منتدى علوم المنصورة
ماتوا ومعهم الموبايل.....احمد خالد توفيق Ezlb9t10


منتدى علوم المنصورة
ماتوا ومعهم الموبايل.....احمد خالد توفيق Ezlb9t10

منتدى علوم المنصورة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى علوم المنصورةدخول

اهلا بك يا زائر لديك 16777214 مساهمة


descriptionماتوا ومعهم الموبايل.....احمد خالد توفيق Emptyماتوا ومعهم الموبايل.....احمد خالد توفيق

more_horiz
ماتوا ومعهم الموبايل - أحمد خالد توقيق

--------------------------------------------------------------------------------

جريدة الدستور

16/09/2008

د. أحمد خالد توفيق


قرأت ما كتبه العالم عن حادث الدويقة في عدة صحف ومواقع غربية، وقد استلفت نظري ذلك الخبر

عن المكالمات التي كان البؤساء يجرونها مع العالم الخارجي بالهاتف المحمول. علق قارئ أمريكي

علي الخبر قائلاً: «هذا سخف.. الخبر ملفق.. لا يمكن أن يكون هناك أناس فقراء لهذا الحد ولديهم هاتف محمول.. دعك من أن مصر ليست في أفريقيا أصلاً !»



رد عليه قارئ غربي آخر يعرف مصر: «بالعكس.. مصر في أفريقيا فعلاً.. ثم أنك لم تر مصر لتعرف مدي انتشار المحمول ورخص ثمنه !..»




فعلاً مصر بلد غريب.. المحمول في يد الجميع وبرغم هذا يمكنك بسهولة أن تجد نفسك تحت أنقاض

بناية سقطت لأن المقاول لص ولأن موظفي الحي مرتشون. يمكنك أن تحمل المحمول ولا يكون لك

بيت سوي عشة صفيح. بلد التناقضات فعلاً.



لكني بلا مبالغة أرشح حادث الدويقة كأسوأ وألعن حادث عرفته مصر منذ أعوام. هذا هو الموت

البطيء القاسي بالمعني الحرفي. هؤلاء قوم كانوا يختطفون دقائق من النوم بعد السحور،

وفي السابعة صباحًا يتهيئون ليوم جديد من المعاناة، ليجدوا أنفسهم فجأة في أقسي تجربة يمكن

أن تمر ببشر. إن سعداء الحظ فعلاً هم من قضوا نحبهم لحظة الانهيار، لكن تخيل أن هذه الجلاميد

تحتها أحياء يحاولون الاتصال بالعالم الخارجي ويستعملون الهاتف الجوال، وأنهم يموتون ببطء في

لحظة كتابة هذه السطور (لن يكونوا كذلك عندما تقرأها أنت). وبينما أنت تتناول الإفطار وتشاهد

تمثيلية يسرا السخيفة، هم لم يذوقوا الطعام أو قطرة ماء منذ أيام. هذا شيء يدفع للخبال. أن

تتخيل الظلام والقبر قبل القبر، والرجل يري أحبابه يموتون واحدًا تلو الآخر وبعضهم بدأ يتعفن فعلاً،

وهو عاجز عن الحركة أو عمل شيء.. يتدخل خيالي الشيطاني ليزيد الأمور سوءًا: ربما يكون موت

الطفل بين ذراعي أمه قاسيًا، لكن ماذا عن موت الأم بين ذراعي طفلها الذي سيقبع وحده في

الظلام ويصرخ بلا انقطاع؟.. أليس هذا كافيًا للجنون؟.

. هانيبال أذاب صخور جبال الألب بالخل المركز يصبه رجاله صبًا فوق الجلاميد لتعبر منها الأفيال، فمن

لنا بهانيبال آخر يذيب هذه الصخور لتعبر منها الأفيال الحديدية: البلدوزرات..؟

لا يمكنك أبدًا أن تشعر بالملل في مصر، لأنك في كل يوم تخوض تجربة جديدة يحتاج الغربي إلي دخول ديزني لاند ودفع مبلغ باهظ من المال كي يجربها.



تأمل معي حياة المصري البائس الذي يسافر في قطار الصعيد، فيجد نفسه محبوسًا في عربة

تحترق.. اللهب يتعالي والزهرة الحمراء المجنونة تتفتح، وهو يحاول القفز من النافذة ليجد أن

القضبان تمنعه.. هكذا يتمسك بالقضبان الساخنة عالمًا أنها النهاية وأنهم سيجدونه جثة متفحمة

بعد نصف ساعة من الآن.. برغم هذا يخرج المصري ليقف في طابور الخبز، هنا ينهال عليه أحدهم

طعنًا بالمطواة لأنه أخذ دوره.. نفس المصري يقرر أن يصطاف فتنهار به عمارة لوران وتفر المالكة إلي

الولايات المتحدة وتحاول بيع الأرض من هناك. من ثم يقرر أن يترفه ويثقف نفسه بدخول المسرح..

هذه طريقة ممتازة لقضاء الأمسية حيث يجرب شعور المسجون في قاعة تحترق.. الباب مغلق

والصراخ لا يجدي.. فقط ينجح بعض المحظوظين المحترقين في الخروج وقد تحولوا إلي قطع فحم

مشتعلة، فيزحفون في الشارع زحفًا طالبين الغوث، وفي مستشفي بني سويف لا يجدون محفة

ولا مصعدًا ويتسلقون بأجسادهم المحترقة الدرجات.. يقرر نفس المصري أن يسافر للبحث عن

الرزق، ويركب عبّارة متهالكة سرعان ما تجعله يمر بتجربة شائقة أخري هي الغرق في البحر وسط

أسماك القرش.. هكذا يجمع بين فيلمي تايتانك والفك المفترس معًا.. يقرر أن يبقي حيث هو وأن

يكفي خيره شره في عشته الصفيح العشوائية المتواضعة في (الدويقة)، هنا يكتشف أن المقطم نفسه لا يريد له أن يحيا، ويجد نفسه مدفونًا تحت الجلاميد.



دائمًا هو في حرب.. دائمًا في خطر.. دائمًا يقف بالفانلة أو عاري الجذع أشعث أغبر يصرخ ويشوح بذراعيه ويتشاجر دون أن يظفر بشيء.. هكذا وقف خارج مسرح بني سويف، وهكذا وقف ينتظر جثة أخيه بعد غرق العبارة.. وهكذا وقف في الدويقة.. وهكذا وقف في البورصة وعلي أبواب شركات توظيف الأموال المغلقة..


وحتي من دون كوارث تجد المنظر ذاته: تأمل مشهد المتزاحمين حول شقق إسكان مبارك، وذلك

الفتي عاري الجذع الذي تسلق المواسير ليصل إلي الموظف المسئول. دائمًا هناك تلك المرأة

العجوز الجالسة علي التراب تلطم وتمزق شعرها.. يمكن بسهولة أن تعتقد أننا في غزة أو العراق،

مع فارق بسيط هو أنه لا يوجد احتلال أجنبي ولكنه احتلال داخلي.. احتلال أشنع بكثير بدليل أن

قتلي حرب السويس كانوا 300 ماتوا كي نحتفظ بالقناة، بينما قتلي العبارة كانوا 1300 ماتوا ليصير

صاحب العبارة أكثر ثراء، فمن الاحتلال الأكثر شناعة وتجردًا من الإنسانية؟. وفي كل مرة وفي النهاية

يظهر الجيش لينقذ الموقف باعتباره القوة الأكثر تنظيمًا وكفاءة. إذن ماذا يفعل هؤلاء وماذا عن فلان

بيه وعلان بيه وكل هذه المواكب وتعطيل المرور وصرف المليارات لتجديد المكاتب، ما دام الجيش هو

الذي سيحل المشكلة في النهاية؟

. يذكرني الأمر بإقطاعيي القرون الوسطي الذين كانوا يعتصرون الفلاحين بالضرائب مقابل حمايتهم، فإذا جاء الغزو من الخارج، فروا أو أغلقوا عليهم قلاعهم باعتبار هذه مشكلة الفلاحين لا مشكلتهم.



الصحف العالمية تتكلم عن الحادث بمزيج من الدهشة والحسرة واستمتاع المحرر بأنه ليس مصريًا والحمد لله: «(فرغلي غريب) فقد 8 أفراد من أسرته (خمس أخوات وزوجة أخ وطفليها) وهو لا يطلب شيئًا سوي أن يستطيع دفن أقاربه. محمد جبر وهو إسكافي من المنطقة يؤكد أن الحكومة تعمل في شيء ما فوق الهضبة منذ زمن، ويتهمها بالتسبب في الانهيار».


«(علي محمد إبراهيم) يطالب برفع جثث أسرته من تحت الأنقاض.. زوجتي وأطفالي الثلاثة تحت الحجارة.. الحكومة تعدنا بتحسين حالنا لكن لا شيء يحدث وهذا أكبر دليل علي كذبهم».


صحيفة أخري تقول: «يوم الأحد كان عدد قوات الأمن المركزي وضباط الأمن أكثر بكثير من عمال الإنقاذ في منشية ناصر. بدا أن المنقذين لا يفعلون شيئًا تقريبا وحتي مساء السبت لم تظهر آلية ثقيلة واحدة. هناك بلدوزر واحد غير قادر علي العبور». وتعرف الصحف المنطقة للقارئ

فتقول: «منشية ناصر منطقة عشوائية يسكنها 2.1 مليون نسمة في مدينة بها 17 مليونًا. الحكومة لا تعترف بهذا لذا يرتجل الناس طريقتهم في الحصول علي الماء والكهرباء». «مصر لها سجل بائس في سلامة البناء وبخاصة إضافة طوابق إضافية دون ترخيص».

يقول موقع آخر: «الحادث واحد من سلسلة كوارث فادحة وقعت في الأعوام الأخيرة وهزت ثقة الناس في الحكومة وقدرتها علي التعامل مع الكوارث.. وللمرة الثانية في شهر واحد تتصدر الصحف عناوين تتهم الحكومة بالعجز وعدم الكفاءة». صحيفة بريطانية تقول علي لسان ضياء رشوان من مركز الأهرام: «الخطير فعلا ليس هذه الكوارث، بل عدم وجود خطة للتعامل معها.. احترق أهم موقع حساس في مصر لكن لم تكن لدي الحكومة خطة..».

كما هو واضح، يعرف المراسلون الغربيون الكثير عن مصر ولا يمكن خداعهم بسهولة، ومن الواضح أن فضيحتنا بجلاجل وعالمية فعلاً. أعتقد أنهم مسرورون جدًا لأنهم ليسوا مصريين، أما نحن فلنا الله، ولنتذكر علي الأقل أن معظم من يموتون منا يموتون وفي يدهم الموبايل.


El-Dostor Newspaper

descriptionماتوا ومعهم الموبايل.....احمد خالد توفيق Emptyرد: ماتوا ومعهم الموبايل.....احمد خالد توفيق

more_horiz
الموضوع حلو اوى
بس بيفكرنا بهمومنا اوى
على العموم شكرا

descriptionماتوا ومعهم الموبايل.....احمد خالد توفيق Emptyرد: ماتوا ومعهم الموبايل.....احمد خالد توفيق

more_horiz
الموضوع جميل
بس المقالة طوييييييييييييييييييييييييييييييلة جدا
أحمد خالد توفيق أستاذ كبير
وانا متابعه وهفضل أتابعه
بس الشكر لازم يكون ليكي على المجهود

descriptionماتوا ومعهم الموبايل.....احمد خالد توفيق Emptyرد: ماتوا ومعهم الموبايل.....احمد خالد توفيق

more_horiz
شكرا ليكى اوى واضح انك تعبتى فى الموضوع ده اوى
بس هو يستاهل بجد
privacy_tip صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
power_settings_newقم بتسجيل الدخول للرد