الأقل أفضل من التهيج الشديد الذي سبقها, وكذلك
أبدت تجاوبا جيدا مع برنامج العلاج في المستشفى وحضرت المواعيد التالية بلا اعتراض...
والأهم...أنها توقفت عن الاتصال بهاتف وليد وعن السؤال
عنه... اعتقدت أن مادرا بينهما تلك الليلة قد أراحها بشكل ما... وأن اعتقادها أن
وليد في الجوار هدأ نفسيتها...
وخشيت إن أنا كشفت لها حقيقة سفره الآن أن تتقلب بها
الأحوال, فواصلت كتم النبأ إلى أن حل هذا اليوم... والذي قرر فيه الطبيب أخيرا نزع
جبيرة يدها...
بعد أن نزعت الجبيرة... وحركت رغد يدها... رأيت ابتسامة
تشع على وجهها ولأول مرة مذ قدمت إلى المدينة الصناعية.. وبمجرد أن غادرنا عيادة
الطبيب قالت لي:
"سأتصل بوليد وأخبره بأنني أستطيع تحريك يدي
كالسابق, لا بد وأنه سيفرح للخبر!"
واستخرجت هاتفها واتصلت به ولم يرد, فحمدت الله في
داخلي... لكنها سرعان ما فكرت بالاتصال بالمزرعة والسؤال عنه... حينها لم أجد
مناصا من إطلاعها على الحقيقة...
ساعتها تجهم وجه رغد واختفت تماما آثار الابتسامة التي
عبرت على وجهها قبل قليل... أحسست بالندم على تسببي بقتل بهجتها القصيرة... ولكي
أشجعها ادعيت أن وليد قد أعرب لي عن عزمه اصطحابنا معه في المرة المقبلة... ولم
يكن هناك جدوى من ادعائي.
ومضت الأيام والأسابيع وهي على حالها من الكآبة وفقدان
الاهتمام بأي شيء.. حتى أنها نحلت أكثر مما هي نحيلة وانطوت على نفسها أكثر مما هي
منطوية وما عدت أطيق رؤيتها بهذه الحال...
الشيء الوحيد على الأقل.. الذي صرفت إليه بعض الاهتمام...
كان الرسم, ولكي أشجعها على الانشغال به وطرح الأحزان جانبا جلبت لها عدة الرسم
كاملة, ووعدتها كذلك بشراء حاسوب محمول مع ملحقاته وكتبه... عما قريب...
أما وليد فكما فاجأني بسفره فاجأني بعودته ذلك اليوم...
صدمت للوهلة الأولى عندما دخلت شقتي ورأيته جالسا يشاهد
التلفاز... وقد كان وجهه شاحبا هزيلا ملتحيا, وقد خسر جسمه عدة أرطال.
ولا لم يبد أنه قد حلق شعره أو ذقنه منذ لقائي الأخير به
قبل أربع أسابيع...
وقف ليحييني ويصافحني, فحييته وسألته:
"ماذا حل بجسدك؟؟!"
فابتسم ورد:
"القرحة حرمتنا من الطعام..."
فسألت:
"هل تراجع طبيبا؟"
فأجاب:
"لا وقت لذلك, العمل مضغوطا جدا وبالكاد نتنفس".
وتبادلنا حديثا قصيرا عرفت فيه أنه عائد من أجل شؤون عمل
تتطلب توقيع زوجته شخصيا على بعض الوثائق الهامة...
"ولكن.. ألست موكلا للتصرف بكل شيء... توكيلا شاملا
ورسميا".
فأجاب:
"بلى, لكن هناك بعض الاستثناءات الضرورية".
أطرقت برأسي برهة, وراودني سؤال طارىء لم يسبق لي أن
طرحته على أخي:
"متى ستتزوجان؟"
ألقى علي أخي نظرة لا مبالاة, ثم أدار وجهه بعيدا عني...
واستخرج من أحد جيوبه قرصا دوائيا ووضعه في فمه. ثم جذب نفسا عميقا ثم قال:
"إنني أريد على الأقل.. أن تسير أمور المصنع كما
يجب. أروى لا تفكر في حجم الخسائر التي ستلم بثروتها إن هي بقيت عالقة في الشمال
وأملاكها مزروعة في الجنوب.
لولا السيد أسامة المنذر بعد الله لفاتها الكثير.. ليس
جميع موظفي المصنع والشركة بأمانة المنذر... يجب أن يبقي صاحب الأملاك عينه مفتوحة
على ثرواته... يجب أن تعود إلى الجنوب".
فهمت حرص أخي على أموال زوجته, وتفانيه في العمل لأجلها,
وقلت:
"البركة فيك يا أخي".
فنظر إلي وأوشك أن يقول شيئا لكنه تراجع والتزم بالصمت.
ثم عاد وقال:
"أنا لا أريد العيش وحيدا هناك... أريد عائلتي من
حولي... المنزل كبير وكئيب..."
فانتهزت الفرصة وسألت:
"ماذا عن عودتنا أنا ورغد؟"
وكأن السؤال أوجعه أو صب خل الليمون الحامض على معدته
فإذا بي أرى وجهه يتألم ويده ترتفع إلى موضع معدته وفمه يطلق آهة مريرة...
قلت قلقا:
"أأنت بخير؟"
وما كان من وليد إلا أن وقف واستدار باتجاه الباب... قال
أخيرا وهو ينصرف:
"ليس بعد... دعهم ينزعون جبيرة رجلها أولا... أراك
لاحقا".
عندما وصل إلى الباب توقف واستدار إلي وقال:
"لا تخبرها عن حضوري".

ذات نهار... وفيما أنا حبيسة في غرفتي لا أفعل شيئا غير
محاولة تذكر ملامح وجوه أحبابي البعيدين... ورسمها على الورق... أمي... أبي...
دانة... ووليد... وليد قلبي الحبيب الغائب... طرق الباب...

"رغد هل أنت مستيقضة؟"

وكان صوت حسام. أجبته بنعم, فأخبرني بأن لديه ما يعطيني
إياه...

طبعا كنا أنا وهو نتحاشى الجلوس أو التحدث معا قدر
الإمكان... بعد الذي حصل...

أغلقت كراستي وقمت وارتديت حجابي وقتحت الباب فرأيته
يحمل صندوقا ورقيا كبيرا وثقيلا على ما بدا...

سأل:

"أين أضعه؟؟"

قلت مستغربة:

"ما هذا؟"

فأجاب مستغربا:

"أليست أغراضك داخل الصندوق؟"

سألت متعجبة:

"أغراضي أنا؟"

فقال:

"بعث به ابن عمك..."

وتذكرت الحاسوب المحمول الذي وعد سامر بشرائه لي بعد نزع
جبيرة يدي...

واستنتجت أن يكون هذا هو...

قال حسام:

"أين أضعه؟ فهو ثقيل ولن تستطيعي تحريكه".

قلت وأنا أشير إلى الطاولة الصغيرة عند الزواية:

"هناك من فضلك".

وسرت خلفه وأنا أقول:

"لا بد أنه الحاسوب المحمول..."

وضع حسام الصندوق على مكتبه وهو يسأل:

"حاسوب؟ عظيم!من أي شركة؟"

وأخذ يطالع جوانب الصندوق بحثا عن أي معلوملت ولم نجد
شيئا قلت:

"افتح لنرى".

وبادر حسام بفتح الصندوق, ودهشنا حين وجدنا محتواه
مجموعة من الكتب والمجلات الكراسية... وأدوات الرسم...!

استخرجت الكتب وإذا بها نسخا عن بعض كتبي الدراسية!!

أخذت أقلبها متعجبة وقلت:

"هذه... كتبي الدراسية!!"

وعدت أتأمل المجموعة وأستخرجها واحدا بعد الآخر...
وأسترجع ذكريات الدراسة... وأنا أقول:

"أنا لم أطلب هذا من سامر! كيف عرف بأسمائها؟؟"

وسمعت حسام يجيب:

"وليد من بعث بها".

التفت إليه غير مستوعبة:

وليد!؟... وليد؟؟

اسم عادي.. أسمعه عشرات المرات في اليوم.. بيني وبين
نفسي.. أو بين وجهي وصورته في المرآة... أو بين قلمي وكراستي ورسماتي... أو حتى من
لسان أي شخص من حولي... وليد... هو الاسم الذي يلفظه قلبي مع كل نبضة ويزفره صدري
مع كل نفس.. اسم معتادة حواسي على استقباله كل حين... لكن العجب كل العجب... أن
يقشعر جسدي فجأة.. حالما لفظ هذه المرة..

فجأة... إذا بي أحس بطوفان هائل من الدماء يصعد إلى وجهي
ويجتاح قسماته... ويوشك على تدمير ملامحه وطمس معالمه...

تقول وليد؟؟!! وليد؟؟؟

سألت... وأنا بين تصديق وتكذيب أذني... فهي لكثرة ما
تاقت للسماع عنه أو منه, صارت تتوهمه صحوة أو غفوة:

"وليد!!"

حسام قال... وهو يتأمل التحولات التي طرأت على تعبيراتي:

"نعم.."

قلت متلعثمة... وأنا أشير إلى الصندوق:

"تــــ... تعني... أن... إن هذا من عند... وليد؟؟"

رد:

"أجل..."

وأعدت التحديق في محتويات الصندوق... واستخراجها
وتلمسها... وكأنني أبحث عن بقايا بصمات وليد عليها...

آه يا وليد... تبعث إلي بكتبي الدراسية وأدوات رسمي...
لا زلت تهتم بي... نعم أنت كذلك... أنت كذلك...

ولو لم يكن حسام إلى جانبي ساعتها لأكببت على الصندوق
وما حوى مصافحة ومعانقة...

التفت إلى حسام وسألته:

"ولكن... كيف بعثها؟؟ بالبريد؟"

فنظر حسام إلي نظرة هادفة ثم قال:

"أحضرها بنفسه".

عفوا؟؟

ماذا تقول؟؟!

حملقت في حسام مطالبة بأن يعيد الجواب... فأنا اليوم
صماء ولا أسمع...

"أحضرها... بماذا؟؟ بالــــــ... بالبريد؟؟"

ونظرت إليه منتظرة أن يقول نعم, لأنني لن أصدق غير ذلك,
لكنه قال:

"بنفسه".

ملأت الدهشة عيني ورددت:

"بنفسه؟؟"

فأومأ نعم... فسألت بسرعة:

"ماذا تعني؟؟ وليد... وليد جاء... إلى هنا؟؟"

فأومأ بنعم... شهقت ورفعت يدي إلى صدري تلقائيا... ربما
لأهدىء من الاضطراب المفاجىء الذي اعتراه...

"لكن... آه... كيف؟؟ وليد مسافر... إنه... إنه..."

فقال حسام:

"إنه من جلبها وقد استلمتها من يده مباشرة".

هتفت وأنا مذهولة:

"متى؟؟!!"

أجاب:

"الآن".

قلت وعيناي ينفتحان أوسعهما:

"الآن!!"

قال وهو يرى انفعالي:

"نعم. اتصل بوالدي قبل قليل وقال إنه سيمر لإيصال
شيء لك".

انتفض جسمي.. وقلت مرتبكة:

"هل.. تعني.. أنه.. كان هنا؟؟ كان هنا؟؟"

حسام نظر إلي نظرة حادة ثم أجاب:

"تركته واقفا مع أبي في الفناء.. وأتيت أسلمك
الصندوق".

ارتج دماغي إثر ذلك.. ترنحت في وقفتي كما لو كنت أقف على
كرة متدحرجة...

وليد هنا؟؟ هنا؟؟

حسام رأى التعبيرات القوية على وجهي.. ورآني وأنا أندفع
فجأة مهرولة نحو الباب... وأسير بسرعة... بسرعة... بكل ما أوتيت على ضعفي من قوة... بسرعة... قبل
أن يرحل وليد...

سمعت حسام يلحق بي ويناديني.. لكنني تجاهلته وسرت عرجاء
واطئة على رجلي المصابة ورافعة ثقلها مرة... ومستندة إلى عكازي مرة أخرى.. متجاهلة
الألم الذي اشتعل في رجلي كصعقة الكهرباء... فقط لأدرك وليد قبل أن يرحل...

وأخيرا وصلت إلى الباب الرئيسي للمنزل.. وما إن فتحته
حتى رأيت عمي أبا حسام مقبلا نحوه...

قلت بلهفة:

"أين وليد؟؟"

استدار للوراء ينظر إلى من كان يقف بجواره قبل قليل...
نظرت إلى بوابة السور الخارجي فرأيت وليد يفتح البوابة الخارجية على وشك الخروج...

هتفت بأعلى صوتي:

"وليد..."

خشيت أن يكون صوتي قد خرج هزيلا بالكاد لامس الهواء قرب
فمي.. لكنه وصل إليه.. رأيته يتوقف ويستدير...

خرجت عبر الباب وهبطت العتبات بسرعة متجاهلة ألم رجلي...
وهرولت وأنا أعرج حافية.. أدوس على الرمل والحصى... وبقايا أوراق وأغصان الأشجار
العالقة في الممر... قاطعة المسافة الطويلة بين البوابتين... حتى صرت قريبة منه... للحد الذي...
لو تخطيته... لانصهرت من وهج حرارته...

كان الوقت ظهرا.. والشمس حارة.. وقوية السطوع.. تعشي
العين عن الرؤية.. وحاربتها حتى أرسل نظراتي إلى وليد...

نعم... إنه وليد... بدمه وجسمه... بطوله وعرضه... بكيانه
وهيئته... والهالة من اللهب الأحمر المتوهج... التي تحيط به...

كان يضع نظارة شمسية تخفي عن شوقي أي نظرة انتظرت أن
أصافحها في عينيه.. بعد فراق طويل قاس...

وكان شعره طويلا بعض الشيء ومبعثر... لاعبه النسيم
الصيفي الحار لحظة هبوبه...

وليد بقي واقفا في مكانه.. لم يتحرك.. ولم يظهر أي حركة
تشير إلى أنه يكترث لظهوري...

وقفت أسترد أنفاسي التي نهبت مذ علمت بوجوده.. وأحاول
خرق نظارت السوداء ورؤية ما تخفيه عدستاها خلفهما...

لم أر شيئا..

اقتربت منه أكثر.. صرت أمامه.. تفصلني عنه بضعة أمتار...

وقفت صامتة لا أعرف ماذا أقول.. من أين أبدأ وأين
أنتهي؟؟دعوني... فقط أتأمل وليد... وأملأ قلبي من الإحساس الجميل الذي ينتابني
بقربه...

ماذا حل به؟ لماذا لا أستطيع التحدث؟؟ هيا يا لساني
انطلق.. أما اكتفيت حرمانا؟؟ أرجوك... قل شيئا...!

"وليد.."

نطقت باسمه وعيناي توشكان على التهامه.. وأذناي على أهبة
الاستعداد لخطف أي كلمة تصدر من لسانه قبل مغادرة فمه...

"وليد... أأأ.. لم أعلم أنك هنا".

لم يرد..

قلت:

"كنت.. أعتقد أنك... مسافر".

لم يرد..

قلت:

"متى عدت؟"

أجاب أخيرا:

"قبل أيام".

قبل أيام؟؟ أنت هنا منذ أيام... وأنا لا أعرف؟؟

قلت:

"لم...يخبرني سامر عن عودتك...!!"

ثم أضفت:

"حمد لله على سلامتك".

رد مقتضبا:

"سلمك الله".

انتظرت منه أن يخبرني عن أي مبرر لعدم إحاطتي علما
بعودته... أو بمجيئه إلى منزل خالتي الآن... ولما لم أر منه المبادرة لشيء سألت:

"و... كيف هي أحوالك؟"

فنطق مجيبا ببرود:

"بخير".

ولم يسألني عن حالي أنا...

سمعت صوت باب المنزل فالتفت إليه ورأيت حسام وأباه يقفان
هناك... يراقبانني عن بعد..

وعندما عدت بنظري إلى وليد رأيته وقد مد يده إلى قبضة
البوابة يوشك على فتحها.

قلت:

"هل أنت مستعجل؟ هل ستذهب الآن؟؟"

قال:

"مررت لجلب الكتب قبل سفري".

توقف قلبي عن النبض وانحشرت أنفاسي في صدري...

قلت مذهولة:

"ستسافر؟؟"

قال:

"نعم".

قلت:

"متى؟"

أجاب:

"غدا".

صعقني الخبر... ستسافر يا وليد؟؟ هكذا.. دون أي اعتبار
لي؟؟ دون أن تخبرني لا عن حضورك ولا عن سفرك.. دون أن تفكر بالمرور علي ولو لإلقاء
تحية عابرة؟؟


descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الأجزاء من (111 ) الي (120) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الأجزاء من (111 ) الي (120)

more_horiz
نفضت يدي من الرمال التي علقت بهما, ثم مددتها إلى السور
المحيط بالأشجار والمجاور لي واستندت عليه محاولة الوقوف لكن قواي المنهارة بسبب
وليد لم تسعفني..

اقترب وليد مني أكثر.. ورأيته ينحني ويمد يد العون لي..

نظرت إليه بتدقيق.. لم تمكنني النظارة من رؤيتة ما كنت
أبحث عنه...

مددت إليه يدي اليمنى... والتي كانت مجبرة فيما مضى...
وطليقة الآن...

وأحسست به يتردد قبل أن يقرب يده يريد الأمساك بها
ليساعدني على النهوض.. غير أنني تجاوزت يده ومددت يدي أكثر نحو وجهه.. وانتزعت نظارته...

الآن.. يمكنني أن أسبح في بحر عينيه.. الآن.. أستطيع أن
أغوص في أعماقه وأبحث عن نبضاته.. عن الحنان الذي يغلفني به.. عن الرعاية التي
يحيطني بها.. عن العطف الذي يغمرني به..

لكن.. للذهول.. لم أقرأ شيئا من هذا في عينيه..

كانتا باردتين برود الرياح المثلجة في القطب الجنوبي..
جامدتين جمود الجبال الجليدية... خاليتين من أي دفء.. أي شوق.. أي اهتمام.. وأي
معنى..

ارتجف فكي الأسفل من برودة وليد... التي أوشكت أن تصير
صيف ذلك النهار شتاء قاسيا... اهتز قلبي... وارتعدت يدي فأوقعت النظارة أرضا..

كان حسام قد وصل يتبعه أبوه.. يسألاني إن كنت بخير..

وليد سحب يده التي كانت ممدودة إلي.. ومدها إلى النظارة
يريد التقاطها...

فحركت يدي وأمسكت بيده أريد أن أشعر بأي ذرة دافئة فيه..

وليد أراد أن يسحب يده فأحسست به يستل خنجرا كان قد طعنه
في صدري..

لم أقو على ذلك.. فاضت الدموع في عيني وهتفت وأنا أجذب
يده وأنهض معتمدة عليها وأقول منهارة أمامه:

"لا تفعل هذا بي يا وليد... أنا لا أتحمل.."

وزفرت زفرات باكية بألم وأنا متشبثة بذراعه وهو واقف
كشجرة جامدة... لم يحرك ساكنا...

سلطت النظر على عينيه... والآن.. أرى فيهما الكثير..
الكثير..

إنهما عينا وليد قلبي اللتان ما فتئتا تحيطاني بالرعاية
منذ طفولتي...

ورأيت الحمرة تعلوه وزخات من العرق تسيل على صدغيه..
أهذا بسبب الشمس الحارقة؟؟ أم بسبب النار المضرمة في صدري أنا..؟؟

قلت وأنا متعلقة بذراعه:

"خذني معك..."

علت الدهشة وجه وليد فقلت:

"أريد العودة معك.. إلى بيتنا".

وليد نظر إلي من خلفي ثم عاد إلي وأراد تخليص ذراعه من
يدي..

فما كان مني إلا أن شددت الضغط عليها أكثر وقلت:

"خذني معك أرجوك".

وليد قال:

"إلى أين؟"

قلت مندفعة:

"لا يهم. سأذهب معك إلى أي مكان".

وليد أزاح يدي عن ذراعه.. ورأيت عينيه تلقيان نظرة عليها
وشعرت بيده تشد بلطف عليها... ثم تركها ورجع خطوة للوراء.. وقال:

"يجب أن أذهب الآن.. زوجتي تنتظرني".

واستدار موليا ظهره إلي وببساطة اختفى عن ناظري.. مثل
السراب...

زوجتي تنتظرني... زوجتي تنتظرني... زوجتي تنتظرني...

لفت الجملة برأسي حتى أصبت بالدوار وترنحت وجثوت فجأة
على الأرض...

رأيت حسام يظهر أمامي منجنيا على الأرض وهو يقول:

"هل أنت بخير؟؟"

أغمضت عيني فأنا لم أقو على تحمل سطوع الشمس المعشية...
وحالما فتحتهما لم أجد غير حسام قريبا مني...

بحثت يمنة ويسرة...

هل كنت أحلم؟؟

هل كان وليد هنا؟؟

لا لم يكن..

كان وهما.. خيالا.. تهيؤا رسمه قلبي الشغوف به وعيني
الملتهفة للقائه..

نظرت إلى البوابة... إلى الحيز الذي توهمت أن وليد كان
يشغله قبل قليل... تمنيت لو أن طيفه بقي عالقا هناك... أردت أن أنهض وأعانق
جزيئات الهواء التي لامست جسده... لكنني عجزت عن الانهيار بجذعي على السرور...

سمعت صوت حسام يناديني... وأحسست بيديه تمسكان بي...
نظرت إليه فإذا بي أراه يحملق بي وعطف... ويقول:

"لا بأس عليك... هلمي بنا إلى الداخل".

وساعدني على النهوض... وفيما أنا أنهض لمحت نظارة شمسية
سوداء ملقاة على الأرض بالقرب مني...

التفت إلى حسام وسألت بضياع:

"هل كان وليد هنا؟؟"

ولم يقل حسام شيئا... فانحنيت والتقطت النظارة وتأملتها
وهتفت:

"لقد كان وليد هنا... لقد تركني ورحل... رحل مع
الشقراء... لماذا فعل هذا بي؟؟ لماذا تركني؟؟"

حسام جذب النظارة من يدي وألقى بها على العشب وقال:

"تخلصي من هذا يا رغد... إنه لا يستحق".

أطلقت صيحة من أعماق قلبي وهتفت:

"كلا... كلا... وليد لن يرحل بدوني... لن يرحل
بدوني... لن يرحل بدوني..."

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الأجزاء من (111 ) الي (120) - صفحة 2 Emptyرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الجزء 120

more_horiz


تحت جنــاحك مهــما يكــــــــن

في طريق عودتنا من مكتب الشؤون المدنية القابع في
المدينة الصناعية حيث استخرجنا بعض الوثائق اللازمة للعمل, مررنا على منزل خالة
رغد وقال وليد إنه سيوصل إليها بعض الحاجيات. وبعدما إلى المزرعة لاحظت شرود
وانشغال باله.
ولكي أكون دقيقة أكثر أقول إنني لاحظت ذلك منذ أن غلدر
وليد منزل خالة رغد.
كان وليد قد عاد قبل يومين من المدينة الساحلة جالبا معه
حقيبة عمله من الأوراق والوثائق المهمة التي يريد مني الاطلاع عليها وقبولها
ورفضها.
حسابات... عقود... فواتير... مشاريع... وأشياء مزعجة
اعتاد وليد على أن يقحمني فيها حينما كنا في المدينة الساحلية.
شؤون العمل هي كل ما دار نقاشنا حوله خلال الأيام
القليلة التي قضاها هنا... ولم نتحدث عن أي شيء آخر... وكأننا لسنا خطيبين... فرقت
بينهما عدة أسابيع والتقيا أخيرا...
وها هو الآن يستعد للمغادرة ويأخذ حقيبته من فوق المكتب
ويخطو وسط الغرفة... باتجاه الباب.
كان يريد الذهاب إلى أخيه ليقضي الليلة معه وليصطحبه إلى
المطار غدا.
كنت أراقبه بصمت وتأمل... ولاحظ هو تحديقي به فتوقف وسأل:
"أهناك شيء؟"
هناك أشياء كثيرة ولكن لا مجال لطرحها الآن.
أجبته بعد تردد:
"لا...لاشيء... فقط... لم لا تقضي الليلة هنا؟؟"
فنظر إلي نظرة ذات مغزى... فقلت:
"سأعد لك عشاء معتبرا...لا يبدو أنك تأكل شيئا منذ
أسابيع".
وخشيت أن يستسخف الفكرة لكنه لم يشأ إحراجي فقال:
"لا بأس... لكن يجب أن يكون عشاء مبكرا... إذ
سيتعين علي الخروج باكرا صباحا".
فابتسمت بسرور وانصرفت من فوري إلى المطبخ وعملت بنشاط...
وفيما أنا منشغلة مع طهوي أقبل خالي إلى المطبخ..
"هل تكلمتما؟"
مشيرا إلى موضوع زواجنا المعلق. فمنذ يوم طلبت منه أن
ننفصل وحتى يومنا هذا وليد لم يفتح الموضوع ولم يخبرني عن قراراته ولا ما يجول
بخاطره... ولم يجمع بيننا لقاء خاص أو حوار خاص... أو حتى سفرة طعام... وفاة والدتي
رحمها الله شغلتنا عن التفكير بأنفسنا.
علاقتنا باردة كالثلج.. وهو وجد في العنل مهربا من
التصادم معي... ولكن إلى متى؟؟
أجبت أخيرا على سؤال خالي:
"ليس بعد".
فحزن ونهد. كان قلقا علي. قلت له:
"إنه لم يقم هنا غير ثلاثة أيام... كان مشغولا مع
الوثائق والأوراق... لم تسنح الفرصة".
فقال خالي:
"الشاب ينتظر منك أنت فتح الموضوع يا بنيتي فهو لن
يجرؤ على هذا في ظل ظروفنا الحالية".
قلت بصراحة:
"لا أعرف من أين أبدأ ولا كيف... أنا مشوشة جدا يا
خالي وفقد والدتي أربك حياتي".
وسكت برهة ثم واصلت:
"استطعت دعوته للبقاء هنا الليلة... وتناول العشاء
معي... سأحاول أن ألمح للموضوع أثناء ذلك... وأرى إن... كان على استعداد للتطرق
إليه الآن..."
شد خالي على يدي وقال:
"أصلح الله أمركما وبارك فيكما... تشجعي بنيتي..."
ثم غادر...
تركت الطعام ينضج على النار... وذهبت إلى حيث وليد...
كان جالسا في غرفة المعيشة يطالع الصحيفة باهتمام... وقد ترك حقيبة سفره على
المقعد بجانبه.. هممت بأن أقترب منه وأبعد الحقيبة وأجلس بجواره... ولكن خانتني
شجاعتي... لما انتبه وليد لحضوري قال معلقا على خبر قرأ في الصحيفة:
"سيحظرون الرحلات الجوية من جديد... لا نعلم لكم من
الزمن... سيزداد الأمر سوءا ومشقة".
وقطب حاجبيه استياء... وتابع القراءة...
أردت التفوه بأي تعليق غير أن هاتفه سبقني بالرنين
فأجابه وليد, وسمعته يتحدث باهتمام إلى الطرف الآخر والذي أدركت من مضمون الكلام
أنه شقيقه يسأله عن موعد حضوره ثم يطلب منه أمرا ملحا...
هتف وليد وهو يقف ملحا:
"رغد؟؟"
فأصغيت لحديثه باهتمام... وكانت آخر جملة قالها:
"حسنا أنا قادم".
وأنهى المكالمة. سألته بفضول:
"خيرا؟؟"
فنظر إلي نظرة سريعة ثم قال:
"يجب أن أغادر الآن... أنا أسف".
أصبت بخيبة كبيرة... وقلت معترضة:
"والعشاء؟؟"
فقال معتذرا:
"تناولاه بالصحة والعافية... لن أستطيع مشاركتكما".
غضبت وقلت:
"لقد أعددته من أجلك أنت يا وليد... ألا تقدر هذا؟؟"
أطرق وليد برأسه ثم قال نعتذرا:
"بلى يا أروى طبعا أقدر... لكن..."
فقاطعته منفعلة:
"لكن حبيبة القلب أولى بكل التقدير".
نظر إلي وليد والدماء أخذة في الصعود إلى وجنتيه. ولم
يجرؤ على التفوه بكلمة. أما أنا فقد اختل ميزاني لحظتها وأطلقت لساني قائلة:
"لم سكت؟ قل شيئا... ألست ذاهبا إليها؟"
زفر وليد زفرة ضيق من صدره ثم قال:
"سأذهب إلى شقيقي... يطلب حضور حلا والأمر مقلق".
فقلت:
"لكنه أمر متعلق برغد... أليس كذلك؟؟"
ولم يجب فقلت:
"لن يمكنك الإنكار".
هنا قال:
"لا أعرف ماذا هناك يا أروى... سامر لم يوضح لكنه
أقلقني... ربما حدث شيء لا قدر الله".
فقلت:
"أو ربما الصغيرة الغالية تتدلل على وصيها الحنون
النبيل!"
نظر وليد إلي بانزعاج فقلت:
"إنها بالمرصاد لأي شيء يسعدني... ألا تلاحظ هذا؟؟"
زفر وليد الكلمات بضيق:
"هذا ليس وقته... أرجوك..."
وأولاني ظهره وتناول حقيبته هاما بالمغادرة...
لم أتمالك نفسي حينها وشعرت بالإهانة والخذلان والغيظ,
فهتفت مجنونة:
"وليد... إذا خرجت الآن فلا تعد إلى هنا ثانية".
توقف وليد واستدار إلي... ورأيت في عينه دهشة ثم مرارة
كبيرة... لكنني لم أستطع السيطرة على شعوري... في أحوج الأوقات إليه تركني
وسافر... والآن مع أول خطوة للتصالح بيننا وفيما أنا أشغل تفكيري وجهدي فيه ولأجله...
يتركني وينصرف إليها...
أشاح وليد وجهه دون تعليق وسار نحو الباب. فهتفت مجددا:
"قلت... إذا خرجت فلا تعد ثانية... أبدا... هل
سمعت؟"
ولم يكترث بكلامي, فصرخت في غيظ:
"هل سمعتني يا وليد؟؟"
استدار آنذاك بعصبية ونظر إلي وهتف بغضب:
"نعم سمعت".
ثم أضاف:
"كم يؤسفني هذا منك... أولا أنا قلت سأذهب إلى
شقيقي... يعني إلى المدينة التجارية وليست الصناعية والطريقان مختلفان
ومتباعدان... وثانيا ليس بالوقت المناسب لتقليب المواجع... دعينا نفترق بسلام الآن".
كنت أشعر بأن جزءا من قلبي قد نزع بعنف قلت منهارة:
"لن يكون هناك مرة قادمة... إذا خرجت الآن فلا
تعد... أنا لم أعد أحتمل... هذا كثير... أي نوع من الأزواج أنت؟؟"
وهرولت منصرفة عن غرفة المعيشة وعائدة إلى المطبخ وأسندت
جبيني إلى الثلاجة وأخذت أبكي...
بعد قليل سمعت صوت وليد يناديني ولم أجبه... أحسست به
يقف عند الباب ثم يقترب مني... ثم سمعته يقول لي:
"أروى.. أرجوك... لاتزيديني هما على هم".
واستمررت في ذرف عبرات الخذلان والأسف... إن الهم الأكبر
هو هم امرأة تحب زوجها وتعرف أن قلبه مشغول بحب امرأة غيرها... هذا هو الهم الأدهى
والأمر...
قلت:
"إذا كنت متعلقا بها لهذا الحد ولا تستطيع
الاستغناء عنها فاذهب إليها... أنا لن أجبرك على البقاء معي ولا على حبي... ما حاجتي إلى رجل
مشغول القلب بغيري...؟؟... اذهب... ولا تعد إلي ثانية".
"أجّل سفرك".
نظر شقيقي إلي باستغراب ثم سأل:
"عفوا؟؟ ماذا؟"
فكررت مؤكدا والجد يملأ عيني:
"أجل سفرك يا وليد ودعنا نسوي الأمور ونحل المشاكل
أولا".
قال بانزعاج:
"أتجلبني من المزرعة إلى هنا مفزوعا على وجه
السرعة... مسببا ما سببت هناك... لتقول لي أجل سفرك؟ يا سامر وضح ماذا لديك؟ وما
بها رغد؟"
أجبت بكل جدية:
"أم تقل إنك لا تريد إخطارها عن حضورك؟ ألم أقل لك
إن هذا سيحزنها؟؟ إذن لماذا ذهبت إلى بيت خالتها اليوم وقابلتها؟ وبطريقة جافة؟
ألا تعرف كم من الحزن سببت لها معاملتك هذه؟ إذا كنت قد ضقت ذرعا بها ولا تريد
تحمل أعباء مسؤوليتها بعد الآن ولا تطيقها بسبب خلافك مع أهلها فانقل الوصاية الكاملة
إلي أنا ونهائيا".
دوهم أخي وحملق في... وأنا أركز في عينيه بحدة وشدة...
ثم سألني:
"ماذا تعني؟؟"
فأجبت منفعلا:
"أعني أن تتنازل عن الوصاية عليها لي أنا... وأخلصك
من هذا العناء تماما".
وإذا بالحمرة تلون وجه وليد وإذا به يقول مهددا:
"كيف تجرؤ؟؟"
فأجبت بحدة:
"على الأقل... أنا سأعاملها معاملة حسنة تليق بها
كابنة عم وحيدة ويتيمة الأبوين".
وقف وليد فجأة وهتف بغضب:
"أتعني أنني لا أحسن معاملتها يا سامر؟"
فوقفت تباعا ورددت بصوت قوي:
"هل تسمي هذه القسوة والصرامة والخشونة... معاملة
حسنة؟؟ وليد... لقد كنت أزورها قبل اتصالي بك... اتصلت بي الخالة وطلبت مني أن
أذهب إليها... أخبرتني بأنك ذهبت إليهم ظهرا وقابلت رغد والله الأعلم ماذا
قلت لها... وجعلتها تحبس نفسها في غرفتها منذ ذلك الحين ولا تفتح الباب لأحد... حاولت
أن أكلمها لكنها طلبت مني الانصراف... أنا لا أعرف ما الذي قلته لها وجعلتها تحزن
لهذا الحد... ثم تريد السفر بلامبالاة... وتتركني أنا أواجه الأمر وأرمم ما تهدمه
أنت... أتسمي هذه معاملة حسنة؟؟"
وليد نظر إلى ساعة يده... وبدا متوترا... ثم قال:
"اتصل بها".
ولم أتحرك... فقال وليد:
"الآن".
فقلت:
"أقول لك إنني قدمت من عندها قبل ساعتين وهي منزية
على نفسها... وهاتفها مغلق منذ النهار".
قال:
"إذن اتصل بهاتف المنزل واسأل عنها ودعني أكلمها".
بقيت واقفا في موضعي... أنظر إلى أخي بتشكك... ثم سألته:
"أخبرني أولا... ما الذي قلته لها؟؟ لماذا ذهبت
إليها؟؟"
فأجاب مندفعا:
"أنا لم أذهب لزيارتها بل مررت لسبب آخر... ولم أقل
شيئا".
فقلت:
"إذن لماذا هي محطمة هكذا؟ لا بد أنك قلت أو فعلت
شيئا جارحا حتى لو لم تدركه".
وهذه الجملة استفزت أخي فهتف بغضب:
"وهل تراني وحشا ذا مخالب وأنياب؟؟"
قلت غاضبا:
"لا أراك تقدر شيئا أو تفهم شيئا... ألا تعرف ما تعني
لها وما يعني رضاك أو غضبك؟؟ إما أن تكون أعمى أو بلا إحساس... وفي كلتا الحالتين
لا تصلح لرعاية رغد... فدعني أتولى أمرها بنفسي من الآن فصاعدا".
سكت وليد مبهوتا وتبعثرت نظراته ثم استجمعها واسترد
رباطة جأشه وقال:
"اتصل الآن".
ألقيت عليه نظرة مستهجنة ثم توجهت نحو الهاتف واتصلت
بمنزل الخالة فأجابتني هي وعلمت منها أن رغد لا تزال حبيسة غرفتها وطلبت منها
استدعاءها للتحدث معي فلم تستجب, وقلت لخالتي بأن تخبرها بأن وليد يريد التحدث
معها ولكنها أيضا لم تستجب...
حين وضعت السماعة على الهاتف رأيت أخي ينظر إلى ساعة يده
ثم يقول:
"إذن دعنا نذهب".
انطلقنا من فورنا بسيارتي إلى المدينة الصناعية. عندما
وصلنا إلى منزل أبي حسام لم يخرج وليد من السيارة بل قال:
"تعال بها".
التفت إليه وقلت:
"لم لا تأتي معي ونسوي المشكلة مع العائلة الآن؟"
فرد:
"ليس هذا وقته".
وتركته في انتظاري في السيارة ودخلت إلى المنزل, لم تفتح
رغد الباب إلا بعد أن أقسمت لها مرارا وتكرارا أن وليد قد حضر معي ويريد مقابلتها... وعندما فتحته
ذهلنا للسواد الذي لون وجهها الكئيب حتى غدا مضاهيا لسواد وشاحها. نقلت بصرها
بيننا ثم سألت:
"أين هو؟"
فأجبت:
"ينتظرنا في السيارة".
وبدا عليها عدم التصديق ونظرت إلى خالتها تبحث عن تأكيد
فقالت أم حسام:
"لقد أحضره سامر ولكنه لا يريد دخول منزلنا كما
تعرفين".
فأطرقت رغد برأسها وقالت:
"أنتم تكذبون علي".
وتراجعت خطوة بعكازها إلى الخلف فقلت بسرعة:
"ولماذا سنكذب عليك يا رغد تعالي وتأكدي بنفسك".
بعثرت رغد علينا نظرات التشكك ثم قالت:
"إذا اكتشفت أنكم تخدعونني..."
فقاطعتها الخالة:
"يهديك الله يا رغد... انظري إلى حالك وحالنا
معك... اذهبي معه وارحمي نفسك وارحمينا".
ورافقتني رغد يدفعها الأمل خطوة ويوقفها الشك أخرى حتى
صرنا أمام السيارة ورأت وليد بأم عينيها... نظرت إلي غير مصدقة فقلت مؤكدا:
"هل صدقتني الآن؟"
ثم فتحت لها الباب الخلفي فجلست خلف مقعدي ورأيت أخي
يلتفت إليها وسمعته يلقي التحية.
جلست على مقعدي والتفت إلى أخي وسألت:
"إلى أين؟"
فأجاب:
"جولة قصيرة".
وسرنا يرافقنا الصمت الشديد.... وربما كانت أفئدتنا
تتخاطب وأفكارنا تتصافح دون أن نشعر بها.
بمحاذاة الكورنيش طلب مني أخي أن أوقف السيارة وأشار
بيده نحو المقاعد الإسمنتية العامة قائلا:
"دعونا نجلس هنا قليلا".
وسبقنا بالخروج من السيارة والتوجه نحو المقاعد. التفت
إلى رغد فرأيتها قابعة في مكانها والتوتر جلي على وجهها ويدها ممسكة بطرف وشاحها
بانفعال.
سألتها:
"ألن تنزلي؟"
فأجابت بصوت وجل:
"ماذا... يريد؟؟"
فقلت مطمئنا:
"مم أنت خائفة؟ ألست تريدين التحدث معه؟؟ هو هنا لن
يسمعك.."
وإن كنت غير واثق مما سيقوله... وإذ بدا على رغد التردد,
شجعتها قائلا:
"فرصتنا لنقول كل ما نريد ونضع الحروف على النقط...
طلبت منه أن يؤجل سفره حتى نحل المشاكل العالقة أولا..."
وأخيرا خرجنا من السيارة وذهبنا نحو وليد... ترددت رغد
في الجلوس فأخرجت منديلا ومسحت المقعد لأنظفه وقلت:
"تفضلي".
وعندما جلسنا جوارها ثم التفت إلى وليد وقلت:
"ندخل في الموضوع مباشرة... يجب أن تؤجل رحلة الغد
وتعيد الحسابات".
قال وليد:
"لا مجال... سفري ضروري للغاية".
ثم التفت نحو رغد وقال:
"لا يمكنني أن آخذك معي الآن يا رغد".
وما كاد ينهي الجملة حتى انهارت رغد فجأة... وكأن جملة
وليد كانت الدبوس الذي فجر البالون...
قالت وهي شديدة التهيج وتكاد تمزق طرف وشاحها المشدود
بين يديها:
"أنا لست متواطئة مع خالتي... ولست راضية عما
قالت... ولن أحدث أي مشاكل مع أروى بعد الآن... سأهتم بدراستي فقط... لن أسبب لك
أي إزعاج... وأي شيء سأحتاجه سأطلبه من سامر... سأبقى منعزلة في غرفتي أدرس وأرسم...
وسأنفذ كل ما تطلبه مني... لكن أرجوك... دعني أعود إلى بيتي وجامعتي... فأنا ليس
لي غيرهما ولا أريد أن أتشرد ويضيع مستقبلي أكثر من هذا أرجوك..."
وانخرطت رغد في بكاء قوي مؤثر... كأنها كانت تربطه عنوة
على طرف حنجرتها وأفلت منها بغتة دفعة واحدة... كان منظرها مؤلما جدا...
وقفت كما وقف أخي وسرنا مقتربين منها... وصرنا أمامها
مباشرة...
قال وليد:
"ما الذي تقولينه؟!"
فقالت رغد بنفس الانفعال:
"سأفعل ما تطلبه مني لكن لا تتركني هنا أرجوك...
أعدني إلى بيتي وجامعتي... سأطلب من أقاربي أن يعتذروا منك... الآن إذا شئت... وسأتصالح
مع الشقراء وأنسى أنها من تسبب بإصابتي... قل لها أنني لن أزعجها أبدا ولن تشعر
بوجودي في المنزل... أرجوك لا تذهب بدوني... أرجوك..."
كدت أبكي مع رغد... أخرجت مناديل وقدمتها لها تمسح
دموعها وأنا أقول:
"كلا يا رغد أرجوك... تماسكي".
ونظرت إلى شقيقي فرأيته يحملق فيها مندهشا من سوء
حالتها... ثم يجلس على المقعد بجوارها ويسند مرفقيه إلى ركبتيه وجبينه إلى كفيه
ويجذب عدة أنفاس قوية ثم يلتفت إليها ويقول:
"رغد... أروى لن تأتي معي هذه المرة ولذلك لا
أستطيع أخذك".
فالتفتت أيه رغد ومسحت دموعها...
تابع وليد:
"عندما تتحسن الأوضاع سنعود جميعا... لكن الآن...
صعب".
فقالت رغد:
"لماذا؟"
فأجاب أخي:
"قلت لك.. لأن أروى لن ترافقنا وهي ما تزال غارقة
في الحزن على فقد والدتها رحمها الله... لا نستطيع الذهاب أنا وأنت وسامر... لن
يكون هذا مقبولا لن توافق خالتك".
فقالت رغد بسرعة:
"لا تأبه بكلام خالتي".
فرد وليد:
"ليست خالتك فحسب... إن كان هذا تفكيرها هي فكيف
بتفكير الآخرين؟"
فردت رغد:
"أنا لا آبه بتفكير أحد... أنت في مقام أبي.. وسامر
أخي.. أنتما عائلتي الحقيقية وليس لي ملجأ غيركما".
وليد نظر إلي ليرى وقع الكلام على نفسي... فأرسلت نظري
بعيدا عنه... ثم سمعته يقول:
"حسنا يا رغد عندما آتي في المرة المقبلة..."
ولم يتم كلامه لأن رغد قاطعته منفعلة:
"كلا.. لن يكون هناك مرة مقبلة... سأذهب معك
الآن... أرجوك لا تتركني".
فقال وليد:
"سأسافر باكرا يا رغد... لم نرتب لسفرك وسامر".
فقلت:
"أجل سفرك يوما أو يومين على الأكثر وسيكون كل شيئا
مرتبا".
فالتفت أخي إلي وقال:
"لا يمكن. لدي اجتماع مهم للغاية صباحا.. أمر معد
له بصعوبة منذ أسابيع".
فقالت رغد مصرة:
"سآتي معك".
فنظر وليد إليها وقد علاه الانزعاج وقال:
"يستحيل ذلك الآن. سنناقش الأمر في المرة التالية".
فقالت رغد وهي تنهار مجددا وتفقد تماسكها:
"أنت تكذب علي... لا تريد أخذي معك... تماطل إلى أن
أمل وأكف عن ملاحقتك... قلها صراحة يا وليد إنك لم تعد تريد كفالتي... تريد أن
تتخلص مني حتى تكسب خطيبتك ويصفو لها الجو معك وحدك".
أصابتنا الدهشة من كلام رغد... ووقف وليد غاضبا وهتف
بخشونة:
"ما هذا الكلام المجنون يا رغد؟"
فهتفت رغد:
"هذه هي الحقيقة.. لقد اخترتها هي وتنازلت عني..."
هنا أطلق وليد زجرة قوية:
"رغد يكفي".
بصوت عال وفظ جدا لدرجة أن رغد انتفضت فزعا ثم بلعت
صوتها وكتمت أنفاسها, ثم سار مبتعدا متجها إلى السيارة... ثم توقف واستدار نحونا
وقال:
"هل هذا ظنك بي يا رغد؟ فيم ستختلفين عن أقاربك؟
كلكم تبخسونني قدري وتسيئون إلي".
وأولانا ظهره واقترب أكثر من السيارة حتى مد يد ليفتح
الباب ووجده مقفلا... فركل السيارة برجله وهتف:
"تعال وافتحها".
وقفت رغد ونادت:
"وليد".
ثم التفتت إلي وأمسكت بذراعي وقالت متوسلة:
"لا تدعه يذهب أرجوك".
عضضت أسناني وقلت:
"لا تقلقي".
ثم خاطبت أخي:
"سأتصل بشركة الطيران وأرى ما إذا كان لديهم مقاعد
شاغرة على رحلة الغد".
والتفت إلى رغد قائلا:
"فهي رحلات يومية ولا بد أن مقعدين على الأقل لا
يزالان شاغرين".
وهذه فكرة طرأت على بالي للتو... أنتجها قلقي على رغد
وتخوفي من ما قد يعتريها بعد هذا...
حثثتها على السير إلى أن صرنا عند وليد فخاطبته سائلا:
"ما قولك؟؟"
فلم يرد... فقلت:
"دعنا نمر الآن بمكتب الطيران ونرى ما يمكن فعله".
فقال:
"الوقت متأخر على فكرة كهذه".
فقلت:
"إما هذه... أو امنحني تصريحا بالسفر مع رغد وسنلحق
بك عاجلا".
فزفر بضيق وقال:
"افتح الأبواب".

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الأجزاء من (111 ) الي (120) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الأجزاء من (111 ) الي (120)

more_horiz

وركبنا السيارة وسرنا في الطريق
وعندما اقتربنا من مفترق طرق أردت الانعطاف بالسيارة لأسلك الشارع المؤدي إلى مكتب
الطيران فقال:
"اسلك اليمين".
وهو الطريق المؤدي إلى بيت أبي حسام,فقلت:
"دعنا نمر بالمكتب أولا".
فرد:
"إلى المنزل يا سامر وكفى".
هنا هتفت رغد:
"كلا... لا أريد العودة إلى منزل خالتي... لا أريد".
فالتفت وليد إليها وقال:
"افهمي يا رغد هذا صعب جدا الآن".
ولكنها ألحت:
"لا أريد العودة... لا تسافرعني... لا تفعل هذا بي".
أما أنا فقد انعطفت يسارا وانطلقت بأقصى سرعة ممكنة في
الطريق إلى مكتب الطيران.
أثناء هذا وردتني مكالمة من أم حسام تطمئن فيها على رغد
فطمأنتها وأخبرتها بأننا سنعود بعد قليل.
توقفت عند مكتب شركة الطيران وفتحت الباب وقلت:
"سأتحقق وأعود".
وحالفني الحظ واشتريت تذكرتين وعدت أزف البشرى إلى رغد..
غير آبه برأي وليد... فأنا لم أعد أقوى على تحمل كآبتها...
تهلل وجهها حينما أخبرتها ومع ذلك أخذت تنظر نحو وليد
والذي كان ينظر عبر النافذة إلى الخارج وعلى وجهها القلق وكأنها تسأله عن رأيه
وتطلب موافقته... لم يعلق أخي فاعتبرنا صمته بمثابة الضوء الأخضر... وتابعنا
المسير...
أظنه خاف على رغد وأدرك إلى أي حد وصلت بها نفسيتها...
عدنا أدراجنا إلى منزل أبي حسام ولما فتحت الباب لها
ترددت في الخروج...
وإذا بها تخاطب وليد قائلة:
"لا تفعلها وتسافر عنا".
فأجاب:
"وهل سأقود الطيارة وأسافر مثلا؟"
فقالت:
"لكن... إذا تعرقل سفري لأي سبب... فسوف... فسوف..."
فالتفت وليد إليها:
"فسوف ماذا؟"
ولم تكمل رغد وخرجت من السيارة ورافقتها إلى داخل المنزل
وأخبرت العائلة بأننا اشترينا التذكرتين وسنسافر مع وليد.
فور أن أنهيت إعلام الخبر رأيت رغد تنظر إلى خالتها
وتقول مهددة:
"لا تحاولي منعي يا خالتي وإلا فأنني سأحبس نفسي في
الغرفة إلى أن أموت وألحق بأمي".
فلم تقل أم حسام شيئا... ورن هاتفي فإذا به أخي يستعجل
خروجي ويوصيني:
"قل لرغد ألا تنام دون عشاء... وأن تتناول فطورا
جيدا قبل المغادرة صباحا. أكد عليها هذه مرارا".
ونقلت وصيته إليها فردت والسرور يتجلى على وجهها:
"حاضر".
وعدت إلى السيارة ونظرة إلى أخي فرأيته شاردا... يفكر
بعمق. قلت:
"صدقني وليد... هذا أفضل حل... وإلا فأن نفسية رغد
ستتدهور".
التفت إلي أخي وتنهد وقال:
"لقد أحدثت مشكلة كبيرة لي مع أروى يا سامر..."
سألته بقلق:
"أي مشكلة؟"
قال:
"تصرفت وكأن الأمر يعني رغد فقط... وحين تعرف أروى
بأن رغد عائدة معي فستقلب الدنيا رأسا على عقب".
فكرت قليلا... بعدها قلت:
"إذن قل لها أن رغد عائدة معي أنا وليس معك".
فرمقني أخي بنظرة غامضة وأوشك على قول شيء, لكنه حبس
لسانه ولاذ بالصمت....

***************************

من الصباح الباكر... اتصلت بسامر لأتأكد من أن كل شيء
يسير بخير... وتناولت فطوري وبقيت جالسة في الحديقة مع أقاربي وحقائبي... في انتظار
مجيء ابني عني.
وعندما أتى سامر... عمد إلى الحقائب يحملها... وخرج عمي
أبو حسام لملاقاة وليد... الذي لم يدخل المنزل.
عانقتني نهلة بحرارة... أما خالتي قفد ذرفت الدموع وهي
تضمني إلى صدرها... وأبقتني في حظنها طويلا... إلى أن سمعت صوت سامر يقول:
"هيا بنا".
ابتعدت عن خالتي... فمسحت على رأسي وقالت:
"انتبهي لنفسك جيدا يا رغد..."
أومأت بنعم.. فالتفتت نحو سامر وقالت:
"اعتني بها وصنها كعينك يا بني... ولا تدع أخاك
يقسو عليها".
فقال سامر:
"توصينني أنا يا خالتي؟؟"
فقالت:
"أذكّر... عل الذكرى تنفع المؤمنين".
فأكد لها:
"اطمئني... رغد بعنقي".
ثم التفت إلي وقال:
"هيا وإلا تأخرنا".
جلت بنظري لألقي نظرة الوداع على أقاربي... وافتقدت حسام
الذي كان نائما ولم ينهض لوداعي...
وأخيرا... غادرت المنزل... ورحلت عائدة إلى منزلي
الحقيقي... في الجنوب...
وصلنا إلى المنزل الكبير ضحى...
وليد أسرع بالاستحمام ثم غادر المنزل على عجل وهو يقول:
"اهتم بكل شيء... سأعود عصرا... اتصل بي عند الحاجة".
واختفى بسرعة... أما سامر ففي البداية أخذ يتجول في
أنحاء المنزل مستعيدا الذكريات الماضية... وشاعرا بالألم لتذكر والديّ... ولأنني
لا أستطيع صعود الدرج فلم أرافقه عندما واصل جولته في الطابق العلوي... إنما ذهبت
إلى غرفتي اسفلية واستلقيت على سريري باسترخاء وأغمضت عيني...
آه... أخيرا أنا هنا من جديد...
كأن ما حصل... حلم طويل... لقد مضت عدة أسابيع منذ غادرت
هذه الغرفة... على أمل العودة بعد أيام... وبدون الشقراء...
يا للأيام... يا للأحلام...
ولم أشعر بنفسي وأنا أستسلم لنوم عميق... عميق جدا...
عوضت فيه سهر الليالي المؤرقة التي قضيتها بعيدا عن وليد قلبي...
عدت من عملي قبيل المغرب فوجدت شقيقي متمددا على الكنبة
في غرفة المعيشة الرئيسية, غارقا في النوم, والتلفاز مشغلا والمصابيح مطفأة...
وعلى الطاولة جواره علبة فواكه مشكلة فارغة وقارورة ماء... ما إن هتفت باسمه مرتين
حتى استيقظ وراح ينظر إلى ما حوله ثم يتثاءب ويمدد ذراعيه ثم يقول:
"عدت أخيرا؟!... تأخرت".
فقلت:
"أخبرتك أنني سأعود متأخرا. كان أمامي الكثير
لأنجزه اليوم".
ثم أضفت:
"وعلى فكرة يمكنك استلام وظيفتك رسميا ابتداءا من الغد..
وقد خصصت سيارة تابعة للمصنع لتستخدمها إلى أن نجلب سيارتك من الشمال".
قال:
"عظيم... ممتاز... وأين ستعينني؟"
قلت:
"معي يا سامر... نائب عني ومساعدي الأول".
وأضفت:
"مثل السيد أسامة.. وأريدك أن تتقن الوظيفة بسرعة
لتحمل العبء معي.. خصوصا وأن المنذر يطالب بإجازة منذ زمن وأنا أرفضها".
سألني أخي:
"هل أسامة المنذر هذا موضع ثقة؟"
فأجبت:
"نعم.. وهو من كان يدير المصنع ويرعى ثروة أروى
وأملاكها إلى أن تسلمتها.. إنه رجل أمينن.. وجدّي الثقة".
سأل:
"وماذا عن بقية الموظفين؟ الإداريين بالذات؟؟"
فقلت:
"لا أولي الثقة المطلقة في حياتي إلا خمسة رجال..
سيف وأبيه.. وعمي إلياس.. والسيد أسامة.. وأنت".
ثم مددت يدي وربت على كتف شقيقي وقلت:
"وأنت أولهم يا شقيقي... سأعتمد عليك كثيرا..."
ابتسم سامر وقال:
"بكل تأكيد.."
ثم أضاف مازحا:
"المهم أن تسبغ علي الرواتب والعطايا الكريمة! دعني
أتذوق طعم الثراء من جديد".
وضحكنا بابتهاج...
ثم سألته:
"ماذا عن رغد؟"
فحك شعر رأسه وقال:
"ربما نائمة... لم أرها منذ ساعات".
استنكرت هذا وقلت جادا:
"منذ ساعات!"
قال:
"نعم فهي قد دخلت غرفتها المجاورة بعد انصرافك ولم
تجب عندما ناديتها قبل أن أنام..."
أثارت الجملة قلقي فقلت:
"تعني أنك ام ترها منذ الصباح؟؟ وأنا من اعتمدت
عليك؟"
وخرجت من غرفة المعيشة وذهبت إلى غرفة رغد وتبعني أخي.
طرقت الباب وناديتها بضع مرات فلم تجب. قال أخي:
"أظنها نائمة... قفد كانت متعبة من عناء السفر كما
أنها لم تنم البارحة".
قلت:
"يجب أن نتأكد".
وطرقت الباب بقوة أكبر وهتفت مناديا إياها بصوت عال...
ولم تجب... فما كان مني إلا أن أمسكت بقبضة الباب وفتحته... وأخي يهتف:
" ماذا تفعل!!؟"
لم أدخل الغرفة بل ناديت رغد بصوت يعلو مرة بعد مرة إلى
أن سمعت صوتها أخيرا يرد...
"نعم؟؟"
"هذا أنا... هل أدخل؟؟"
"نعم... ماذا هناك؟؟"
أطللت برأسي داخل الغرفة فوجدتها جالسة على سريرها مادة
رجليها وهي لا تزال ترتدي عباءتها... ويبدو عليها النعاس الشديد... تراجعت للوراء
وقلت:
"أنا آسف ولكننا طرقنا الباب وناديناك مرارا فلم
تردي".
ولم أسمع لها ردا... فقلت:
"هل كنت نائمة؟"
فلم نرد... فعدت وأطللت برأسي نحو الداخل ورأيتها تتثاءب
وهي شبه واعية فسألت:
"هل شربت منوما أم ماذا؟؟"
ولم ترد... قلقت وسألت:
"هل أنت بخير؟"
فأجابت أخيرا وهي تفرك عينيها:
"أجل... أنا نعسى".
وأمالت رأسها إلى الوسادة وأغمضت عينيها... انسحبت من
الغرفة وأغلقت الباب وأنا أكرر اعتذاري...
لاقاني أخي بنظرات استهجان فشرحت له:
"داهمها الإغماء من قبل وشارفت على الموت... لم
يبدو نومها طبيعيا مع كل ذلك الطرق والنداء".
واتجهت إلى المطبخ وجلست على أحد المقعد أرخي أعصابي
وعندما لحق بي أخي قلت:
"ستكون الخادمة هنا غدا... وسأعمل على توظيف طاهية
أيضا".
قال سامر متجاوبا:
"على ذكر الطعام أنا أتضور جوعا".
واتصلنا بأحد المطاعم وطلبنا وجبة غنية تناولنا نصيبنا
أنا وأخي منها فور وصولها.
"أين سأنام؟"
سأل خي ونحن على مائدة الطعام, فأجبت:
"في أي غرفة تشاء... لكن الغرف بحاجة إلى تنظيف
أولا وغرفتك السابقة ظلت مقفلة... استخدم غرفتي الليلة".
قال:
"وأنت؟"
قلت:
"أنام في غرفة المعيشة على مقربة من رغد.. فهي تخشى
المبيت بمفردها في الطابق الأرضي".
وفوجئت بأخي يرد:
"إذن لا بأس. سأنام في غرفة المعيشة وابق أنت في
غرفتك".
وكتمت في صدري شيئا لم أشأ إخراجه ساعتها...
ومع مرور الأيام بدأت تصرفات أخي تزعجني... فهو نصب نفسه
مسؤولا أولا عن رغد وحل مكاني في رعايتها... كنا نتناوب في الذهاب للعمل والبقاء
في المنزل مع رغد... وكنت أسهر كل ليلة لمتابعة العمل أولا بأول... ومع مطلع
الأسبوع المقبل ستعود رغد إلى جامعتها وسيتولى هو إقلالها ذهابا وعودة... أما أنا فسأضطر
للذهاب إلى المزرعة نهاية ها الأسبوع لأعالج مشاكلي مع أروى... والتي ترفض الحديث
معي منذ ليلة العشاء الذي أفسدته قبل سفري...

"إلى المزرعة؟!"
شهقت مندهشة لما أعلمنا وليد عن نيته في الذهاب إلى
المزرعة غدا... ورجحت أن يكون الهدف هو جلب الشقراء.
لم أستطع شيئا وكتمت اعتراضي في داخلي... لا يهم إن كانت
الشقراء ستأتي.. لا يهم إن كانت قد انتصرت علي.. المهم أن أبقى تحت سقف واحد مع
وليد وأحظى برؤيته كل يوم... إنني رأيت الموت من دونه... وسأقبل بأي شيء لقاء أن
أظل على مقربة منه ويظل طيفه يجول من حولي...
ومنذ أن أخبرنا بالخبر وأنا واقفة على أعصاب مشدودة في
انتظار ما ستسفر عنه سفرته هذه...
لم يكن وليد يجالسني أو يتحدث معي إلا بكلام عابر...
وكان يقضي معظم الوقت في مكتبه يعمل.
كنت سأجن لو أنه لم يحضرني معه... لم تكن شمس النهار
التالي لتطلع علي وبي عقل... بعد مقابلته البليدة عند بوابة منزل خالتي...
على فكرة... نظارته الشمسية أصبحت ملكي الآن!
اليوم ستزورني مرح وتجلب معها بعض المحاضرات الهامة
لأطلع عليها... سأعود للجامعة قريبا وأشغل وقتي في الدراسة من جديد... وأبعد عن
رأسي التفكير في الشقراء...
الساعة الآن الواحدة ظهرا ونحن -أنا وسامر- نتناول طعام
الغداء في المطبخ... ووليد في عمله...
"ما بك يا رغد؟؟ فيم أنت شاردة؟؟"
سألني سامر وهو يرى يدي تقلب الحساء بالملعقة طويلا...
دون أن أرشف منه شيئا...
قلت تلقائيا:
"هل تظن أنه سيحضرها معه؟؟"
فرد سامر:
"أظن ذلك, وهذا شأنهما".
فازداد توتري... فقال سامر:
"من الطبيعي أن يجلب زوجته معه يا رغد".
تناولت رشفة من الحساء بلعتها ولم أشعر بطعمها... ثم قلت:
"المهم.. أن تقبل بوجودي.. لأن وليد.. فيما لو
رفضت.. سيعيدني إلى خالتي".
فاستغرب سامر وقال:
"وما علاقة هذا بك؟؟"
قلت:
"إنها لا تريد أن أعيش معهما".
"أهكذا؟"
نعم. لأن الانسجام بيني وبينها مستحيل.."
تجلى على سامر بعض التردد ثم تجرأ وسأل:
"هل تدرك هي أنك..."
طأطأت رأسي ونظرت إلى وعاء الحساء الموضوع أمامي حرجا...
ففهم سامر إجابتي... سامر يفهمني جيدا... وهو دائما معي صريح ومباشر... ليس فيه
الغموض ولا ينشر الحيرة والتساؤل والذهول أينما حل... كما هو وليد...
قال بعد صمت قصير:
"إذن وليد يعرف... الآن تأكدت".
فرفعت بصري إليه وسألت:
"يعرف ماذا؟؟"
فهوى ببصره إلى أطباق طعامه وتظاهر بالانشغال بتقطيع
قطعة اللحم... وقال:
"أنك تحبينه".
شددت على يدي وفارت الدماء في وجهي وأبعدت نظري عن عيني
سامر وقلت بصوت ضعيف:
"أأأأ... لا... ليس كذلك".
وأمسكت بطرف مفرش مائدة الطعام وأخذت أشد وأرخي فيه
باضطراب...
سامر وضع قطعة اللحم في فمه وراح يمضغها ثم بلعها وقال:
"بل يعرف".
فرفعت بصري إليه باهتمام فوجدته يرفع كأس العصير ويشرب
جرعة منه... متظاهرا بالبرود...
قلت:
"كيف؟"
قال وهو يتابع تناول طعامه:
"ليس بهذا الغباء".
وأحسست بقلبي يخفق بقوة... هل يمكن أن يكون وليد... قد
اكتشف أنني أحبه.. أكثر من حب ابنة لأبيها؟؟
وفيما أنا شاردة في تفكيري سمعت سامر يقول بجدية:
"لكن ذلك لن يغير شيئا يا رغد... وليد رجل متزوج
ويكبرك بعشر سنين.. ولا أظنه يعتبرك إلا ابنة أو أخت صغيرة يتيمة تكفل برعايتها".
فقدت شهيتي للطعام فجأة وتوجم وجهي حزنا... ولاحظ سامر
التغيرات التي اعترتني فوضع شوكته جانبا وخاطبني بنبرة أكثر جدية وواقعية:
"يا رغد... ستستفيقين يوما وتدركين أين كنت
تتخبطين... لكنني لا أريد أن تصابي بصدمة قاسية.. فكري مليا في وضعك... وقيمي
الأشياء تقييما عقلانيا وليس عاطفيا... ماهي نهاية حب رجل مرتبط بفتاة أخرى لا
يملك أي سبب ليتخلى عنها؟ ولا أي دافع ليفكر في غيرها".
أصبت بعسر هضم وتلوت معدتي... ورفعت عيني بانكسار وأبرزت
يدي على المائدة وقلت:
"حتى لو تزوجها... سأبقى معه... تحت وصايته".
قال:
"ستكبرين يوما... ولن تحتجي وصيا... وهو سيتزوج
ويكرس جهده لعائلته الجديدة.. هذا هو المسار الطبيعي للحياة".
قلت بشء من الاتفعال:
"وأنا؟؟"
فصمت سامر... ثم قال:
"أنت أيضا... ستتزوجين وتعيشين حياتك... مع من
يستحقك ويقدرك".
وتبادلنا نظرات عميقة... ثم قال:
"القرار بيدك".
فأخذت أنظر إلى يدي... أتأمل راحتيهما... والخطوط التي
تملأهما... وكأنني أفتش عن القرار بينهما... وأراهما خاليتين جوفاوين... لا تحملان
شيئا...
مددتهما نحو سامر أريه باطنهما الأجوف وأنا أقول:
"يداي لا تملكان شيئا".
فمد سامر يده نحو يدي وقال:
"ما في يدي هو ملكك".
وكانت عيناه تحملقان بي تملؤهما المعاني العميقة...
شعرت بمرارة في حلقي... كأنني تجرعت دواء مركزا...
وانهارت تعبيرات وجهي أمام نظرات سامر فإذا بي أقول دون تفكير:
"ألا زلت تحبني؟"
وكانت إجابته بأن شد قبضة يده وأغمض عينيه كمن يعتصر
ألما...
نعم يحبني... أعرف ذلك... كان مهوسا بي... يغمرني بلطفه
ويمطرني بهداياه ويغلفني بعواطفه...
لم يكن خطيبي فقط... كان أخي وصديقي المقرب... وكان
يشاركني كل شيء... ولم أشعر يوما وهو معي بأنني بحاجة لأي شيء...
لماذا لا تزل تحبني يا سامر... بعد ما فعلته بك...؟؟
آه...كم يؤلمني قلبي... كم يقرصني ضميري... كم أنا
أنانية... كم أنا حزينة من أجلك...
رفعت رأسي أريد أن أرمي به إلى الوراء لعل الأحزان
تتساقط منه... فإذا بعيني تقعان فجأة على وليد...
جفلت وسحبت يدي نحو صدري أمسك نفسي الذي انحشر فجأة في
شعيباتي الهوائية إثر ظهور وليد المباغت... و
أحس سامر بحركتي السريعة ففتح عينيه والتفت إلى
الوراء... إلى الباب... فوجد وليد يقف هناك...
"أهلا وليد... كيف كان يومك؟"
بادر سامر بالسؤال فرد وليد:
"كان حافلا جدا".
قال سامر:
"قرصنا الجوع فشرعنا بالأكل قبلك".
رد وليد:
"بالهناء والعافية".
وتوجه نحو المغسل فغسل يديه وأقبل واتخذ مقعدا... على
رأس المائدة...
قال:
"ماذا لدينا اليوم؟"
فأجاب سامر متظاهرا بالمرح:
"مشويات طلبناها من مطعم... وحساء أعدته رغد".
فطأطأت رأسي خجلا من الحساء المتواضع الذي أعددته...
وبدأ وليد يعد أطباقه وسكب لنفسه شيئا من الحساء... وأخذ
يرتشفه... ولم ينطق بأي تعليق...
وسامر عاد يتناول طعامه ويطرح على وليد الأسئلة حول
العمل... حيث إنه سيذهب بعد قليل... ويجيب وليد أجوبة مختصرة... إلى أن سمعته يقول:
"لم لا تأكلين؟"
انتبهت على سؤاله فرفعت رأسي ونظرت إليه نظرة سريعة ثم
أخفضت رأسي وأجبت بصوت خافت:
"اكتفيت الحمدلله".
وأمسكت بعكازي الموضوع إلى جواري وقمت عن المائدة...
سامر قال:
"لم تأكلي شيئا رغد".
فقلت:
"الحمد لله".
وسرت متجهة إلى الباب... فاستوقفني صوت وليد يقول:
"على فكرة هل لديك استعداد لزيارة الطبيب اليوم".
فتذكرت صديقتي مرح وقلت وأنا لا أجرؤ على رفع بصري إليه:
"اليوم؟ أأأأ ستأتي مرح لزيارتي".
فقال:
"ماذا عن بعد الغد أو بعده؟"
فأجبت:
"بعد الغد..."
فقال:
"لا بأس".
ثم تابعت طريقي إلى غرفتي...
وقبل مجيء مرح ذهبت إلى المطبخ لأحضر بعض أطباق المكسرات
والحلويات...
وشيئا من العصير... وفيما أنا أحمل الصينية بيدي اليمنى
بينما تمسك يدي اليسرى بالعكاز... اختل توازن الصينية فوقعت أرضا وتحطم الكأسان
الزجاجيان محدثين جلبة كبيرة... وتبعثرت الأطباق والمحتويات على مساحة كبيرة...
"أوه... هذا ما كان ينقصني!"
تذمرت بصوت غاضب... ثم جثوت على الأرض بحذر ألتقط شظايا
الزجاج والطعام المبعثر...
"ماذا حصل؟"

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الأجزاء من (111 ) الي (120) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الأجزاء من (111 ) الي (120)

more_horiz


التفت بسرعة نجو مصدر الصوت... وجدته واقفا عند الباب
والقلق يخطو نتوءا على جبينه ويحفر مابين حاجبيه... ثم اقترب مني وسأل
:

"هل انزلقت؟؟ هل أنت بخير؟"


سحبت نظراتي عنه وسلطتها بخنوع نحو الشظايا وأجبت هامسة:


"أوقعت هذا من يدي".


ورأيت ظله ينعكس على الأرضية الملساء... ثم رأيت يده
تظهر من الفضاء وتهبط على الشظايا وتلملمها...


جمع قطع الزجاج الكبيرة والطعام في الصينية وانغمست أنا
في التقاط الأشلاء الصغيرة وإذا به يرفع الصينية ويقول:


"دعيها عنك".


فنهضت مستندة على عكازي ورأيته يتجه نحو المكنسة
الكهربائية فشعرت بالحرج وتقدمت خطوتين وأنا أقول:


"أنا سأنظفها".


فالتفت إلي وقال:


"لا عليك... احذري أن تدوسي عليها".


وقد كنت حافية القدم اليمنى, أما الآخرى فمجبرة كما
تعلمون...


عكف وليد على تنظيف الأرضية بحذر من أي شظايا ممكنة...
وعكفت عيناي على مراقبته بكل عناية... فهما قد حرمتا من رؤيته أسابيع طويلة ولم
ترتويا بمرآه بعد...


لما فرغ من مهمته استدرت بسرعة نحو الدواليب وتظاهرت
بأنني أستخرج كأسين آخرين وأطباق جديدة... وسمعته يقول:


""دعيني أساعدك"


وتولى بنفسه تحضير كل شيء ثم حمل الصينية إلى العربة ثم
سأل:


"أين ستستقبلينها؟"


أجبت:


"في غرفة الضيوف الرئيسية".


فقاد العربة إلى هناك ثم عاد وسأل:


"شيء آخر؟؟"


فأخفضت رأسي وابتسمت وقلت:


"شكرا لك".


فرد:


"العفو... صغيرتي".


رفعت إليه بصري بسرعة... هل قال صغيرتي؟؟ هل ناداني
بصغيرتي من جديد؟؟ أخيرا حن علي؟؟ هل صفح عني ورضا علي؟؟


حاولت أن أقرأ شيئا في عينيه لكنه استدار منصرفا وهو
يقول:


"إذا احتجتني فناديني".


بعد ذلك ذهبت إلى غرفتي قريرة العين... ونظرت إلى وجهي
في المرآة... فوجدته متوهجا...


نزعت وشاحي وأطلقت سراح شعري السجين... إن لدي ضيفة
مقربة وأنا لا أريد أن أستقبلها كما في الزيارة السابقة! أتذكرون؟؟ الشقراء في قمة
الأناقة وأزهى الألوان...


وأنا خلف السواد وتحت الجبائر!


وأردت التزين ولكنني لم أملك شيئا في هذه الغرفة! لا حلي
ولا مساحيق ولا ملابس تليق باستقبال ضيوف مقربين!


"أوه... ما هذا الحظ العاثر! كيف سأصعد الآن إلى
غرفتي... وكيف سأهبط!؟"


لا!


لا تذهبو بأفكاركم إلى الجحيم! هل تظنون أنني سأطلب هذا
من وليد؟؟


في غرفة الضيوف استقبلت ضيفتي بعباءتي ووشاحي... وكأنني
لست من أصحاب المنزل... وكان وليد هو الذي فتح لها الباب وقادها إلى الغرفة.


"واو! ما هذه الأناقة يارغد؟؟ تبدين مذهلة!"


قالت مرح مازحة وهي تتأملني, فأجبت وأنا أرفع رأسي
وحاجباي وأغمض عيني مفتعلة المكابرة المازحة:


"لا تحاولي مضاهاتي! احترقي غيرة!"


وضحكنا مرحتين. وحقيقة اعتادت مرح وجميع الزميلات على
رؤيتي بمظهر رسمي عادي... في الجامعة لم أكن أرتدي غير الملابس الرسمية ولم أكن
أضع أي مساحيق أو حلي كما تفعل هي ومعظم الطالبات... بعضهن يحملن عدة التزين معهن
عوضا عن الكتب!


أما أنا فلم أتزين منذ أن.... سافر والدي للحج... العام
الماضي... ولم يعودا... وكما تعلمون بقيت في منزلنا في المدينة الصناعية تحت مرأى
وليد إلى أن احترق المنزل... ثم عشت في شقة سامر إلى أن بلغنا مقتل الحبيبين
رحمهما الله... وانتقلت بعدها إلى مزرعة الشقراء... ثم إلى هنا... ثم إلى منزل
خالتي... كالمشردة الضائعة بلا مأوى...مغلفة بسواد عباءتي...


لاحظت مرح شرودي فقالت:


"ابتسمي وأريني جمالك الحقيقي".


فابتسمت بعفوية فقالت:


"رائعة جدا! ستبهرينه بالتأكيد!".


تقوس حاجباي استغرابا وسألت:


"أبهر من؟".


فضحكت مرح ثم قالت:


"الرجل الذي ستتزوجينه ذات يوم..."


آه! يا لأفكارك السخيفة!


أما هي فتابعت:


"فنانة.. جميلة... خلوقة ومن عائلة راقية.. وابنة
مليونير كبير!... سينبهر حتما".


قرصت يدها قرصة خفيفة وقلت:


"دعك من هذا... أخبريني كيف هي الجامعة؟
والزميلات؟؟"


وأخبرتني بعدة أمور كان أكثر ما أثار اهتمامي هو المعرض
الفني الذي يقام حاليا في إحدى القاعات, بإشراف شقيقها, والذي شاركت هي فيه ببعض
لوحاتها. وأعلمتني بأنها ومجموعة من زميلاتنا قد اتفقن على حضوره يوم الغد, اليوم
الأخير للمعرض.


وكانت مرح قد سبق وأن أخبرتني عن المعرض عندما كنت راقدة
في المستشفى...


قلت:


"غدا آخر يوم؟"


فأجابت:


"نعم".


قلت:


"يا للخسارة! كم تمنيت الحضور".


فقالت وقد لمعت فكرة في عينيها:


"ولم لا رغد؟ تعالي معنا فكلنا سنذهب غدا ونقضي
وقتا رائعا".


قلت وأنا أشير إلى عكازي:


"وهذا".


فقالت:


"وما المانع؟ ألست تستطيعين السير؟؟ لا تفوتي فرصة
كهذه رغد".


وكبرت الفكرة في رأسي بسرعة.. وشجعتني مرح حتى آمنت بها
وقررت الذهاب!




**************************


عاد شقيقي مساء يحمل معه عشاء من أحد المطاعم وكيسا يحوي
معتبرة من كرات البوظة المختلفة الأنواع قال عنها:


"وهذه لرغد! ستدهشها".


وذهب مباشرة ليريها إياها... ولأن المطبخ قريب من غرفة
رغد فمن السهل سماع أي حوار يدور عند الباب...


كانت مسرورة.. وسمعت ضحكتها وضحكة سامر تنطلقان بمرح
وتطرقان أذني بتحدي..


تجاهلت ذلك وخدرت أعصابي لتمر الليلة بسلام.


وقبل أن آوي إلى فراشي باكرا عاودت الاتصال بالمزرعة
وتفقد أحوال أروى والعم إلياس.. وقد رفضت أروى التحدث معي وطلب عمي مني الحضور لحل
المشكلة...


فأخبرته بأنني سأعود نههاية الأسبوع كما خططت.


أويت إلى فراشي وبعد منتصف الليل استيقضت بسبب ألم في
معدتي.. ذهبت إلى المطبخ لأتناول دوائي وأشرب الماء وسمعت صوت التلفاز في غرفة
المعيشة.. وتوقعت أن يكون أخي قد نام تاركا الجهاز مشغلا وذهبت بقصد إيقافه وفوجئت
حين أطللت برأسي فرأيت أخي ورغد يشاهدان التلفاز معا... ويلتهمان البوظة...


قال سامر حين رآني:


"ألم تنم بعد؟"


والأجدر أن أطرح أنا هذا السؤال... قلت:


"بلى, نهضت لأشرب ماء.. ولكن لم أنتما ساهرين للآن؟"


فرد:


"نشاهد فيلما ممتعا... ثم إننا لن ننهض باكرا مثلك!"


ولم أجد أي تعليق أعقب به... فانسحبت وعدت إلى فراشي...


لكن معدتي شاءت تعذيبي ساعة من الزمن حتى هدأت...
وسلمتني للأفكار والهواجس.. تلعب بي بقية الليل...


كان لدي عمل كثير ومهم جدا في اليوم التالي.. عدت ظهرا
من الشركة فيما ذهب شقيقي إليها.


اعتكفت في مكتبي لإنجاز أمور ضرورية.. ودعوت أحد
الموظفين المسؤولين لزيارتي في المنزل وإتمام العمل معي..


وفيما أنا في قمة الانشغال طرق الباب وأجبت الطارق..
فكان رغد..




**********************




بعد أن اتصلت بي مرح تؤكد علي الذهاب للمعرض لم أستطع
مقاومة رغبتي في ذلك فاستجمعت جرأتي وأتيت إلى وليد وأخبرته بذلك..


كان يجلس خلف المكتب وأمامه الكثير من الأوراق والملفات
إضافة إلى حاسوبه الخاص والهاتف.. بدا مشغولا جدا وربما لن يوافق..


نظر إلي وليد باستغراب وقال:


"كيف يا رغد! وإصابتك؟"


قلت:


"سأسير بعكازي".


قال:


"ألن يكون هذا شاقا؟"


قلت مبررة:


"لن أضطر للمشي كثيرا... ستساعدني مرح إن احتجت..."


ولم يظهر عليه الاقتناع فقلت بنبرة رجاء:


"لا أود تفويت الفرصة... مجموعة من صديقاتي
وزميلاتي اتفقن على الذهاب اليوم وسيمضين وقتا ممتعا. أريد مشاركتهن.. والتفرج على
اللوحات الرائعة... سأمر ولو لنصف ساعة..."


نظرت إليه مستشفية رأيه... كان الاعتراض جليا على
وجهه... وسمعته يقول:


"إذا كان ولا بد, فأجلي الفكرة إلى الغد. إن ضيفا
سيزورني هذا اليوم ولا يمكنني الخروج معك".


قلت:


"لكنه آخر الأيام".


فقال وهو يعود للتحديق في شاشة حاسوبه:


"إذن انسي الأمر".


شعرت بالحزن والحنق... ووقفت في مكاني منكسرة.. ثم قلت
مستدرة موافقته:


"أنا لم أخرج من البيت منذ زمن... منذ إصابتي...
أريد أن أغير الجو قليلا".


فالتفت وليد نحوي... وقال:


"أنا مشغول جدا اليوم يا رغد".


قلت مباشرة:


"سأذهب مع مرح".وسكت وليد فتابعت:


"أخبرتني بأنها تستطيع اصطحابي. سترافقها إحدى
شقيقاتها والأستاذ عارف ذاته هو الذي سيقلنا بسيارته".


وكما يظهر لم يستسغ وليد الفكرة... أطرق برأسه قليلا ثم
قال أخيرا:


"لا أرها فكرة حسنة من البداية. لم لا تصرفين النظر
عنها وتستغلين وقتك في الدراسة؟؟"


وبهذا أنهى الحوار وعاد لحاسوبه.


أحسست بالحسرة!... وخرجت من كتبه أجر أذيال الخيبة.




إنني سجينة المنزل منذ أن وقعت من أعلى السلم... وآخر
مرة رأيت فيها العالم كانت ليلة نزهتنا أنا وهو قبيل الحادث.


ذهبت إلى المطبخ وأنا مكسورة الخاطر واتصلت بصديقتي مرح
وأخبرتها بعدم تمكني من الذهاب, وأنا أعتصر حسرة!


مضت فترة ووليد مشغول في مكتبه وعند الرابعة عصرا وفيما
أنا جالسة عند المائدة أتصفح بعض المجلات وألتهم البوظة, سمعته يتنحنح.


التفت إلى ناحية الباب ووجدته يقف هناك ويهم بالدخول...


دخل وليد ولمح المجلات بين يدي فقال:


"أليس أجدر بك تصفح كتبك؟! لقد فاتك الكثير يا رغد!
شدي همتك".


انزعجت من نصيحته رغم كونها قيمة, فقط لأنني مستاءة من
رفضه لطلبي. وقلت:


"حاضر. سلأفعل ذلك".


وربما فهم التذمر في ردي لكنه تجاهله, واتجه إلى الموقد
وأخذ يعد الشاي...


فرغت من التهام كرة البوظة ورغبت في المزيد.. فاتجهت إلى
الثلاجة واستخرجت كرة أخرى فإذا بي أسمع وليد يقول:


"لا تكثري من تناول البوظة... ستمرضين".


فشعرت بالحرج وأعدت البوظة إلى مكانها... ثم حملت مجلاتي
وغادرت المطبخ متجهة إلى غرفة المعيشة.. وشغلت التلفاز وجعلت أقلب القنوات بملل...
لحظات وإذا بوليد يقف عند الباب ويقول:


"دعك من التلفاز يا رغد.. ستعودين الأسبوع المقبل
إلى الجامعة.. لم لا تراجعين دروسك؟"


أحسست بالضيق.. فأغلقت التلفاز ونهضت أريد العودة إلى
غرفتي.. وعندما اقتربت من الباب قال:


"ولا تسهري في الليل وتفسدي نومك وصحتك... لا زلت
صغيرة على ذلك".


ما به وليد؟؟ لماذا يعاملني هكذا اليوم؟؟


التفت إليه منزعجة وقلت:


"حاضر... أي أوامر أخرى؟؟؟"


ولم يتنحى عن طريقي فرفعت بصري إليه ورأيته يحملق بي...


قال:


"أنا لا آمرك يا رغد... أنا أنصحك".


وهل تراني طفلة ضالة أو غبية؟؟ قلت:


"حاضر.. كما تأمر.. أو كما تنصح.. أنت الوصي وأنت
السيد هنا.. هل تأذن لي بالانصراف الآن؟"


وليد صفق راحة يسراه بقبضته اليمنى... تعبيرا من استيائه
من ردي... ثم خطا خطوة باتجاهي وقد أظهر اهتمامه بتذمري أخيرا وقال:


"ما الأمر يا رغد؟"


فلم أرد.


"لم كل هذا الحنق؟ ألا ترحبين بنصيحة ممن يفوقك سنا
وحكمة؟"


احمر وجهي ونظرت إليه وقلت:


"بلى... أقدر لك اهتمامك وشكرا".


انتقل الاحمرار إلى وجه وليد الذي قال:


"لماذا تخاطبينني هكذا؟".


فصمت برهة ثم قلت:


"بأي طرقة تريدني أن أخاطبك؟ وجهني فأنا لم أعد
أفهمك".


رماني بنظرة قوية وسأل:


"ماذا تعنين؟؟"


قلت متخلية عن حذري:


"أنت تغيرت علي.. وضح لي الطريقة التي تريد أن
أتعامل بها معك من الآن فصاعدا.. فأنا أخشى أن أقدم على تصرف لا يعجبك فتغضب
وتعاقبني بإرسالي إلى خالتي وحرماني من الدراسة".


وإذا بوجه وليد يتحول من الاحمرار إلى السواد... وكأنه
احترق.. وإذا بأوداجه تنتفخ حتى خشيت أن تتمزق...


شعرت بالفزع وتراجعت للوراء... وهممت بأن أستدير وأولج
الغرفة مبتعدة عنه...


فإذا به يمد يده ويقبض على ذراعي ويقول:


"إلى أين؟"


فنظرت إليه نظرات خوف ممزوج برجاء... فقال:


"كل هذا لأنني رفضت اصطحابك إلى المعرض؟"


باغتني سؤاله وأربكني... ولم يعطني فرصة للإجابة بل واصل:


"قلت لك إن لدي عمل مهم جدا أقوم به الآن".


فنطقت بخوف:


"انس الأمر... غيرت رأيي..."


ولا بد أنه رأى الخوف في عيني... سحب يده ومرر أصابعه في
شعره ثم إذا به يقول:


"لتجدي الفرصة لإخبارهم بأن وليد... وصي صارم وفظ
وجاف... لا يحسن معاملتك... ألست من أراد السفر معي؟؟"


ذهلت من قوله أردت التكلم غير أنه قاطعني:


"اذهبي حيثما تريدين... حتى لا تنعتوني بما هو
أبشع... هيا يمكنك الذهاب الآن".


واستدار خارجا من الغرفة... وأنا لا أزال في حالة
الذهول... وعندما اختفى عن مآي... سرت بسرعة وأنا لأتبعه وأنا أقول:


"لم أعد أرغب في ذلك".


توقف وليد برهة موليا ظهره إلي... ثم استدار ونظر إلي
بحدة ثم قال:


"بل اذهبي... الصداع ونشب... والجدال حصل... فلا
تزيدي الأمر إضراما على صفر النتيجة".


واستدار وولى...





descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الأجزاء من (111 ) الي (120) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الأجزاء من (111 ) الي (120)

more_horiz


عدت إلى مكتبي وانخرطت في عملي بأقصى تركيز ممكن, محاولا
طرد رغد من رأسي تلك الساعة... وبعد قليل سمعتها تقبل إلى الغرفة وهي تقول
:

"أنا جاهزة".


وكان وجهها مسترخيا... غير الوجه الذي فارقتني عليه قبل
قليل... أرخيت عضلات وجهي وقلت بهدوء:


"حسنا. انتبهي لنفسك".


وانكببت على حاسوبي وأوراقي أواصل العمل, وأحسست بها لا
تزال واقفة عند الباب...


رفعت إليها رأسي فرأيتها تنظر إلي...


قلت:


"خيرا؟"


قالت بتردد:


"هل سترافقني؟؟"


استغربت وحدقت فيها متعجبا...! ألم تقل إنها ستذهب مع
صديقتها؟؟


قلت:


"أرافقك..؟"


وردت بإيماءة من رأسها...


لكن...!


آه فهمت... لا بد أنها تقصد أن أرافقها إلى البوابة,
لأفتح الأبواب في طريقها... وأساعدها في الصعود وهبوط العتبات...


وقفت وأشرت إليها بيدي:


"تفضلي".


غير أنها لم تتزحزح عن موضعها... أطرقت برأسي تعجبا...
فقالت متمة سؤالها:


"أعني إلى المعرض؟"


أصابتني الدهشة ووقفت أنظر إليها ثم قلت بحيرة:


"إلى المعرض!؟"


فأخفضت بصرها... فسألتها مستغربا:


"هل قلت إنني سآخذك بنفسي إلى المعرض؟؟"


أجابت وهي لا تزال مطأطئة برأسها نحو الأرض وعيناها بين
صعود وهبوط:


"ولكن... أنا... لا أريد الذهاب وحدي".


مرت لحظة صامتة جدا... تلتها لحظة تبادل النظرات...
تلتها لحظة تبادل الكلمات.


قلت:


"أليست صديقتك معك؟"


قالت:


"بلى... إنما..."


قلت:


"ماذا؟"


أجابت وصوتها يتحول إلى الهمس الحزين:


"لا أستطيع الذهاب... بدونك".


تنفست الصعداء بعمق شديد... متفهما موقف رغد... وخوفها غير
الطبيعي من زيارة الأماكن الغريبة بدون أهلها... وهذه عقدة نفسية خاجة عن سيطرتها...


ورغد أحست بأنني أقرأ ما بداخلها فبقيت صامتة لحظة... ثم
نظرت إلي وطلبت برجاء:


"هل ترافقني؟"


رجاؤها صفع قلبي... ولكن ما باليد حيلة... وخروجي صعب
جدا ولدي أعمال ملحة وضيف مرتقب...


قلت بصوت جعلته حنونا قدر الإمكان:


"لا أستطيع. أنا آسف... أخبرتك بأنني أنتظر ضيفا...
سيأتي بعد قليل".


ثم قلت مشجعا:


"صديقاتك هناك... لن تشعري بالغربة... اذهبي في
رعاية الله".


التردد تفاقم بسرعة على وجه رغد... يصحبه الحزن
والخيبة... ورن هاتفها المحمول... فألقت نظرة على الشاشة ثم نظرت إلي وقالت:


"مرح وصلت".


وظلت تنتظر مني ردا لبضع ثوان, ثم اتخذت قرارها فجأة:


"سأعتذر لها... لن أذهب".


فوجئت... قلت بسرعة قبل أن تجيب:


"انتظري!"


أنا أستسلم...


إنني لا أستطيع أن يكون لي موقف غير هذا.. رغد أنت دائما
تنتصرين..


"سأرافقك... لكن لنص ساعة فقط... لا أكثر".




****************************




وذهبنا إلى المعرض... بالطبع أقلني وليد بسيارته...
وسرنا خلف سيارة شقيق مرح.


في القاعة التقيت بمجموعة من زميلاتي اللواتي رحبن بي
بحرارة وعبرن عن شوقهن إلي وتمنين لي الشفاء العاجل...


قضيت برفقتهن ورفقت مرح وقتا أقل ما يمكن وصفي له بأنه
مذهل... وإن كان قصير جدا!


اللوحات التي كانت تحمل توقيع الأستاذ سامر, شقيق مرح...
الفنان المعروف... كانت مبهرة جدا... وقفت عند إحداها مأسورة بروعتها...


الفتيات سبقنني إلى اللوحات التالية وبقيت مرح إلى جواري...


"أعجبتك كثيرا أليس كذلك؟؟"


سألتني فأجبت وعيناي محملقتان في تناسق الألوان البديع
في اللوحة:


"ولا أجمل! تحفة!"


سمعت مرح تقول:


"أسمعتَ؟؟ تحفة!"


والتفت إليها فإذا بي أراها توجه الخطاب إلى أحدهم, فيرد:


"شهادة أعتز بها".


نظرت إلى الشخص المتحدث في استغراب... ثم إلى مرح...
فابتسمت الأخيرة وقالت:


"المبدع الفنان الأستاذ عارف... شقيقي بكل فخر!"


شعرت بالخجل... وطأطأت برأسي فأنا صغيرة جدا لأبدي شهادة
في حق رسام فنان كبير ومعروف... ومرح أمسكت بذراعي وقالت بمرح:


"وهذه رغد آل شاكر... منافستي الأولى في الجامعة!
ابنة الملياردير السيد وليد شاكر... مدير مصنع وشركة آل بحري..."


الأستاذ عارف قال:


"تشرفنا... هل السيد وليد شاكر هنا؟؟"


رفعت رأسي عن الأرض والتفت للخلف أفتش عن وليد. كان
يتبعنا على بعد عدة أمتار... ويتفرج على اللوحات...


حانت منه التفاتة نحونا ولما رآني أنظر إليه فهم أن في
الأمر شيء ما... فسار مقتربا...


مرح أومأت مشيرة إليه مخاطبة شقيقها:


"هذا الشاب... هناك!"


وشقيق مرح سار مبتعدا باتجاه وليد...


التفت إلى مرح فإذا بها تراقب الاثنين وهما يلتقيان
ويحيي كل منهما الآخر ويتعرفان على بعضهما البعض...


قلت:


"يبدو أن وليد لم يقابل شقيقك من ذي قبل".


فأجابت:


"أجل. وقد كان يتوق للتعرف إليه ولم تسنح له الفرصة
بمرافقتنا ليلة العشاء في منزلكم".


ثم وضعت إحدى يديها على خصرها ورفعت أحد حاجبيها وأخفضت
الآخر وقالت:


"أطول منه بعشرين سنتيمترا وفقا لتقديري!"


هنا أقبلت زميلاتنا نحونا وسألن مازحات:


"لم توقفتما هنا؟؟ تعالا واسمعا تعليقاتنا حول
لوحات الفنانة المعجزة مرح أسامة!"


وأخذنا نضحك بسرور... ثم إذا بمرح تقول:


"بنات... انظرن... هذا هو أبو رغد".


وهي تومىء نحو وليد!


إحداهن سألت:


"أين؟"


فردت مرح:


"الذي يتحدث مع أخي!"


واتجهت أنظارهن إلى وليد! بعضهن أطلقن تعليقات عدم
التصديق, وبعضهن لم يكترثن, والبعض الآخر لسعنه بأعينهن فيما أخريات مبهورات
بالفنان عارف أكثر من لوحاته...!


أما مرح فقد قربت فمها من أذني وهمست:


"أكثر وسامة وجاذبية من أخي! لكن عارف ذو شعبية
كبيرة وكلهن مأسورات بفنه!"


ثم ضحكت وأمسكت بذراعي وتابعنا التقدم نحو لوحاتها...


وبعد قليل وفيما كنا منشغلات بتأمل لوحات مرح والتعليق
عليها سمعت صوت وليد مقبلا من الخلف يتنحنح ويقول:


"معذرة".


التفتنا جميعا للوراء... ورأيته يقف على مقربة وينظر إلي
ويشير إلى ساعة يده...


نظرت إلى ساعة يدي فإذا بها الخامسة والنصف... لقد مر
الوقت سريعا جدا وأنا لم أنهِ بعد جولتي على بقية اللوحات!


ابتعد وليد عدة خطوات, ووجهت خطابي إلى زميلاتي:


"يؤسفني أنني مضطرة للمغادرة الآن!"


أبدين احتجاجهن ودعونني للمكوث فترة أطول... وكنت أرغب
في ذلكولكن...


أخيرا شكرت زميلاتي وودعتهن وسرت نحو وليد...


ونحن نغادر مررنا بالأستاذ عارف الذي ودعنا وشكرنا بشكل
شخصي على زيارة المعرض...


عندما عدنا إلى المنزل أردت أن أسهب في شكر وليد وأعتذر
على إزعاجه غير أنه كان على عجل من أمره ودخل مكتبه وما هي دقائق إلا حتى أتاه
الضيف...



descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الأجزاء من (111 ) الي (120) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الأجزاء من (111 ) الي (120)

more_horiz
والله حرام الى وليد بيعمله فيها ده

descriptionرواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الأجزاء من (111 ) الي (120) - صفحة 2 Emptyرد: رواية رومانسية اخر حاجة(أنت لي)!!!! الأجزاء من (111 ) الي (120)

more_horiz
شكرا على هذا الموضوع الرائع
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد